بين ثنايا السواد و تحت الاسقف المهجورة الا من بعض الاطياف ... التي تزور المكان من وقت لاخر و الحال مستمر هكذا منذ ذلك الماضي البعيد ....
و في لج الغياهب ... الله وحده يعلم لما رحل اهل ذلك البيت و لم يعودو !
و وحده يعلم لما لا يزال الاحياء يترددون على مقبرة الزمن حاملين الالم و الخيبة و طعنات الحياة التي لا تزول جراحها !!
الندبات الاسوء هي تلك المرسومة على الوجوه الشاحبة ." مِن هنا !" يقول بصوت واضح وسط هدوء الطبيعة التي تحيط بالمكان ...
فيتبعه الفتى بصمت ، انصياع و ثقة حازمة !
الضوء لا يزال خافتا عند الافق كصباح بائس لا يميزه شيء .... اصوات خطواتهما تشق العشب و تتوغل بين الاشجار المنتصبة في السماء وصولا الى اسوار حديدية تحيط جزءا من تلك الغابة الكثيفة كرقعة محرمة لا تطأها حتى الغربان .
بلا اي عناء دفع دفة البوابة الضخمة ليمرا من خلالها ... لا احد يقول شيء فور الوقوف عند اطلال الاسلاف على مايبدو !!
الصمت المرير الذي اطبق على الافواه خير دليل !
لم تزح عيناه عن ذلك البيت الذي شارف على الانهيار لكنه و كانتقام من كل شيء جرده من الحياة يقف بكبرياء شامخ ....
لن ترى بيتا لو وقفت على مشارف الغابة فلما هو بهذا الشموخ الان ؟؟ يدور ديو هذا السؤال ثم بعد برهات من التفحص تبع عمه الى الداخل ." فلتتفحصه كيفما اردت !"
بمرارة نطق جاستن لا ينظر اليه ليومىء ديو ، بينما يزور احشاءه نوع من الارتعاش و الغربة !
تراه قد دخل الغرف و تفحصها .... كل ما حوله عادي بشكل يبث الرهاب !
كما لو ان اهل البيت لا يزالون في مكان ما... قد يعودون هذا المساء ، او ربما في اي وقت !
انها تلك المرارة التي تطعم البشر الم الفراق ..... تاركة لارواحهم الحنين الابدي واقفين بوفاض خالي وسط البقايا !
فيقترب من تلك المزهرية المزخرفة الموضوعة على مدخنة زينت الغرفة ....
يحملها ... ينظر بداخلها و يعيدها !
يتجه الى الارائك المغطاة بطبقة هائلة من الغبار كاي شيء اخر من هذا البيت !
يربت على ظهر الاريكة و يواصل تمرير نظره على بقية المكان ، ثم يخرج ليصعد للادوار الاخرى ...يتجول بالمكان بمشية فقدت ثقتها خطوة فخطوة ليصير كطفل اضاع مرشده فيهيم على وجهه يتبعه جاستن يخطو بلا صوت و يراقبه متجاهلا ذكرياته هنا .
كلحظة الحقيقة اللاذعة توقفت خطواته مدركا ان المكان خالي !
رفع كفه ليغطي نظره مكتفيا ....
هل على الوضع ان يكون هكذا الى الابد ؟
ان يكون وحيدا لا ينتمي لاحد؟؟" اتبعني الان !" اضاف جاستن على الجو المهيب
ليطيعه الاصغر بلا اضافة .
و يتخليان عن كل تلك الغرف و الادوار وصولا الى بوابة قبو لم ينتبه لها سابقا ... هو ماكان لينتبه لها بالنظر لمكانها المخفي .
على غير المتوقع لايزال جاستن يمتلك مفتاحه ...
اداره مرتين فانفتح القفل البسيط ....
سانحا لكمية الظلام الهائلة ان تحظى بشيء من الانوار بعد سنوات ....
أنت تقرأ
تحت الرماد
Mystery / Thrillerلما دوما تدفن الحقيقة ..... و كانها ماتت و لم يبقى في هذه الحياة إلا الزيف !! و كأن الحياة مسرح ... و نحن .... نصفق للكاذبين على متنها !! هكذا هي الدنيا بنظر ذلك الفتى ... ذلك الذي ازهر تحت الرماد !