_ الفصل الثالث والثلاثون _

10.6K 475 14
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثالث والثلاثون _

صك سمعه صوت ابنته وندائها المتذمر عليه فأغمض عيناه وتوقف عن ما كان ينوي فعله .. بينما جلنار فمالت برأسها للوراء وحدجته بسكون تتابع تعبيرات وجهه .. مغمضًا العينان ويعض على شفاه السفلية بغيظ مكتوم فلم تتمكن من منع ابتسامتها المتسلية به لتقول ضاحكة حتى تثير أعصابه أكثر :
_ كلم يابابي !
فتح عيناه وترك ذراعها ليبتعد عنها ويقول مستاءًا في نفاذ صبر :
_ وبعدين في البنت دي
جلنار في ابتسامة ماكرة وهي تسير باتجاه الباب :
_ حبيبة مامتها عارفة إن بابا ملوش آمان عشان كدا  بتيجي دايمًا في الوقت المناسب
مسح على وجهه كاظمًا غيظه بصعوبة يجيب عليها:
_ أنا مليش آمان !
كانت قد وصلت للباب ولم ترد عليه بل فتحت الباب لصغيرتها وانحنت عليها تحملها تهتف في حنو :
_ صباح الخير
هنا زامة شفتيها للأمام بعبوس :
_ أنا صحيت بدري أوي وإنتوا كنتوا نايمين .. وفضلت وحدي

جلنار بدهشة متصنعة :
_ بجد صحيتي من إمتى ؟
رفعت كفيها الاثنين وأخذت تعد على أصابعها حتى انتهت من العشرة ورفعت كفيها الصغيرتين للأعلى تفتحهم كلهم .. فقالت جلنار باستغراب وبعض المرح :
_ عشر دقايق !
هزت رأسها بالنفي فعادت تخمن ضاحكة :
_ امال كام ، عشر ساعات ؟!!
أماءت الصغيرة برأسها وهي تبتسم باتساع فانفجرت جلنار ضاحكة بقوة بينما عدنان فكان يتابعهم بابتسامة دافئة وتلقائيًا اتسعت الابتسامة فوق شفتيه بعد تأكيد الصغيرة على تخمين والدتها .

تقدم منهم حتى وقف أمامهم مباشرة وانحنى على ابنته وهي فوق ذراعين أمها ولثم شعرها بحنان هامسًا في عبث وضيق :
_ حبيبة بابي اللي بتيجي دايمًا في أنسب وقت .. استمري هااا عايزك تستمري في هدم لحظات بابي
حجبت جلنار ابتسامتها بصعوبة بينما هو فابتعد وسار لخارج الغرفة هامسًا بغيظ :
_ أنا مش فاهم بتظبط معاها كل مرة كدا إزاي !

انحنت جلنار على وجنة صغيرتها ولثمتها بقوة وهي تضحك بخفة .. متشفية باشعال نيران الغيظ في صدره ! .

                                   ***
عدة طرقات خفيفة على الباب قبل أن ينفتح وتدخل " ليلى " حاملة بين يديها فنجان القهوة الخاص به .. سارت نحوه بخطواتها الرقيقة حتى وقفت أمام مكتبه وانحنت تسند الفنجان بهدوء هامسة :
_ اتفضل يا آدم بيه القهوة اللي حضرتك طلبتها
آدم دون أن يحيد بنظره عن شاشة الحاسوب أمامه :
_ متشكر ياليلى
استدارت وسارت مرة أخرى باتجاه الباب وقبل أن تنصرف سمعت صوته الجاد يهتف في خشونة :
_ بلغي مهرة يا ليلى إني عايزاها ضروري
توقفت يدها في الطريق قبل أن تمسك بمقبض الباب ثم إعادتها تدريجيًا والتفتت له بجسدها تهمهم في رسمية :
_ مهرة مش موجودة ، استأذنت ومشت 
هيمن عليه السكون التام للحظات يفكر باهتمام في السبب الذي جعلها تغادر فجأة هكذا .ليطرح سؤاله عليها في جدية :
_ مشت ليه ؟!
رفعت كتفيها لأعلى تدل على عدم تأكدها من الإجابة التي ستعطيها لها وغمغمت :
_ تقريبًا جدتها تعبت وفي المستشفى عشان كدا اضطرت تمشي
اتسعت عيني آدم بدهشة واكتفى بهز رأسه بالإيجاب مشيرًا لها بعيناه أن تغادر .. وفور انصرافها رفع يديه يمسح على وجهها متنهدًا بقوة وعقله مشغول بها ، ماذا حدث لجدتها ؟! .. وكيف وضعها هي الآن ياترى ؟! ، لا يتمكن من كبح عقله ومنعه من التفكير وطرح الأسئلة التي لا إجابة لها سوى عندها هي .

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن