#البارت_الثاني_عشر_الجزء_التاني
#ألواح_القدر_الجزء_التاني
#ألواح_القدر
#حور_ساري
آدم بإبتسامه :
_ طبعا ، ده مالك اخويا.. انتى تعرفيه منين؟
تفاجأت جومانا من قول آدم و نظرت لمالك بتعجب ، ليبتسم لها و يقول :
_هفهمك كل حاجه نقعد في حته الأول بس
صعدوا إلى منزل جومانا و جلسوا ليفسر لها مالك صلة القرابة بينه و بين آدم ، لتقول جومانا :
_يعني دلوقتي انت و آدم اخوات من نفس الاب بس و انا و انت اخوات من الأم بس ، معنى كده ان انا و آدم اخوات!؟
اومئ مالك رأسه قائلاً :
_تقريباً اه هو اخو اخوكي فيبقى اخوكي
آدم بتعجب :
_ انا مش مصدق بجد! بقى احنا نطلع اخوات! طب تصدقي كنت حاسس
رفعت جومانا حاجبيها و قالت :
_لا والله كنت حاسس ازاى بقى!
_ مش بهزر والله ، بس كنت حاسس اننا شبه بعض كده و زي بعض و كنت حاسس نحيتك كأنك اختي اللي مسئول عنها
ابتسمت له جومانا ، ليقول مالك :
_ على كده بقى انتوا تعرفوا بعض ازاى
جومانا بتفسير :
_هو جاري و كل يوم بننزل نجري سوا ف بقينا صحاب
سأل مالك مستفسراً و قد حملت نبرة بعض الضيق :
_طب انتوا قبل م تعرفوا انكوا اخوات كنتوا صحاب ، هل انتى يا جومانا متعودة تركبي متوسيكل ورا حد من صحابك! بعيداً عن آدم و عن انه هو اللى كان معاكي بس ده غلط و انا مش هسمح بيه اكيد
ابتسمت له جومانا و قالت :
_انا معنديش صحاب غير إلياس و مريم و انت عارفهم و اكيد مش اي حد هركب معاه متوسكيل بس انا كنت متضايقه جدا و مخنوقه و آدم كان اقترح اننا نروح اي كافيه لحد م اهدي ، مش كده يا آدم؟
نظر لها آدم بأعين متسعه و اكمل قصتها قائلاً :
_ اه فعلا انا حسيت انها كانت متضايقه جدا و كده ف خدتها و قعدنا في كافيه
مالك بقلق :
_ مالك طيب ايه اللي خلاكي متضايقه؟ حصل حاجه؟
تنهدت جومانا بتعب و قالت :
_حصل حاجات يا مالك و مش عايزة اقولك دلوقتي عشان متضايقيش مني انى مقولتكش في ساعتها و مش عايزة اضايقك وانت لسه راجع من السفر
_على فكرة انتى كده قلقتيني اكتر ، أنجزي يا جومانا و قولي فيه ايه
اغمضت جومانا عينيها و أخبرته عن ما مرت به مع عمها و ابن عمها و عن كيفيه زواجها منه و كيف أصبحت مُطلقة بهذا السن الصغير ؛ تفاجئ آدم بحديثها حتى أن مالك الجمته الصدمه و ظل صامتاً قليلاً ينظر إلى جومانا بصدمه ثم قال بنبرة يشوبها الحزن :
_و مقولتليش يا جومانا ! مجاش في بالك ان ليكي اخ كان لازم يعرف انك اتجوزني الحيوان ده و اطلقتي منه! و مريتي بكل ده لوحدك ازاى؟ ازاى عرفتي تتصرفي اصلا!
اكمل غاضباً :
_و الحيوان ده متحبسش ليه لحد دلوقتي؟ هاا! سبتيه ليه؟ مقولتليش ليه عشان اتصرف!؟
تنهدت جومانا و قالت :
_مكنش هينفع احبسه و بعدين انا عرفته غلطه كويس اوي متقلقش انت بس عليا
مالك بضيق :
_مقلقش عليكي ازاى بس يا جومانا! انا السبب يمكن لو كنت معاكي مكنش ده حصل لو كنت اخ بجد ليكي و مكنتش مهمل معاكي مكنش اي حاجه من دي حصلت
اومأت له جومانا بالرفض و قالت :
_متفكرش بالطريقه دي ، اللى حصل حصل خلاص الندم مش هيرجع اللى فات
لتردف بمرح :
_و بعدين انت واحشني و عايزاك تقضي معايا وقت انت و آدم حسسوني انكم في ضهري بقى ، ولا ايه؟
آدم بإبتسامه لطيفة :
_ don't worry sister انا معاكي على طول
ابتسمت له جومانا ، ليقترب منها مالك و يحتضنها قائلاً :
_و انا دايما هفضل جنبك
لتشعر جومانا ان الحياه تعطيها فرصه أخرى لكي تحيا بسعاده ، لكنها لم تنسى الجرح الذي تركه نديم بها قط ، لتسعى لنسيانه و تصوب تركيزها في حياتها العمليه و لنيل انتقامها من خالد السويسي.
امضت جومانا بعض الوقت مع آدم و مالك في سعاده و قد قرر مالك المكوث مع جومانا في منزلها ، دلفت جومانا إلى غرفتها _بعدما اطلعت مالك على غرفه أخرى بالمنزل حتى يمكث بها _ لتجد ان غرفتها كمن ضربتها عاصفه هوجاء ، ملابسها ملقاه هنا و هناك الزجاج المتناثر أرضاً صورها برفقه نديم الساقطه على الأرض ، لتقف جومانا بمنتصف الغرفه حائرة من أين تبدأ حتى استقرت على أن تجمع ملابسها بحذر اولاً ثم تجميع الصور التي تفترش الأرض ثانياً و أخيراً ان تلملم الزجاج ، شرعت جومانا بتنفيذ ما خطط له حتى عادت الغرفه كما كانت ؛ ظلت واقفه لعدة دقائق أمام الحائط الذي كان يحتوي على صورها مع نديم قبلاً و كادت ان تعيد وضع الصور عليه لكنها تراجعت سريعاً و اخذت الصور و وضعتهم في صندوق صغير و من ثم وضعت الصندوق جانباً ، لتجلس على الفراش تحدق بالحائط الذى بات خالياً من اي إطارات او صور لأول مرة منذ مكوثها بذلك المنزل ، لتحدث نفسها قائلة :
_ لازم اتعودت على عدم وجوده في حياتي ، لازم ابدء انساه و اكمل و مينفعش اخلى حاجه تربطني بيه بعد كده
لتتسلل يديها دون ارادة منها إلى القلادة الملتفه حول عنقها لترغمها على تذكر تلك القلادة التى لم تتخلى عنها قبلاً ، لتزفر بضيق و تقول :
_ مش هقدر استغنى عن السلسلة ، لما ابطل احبه ابقى اقلعها ، ياريت بقى انام و ابطل تفكير.
لتأخذ وساده بجانبها و تدفن بها رأسها بمجبرة نفسها للنوم ، لكنها لم تفلح في السقوط في النوم ليتلاعب بها عقلها و يجعلها تتذكر كل م تحاول نسيانه كذب نديم عليها بأمر خطبته ، حادث عائلتها ، كذب نديم عليها مجدداً و خيانته لها ، هروب قاتل عائلتها ، اختبئها الثلاث سنوات الفائته من نديم و مرور الايام بضيق ، زواجها و طلاقها بسن صغير ، خطبة نديم و زواجه ليثبت لها انها ليست سوى ذكرى من ماضيه ؛ مسحت دموعها سريعاً و اعتدلت في جلستها على الفراش تحاول ترتيب أفكارها ، ثم مدت يديها إلى مذكرة صغيرة موضوعه على طاولة بجانب فراشها و فتحتها و شرعت في الكتابه :
_ مش قادرة انسى حاجه من اللى حصلتلي ، بس كل اللى بيحصل ده فكرني بحاجه قرأتها زمان و هو أن في خمس مراحل للحزن (الإنكار ، الغضب ، المساومه ، الاكتئاب و القبول) ، بس هما نسيوا يضيفوا مرحلة تقريباً.. الانتقام.
_________________________________________________
كان نادر يجلس مع ريان و يتحدث اليه قائلاً بحيرة :
_انا سألت المستشفي اذا كان حد بيزوره غيرنا بس هما أكدولي ان مفيش حد جه ليه او حتى حد من الممرضين بيقرب منه غير في معاد العلاج
وضع ساعة اليد على المكتب أمامه مردفاً :
_ دي الساعه اللى لاقتها ، اكيد صاحبة الساعه هي اللى كانت حلقت ليه دقنه ، ياريت لو وصلت لأي حاجه تعرفني عشان الموضوع شاغلنا اوي
اومئ له ريان رأسه و هو يتفحص تلك الساعه بيده و قال :
_ متقلقش لو عرفت اوصل لأي حاجه هبلغك و بعدين متتعبش نفسك بالتفكير في الموضوع ، يعني صاحبة الساعه شكلها بتهتم بنديم مش عايزة تأذيه اكيد ، انتوا بس ابقو ركزوا معاه و اكيد صاحبة الساعه هتظهر تاني
وقف نادر في استعداد منه للمغادره و قال :
_في انتظارها تظهر
ليودعه نادر سريعاً و يغادر ، ليبتسم ريان و هو ينظر إلى الساعه ثم وقف و اتجه إلى مكتب أدهم ، الذى كان منشغل بمهاتفه خاصه بالعمل ، انتظره ريان حتى انتهى ثم قال له :
_هي جومانا تعرف ان نديم في المستشفى؟
تعجب أدهم ثم أجابة قائلاً :
_اه عارفه ، ليه بتسأل؟
وضع ريان ساعة اليد على المكتب أمام أدهم ثم قال :
_ نسيت دي هناك بعد م حلقت لنديم دقنه
ضيق أدهم حاجبيه قليلاً و قال :
_ و انت عرفت منين؟
_ نادر اخوه لسه ماشي من عندي و ساب الساعه دي عشان اعرف اوصل لصاحبها و اعرف ليه مين اللي بيروح لنديم
اومئ أدهم رأسه و قال :
_ قوله ميقلقش و ميشغلش باله ، و انا هتأكد من جومانا النهاردة لما تيجي
تعجب ريان و قال :
_ هتيجي ليه؟ هتبعتها شغل؟
_ايوا في كام حاجه كده عايزاها فيها قبل م تدخل الكلية
وقف ريان و قال لها قبيل مغادرته :
_ طب خلي بالك بقى منها عشان الظاهر انها بقت بتنسى و بتسيب دليل وراها
قال الأخيرة و هو ينظر الساعة قاصداً نسيانها لها ، ليومئ له أدهم رأسه بعقل منشغل بعدة اشياء.
_________________________________________________
فتح إلياس فمه بصدمه و قال :
_آدم! الرخم! بقى ده يطلع اخوكي؟
رفعت جومانا إحدى حاجبيها له ، لتقول مريم مصححه اليه :
_ تؤ تؤ تؤ غلط يا إلياس ، هو كان رخم ده قبل م نعرف انه اخوها..لكن دلوقتي! لاء حساه عادي مش زي قبل كده كنت حساه عايز يقرب منك و بينكوا نظرات و بتاع
قالت جومانا لكي تبعد تلك الأفكار عن رأسها :
_ لا كان بينا نظرات ولا غيره كل دي كانت اوهام في رأسك ، انا و آدم من اول يوم و احنا صحاب و علاقتنا كانت أخوية إلى حداً ما
باغتها إلياس بقوله و هو يتفحصها :
_ هو انتى معيطه ؟ وشك شكله غريب و حاسك غريبه شوية
تجمدت ملامح وجهها لتقول :
_ اعيط ايه يا إلياس! و اعيط ليه؟ يعني مفيش سبب للعياط ده أولاً ، ثانياً انا مش ضعيفه عشان اعيط.
قالت مريم لتهدئ من روعها قليلاً :
_ عادي يا جومانا إلياس مقصدش ، هو قصده يعني بالفترة اللي بتمري بيها مع تعب نديم ف ممكن تكوني تعبتي مش اكتر
وقفت جومانا و هي تحاول تنظيم أنفاسها حتى لا تغضب ثم قالت :
_ بصوا يا جماعه ، انا مبقتش عايزة اسمع اسم نديم ده تاني و رجاءً يعني محدش يجيب سيرته تاني أو يتكلم عنه او يفكرني بيه او يحطه في مقارنه مع أي حد و خلاص بجد اي حاجه كانت بيني و بين نديم انتهت تمام؟
اردفت بعد جلوسها مرة أخرى :
_ مش عشان تعب و روحت زورته كام مرة كده ابقى خلاص رجعت ليه ، لاء بالعكس انا حسيت ان انا و نديم فعلا انتهينا و مبقتش احبه و محستش بالحب اللي كان بينا قبل كده
كان ينظرون لها و هم يقسموا ان الكذب يكاد انا يصرخ بعينها و انها تبذل مجهود جبار حتى لا تزرف دمعة واحده ، ليسمعوها تكمل قائلة بكبرياء كانوا عاهدوه منها في بداية تعارفهم :
_انا خلاص هشوف حياتي و هبطل استخبى منه و لما يفوق بقى و يلاقيني هبقى اقوله ان كل حاجه بينا انتهت من زمان عادي جداً و كده كده اعبال ميلاقيني هكون اكيد شوفت حياتي و لاقيت الشخص المناسب اللى هيعرف يحبني زي م انا هحبه.
كانت تجلس بشموخ و هي تضع قدم على أخرى بكبرياء ، تحاول إيصال رسالة بإنها حقاً امضت قُدماً بحياتها ، لكن حيلتها تلك لم تنطلي عليهم ليقول الياس مكملاً على ذلك الهراء الذي تفوهت به :
_ انا فرحان انك هتكملي حياتك يا جومانا و حقيقي بتمنى ليكي حياه سعيده مع الشخص اللي هتقابليه
اما مريم فألتزمت الصمت اكتفت بإماءة رأس تؤكد بها على حديث الياس ، لتبتسم لهم جومانا بعد ما اعتقد انها نجحت في تمثليتها تلك ، لتقول بعدما نهضت لتغادر :
_ انا لازم امشي بقى عشان أدهم عايزني ، تقريباً جايبلي شغل...شكله مش عايزني اتهنى بالأسبوع اللي فاضلي قبل م ادخل الكلية
ابتسموا لها و ارسلوا السلام إلى أدهم ، لتغادر و تتركهم ، لتنظر مريم الي الياس بسرعه و تقول :
_هو ايه الهبل اللي حصل من شوية ده؟
اجابها الياس و هو يفكر :
_ جومانا كانت على تكه و هتعيط..بس مش عارف ليه حاسس ان ده الأحسن ليها ، بعيداً عن الهبل اللى كانت بتقوله ده فعلاً و عن كذبها اللى باين اوي ده..بس ده الأحسن ليها ، جومانا خلاص جابت آخرها مع نديم اللى مش بيعمل حاجه غير انه بيستنزف طاقتها و مشاعرها و تفكيرها ، حتى و هما بُعاد عن بعض مسلمتش من تجريحه ليها.. انا مش عارف ايه اللي حصل خلاها تقرر ده دلوقتي خصوصاً مع تعبه ، بس ده القرار الصح
صمتت مريم و هي تفكر بحديث إلياس الذي وجدته منطقياً و صحيحاً ، لكن سرعان ما اومأت رأسها بالرفض و قالت بضيق :
_ جومانا لنديم و نديم لجومانا ، قصه الحب دي لازم تكمل.. ازاى يعني بالسهولة دي جومانا خلاص هتتخلى عنه و هتنساه! لاء لاء لازم يكملوا سوا...لازم حبهم يكسب
آفاقها إلياس بقوله الساخر :
_ انزلي على أرض الواقع يا مريم ، علاقه جومانا بنديم غلط هو اه بيحبها بس مش بيبطل يجرحها و هي اه بتحبه بس مبقتش قادرة على تصرفاته ، خلاص بقى لازم يبعدوا...الحب مش كل حاجه
نظرت له مريم قليلاً ثم نطقت قائلة :
_الحب مش كل حاجه!
_ اه طبعاً ، لازم يكون في ثقه ، في تفاهم في حاجات مشتركة بين الاتنين ، التفكير يكون متساوى بينهم تجنباً لاختلاف الاراء و طبعا ثقافتهم تكون متقاربه ، مينفعش تعتمدي اعتماد كامل على الحب.. في مشاعر تانيه بتسنده ، الحب ده عامل زي البيت و التفاهم و الثقه و الثقافه الفكريه هي عمدان البيت...عمرك شوفتي بيت من غير عمدان؟
ابتسمت له مريم و قال :
_ بقيت فيلسوف في الحب ، على كده جربته؟
نظر لها الياس مليئاً بعينها ثم قال :
_مقدرش أجزم انى جربته ، و انتى.. جربتيه؟
_ انا كمان مقدرش أجزم انى جرتبه
___________________________________________________
دلفت إلى مكتبه بمرح اصطنعته و هي تقول :
_ سياده العميد اللى مش عايز يسبني اتهنى بأجازتي عامل ايه؟
رفع أدهم عينه من الأوراق امامه ثم قال لها :
_ازيك يا ملازم أول
ضيقت جومانا عينيها و قالت بتعجب :
_ ملازم أول؟! ايه ملازم أول دي؟
وقف أدهم و اقترب منها قائلاً :
_دي هتبقى رتبتك يا حضرة الظابط لو نجحتي في المهمه اللى هبعتك ليها
لمعت عيني جومانا و قالت :
_ بجد! ازاى ؟ اقصد يعني تمام مهمه ايه؟ انا جاهزة
قاطعها أدهم قبل أن تكمل و قال :
_ الأول بس عايزك تفسرلي ازاى الساعه دي وصلت اوضه نديم في المستشفى مع انك قولتلي انك مش هتزوريه تاني عشان اهله كل يوم عنده؟
نظرت جومانا إلى الساعه التى بين يدين أدهم و اخذتها منه قائلة بتعجب مصطنع:
_ايه ده ايه اللي جابها هناك؟
نظر أدهم بحدة و عقب على حديثها قائلاً :
_ جومانا !! اهل نديم قالبين الدنيا بسبب الساعه دي و كمان سيادتك مكتفتيش بإنك تنسي الساعه بس لا انتى حلقتي دقنه كمان..لو خبر زي اتعرف هتعملي ايه؟
نظرت جومانا إلى مقعد بالقرب منها و قالت له :
_ تسمحلي اقعد يا سيادة العميد؟
قالتها ثم جلست على المقعد قبل انتظار رده و اردفت :
_ سياده العميد انا معنديش أدنى فكرة انت بتتكلم عن ايه ، اه دي الساعه بتاعتي ايه اللي جابها هناك معرفش
_ والله! سيادتك مش عارفه يعني! ، تمام يا جومانا ياريت بقى تخفي حركاتك دي شوية عشان اهله عمالين يدوروا مين اللى كان بيزوره
اومأت جومانا رأسها له ثم قالت :
_عايز تعرفهم انه كان انا معنديش مشكله عايز تعرف نديم مكاني بردوا معنديش مشكلة ، انا خلاص مبقاش فارق معايا أظهر لنديم او اختفى
قال أدهم بسخرية خفيفة :
_لما زورتيه في المستشفي قلبك حن اخيراً؟
ابتسمت له جومانا و اومأت بالنفي قائلة :
_ بالعكس انا خلاص موضوع نديم انتهى بنسبالى و بقى من الماضي ، دلوقتي انا مش عايزة حاجه غير انى اركز على شغلي و دراستي
تعجب أدهم و جلس أمامها و قال :
_ انتهى و بقى من الماضي! من امتى الكلام ده؟
جومانا ببرود و تماسك أعصاب :
_ من دلوقتي ، انا خلاص نضجت و عقلت و لما رجعت شوفت نديم عرفت ان حبي ليه مبقاش زي زمان و ان انا اتغيرت و هو كمان اتغير و مبقناش العشاق الصغيرين اللى نفسهم يقضوا وقت مع بعض قبل م يتشتغلوا في حياتهم...نديم انتهى بنسبالى يا أدهم و انا كمان إنتهيت بنسبة ليه هو بس مش مُدرك ده عشان هروبي منه و عشان مش قدام عينه لكن بمجرد م ارجع تاني أظهر ليه هيحس اننا مكناش مناسبين لبعض من الاول
نظر لها أدهم قليلاً دون أن يقول شيئاً و كانت جومانا دون أراده منها تحاول منع تلاقى أعينهم ، ليقول أدهم اخيراً :
_طبعاً السلسلة اللى لسه في رقبتك هي اللى بتثبت صحة كلامك صح؟
_ السلسلة ملهاش علاقه ، متخلطش ده بده
اومئ أدهم رأسه و تحدث متجنباً هراءها بخصوص نديم بعدما ايقن انها تكذب عليه :
_ نتكلم في الشغل بقى؟
_ قبل م نتكلم في الشغل يا أدهم كنت عايزة أسألك عن حاجه
نظر لها لكي يعرف ماذا تريد ، لتقول جومانا بإبتسامه هادئة كأنها توقن إجابة سؤالها قبل طرحه :
_ مفيش اي خبر عنه او انه ظهر؟ بتكلم عن تامر السويسي ، ظهر يا أدهم ولا محدش بيدور عليه زي م قولتلي؟
قال أدهم ببرود أجاد اصطناعه :
_ احنا مش كنا خلصنا من السيرة دي؟ مش انا عرفتك انى لو وصلت لحاجه عنه هعرفك؟ و بعدين يا جومانا انا مش عايزك تمشي في السكه دي ، سكه الانتقام اخرتها وحشه
أومأت له جومانا بنفس الابتسامه و قالت :
_ تمام يا أدهم ، نتكلم في الشغل؟
شرع أدهم بإبلاغ جومانا عن العمليه و شرحها لها و في ظل انغماسهم في العمل دلف ريان إلى المكتب فجاءه قائلاً :
_ نديم فاق!
نظر أدهم إلى جومانا ليلاحظ لمعة عينيها عند استماعها للخبر كما لاحظ سرعان إنطفاء تلك اللمعة و تجمد ملامحها ، ليقول ريان لهم :
_انا رايح ليه ، أدهم ، جومانا جايين ولا لاء؟
قال أدهم :
_ انا جاي معاك
ثم نظر إلى جومانا و اردف :
_ خلينا نأجل الشغل دلوقتي و نروح لنديم ، إيه رأيك؟
جومانا بملامح جامده :
_ لا انا مش هروح معاكوا عشان عندي مشاوير ، بعد ازنكوا
لتتركهم جومانا سريعاً و تغادر.
__________________________________________________
عند نديم كان آفاق من تلك الغيبوبه التى مكث بها لفترة ليست بقصيرة ، و على الرغم من تواجد عائلته معه إلا أنه يشعر بالتيهه ، يشعر بفقدان شيئاً ما ، آفاق على سؤال نادر له :
_مالك يا نديم سرحان في ايه؟
قال نديم ببعض من الضيق :
_ مش عارف ، كون ان في فترة في حياتي كنت غايب فيها عن الوعى دي مش مطمناني و حاسس اني مشتت و ان في حاجه مش مظبوطه
اردف بتشتت :
_ حاسس اني مش مركز و ان في حاجه ناقصه ، اول لما فوقت كنت متوقع انى هلاقي نفسي في بيتي على سريري و مكنتش حاسس انى لوحدي كأن كل حاجه كانت طبيعيه جدا و اكتر من الطبيعي كمان ، ده غير الراحه اللي حسيت بيها قبل م افتح عيني و اكتشف انى مش في بيتي و ان في حاجه غلط
قال محمود والده :
_ ده طبيعي بسبب الحادثه و الفتره اللي كنت في غيبوبه فيها ، الدكتور قال انك هترجع طبيعي جدا و حالة التشتت دي هتروح تدريجياً
اومئ له نديم رأسه ، ليدلف إلى الغرفه ريان و أدهم الذى قال بمرح :
_ دخلت غيبوبه انت و سبتني مسحول بسببك هاا؟
ابتسم له نديم و قال :
_عامل ايه يا أدهم ، كان نفسي اقولك واحشني بس حاسس اني مغبتش عنك كتير
ضحك أدهم و قال :
_ انا احسن منك اكيد
اقترب ريان من نديم و ضربه بذراعه قائلاً :
_ عاملي فيها شبح اوي و داخلي بقلب جامد في المهمه هاا؟! اديك كنت هتروح فيها ، كنت هعمل ايه انا لو كان حصل ليك حاجه؟ عايز تسبني قبل م اتجوز يا نديم!
ضحكوا جميعاً ، ليقول نديم :
_ كنت خلفتك و نسيتك؟ ولا كنت وعدتك بجوازة و منفذتش وعدي
_ و هو انت عايزني أقف في فرحي بطولي كده منغيرك ولا ايه؟
ابتسم له نديم و قال :
_ متقلقش عليا ، لسه فاضلي شوية حلوين قبل م أودع
قالت داليدا بخوف :
_ بعد الشر عليك يا حبيبي ليه السيرة ، ولا انت هو انا مش عايزة كلام من ده
قال ريان معتذراً :
_ حقك على رأسي يا ست الكل
قال محمود لريان مستفسراً :
_ عملت إيه يا ريان في موضوع الساعه و البنت دي
نظر ريان إلي أدهم بتردد قبلما يجيب قائلاً :
_ لسه بندور في الموضوع
تسأل نديم بتعجب :
_ساعة ايه و بنت ايه دي اللي بتسألوا عليها؟
قال محمود بتوضيح :
_ امبارح جينا نزورك لاقينا ان في حد حلق دقنك و لاقينا ساعه حريمي محطوطه جنب السرير بتاعك و لما سألنا في المستشفي و فضلنا ندور معرفناش نوصل للبنت اللى كانت موجوده
سكن نديم في جلسته لوهلة يحاول استيعاب ما يسمعه ليعتدل في جلسته سريعاً و نظر إلى ريان و أدهم قائلاً بفرحه ظاهرة :
_ هي؟ هي اللي جت صح؟ جومانا اللى كانت موجوده!
تعجبت عائلة نديم من قوله بينما كان أدهم و ريان واقفين لا يعرفوا بماذا يجيبوا ، حتى نطق أدهم أخيراً :
_ مفيش حاجه اكيده تثبت انها هي
نديم بسعاده :
_ هي جومانا
نظر إلى والدته و اكمل :
_ شوفتي يا أمي ، طلع عندك حق طلعت لسه بتحبني و مهتميه بيا
دلفت نهى إلى الغرفه مع قول نديم ، لتقول و هي تلقى التحيه عليهم :
_ مين دي اللي بتحبك و مهتميه بيك؟ اوعى يكون قصدك عليا!
تعجب نديم من تواجد نهى أمامه و زاد تعجبه عندما اقتربت منه في محاولة لعناقه و قالت :
_ نديم حبيبي حمد الله على سلامتك وحشتني!
ابعدها نديم قبلما تقترب منه و قال :
_حبيب مين يا نهي! مش كنا انتهينا من كل اللي بينا؟
زجره والده قائلاً:
_نديم! نهى من اول م انت تعبت و هي مسبتكش لحظه و فضلت جنبك ، اقلها اشكرها على وقفها جنبك في ازمتك!
نديم بتعجب :
_ ازمتي!
نظر نديم لنهي و قال :
_ شكراً على وقوفك جنبي يا نهي و لو انى مش شايف انك كان لازم تتعبي نفسك يعني
نهى :
_ و لو متعبتش نفسي عشانك هتعب نفسي عشان مين؟
لتردف و هي تنظر إلى محمود :
_ متقول حاجه يا اونكل
قال أدهم و هو ينسحب :
_ طب يا نديم انا اجيلك وقت تاني بقى و شد حيلك كده بسرعه عشان ترجعلنا بالسلامه.
نديم :
_ استنى يا أدهم ، انا هخرج من المستشفي دلوقتي و نروح سوا نشوفها فين هي اكيد لسه في مصر و مخرجتش
تعجب أدهم و قال :
_ تيجي فين انت مجنون!
اردف بحدة نوعاً ما :
_ نديم انت هتفضل هنا في المستشفى و شيل الأوهام دي من دماغك و بعدين يا اخي لو جومانا بتيجي تزورك ف اكيد هي لسه متعرفش انك فوقت ولا ايه؟ اقعد استناها هنا بقى
ليغادر أدهم قبلما يضيف نديم اي كلمه و لحق به ريان بعد توديعه لنديم ، شرد نديم لوهلة لكن سرعان م آفاق عندما رأى نهى تجلس على طرف الفراش و تقول له :
_سرحان في ايه؟
نظر لها نديم و لم يجيب عليها ليتفاجئ بعائلته تتحجج لتغادر و تتركه مع نهى وحيداً ، لم يروق الوضع لنديم ليصطنع النوم لعلها ترحل لكنه وجدها تتحدث من جديد قائلة :
_مين جومانا؟
قلب نديم عينه بملل و قال لها:
_ حبيبتي
نهى بتعجب :
_ حبيبتك! ازاى! و انا ؟
ضغط نديم على زر أستدعاء الممرضة ثم نظر إلى نهى و قال :
_ انتى ايه يا نهى؟ احنا مش كنا خلاص سيبنا بعض!
_ بس باباك قال...
قاطعها نديم قائلاً :
_ انا مالى بوالدي يا نهى؟ انتى فاكرة انه هيجبرني علي حاجه يعني؟ انتى بتفكري ازاى؟
دلفت الممرضه إلى الغرفه ، لينظر لها نديم و يقول :
_ ابعتيلي الدكتور بعد ازنك
لاحظ نديم ان نهى غادرت مع رحيل الممرضه لتأتي له بالطبيب ، ليتنهد براحه
_________________________________________________
توالت الايام تباعاً على جلوس نديم بالمشفى منتظر جومانا لعلها تظهر له ، و على مضي جومانا بحياتها تعمل و تقضي الوقت مع إخوانها و على متابعتها لتنقل تامر السويسي بين البلدان و مقابلتها المستمرة مع سامر ، و في يوم كانت جالسة مع آدم و مالك ، ليقول آدم بسعادة :
_ بس انا مش مصدق انى أخيراً خدت المنحه و هسافر اكمل دراستي برا
قالت جومانا بسعاده :
_ على الرغم انك هتوحشني اوي بس بجد انا فرحانه اوي ليك يا آدم
أكد مالك على حديثها قائلاً:
_ عندك حق ، انت فعلا هتوحشني اوي بس يلا كلها كام سنه و ترجع تاني على هنا
ليكمل قائلاً ببعض الضيق :
_ جومانا انا كمان مضطر اسافر شغلي بس صدقيني هرجع تاني و هحاول انقل شغلي هنا في أسرع وقت
قالت جومانا بإبتسامه :
_ متنقلش شغلك يا مالك انت هناك مرتاح و الشغل هناك احسن من هنا و بعدين هي كلها يوم و ادخل الكليه فمتقلقش عليا
_ايوا بس انا وعدتك انى مش هسيبك
_ م انت مش هتسبني يا مالك انت دايما معايا ، يعني مثلا انا لو احتاجك انت او آدم مش هلاقيكوا في ضهري و معايا؟ اكيد لاء ف متضايقيش نفسك و سافر شغلك
اومئ لها مالك رأسه لتغير جومانا مسار الحديث و تتحدث معهم بعدة اشياء أخرى ، ليمر يومين و كان رحل مالك إلى عمله و رحل آدم حيث سيكمل دراسته ، لتبقى جومانا برفقه إلياس و مريم يستعدون إلى الالتحاق بكلية الشرطه
_______________________________________________
نظر الي أدهم و قال و هو على مشارف من فقدان عقله :
_ ازاى طيب؟ هي فين؟ مش كانت هي اللي بتجيلي المستشفي؟
قال له أدهم :
_مفيش حاجه تثبت انها اللى كانت بتزورك يمكن كانت ممرضه يا نديم و قالت يمكن اهله يكرموني لما يعرفوا اني مهتميه بإبنهم بس لما لاقت الموضوع كبر و بتاع ف خافت
قال نديم و قد طفح منه الكيل :
_ تمام يا أدهم ، كده كده انا مسافر اصلا و خلاص طيارتي فضلها كام ساعه ف متقنعنيش اقعد تاني اكتر من كده عشان خلاص انا ظبط كل حاجه
اومئ له أدهم رأسه و قال :
_ اللى يريحك اعمله يا نديم
غادر نديم يحمل بداخله غضب الدنيا و الآخرة ، ماذا فعل لكل هذا؟ هل ذنب واحد ليس مخطئ به بتسبب بكل هذا الألم؟ اهو يستحق كل هذا! يستحق كل تلك المعاناة! كذب عليها بالمرة الأولى؟ نعم فعل و استحق كل ما فعلته به! لكن بالمرة الثانيه كان يحاول الحفاظ على مشاعرها ، أهذا هو ذنبه! محاولة الحفاظ على مشاعرها و الحفاظ على علاقتهما؟ لماذا كل شيئاً يخصها و اللعنه معقد للغايه؟ لماذا اختفت من حياته من الأساس! الان هو من يشكك بكل لحظه مرت عليهم و ليست هي ، أكانت تحبه من الأساس ام ماذا؟ أين هي الآن؟ و كيف حالها! ؛ نفض أفكاره و ذهب ليجمع أغراضه ليعود من جديد إلى فرنسا
________________________________________________
قالت جومانا عبر الهاتف في مكالمه جماعيه مع مريم و إلياس:
_ انتوا فين دلوقتي؟
قال الياس و هو منشغل بقيادة السيارة :
_ انا خلاص داخل على مريم اهو ، مريم انزلي انا تحت البيت خلاص
قالت مريم و التى كانت اتجهت صوب المصعد :
_ نازلة اهو عايز حاجه بس اجبهالك عشان متسوحناش؟
_ لاء يلا بس عشان منتأخرش اكتر من كده
قالت جومانا لهم بعدما فصلت التيار الكهربائي عن المنزل بأكلمه :
_ و انا خلاص بقفل الشقه اهو و نازلة
قال إلياس بإنزعاج :
_ م كنا نروح سوا كلنا مش فاهم انا خليتي أدهم يوديكي ليه
_ انت عارف و انا عارفة و كلنا عارفين ان أدهم مآدام حط حاجه في دماغه مش هيرجع عنها و مآدام آصر انه يوصلني الكليه فهو هيوصلني من غير نقاش
قالت مريم بمزاح بعدما اتسقلت السيارة بجانب إلياس :
_ ايوا يا عم ناس ليها العميد أدهم بجماله و حلاوته و ناس ليها إلياس
ضحكت جومانا قائلة :
_ تؤ تؤ تؤ كده صاحبنا يزعل
قال الياس قبل إغلاقه للمهاتفه :
_ جومانا مش خلاص عرفتي اننا هنتحرك اهو و في الطريق؟ سلام بقى
ضحكت جومانا عليهم و اغلقت هاتفها ثم القت نظرة سريعه حول المنزل لتتأكد ان كل شيئ علي ما يرام ، من ثم حملت حقيبتها و اتجهت إلى باب المنزل و كادت ان تخرج لكنها وقفت أمام المرآة قليلاً تنظر إلى نفسها ، تقف بشموخ و هي ترى تلك الحِلة العسكرية التى ترتديها حقائبها التى تحملها ، حزامها الجلدي الذي تخلى لأول مرة عن سلاحه المتواجد به ، ابتسمت لنفسها و قالت :
_ خلاص ، حلمك بيتحقق...لابسة بدلة الظباط اهو عايزة ايه اكتر من كده؟ كلها اربع سنين و تتخرجي.
تنهدت بعمق و قالت و هي ترفع خصلة شعر فلتت من كعكتها :
_افرحي...انتى مميزة عن غيرك انتى داخلة الكلية و انتى ظابط...انتى دلوقتي ليكي اسمك في المجال...انتى غيرك معرفش يوصل لنص اللى انتى فيه فإفرحي بقى و متشغليش بالك بإي حاجه تانيه و ركزي على هدفك و بس
لتتحول ملامحها إلى ملامح جامده و اعتلت على وجهها تلك النظرة الحادة ثم قلبت شفتيها بإبتسامه تحمل من الغرور الكثير ، لتحمل حقائبها و تغادر المنزل.
فور خروجها من البناية التى تقبع بها رأت أدهم يقف امام السيارة ينظر لها و فور رؤيته لتلك الحِلة العسكرية اتسعت ابتسامته و أقترب منها معانقاً ايها قائلاً :
_ كانت تستاهل البدلة دي كل اللى انتى مريتي بيه؟
نظرت له جومانا بتعجب لسؤاله و شردت قليلاً فيه و هي تضع حقائبها بالسيارة ، ثم قالت له و هي تجلس بجانبه:
_ اه ، تستاهل
ابتسم لها أدهم و قال :
_ فرحان ليكي ، على الرغم من انى بعتك شغل كذا مرة إلا انى لما شوفتك بالبدلة حسيتك ظابط بجد ، انتى تستاهلي ده يا جومانا
اكتفت جومانا بإبتسامه صادقه له و لم تقل شيئاً ، ليمر الطريق سريعاً و يصل أدهم بجومانا إلى كلية الشرطه ، ليودعها أدهم قائلا :
_ مش عايز اودعك اوي عشان هشوفك كتير الفترة الجاية
لتضحك جومانا بخفوت و تؤدي له التحيه العسكرية قائلة :
_ تمام يا فندم
ليضحك أدهم ثم غادر لتنضم جومانا إلى الياس و مريم التى قالت :
_ تفتكروا الكلية هتغيرنا؟
قلبت جومانا شفتيها و قالت و هى تنظر الى بوابة الكلية :
_اكيد
لتضيف مريم بتردد :
_ للأحسن .. مش كده؟
قال إلياس :
_ مش مهم هنتغير ولا لاء المهم نفضل صحاب ، ولا ايه؟
ابتسمت له جومانا و اومأت رأسها ، لتقول مريم :
_ صح...المهم نفضل سوا
################################################
سنة تليها الأخرى لتمر خمسة سنوات في غمضه عين بين الدراسه و العمل و الترقيات ، تبدلت النفوس و تغيرت الأهداف و الطموحات و تبددت المشاعر ، تعارفات جديدة ، تحديات أقوى و ازمات أصعب ليمضي الجميع قُدماً بحياته..
_________________________________
زادت سرعة تلك الدراجه النارية لتتخطى السيارة المجاورة لها في الطريق السريع ، لتحاول السيارة مُجاراتها في السرعه لكن سرعان م فشلت عندما بدأت الدراجه في كسر الطريق عليها لتحاول السيارة تفادي الدراجه بكل الطُرق الممكنة ، حتى بدأت الدراجه من اخفاض وتيرة سرعتها حتى سكنت بجانب السيارة التى فعلت المثل ، ليصيح قائد السيارة بغضب :
_ انتى غشاشة
ابتسمت و هي تخلع خوذتها بغرور :
_ قولتلك مش هتعرف تجاريني
إلياس بذهول :
_ انتى كسرتي عليا الطريق! مريم متقولي حاجه !
قالت مريم بعدما ترجلت من السيارة :
_ احنا محطناش قواعد عشان تقول كسرت الطريق عليك و انها غشاشه
_ انتى في صفي ولا في صفها
نطقت جومانا قائلة بغرور و هي تلملم شعرها :
_هي مع الحق و بعدين تقبل الخسارة بصدر رحب كده متبقاش قفوش
الياس بغضب :
_ خسارة بصدر رحب اهه! طب يلا ياختي يلا عشان منطردش كلنا النهاردة بذات
قالت و هي تستقل دراجتها :
_ اطرد! حبيبي انا اللى بطرد هنا
تمتم إلياس بضيق :
_ اه نبقى نشوف أدهم رأيه ايه بقى
ليتجهوا جميعاً إلى مبني المخابرات و يدلفوا إلى الداخل بجدية تامة ، اتجه كلا من مريم و الياس إلى مكاتبهم بينما جومانا اتجهت إلى قاعه التدريبات و دلفت لتلتقى بالخرجين الجدد
_______________________________________________
قبل عدة ساعات كان يقف امام المرآة يمشط شعره بسعادة ليدلف اليه والده و يقول :
_ و ده ايه الانبساط ده كله؟ كل ده عشان اول يوم تدريب ليك النهاردة؟
قال ياسين بسعادة :
_ مش كده و بس لا ده انا هتدرب على ايد ال black shadow انت مش متخيل انا عملت ايه عشان اعرف ابقى معاه
قال محمود بتأفف :
_ بقى يبقى اخوك من احسن الظباط في جهاز المخابرات و تروح تدرب على ايد حد غريب! و بعدين يطلع مين البلاك شادو ده!
_ هويته مجهولة ده لحد دلوقتي طبعاً بس محدش يقدر ينكر شطارته و ماهرته ده كان في كلية الشرطه عامل زي الاسطورة بنسبالي و مثلي الأعلى
تدخلت داليدا في حوارهم قائلة :
_ و هو يعني نديم قليل يا ياسين! اوعى تقول كده قدام اخوك
ضحك ياسين و قال :
_ يا أمي انتى متخيلة ان ممكن نديم يتضايق بحاجه زي دي؟ النظام بتاعنا مش ماشي كده نهائي نديم اه ظابط كويس بس هو دلوقتي مش في مصر يا أمي
اردف و هو يتركهم :
_ المهم انا لازم اتحرك دلوقتي عشان متأخرش ، ادعولي.
ليتركهم و يغادر حيث سيتم تدريبه و يجلس منتظراً ذلك المسمي ب " بلاك شادو"
________________________________________
قبل مقابلة جومانا للمتدربين الجدد قابلت أمامها أدهم الذي فور رؤيتها قال لها :
_ كنتى فين عمال ادور عليكي؟
_ انا اهو موجودة فيه حاجه؟
_ التلمذة الجدد وصلوا ، متأكده انك هتقدري عليهم و هتعرفي تدربيهم؟
ابتسمت له جومانا و قالت بقليل من المرح :
_ عيب عليك يا سيادة اللواء طب والله عيب عليك
ابتسم لها أدهم ثم تركها ، لتتقدم إلى المتدربين الذين لم ينتبهوا لها و استمعت إلى أحداهم يقول :
_ بصوا البت عاملة ازاى؟ جامده من الاخر ، اهى دي هي و صاحبها بقى بيسهروا في المكان اللى قلتلكم عليه و النهاردة عاملين سهرة للصبح إنما ايه حاجه خيااال
لتمستمع جومانا إلى إعجاب الاخرين بالصور الذي يريها إليهم ذلك الشاب و البعض منهم أخبره بمجيئه برففته في تلك السهرة ، لتقترب جومانا منهم بهدوء و سحبت منهم ذلك الهاتف ، كاد الشاب ان يعترض لكن بنظرة حادة من جومانا جعلته يسكن مكانه ، نظرت جومانا بالصور لترى انها صور بذئيه إلى بعض الفتيات ، لتفعل جومانا شيئ بالهاتف جعلته كصفحه بيضاء من جديد ثم ناولته إلى الشاب و قالت بصوت قوي ليس عالٍ لكنه يتمتع بالثقه :
_ شكلنا ملحقناش نتعرف ، انا الرائد جومانا دويدار او زي م تعرفوني بإسم black shadow
صمتت جومانا قليلاً سامحه لهم بتقبل الصدمه التى ظهرت على وجوههم ، تعجبوا جميعا من كونها فتاه و من عمرها المقارب لعمرهم ، لكنهم وقفوا جميعاً بإنضباط بعد إلقاء التحيه العسكرية ؛ قالت جومانا لهم بصوت قوي واثق :
_ عشان نعرف نشتغل مع بعض لازم الأول اقولكم كام حاجه معنديش نقاش فيهم ، انا مبحبش التأخير في المواعيد اتأخرت على التدريب يبقى اتفضل مع السلامة انت متلزمنيش ، الظابط اللي ميلتزمش بمواعيده يبقى مش قد الكلمة اللى بينطقها .. كل يوم التدريب بيبدأ الساعه سته سواء كنت موجودة أو لاء هتيجوا و هتدربوا ، اما بقى عن الكلام اللى سمعته منكم ف ده مش هيمر مرور الكرام معايا ، كنت حابه ابدء بدايه لطيفه معاكم بس انتوا ملكوش نصيب بقى..الشرب و السهر و العلاقات ممنوعه طول م انت تاني يوم عندك تدريب عندكوا إجازات تعملوا فيها ما بدلكوا ، كلام عن اي حاجه تخص القرف اللي سمعته من شويه منكم لو اتكرر تاني اعتبر نفسك برا فريقي و ابقى شوف مين هيقبل يدربك من بعدي ، هبدء معاكوا تدريبات تأهلكوا للعالم الخارجي و الشغل اللى بجد ، هدخلكوا في شغلي واحده واحده و هنشتغل مع بعض ، طبعاً طول م احنا حبايب سوا الشغل هيبقى احسن بكتير ، و اي حد عنده اعتراض على كلامي أو مش عجبه يتفضل برا انا مبجبرش حد على حاجه
انهت حديثها و هي تشير الي الباب من خلفها ، لم تجد اي ردة فعل منهم لتخفض يديها و تقول :
_ تمام شكلنا متفقين ، اتعرف عليكم بقى؟
كانوا خمسه شُبان قاموا اربعه بتقديم أنفسهم ، ثم نظرت إلى الخامس ليعرف نفسه قائلاً :
_ ياسين محمود
لم تلحظ جومانا الطريقه التي ينظر بها ياسين إليها و قالت :
_ تمام كده ، حد عنده أسئلة؟
قال احدهم و كان يسمى شريف :
_ انتى سن حضرتك كام؟ اعذريني بس انتي شكلك قدنا
أجابت جومانا بإقتضاب :
_ اربعه وعشرين سنه
تعجب معظمهم ، لتردف جومانا قائلة :
_ لو معندكوش اسئلة ، أبدوا تدريباتكوا العاديه او خدوا جولة في المكان ، انا مش هبدء شغل دلوقتي ، شغلنا هيبدء من بكره الساعه سته
رحل معظهم و تبقى ياسين فقط ، لتنظر له جومانا و تقول :
_ ياسين صح؟ عندك سؤال؟
فاجئها ياسين بسؤاله :
_ هو احنا اتقابلنا قبل كده؟
ابتسمت له جومانا و قالت :
_ مش قدمت اووي الحركه دي
تركته جومانا و غادرت ، ليقف ياسين ينظر الي خُطاها و يقول :
_ طب والله هي ، أو على الأقل شبهها جدا!
تحركت جومانا حيث مكتبها و جلست على مقعدها الجلدي بإريحية و ارجعت رأسها إلى الخلف و هي مغمضه عينيها ، و فاجئة فتحتها من جديد و نطرت حولها بتمعن ، بغمضه عين مرت خمس سنوات الان هي ضابط برتبه رائد ، رتبه استطاعت الحصول عليها من خلال عملها مع دراستها بالكلية ، شارف عمرها على الخامس و العشرون ، و تدرب أشخاص فارق العمر بينهم لا يتعدى عام و بضعه أشهر ، أصبحت ذو مكانة كبيرة بالخمس سنوات الأخيرة وسط ضباط أجهزة المخابرات حول العالم ، زرات الكثير من البلدان من خلال عملها و مهمتها ، تعلمت الكثير من اللغات ، لاحقت قاتل عائلتها في الكثير من الانحاء ، لم تحصل على الراحه قط ، فقط ظلت تعمل حتى تصل لما هي عليه الآن .. الاسطورة .. الشبح الخفي كما أسماها البعض ، حتى أصبحت الظل الأسود ؛ كل هذا بغمضه عين فقط...
اعتدلت في جلستها عندما استمعت إلى طرقات الباب ، لتأذن للطارق بالدخول ، لتجده إلياس دلف و جلس أمامها قائلاً بذهول :
_ انتى عملتي ايه في العيال؟
جومانا بتعجب :
_ عيال مين؟
_ العيال اللى لسه متخرجه عملتي فيهم ايه؟ خارجين من عندك بيكلموا في نفسهم
ابتسمت جومانا و قالت :
_ كده احسن ، خليهم يعرفوا هما بيتعملوا مع مين
اطبق الصمت على جلستهم لتقول جومانا إلى إلياس :
_ مالك في ايه؟ ساكت مش عوايدك دي
تنهد إلياس بتعب و قال :
_ انا جبت اخري خلاص
ضحكت جومانا و قالت :
_ اونكل عبد الرحمن لسه مردش عليك بردوا؟
إلياس بجنون :
_ قال ايه انتوا طول عمركوا اخوات جواز ايه ده يا إلياس سبني افكر شويه و بعدين انتوا لسه عيال...عيال ايه! احنا اتخرجنا بقالنا سنه و بقينا ظباط خلاص ، هو بجد بيفكر ازاى ؟
_ اهدي شويه و بعدين انت مقولتلش لباباك يكلمه ليه هما مع بعض يظبطوا الدنيا.
_ مش هينفع اخلي ابويا يكلمه في الموضوع ده و انا مش مالي ايدي منه ، افرضي اتجنن و رفض! ساعتها مش ضامن تصرفي هيبقي ايه و هيحصل مشاكل
_ متقلقش يا إلياس هو بس هتلاقيه بيرخم عليك عشان مريم بنته الوحيده ، اي أب بيعمل كده
_ يارب يا جومانا عشان بجد جبت اخري
وقف و نظر لها قائلاً :
_ المهم اسيبك انا بقى عشان عليا شغل ، براحه على العيال دي دول لسه متخرجين و قلبهم رُهيف
ضحكت جومانا و قالت :
_ رُ ايه ؟ محسسني يلا انك متخرج بقالك عشر سنين م احنا متخرجين من سنه ونص تقريباً
قال بإنكار :
_ و هو تخرج سنه و نص و تدريب على ايد أدهم ميخلينيش اقول كده؟ ده أدهم نفخنا كلنا
_ طب اسكت طيب لحسن تلاقيه طالعلك
قال مغادراً :
_ و على ايه انا ماشي
نظرت جومانا إلى آثره و هي تبتسم ، لكن سرعان ما أرتسمت على وجهها الجدية و هي تسحب إحدى القضايا حتى تعمل عليهم.
__________________________________________________
تحدث بذهول و علامات الصدمه مزالت بادية عليه :
_ انا لحد دلوقتي مش مصدق انها بنت تقريبا الفرق بيني و بينها سنه ، بقى الاسطورة اللى كنت بسمع عنها طول ما انا في كلية الشرطه و المهمات الخطيرة اللى كنت بسمع عنها ليها و كنت منبهر بالشخص اللى قدر يعمل كل ده يبقى بنت!
قال نادر له :
_ انت مالك انت بنت ولا ولد؟ هي مش ظابط كويس عارفه شغلها و انت من اول سنه في الكلية كنت هتموت و تشتغل معاها؟ اهو خلاص الفرصه جتلك و بعدين من طريقتها شكلها جادة في الشغل ، فين المانع
تدخل محمودا قائلاً بغضب :
_ لا طبعا فيه مانع ، بقى انت اخوك يبقى نديم الجبالي من اشطر الظباط في جهاز المخابرات و تروح تتدرب عند واحده ست! لا طبعا الوضع ده مرفوض و مش هقبله انت مش عايز تكبر و تبقى زي اخوك كده ولا ايه؟
قال ياسين برفض :
_ أولاً يا بابا انا اعتراضي على المفاجأه مش على أنها ست او راجل انا بس متفاجئ لاكن لاء انا مش هسيبها لمجرد انها واحده ست ، انا كنت بتمنى اشتغل معاها و كل بيتكلم عليا دلوقتي و بيشاورا عليا انا و زمايلي بعد ما بيقينا بنتدرب علي ايد حد زيها ، و بعدين ايه اللى دخل نديم في كلامنا هو مش نديم سافر و قرر يشتغل برا! كام مرة كلمناه عشان يرجع هنا و هو كان مصر علي قراره ، و اهو بقاله خمس سنين مش بنسمع عنه لا حس ولا خبر ، يا دوب بس بسمع عنه في كليتي عن انه ظابط المخابرات اللى البنات كلها بتترمي تحت رجله و كل يوم مع بنت شكل ، اه هو ظابط تقيل و له وزنه و محدش يقدر يدخل معاه في مقارنه بس سُمعته الزفت بقت سبقاه يا والدي
قال محمود بنفي :
_ لا لا لا كلامك ده ميفرقش معايا ، انت من بكرة تروح لقائد تاني يدربك ، مش على اخر الزمن ست هي اللى تمشي كلمتها عليك و تقولك تعمل ايه و متعملش ايه
ليتركه قبل أن يسمح له بتفوه كلمه أخرى ، ليزفر ياسين بضيق ليقول له نادر :
_ سيبك من كلام ابوك لو انت مرتاح كمل عادي
_انت عارف ايه اللي هيجنني؟
نظر له نادر بإهتمام ليقول له ياسين :
_ جومانا دي هتجنني ، انا مش عارف انت شوفت او تعرف البنت اللى بيحبها نديم دي ولا لاء بس انا شوفت صورتها على موبايله قبل كده و مش قادر اقولك جومانا دي شبهها ازاى تقريبا بس فرق السن ان جومانا اللى بتدربني كبيرة عن البنت اللى شوفتها في موبايل نديم من كام سنه
تعجب نادر و قال :
_ غريبه دي بس مظنش انها هي يعني انت بتقول شكلها صغير و بتاع هتعرف نديم اللي بقاله سنين برا منين!
_ معرفش بس انا متأكد انها هي
_ شيل الموضوع ده من دماغك و متجبش سيرة نديم قدامها لاحسن تفتكر انك بتتمنظر بأخوك و تطردك
_ عندك حق والله دي مجنونه و تعملها
________________________________________________
مرت الايام على تدريب جومانا للخمس متدربين و على شجار محمود مع ياسين مراراً و تكراراً حتى يترك الفريق مع جومانا ، لكنه رفض عندما وجد ان العمل مع جومانا مختلف و انها مختلفه عن بقيه القادة حيث انهم بدأو فعلياً بالعمل معاها على القضايا ، اما جومانا فقد كانت تستمتع بتدريب المتخرجين الجدد و كانت تعطيهم من خبرتها التى اكتسبتها على مدار السنوات التى عملت بهم ، ليصبحوا مميزين عن غيرهم.
استيقظت جومانا كعادتها بالخامسه صباحاً ، لتبدء بالركض _ عوضاً عن ذهابها إلى صالة التدريب بعملها التى أصبحت ترتاد عليها موخراً_ انتهت من ركضها و عادت إلى منزلها تتناول فطورها و تغتسل ثم بدأت بإرتداء قميص و بنطال و سترة جلدية خفيفه ، كادت ان توقص شعرها للخلف كالكعكه ، لكنها عوضاً عن ذلك رفعته للأعلى كديل الحصان ثم كحلت عينيها بكحلٍ اسود لا أكثر كما اعتادت ان تفعل ، لتغادر و تستقل دراجتها النارية و بدأت بالقيادة حتى عملها ، تأخرت جومانا حتى وصلت على غير العادة ، لكنها بمجرد دلوفها وجدت الجميع ينظرون إليها و يتهامسون ، حاولت أن تكمل طريقها دون أن تلتف إلى الباقين لكن وقف أمامها صديق لها بالعمل و قال :
_ جومانا ، هو انتى سمعتي عن اللى حصل؟
تعجبت جومانا و قالت:
_ لا يا حازم ، حصل ايه!
_ في ظابط قديم كان بيشتغل برا و رجع
جومانا بلا مباله :
_ و ايه يعني يا حازم ما يرجع
توتر حازم قليلاً و قال :
_ اصل الظابط ده بيقولوا عليه انه بتاع بنات و سمعته مش كويسه ، على الرغم من شطارته يعني و انه ظابط كفؤ جـ...
قاطعته جومانا قائلة بنفاذ صبر :
_ و انا اعمل ايه يحازم خايف عليا منه يعني!
تحدث حازم بسرعه كمن يلقى قنبله متفجرة:
_ عرفنا من شويه ان أدهم اخد المتدربين بتوعك و خلاهم تحت قياده الظابط ده
نظرت له جومانا بتعجب ، لكن سرعان م كانت النيران تشتعل بعينها ، لتقول بهدوء حافظت عليه :
_ و هو فين الظابط المُبجل ده عشان نرحب بعودته
حازم و هو يراقب تعابير وجه جومانا :
_ مع أدهم في صالة التدريبـ...
لم تنتظر حتى يكمل حديثه و اندفعت بحده صوب صالة التدريب متخليه عن هدوءها الذي لازمها لفترة طويلة ، دلفت إلى صالة التدريبات بعنف بعدما كادت ان تخلع الباب أمامها و قالت و هى تسير نحو أدهم بغضب و صوت عالٍ غير مبالية لاحد :
_ بقى كده يا أدهم! بقى كده يا سياده اللواء! بعد م تكلفني ادرب العيال الجداد تروح من ورايا تاخدهم تديهم لحد تاني يدربهم! و خليت مين يدربهم؟ ظابط كان بيشتغل برا و لسه راجع! لا و مش بس كده ده سمعته سبقاه ، انا لا يمكن اسمح بالكلام ده نهائي!
_ جومانا!
___________________________________________________
قبل فترة من الوقت من مجئ جومانا كان نديم جالس بمكتب أدهم يقول :
_ بس المكان زي م هو بظبط مختلفش كتير ، بقى زحمه اكتر بس
قال أدهم ممازحاً :
_ مش كل الظباط بيعملوا زيك و يسافروا يشتغلوا برا
ابتسم له نديم و قال :
_ و اديني رجعت اهو ، تقدر تقولي ايه الحاجه اللى جبتني جري عشانها كده؟
ابتسم له أدهم و هو يتنهد براحه :
_ مش من كام سنه سألتني مين بلاك شادو دي و كنت هتتجنن و تشوفها و تعرفها؟
اومئ نديم رأسه بتعجب و قال :
_ ايوا ، اوعى تقولي أن سيادتها قررت تتنازل و تعرفنا هي مين؟
ضحك أدهم و قال :
_ مش بالظبط بس في مهمه محتاجكوا فيها انتوا الاتنين
_ تمام هي فين سيادتها ولا احنا هنروح ليها مكتبها بالمرة؟
_ امبارح كانت مع المتدربين الجدد لوقت متأخر بيشتغلوا على قضيه ف ممكن تتأخر شويه
زفر نديم بضيق و قال :
_ طب ليه جبتني من المطار علي هنا مش يمكن مش هتيجي و هتاخد اليوم اجازة!
_ لا هتيجي و ااه بالمناسبه اخوك من ضمن المتدربين عندها
تعجب نديم و قال :
_ياسين!
اردف عندما أتت لذهنه فكره و قال :
_ متخليني انا ادربه على ما اظن انها مش هتمانع
ابتسم أدهم و قال بخبث :
_ لا اكيد مش هتمانع ، ايه رأيك تاخد انت الفريق كله تدربه؟
اومئ نديم له راسه و قال :
_ موافق كده كده انا ناوي اقضي شوية وقت هنا مش هسافر بسرعه
اومئ له أدهم ثم وقف و قال :
_ تعالى طيب نروح للمتدربين
ليذهبوا إلى صالة التدريب حيث يتدرب الخريجين الجدد و بدأو بتعريف نديم إليهم و رحبوا به بشده فأنه مشهور بينهم بقوته و صرامته بالعمل ، ثم اخبرهم أدهم بتدريب نديم لهم عوضاً عن جومانا ، تعجبوا جميعاً لكن لم يكون بيديهم شيئ ليفعلوا لذا تقبلوا الأمر بصدر رحب على عكس ياسين الذى ظهر عليه الضيق الشديد و الذي لاحظه نديم و كاد ان يتحدث معه لاكنه لاحظ وجود الياس و مريم ، ليتجه إليهم قائلاً :
_ الياس و مريم مش كده؟
نظر الياس و مريم له بصدمه حتى أن مريم فلتت منها شهقه خفيفة عندما رأت نديم واقف أمامها و سرعان م دارات أعينها هي و إلياس بالمكان يبحثون عن جومانا ، ليباغتهم نديم بسؤله و هو متعجب :
_ انتوا بتعملوا ايه هنا!
ابتلع إلياس لعابه و قال بثبات :
_ ازيك يا نديم حمدالله على سلامتك و احنا خلاص اتخرجنا و اشتغلنا هنا بقينا ظباط
اومئ لهم نديم رأسه بشرود و نظر حولهم لعله يجد جومانا ، ثم قال لهم :
_ هو انتوا هنا لوحدكم ، اقصد يعني مش واقف معاكوا حد تاني؟ جومانا مش معاكوا!
ظل الياس و مريم ينظرون الي بعضهم البعض بصدمه و كاد إلياس ان يقول شيئاً ، كانت دلفت جومانا إليهم بإندفاع و قالت بغضب :
_ بقى كده يا أدهم! بقى كده يا سياده اللواء! بعد م تكلفني ادرب العيال الجداد تروح من ورايا تاخدهم تديهم لحد تاني يدربهم! و خليت مين يدربهم؟ ظابط كان بيشتغل برا و لسه راجع! لا و مش بس كده ده سمعته سبقاه ، انا لا يمكن اسمح بالكلام ده نهائي!
كان ينظر لها نديم بصدمه ، اهي تقف امامه الان! هل هذة هي! اهي جومانا حبيبته! اتلك حبيبته التى غابت عن اعينه بما يقارب التسع سنوات!
تقدم منها بخطوات ثقيله و قال بصدمه :
_ جومانا!
التفت جومانا إلى من يناديها بإندفاع و كادت ان تصيح به ، لكن فور رؤيه نديم واقف أمامها هوى قلبها و تراجعت خطوتين إلى الخلف بصدمه ، جعلت الجميع يتعجب منها..
سكنت حركه الجميع فجأة و تلاشت الأصوات فقط الخوف و الصدمه هو كل ما تشعر به! ظلوا واقفين امام بعضهم بلا حراك ليتقدم نديم إليها و هو يتفحصها و قال :
_ جومانا! ازاى!
تجمعت الدموع إعين جومانا ، كم مر من السنوات لم تستمع بيها إلى اسمها من بين شفتيه! كم مر من الزمن على تلاقى أعينهم؟ تريد و بشدة ان تركض اليه و ترتمي بإحضانه لكن بالوقت ذاته الصدمه تلجمها على الحراك و كل م استطاعت فعله ، هو النظر الى أدهم بعتاب و صدمه ، ليقول هو لها :
_ وعدي ليكي خلص من ساعه م اتخرجتي من الكلية
ليقول نديم بصدمه :
_ وعد ايه! و انت كنت عارف! كنت عارف هي فين طول المدة دي كلها!
قال أدهم بحزم و هو يحاول تدراك الوضع :
_ جومانا نديم استنوني في المكتب و ده امر ، يلا اتحركوا
ليتحرك كلا من جومانا و نديم بالفعل صوب مكتب أدهم و كانت جومانا تحاول بقدر الإمكان البعد عن نديم و تحاشي النظر له ، حتى دلفوا إلى مكتبه و جلسوا أمام بعضهم ، نديم يحدق بها و جومانا تتحاشي النظر له و لم تكف قدميها عن الاهتزاز بتوتر ، ليدلف أدهم إليهم و يقول :
_ قبل محد فيكوا يتكلم انا عايزكوا تسمعوني و بذات انت يا نديم
تنهد أدهم ثم قال :
_ ايوا يا نديم انا اللى ساعدت جومانا تختفي بس هي طول الوقت كانت قدام عينك بس انت اللى مشوفتهاش و لعلمك انا عمري م كذبت عليك لما كنت بقول اني بعت حد يدور عليها و مش بيلاقيها
قال نديم بغضب :
_ عذر أقبح من ذنب يا أدهم هو انت بتهزر معايا!
اكمل أدهم قائلاً :
_ لما جومانا قالتلي انها عايزة تسافر و تبعد عنك انا رفضت بس لما قالتلي خليني افضل في المدرسة بس اخفيني عن عين نديم و طلبت مني الحماية انا مقدرتش موافقش ، لما فكرت فيها يا نديم لقيت ان ده الأحسن ليكوا ، انتوا مكنتوش هتكملوا مع بعض كانت علاقتكوا غلط جدا
اندفع نديم قائلاً :
_ و انت مالك انا و هي بنحب بعض انت مالك علاقتنا غلط ولا صح
اردف أدهم دون ان يعلق على حديث نديم :
_ لما فكرت قولت لنفسي ايه المستقبل اللي ممكن يجمع بين مراهقه عندها 16 سنه و شاب طايش عنده 24 سنه ، اكيد هيغلطوا سوا في مرة اكيد حد منهم هيتجرح في الاخر علاقتكوا كانت حرام اصلا
نديم بنفاذ صبر و غضب كلي تملك منه :
_ و انت مالك! تحكم علينا ليه؟ بتاخدها مني ليه؟
لينظر لجومانا و يقول :
_ و انتى وافقتي؟ قلبك طاوعك تبعدي عني السنين دي كلها؟ انتى جومانا حبيبتي اللى قالت ليا مش عايزة ابعد عنك!
ليضحك بسخرية و يقول :
_ هه بقى انتوا كل ده ضاحكين عليا مقرطسني يعني انا مش مصدق انكوا تعلموا كده
قال أدهم :
_ نديم انا عملت كل ده عشان مصلحتك انت ، فكر في كلامي كويس ، و انتى جومانا نديم قدامك اهو خلاص مفيش حاجه تقف قدامكم
نظرت جومانا إلى أدهم ثم إلى نديم و تذكرت كل جراحها معه و أخيراً كلمات حازم لها عنه و عن فتياته و سيرته السيئه ، لتقف بشموخ و تقول :
_ انت نسيت تعرفه انا مين يا أدهم ولا ايه؟ شكل حضرة الظابط ميعرفنيش
تعجب أدهم و قال :
_ فيه ايه يا جومانا! و هو نديم ميعرفكيش؟ انتى الرائد جومانا محمد دويدار
تعجب نديم من رُتبتها لكنه صدم عندما استمع إلى جومانا تنفي حديث أدهم و تقول :
_ تؤ تؤ تؤ انا مدام جومانا محمد دويدار
تحركت جومانا و كادت ان تغادر المكتب ، لكن اوقفتها يد نديم التى جذبتها بقوه اليه و قال بغضب يتتطاير من عينه :
_ عيدي تاني كده اللى انتى قولتيه ؟
#ألواح_القدر_الجزء_التاني
#ألواح_القدر
#حور_ساري
#روايات #اكشن #رومانسي #غموض #مغامرة #وعد #فراق #خيانه #تشويق
أنت تقرأ
ألواح القدر (الجزء الأول و الثاني)
Mystery / Thrillerاعتادت قول "لو انك تمضي عبر الجحيم استمر في المضي" لكنها رضخت بنهاية إلى حال الدنيا و القدر ، و خضعت لمراحل الحزن الخمسة ( الإنكار ، الغضب ، المساومة ، الاكتئاب و القبول ) لكنها أرادت ان تضيف مرحلة أخرى... الإنتقام! تقلبت بها دروب الدنيا و اقدرها...