#البارت_الثالث_عشر_الجزء_الثاني

683 36 13
                                    

#البارت_الثالث_عشر_الجزء_الثاني
#ألواح_القدر_الجزء_التاني
#ألواح_القدر
اوقفتها يد نديم التى جذبتها بقوة اليه و قال بغضب يتطاير من عينه :
_عيدي تاني كده اللى انتى قولتيه
ابتلعت جومانا لعابها بصعوبه و ظهر الخوف عليها عندما قالت بتلعثم بعدما رأت الغضب الذي وصل اليه نديم :
_ م.. مد.. ام جومانا
ثم أعادتها مرة أخرى بكبرياء مزيف :
_مدام جومانا دويدار
وقف أدهم سريعا و قال :
_ نديم انت فاهم غلط ، و انتى يا جومانا متبوظيش الوضع اكتر احنا هنهزر ولا ايه ، نديم جومانا مُطلقه مش متجوزة و الجواز متمش زي انت متخيل
لم يتسمع نديم إلى أدهم بتاتاً ، كان تركيزه مصوب على جومانا و رأى الخوف بعينيها رغم كبريائها المزيف ، لينظر إلى أدهم بهدوء و يقول :
_ مش عملت واجبك معاها و حفظت على الوعد بتاعك؟ خلاص بقى ملكش دعوه بأي حاجه هتحصل
نظرت جومانا برعب إلى أدهم لعله ينجدها ثم قالت إلى نديم :
_ انت قصدك ايه!...نديم سبيني... سيب ايدي يا نديم
لم يبالى بها نديم و جرها خلفه و هو ممسك بذراعها بقوة متجهاً إلى خارج مكتب أدهم وسط اعتراض أدهم و جومانا و محاولاتها للفرار منه ، لكنه لم يمهلها لحظه و ظل يجذبها خلفه بغضب غير مكترث إلى كل الضباط و المتدربين الذين خرجوا من مكاتبهم ينظرون إلى نديم الذي يجذب جومانا معه بتلك الطريقه الهمجيه و لم يقوى احد منهم على المعارضه او التدخل بينهم ، ليقف نديم و ثبت جومانا أمامه و قال بغضب :
_ مكتبك فين؟
ترددت جومانا قبل أن تجيبه لكن لم يهملها نديم الوقت بعدما زجر بها في غضب :
_انطقي
أشارت له جومانا على مكتبها و هي تحاول الإبتعاد عنه و الفرار منه ، لينظر لها نديم بسخط و يقول :
_ اثبتي مكانك
_ ابعد عني.. سبني يا نديم
ابتسم لها نديم بسخريه :
_ طبعا و ماله
ليحملها نديم عنوة غير مبالي لاعتراضها او صراخها به حتى يتركها و اتجه إلى مكتبها و دلف إلى الداخل ثم أغلق الباب خلفه.
تعجب الجميع من نديم و جومانا و خاصةٍ جومانا التى كانت صارمة للغايه مع الجميع و تتعامل معهم بسطحية فكيف لها الآن إن تتشاجر مع رجل بل يدفعه الغضب منها في ان يحملها إلى مكتبها عنوة ، اما عن ياسين فكان بقيه المتدربين يحاولون استخلاص منه أي معلومه عن ما يحدث لكنه لم يتحدث و ذاد يقينه بل تأكد أن جومانا هي تلك الفتاه التى رأها منذ سنوات في الصورة على هاتف أخيه.
فور دلوف نديم إلى مكتب جومانا كان انزلها على الأرض و حاصرها بينه و بين الحائط قائلاً بغضب :
_ مدام هاا! اتجوزتي؟ اتجوزتي مين؟ مين سعيد الحظ ده اللى شوفتيه الراجل اللى عايزة تكملي حياتك معاه
صمتت جومانا و هي مطأطاة رأسها إلى الأسفل ، ليقول نديم بغضب :
_ ارفعي راسك من الأرض و بصيلي
ليرغمها على النظر اليه بعدما رفع رأسها من على الأرض ثم قال و هو يصوب نظره في عينيها :
_ انطقي مين ده اللى اتجوزتيه و حصل امتى
صرخ بها بغضب عندما طال صمتها :
_ اتكلمي!
لم تستطع جومانا كبح دموعها اكثر من هذا لتنفجر في البكاء ، كل ما يحدث يفوق طاقتها و تحملها ، لتجهش في البكاء لعله يرأف بها ، لكن نديم لم يتأثر بدموعها و قال :
_ بتعيطي! عيطي يا جومانا ... عيطي و وريني دموع التماسيح دي يلا ، فكراني هتأثر زي زمان ولا ايه؟
نظرت له جومانا بتعجب ثم مسحت دموعها و هي تحاول التوقف عن البكاء و قالت بصراخ :
_ انت بتلومني! انت جاي و عمال تلوم فيا؟ هو مش سيادتك بردوا اللى خونتني! مش انت اللى روحت اترميت في حضن خطيبتك زمان
صرخ بها نديم قائلاً :
_ محصلش و قولتلك كتير انها اللي اترمت عليا و انى عمري م كنت هسمحلها تتجاوز حدودها و لو كنت خبيت عنك ف ده حفاظاً على مشاعرك يا هانم
_ أهه بأمارة من خمس سنين لما رجعت مصر عشان تخطب صح! الا هى عاملة ايه دلوقتي سمعت انك اتجوزتها ، خلفت ولا لسه
نديم بتعجب :
_ ايه الهبل اللى انتى بتقوليه ده ، اتجوزت مين و خلفت ايه ، انا مش فاهم حاجه
جومانا بغضب :
_ بتنكر ايه انا سمعت بودني ابوك و هو بيقول عليها مرات ابني من كام سنه ولا دي كمان هتكذب فيها و هيطلع عندك عيال في الاخر
دفعته قليلاً ليبتعد عنها ثم قالت :
_ انا مبقتش العيلة بتاعه زمان اللى هتضحك عليها بكلمتين ، لا انا كبرت يا نديم و كبرت اوي و انت علمتني كتير زي م الحياة علمتني بظبط و اول حاجه اتعلمتها انى مثقش في حد و مصدقش حد
اقترب نديم منها مجدداً و قال :
_ كبرتي؟ هتكبري عليا يا جومانا!
_ اه يا نديم و ابعد بقى و اتفضل برا مكتبي
دفعته جومانا مرة أخرى لكنه لم يتحرك ساكناً و امسك بيديها مقيداً لها و هو يقترب منها اكثر حتى أصبح وجهه ملامس لوجهها ، توترت جومانا عندما شعرت بإنفاسه تلفح وجهها لتغمض عينيها تحاول عدم الاستسلام لمشاعرها ، اما عن نديم فكان يتفحص ملامحها و معالمها التى اختلفت كثيراً ، نضجت أصبحت اكبر و أكثر أنوثه ، اختلفت كثيراً عن صغيرته ، لم يتوقع يوماً ان يراها بتلك الانوثه الطاغيه عليها حتى بملابس الرجال التي تتشبه بهم ، لم يلحظ نديم انه شرد بها و ود ان يقترب محتضن ايها ليتخلص من نار شوقه لها ، كم تمنى لسنوات ان يلمح طيفها فقط و الآن هي معه ، بين ذراعيه فما المانع إذا! كاد ان يقترب منها بالفعل لكن سرعان ما فتحت جومانا عينيها ليرى نديم قسوتها و حدتها بهم ليتراجع قليلاً ، و استمع إليها تقول :
_ عارف قبل م يبلغوني ان الظابط اللى رجع خد الفريق بتاعي قالوا ليا انه راجل سمعته السيئه سبقاه و احمد ربنا انى استخدمت كلمه سيئه ده غير انهم قالوا انه راجل بتاع نسوان كل يوم مع واحده و مقضياها برا بالطول و العرض و متعرفش خيبة آملي و صدمتي عاملة ازاى لما عرفت ان الشخص اللى بيتكلموا عليه ده هو انت! الشخص اللى كنت واخداه قدوة ليا طول حياتي و مثل أعلى كان هو الراجل اللى حذروني منه
عاد نديم إلى غضبه و قال :
_و انتى متضايقه ليه ؟ مش انتي بعدتي عشان انا خاين! مش انتى اختفيتي سنين و انتي شايفه اني واحد خاين! انا بقى بثبتلك انى خاين يا جومانا ، عملت كل حاجه وحشه ممكن تتخيلها عشان تعرفي قد ايه انا خاين.. ايه رأيك حلوة الصورة إلى انتي وصلتيني ليها دي؟ انا معملتش حاجه غير انى طبقت الصورة اللى في دماغك عليا مش اكتر
ابتسمت جومانا بسخرية عليه و قالت :
_ زي م انت قولت من شويه لأدهم ، عُذر أقبح من ذنب
_ هه على الاقل انا فضلت احبك و لفيت العالم كله عشان الاقيكي ، على الاقل انا مش كذاب و بخلي كل اللى حوليا يكذبوا معايا ، يمكن بقيت راجل وسخ زي م انتى شيفاني دلوقتي ، بس صدقيني انا مجيش حاجه جنب بشاعتك و بشاعة اللى عملتيه
نظرت له جومانا بصدمه حاولت أن لا تظهرها فقالت :
_ يااه بتعرف تقلب الطرابيزة اهو ، مش انا واحده بشعه و انت مش طايقها للدرجه دي عايز مني ايه بقى؟ بتعمل ايه في مكتبي لحد دلوقتي
نظر لها نديم بسخط عكس جميع جوارحه التى انفتحت بداخله و قال :
_ تصدقي في دي عندك حق ، انا بعمل ايه لحد دلوقتي مع واحده زيك؟
ليتركها نديم و يرحل مغلقاً الباب خلفه بقوة جعلت جسد جومانا يرتعد ، لتجلس أرضا بمكانها و تجهش في البكاء كما لم تفعل عندما فقدت عائلتها ، ظلت تبكي إلى مدة لا تعرفها حتى وقفت و نظرت إلى مرآة صغيرة متواجده في مكتبها و مسحت وجهها جيداً و حررت شعرها حتى يخفى و لو قليل من احمرار وجهها ثم خرجت بسرعه من المكتب و المبنى بإكمله مستقله درجاتها النارية لتقود مبتعدة عن هذا المكان .
كان تتابعها نظرات نديم و هي تقود مبتعدة عنه ، ليجلس على أقرب مقعد له و ينظر إلى ياسين امامه و يقول :
_ ياسين بعد ازنك انا مش قادر اتكلم نهائي ، روح دلوقتي و لو لاقيت ريان بلغه انى هنا
لم يتحرك ياسين و قال :
_ انت عارف انت عملت ايه في جومانا؟
نظر له نديم و لم يجب ، ليقول ياسين :
_ واحده كل يوم بتيجي رافعه رأسها في السما و الكل بيحترمها سواء كبير أو صغير محدش يقدر يرفع عينه في عينها ، و دلوقتي انت جيت بكل سهولة تهينها و تجرجرها قدامنا بالمنظر اللى شوفناه من شويه ده و مش بس كده ده انت زعقتلها قدام فريقها و قدام الناس اللى بتدربهم و روحت شايلها و داخل بيها على مكتبها ، انت هزيت صورتها قدامنا كلنا و من معاشرتي لجومانا الكام يوم اللى فاتوا بتقول انها مش هتسكت نهائي على اللى انت عملته
ضحك نديم بسخرية خفيفه و قال :
_ معاشرتك! على العموم متقلقش مفيش اي حاجه من اللى انت قولتها دي هتأثر فيها ، لو انت عاشرتها يوم ولا اتنين ف انا حفظها على ظهر قلب
ليردف بعدما وقف و قال :
_ تعمل حسابك انت و بقيت زمايلك ان انا اللى بقيت القائد بتعاكوا خلاص و جومانا دي تنسوها ، اظن كلامى مفهوم
ليتركه نديم و يغادر باحثاً عن ريان الذى علم انه في مهمه و سيأتي بعد عدة ايام ، ليرحل متجانباً أدهم الذى حاول التحدث معه اكثر من مرة.
عند جومانا كانت لا تعلم إلى اين تذهب ، لتمكث في الخارج حتى منتصف الليل تنتقل من طريق إلى آخر حتى وصلت اخيرا إلى منزلها ، دلفت إلى المنزل و اتجهت إلى إحدى الغرف المغلقه و اخذت منها زجاجه خمر ثم جلست أرضاً بعشوائيه تحتسي الخمر و تدخن السجائر بشراهه و دموعها تنساب على وجهها و علقها لا يرحمها من ذكرياتها ، لتحتسي زجاجه بإكملها ثم اخذت زجاجه اخرى غيرها تحسيها ثم أخرى غيرها حتى غلبتها الثمالة و سقطت في النوم بمكانها بالأرض او يمكننا القول فقدت الوعي.
______________________________________________
اتجه إلى منزل عائلته ليرحب بهم بعد عودته لكنه لم يمكث كثيرا و سرعان م رحل و اتجه إلى منزله الخاص و مكث به و هو مزال لا يستطيع التصديق انهم بعد كل تلك السنوات يلتقون مجدداً ، ظل يتذكرها و يتذكر تفاصيلها ، قوتها و ضعفها بين يديه بكائها الذي لم يمقت غيره ، تغير ملامحها و نضجها! ان كان احبها و هي طفله ذات سته عشر عاماً فهو عشقها الان عندما أصبحت شابه في العشرينات ، و على الرغم من غضبه و ضيقه من كل م حدث الا ان سعادة طاغيه حلت عليه و ظل يبتسم كلما تذكرها ، لكن مزال لديه العديد من الأسئلة؟ متى تزوجت و ماذا كان يقصد أدهم عندما قال عن طلاقها و عمن كانت تتحدث عندما قالت زوجته و أطفاله! حاول أن يرخى عقله قليلاً و ان يستعد غدا لها فأنه لن يتركها الا عندما تبوح له بكل شيئاً حدث لها في الثماني سنوات الفائتة.
________________________________________________
في الصباح استيقظت على رنين هاتفها المزعج لتاخذه من بنطالها و تعتدل في جلستها على الأرض و تجيب هاتفها قائلة بصوت ناعس :
_ الو؟
فاجئها صوته بالهاتف و هو يقول :
_ تؤ تؤ تؤ بنوتي نايمه لحد دلوقتي! ده انت قولت لما اوصل المكتب هلاقيها بتدرب او بتشتغل ، بس الظاهر انك مخدتيش اي حاجه منى
قالت بغضب :
_ عايز مني ايه؟
_ مش عايز حاجه انا بس بثبت لتلمذتي ان القائدة السابقه بتاعتهم بايعهم و انها مش مهتميه بيهم و نايمه لحد دلوقتي
اشتعل الغضب في جومانا اكتر و قالت :
_ اقسم بالله يا نديم لو عـ...
لم ستطع إكمال حديثها بعدما أغلق نديم المهاتفه سريعاً ، ليزداد غضبها و تحركت حتى تستعد للذهاب اليه لكن فور وقوفها هاجمها دوار شديد مع آلم حاد برأسها لم تستطع تحمله لتتأوه بآلم و تستند على الحائط بجانبها ثم نظرت حولها لترى الكثير من زجاجات الخمر الفارغه و عقائب السجاير الملقاة أرضاً حيث غلبها النوم ، لتمسح جومانا على وجهها بضيق من نفسها ، فإنها كانت اخذت عهداً على نفسها بالإقلاع عن الخمر لكن يبدو أنها كانت فاقدة لعقلها بالأمس ، لتذهب جومانا لتأخذ قُرصين من مسكن الألم لعله يفيد بشيئ ثم احتست قهوه جهزتها سريعاً و بعدها اغتسلت و بدلت ملابسها بسرعه حتى تذهب إلى نديم الذي على وشك إفساد عملها.
دلفت إلى صالة التدريب لترى نديم يدرب فرقتها لتقترب منهم بغضب و تصيح بهم بصوتاً عالٍ :
_ أنتباه
وقف المتدربين سريعاً و قاموه بتأديه التحيه العسكرية لجومانا ، لتبتسم لهم و تقول بعدما صوبت نظرها على نديم و مزالت الابتسامه تعتلي وجهها :
_ هتلاقوا قضيه محطوطه على مكتبي قدامكم اربع ايام تدرسوها و تعرفوني حلها ايه
ثم نظرت لهم و قالت :
_ اتحركوا
بدء المتدربين بالتحرك بالفعل خارج صالة التدريب ، ليوقفهم نديم بغضب قائلاً :
_ استنى يابني انت و هو ، انا القائد هنا الرائد جومانا مبقتش قائد ليكم
نظر المتدربين إلى جومانا التى أشارت لهم بالذهاب و استمعوا إليها ، ثم نظرت إلى نديم و قالت :
_ شكلك يا حضرة الظباط من كتر قعدتك برا مصر نسيت ان الضباط و العساكر ولاءهم لرئيسهم و القائد اللى بيدربهم و اللى بيتابع معاهم كل حاجه و بيشتغل معاهم بنفسه من اول يوم ليهم في الشغل ، مش اللى بيجي على الجاهز و يدي في أوامر و بس
ابتسم لها نديم و قال :
_ انتى قد اللى بتعمليه ده ؟
ابتسمت جومانا هى الأخرى و قالت بتحدي :
_ لو مكنتش قده مكنتش عملته
ليقفوا و هم ينظرون إلى بعضهم البعض بتحدي و حنين و شوق و غضب و حزن و عتاب ، ليقترب منها نديم خطوة و هو يقول :
_ موحشتكيش؟
نظرت له جومانا و صمتت لم تكن تحتاج إلى الكلمات لتعبر عن اشتيقاها له و هو كذلك كان رأى الشوق بعينيها ، ليتقدم خطوة آخرى و يقول :
_ ردي يا جومانا...انا موحشتكيش ؟
كادت جومانا ان تقول شيئاً ، لكن قاطعهم رنين هاتفها ، لتنظر به سريعاً و عندما رأت المتصل تقلب وجهها و نظرت إلى نديم بجفاء و قالت :
_ بعد ازنك يا حضرة الظابط
لتبتعد جومانا عنه و هى تجيب هاتفها ، ليقف نديم يلعن المتصل سراً ، ثم اتجه إلى مكتب مريم و دلف دون أن يطرق الباب و اغلقه خلفه و جلس أمامها ، لتقلق مريم من طريقته و اندفاعه لتقول له :
_ خير يا نديم في حاجه؟
نظر لها نديم طويلا و قال :
_ لا انا ولا انتى هنخرج من المكتب ده غير لما تقوليلي و تعرفيني كل حاجه حصلت لجومانا بالتفسير في آخر تمن سنين ، ازاى وصلت للمكانة اللى هي فيها ،كانت عايشه فين ، ازاى أدهم ساعدها في أنها تختفي و مين تاني كان بيساعدها كانت اخباري بتوصلها ولا لاء ، و الأهم من كل ده مين اللى هي اتجوزته و صدقيني يا مريم لو بتخافي على صحبتك فعلا يبقى احسنلك تتكلمي.
تملك الخوف من مريم و اومأت له عدة مرات برأسها ثم قصت عليه كل ما مرت به جومانا ، و لم تنسى شيئاً حتى انها ذكرت له كثرة تقلباتها المزاجيه قبل دلوفهم إلى كليه الشرطه ، ليجلس نديم أمامها بصدمه و يقول :
_ كان هيتعدى عليها بعد م اتجوزها غصب!
اومأت له مريم رأسها و قالت :
_ جومانا مرت بحاجات كتير اووي يا نديم يمكن اللى كان بيخفف عنها شوية هو شغلها مع أدهم ، لكن انا بحكيلك الحاجات إلى كانت بتحصل قدامنا و اللى كانت بتحكيها لينا ، لكن أكيد حصلها حاجات تانيه محكتهاش لان جومانا كتومه جدا و مكنتش بتحب تضايقنا بحزنها و مشاكلها
اومئ نديم رأسه لها و هو يفكر بعدة اشياء ، ثم وقف و كاد ان يرحل لتوقفه مريم قائلة :
_ جومانا بتحبك متستسلمش قدام مشاكل قديمه يا نديم و مضيعش وقت فيها ، الدنيا ابسط من كده و انا حكيت ليك عن اللى حصلها مش خوف من طريقتك ولا الاندفاع اللى اتكلمت بيه بس انا مؤيدة لعلاقتكم و شايفه حبك لجومانا من زمان و كل اللى نفسي فيه انكوا ترجعوا
ابتسم لها نديم و خرج من مكتب مريم و هو يبحث عن جومانا ليجدها مع فريقها تدربهم قائلة :
_ عدد الرصاصات القانوني 10 ف انت لازم تكون حاسب انت استخدمت كام رصاصه كويس اوي عشان انت لو في اشتباك مع حد و الرصاص خلص منك هتموت في وقتها بس ساعتها هتموت و انت غبي عشان محسبتش الذخيرة بتعتك.
امسكت جومانا بمسدس و قالت و هي تشرح لهم :
_ ده مسدس اسمه بيج ساور عياره 2269 مللي كويس و استخدامه سهل بس المسدس مش بيعتمد اعتماد كلي على انك تصوب و تضرب نار ، لاء نهائي لان لو جينا نحسبها هنلاقي ان الانسان العادي الطبيعي يقدر يقطع مسافه واحد و عشرين قدم في ثانيه و نص ، مبالك بقى لو إلى قدامك ده شخص رياضي و متدرب على أعلى مستوى! يعني يقدر بسهولة انه يطعنك بسكينه او ما شابه قبل م حتى تفكر تطلع مسدسك من حزامك ، ف انت عشان تعرف تمسك مسدس لازم يكون عندك مسافه بينك و بين عدوك وسرعه بديهه و طبعا قبل كل ده يكون عندك مخ تفكر بيه.
انهت حديثها ثم رفعت السلاح على مرمى بصرهم و هي تقول :
_ مين يحب يهاجمني؟
تقدم إحدى المتدربين و كان يُسمى شادي و اخذ المسدس من يديها و بالكاد وجه المسدس عليها كانت جومانا اخذت السلاح من بين يديه و اسقطته أرضا و صوبت السلاح عليه قائلة :
_ بووم ، انت ميت
ليساعده زملائه على الوقوف و تقدم ياسين منها _بعدما نظر إلى نديم الواقف يراقبهم من بعيد و تعتلي شفتاه ابتسامه عريضه _ثم اخذ السلاح و حدث معه كما حدث مع شادي و لم يستطع حتى أن يمسك بالسلاح بطريقه صحيحه و كانت اسقطته أرضا ، لتنظر له جومانا و تقول :
_ اتعامل معايا على انى عدو مش هتردد لحظه في انى اقتلك
تقدم منها احد المتدربين لكن حاله كحال الباقين سقط أرضا هو الاخر على الرغم مع طريقته العادئيه التى تعامل بها ، تقدم نديم إليهم و وقف خلف جومانا و قال :
_ افتكر ان الرائد جومانا اول مرة مسكت فيها سلاح كان و هي عندها ستاشر سنه
نظرت له جومانا بحده كي لا يكمل لاكنه لم يعبئ بها و اكمل حديثه قائلاً :
_ مسكت السلاح و صوبت على الراجل بقلب جامد و محدش قدر ياخد منها سلاحها ، انتوا بقى يا اللى متخرجين من كليه شرطه مش عارفين تحافظوا على السلاح بين ايدكم
قال إحدى المتدربين :
_ و احنا هنيجي ايه جنب الرائد جومانا يا سيادة المقدم بس! يعني اكيد هي عندها خبرة اكتر منا بكتير
نظر له نديم قليلاً و هو يومئ رأسه ، ثم مد يده و اخذ السلاح و وقف متأهباً لجومانا و قال :
_ هاجميني يلا
تعجبت جومانا و كادت ان ترفض لكن قال لها نديم :
_ لو رفضتي يبقى بتعلني ضعفك و انك مش قد مسؤليه الفريق
ابتسمت جومانا و قالت :
_ انت شايفني عيلة يعني عشان اتضايق من الكلام ده و اقولك لاء مين دي اللى ضعيفه و كده! لاء يا نديم و يلا ابعد عن طريقي
لم يتحرك نديم بل باغتها بضربه خفيفه ، لتنظر له جومانا بذهول ليقول لها نديم :
_ انا مبهزرش
تنهدت جومانا و اقتربت منه حتى تأخذ منه السلاح لكنه ابتعد عنها و وجه إليها ضربه أخرى ، لتغضب جومانا و تهاجمه بقوة ، ليتخلى نديم عن السلاح و يقترب من جومانا حتى يهاجمها ، ليتحول ذلك التدريب إلى عراك حقيقي بينهم اجتمع على اثره الكثير ليراه حتى أن خبر عراكهم وصل إلى أدهم ، ليقف بسرعه و يتجه إليهم لعله يوقف ذلك الهراء الذي يفعلونه.
كان نديم ممسك بيدين جومانا مقيداً لها لكنها استطاعت الافلات منه و توجيه له ضربه سقط بسببها لكنه سرعان ما استطاع اسقاطها أرضاً و اعتلاها ثم قال بلهاث أثر عراكهم :
_ بتستفزيني ليه! هاا؟ ليه مقولتيش ليا على اللى عمله أبن عمك فيكي على طول بدل طريقتك دي
دفعته جومانا من عليها و وقفت ليقترب منها نديم محاولاً تسديد ضربه أخرى لها لكنها سبقته بلكمه في وجهه و قالت :
_ عشان انت خاين و مكتفتش بخيانتك ليا زمان بس ، لا انت كمان خونتني كل يوم مع واحدة شكل و روحت خطبت تانى و اتجوزت
صرخ بها و هو يتفادى ضربه أخرى منها :
_ انا متجوزتش يا غبيه و البنت اللى بتتكلمي عليها كنت متفق معاها انى هسبها من يوم الخطوبه.
وقفت جومانا للحظه تنظر له ، لكن سرعان ما وجهت له لكمه قوية و هي تصرخ به قائلة :
_ و البنات اللى كنت تعرفها و سُمعتك اللى سبقاك دي
امسك يديها حتى يوقفها عن ضربه و قال:
_ منكرش انى عملت كده بس عمري م قربت من واحده و انا واعي او بكامل قوايا العقليه و في وعيي ، كنت ببقى سكران دايما و كنت بعمل كده عشان كنت قرفان من نفسي و كنت عايز اثبتلك انى فعلا راجل وسخ و خاين بس أقسم بالله يا جومانا انا الموضوع ده بطلته من سنين
نظرت جومانا إلى عينه لترى الصدق بهما ، لكنها ابتعدت عنه و قالت :
_ انا مبقتش بثق فيك و هقولك تاني يا نديم نفس الكلام اللى انت قولته ل أدهم ، عُذر أقبح من ذنب
سحبها نديم اليه و قال بغضب :
_ ولا انا بثق فيكي ، بس على عكسك انا بقيت شاكك في كل اللى حوليا و حاسس ان الكل كذاب زيك و زي كل اللى قدرتي تخليهم يكذبوا عليا طول الفترة اللى فاتت دي ، بس في ايدي ايه اعمله و انا بتنيل بحبك
جومانا بإنكار:
_ و انا يعني اللى محبكش! م انت اللى خلتني ابعد من الاول
صرخ نديم بها و قال :
_ لا والله! و هو انتى لو مكنتيش هربتي السنين اللى فاتت دي و كنتى صدقتيني زمان كان كل ده حصل! انا اللى لفيت العالم كله و كنت هتجنن عشان الاقيكي ابقى السبب في اللى حصل!
_ انت اللى خونتني
_ انتى اللى مكنتيش واثقه فيا و واثقه في حبي ليكي
صمتت جومانا قليلاً عن صراخها به و قالت :
_ انت ليه عايز تطلعني انا الى غلطانه
نديم بجنون :
_ عشان انتى فعلا غلطانه يا جومانا ، احنا بشر مش ملايكه و بنغلط و انا معترف اني غلطان و اعتذرت عن غلطي من زمان اوي و دفعت حق غلطي غالى اوي اووي ، إنما انتى! انتى عايزة تطلعي الضحيه و خلاص ، لو كنتى بس واثقه فيا مكنش حصل كل ده
ضحكت جومانا بسخرية و قالت :
_ ههه! لو كنت واثقه! و انا اثق فيك ازاى و انت مكنتش صريح معايا
_ كان المفروض تثقي فيا زي م انا وثقت فيكي زمان و وثقت في حبك و كنت مستعد استنى سنين علشانك و كنت بايع الدنيا و ما فيها عشان بس ابتسامه واحده منك
تدخل أدهم بينهم وهو يفرقهم عن بعض و قال بلهجه آمره تحمل الكثير من الغضب :
_ انهو المهزلة دي حالاً و ورايا انتوا الاتنين على المكتب
نظروا إلى أدهم ثم نظروا حولهم ليتفاجئوا بالكم الهائل من الضباط و العساكر و المتدربين الواقفين ليشاهدوهم ، ليتحركوا بهدوء خلف أدهم الذى فور دلوفهم مكتبه وقف و صرخ بهم قائلاً :
_ ايه! مشغل بلطجيه عندي ولا يكونش ده بيتكم و بتتخانقوا فيه شوية ، انا مجبتكوش هنا جنب بعض عشان تتخانقوا كل شويه امبارح و عديتها ليك يا نديم لكن النهارده تمسكوا في بعض و تضربوا بعض! انتوا اتجننتوا! انتوا عايزين تجيبوا اجلي؟ ده انتوا كان ناقص تشرشحوا لبعض بالمرة عشان تبقى كملت
نظر أدهم إلى نديم و قال :
_ عاملي فيها فتوة اووي و رايح تتخانق معاها؟
ثم نظر إلى جومانا و قال :
_ و انتى ياختي بتضربيه! هو انتوا مجانين! ولا عايزين تجننوني!؟
قال نديم له :
_ أدهم انت السبب في كل ده على فكرة
_ لا والله؟ انا السبب! و انا كنت عملت ايه يا استاذ نديم..و قبل م تقول اي كلمه فكر في كلامك كويس و قول كلام منطقي مش عايز اسمع كلام من نوعيه كنا هنكمل انا و هي سوا و نعيش في تبات و نبات
_ تمام يا أدهم انت صح و كلامك صح ، بس على الاقل كنت خد رأيي كان من حقي اعرف..كان من حقي ارتاح بدل م انا بقالي سنين بلف و ادور عليها كده ، اه البعد كان احسن لينا بس انا كان ليا حق في الاختيار
نظر إلى جومانا و قال :
_ انا عمري م هسامحِك على وجع قلبي السنين اللى فاتت دي و زي م انتى خدتي قرار انك تبعدي و تختفي كان لازم تعرفيني انتي مكنتيش لوحدك في العلاقه دي يا جومانا و كان ليا الحق انى اعرف
قالت جومانا بإندفاع :
_ مكنتش هتوافق
رفع نديم حاجبيه بإنكار و قال :
_ و هو انا من امتى كنت اعترضت على حاجه يا جومانا! من امتى كنت بقولك على حاجه لاء اصلاً ؟ هو انتى متخيله انك لو كنتى جيتي تقوليلي انا عايزة ابعد فترة و ناخد بريك و ان البعد أحسن لينا كنت هرفض! كنت هقولك لاء؟ اذا كان انا وافقت و ساعدتك انك تدخلي المجال بتاعي اللى كله خطر ف خطر و عارف انى ممكن اخسرك فيه و على كده ساعدتك تانى انك تدخلي المدرسه و اللى مكنتش هتخليني اشوفك غير مرتين بس في السنه و كنت مستعد استناكي سنين يا جومانا ، كنتى متخيلة بقى انى بعد كل ده هرفض انك تاخدي بريك و تقعدي فتره مع نفسك! على الاقل انا كنت هبقى متطمن عليكي و عارف انتى فين و عاملة ايه و حالتك ايه مش بصحي و انام و انا القلق مموتني عليكي و كل م اسمع خبر عن بنت في مواصفاتك و سنك في اي مكان في العالم اجري و اروح عشان في الاخر ارجع خايب الرجا
_ انت ليه مطلعني وحشه اووي كده ، للدرجه دي انا شريرة يا نديم!
_ اه يا جومانا ، انتى مهمكيش غير نفسك و مفكرتيش غير في نفسك حبيتي تبعدي فبعدتي ، حبيتي تقربي ف بأشارة واحده منك عرفتي تخليني اجري عليكي زي الكلب
قال أدهم لينهي جدالهم :
_ اقعدوا انتوا الاتنين و اسمعوني كويس اوى
نظروا إلى أدهم و لم يتحركوا ليعيد حديثه قائلا بحده :
_ اقعدوا يلا
ليجلسوا امام أدهم على مضض و ظلت جومانا تحرك قدمها بسرعه ازعجت نديم ليصيح بها في غضب و هو يثبت قدمها أرضاً :
_ بطلي تهزي في رجلك ولا انتى كبرتي في كل حاجه معدا دي!
نظرت له بغيظ و لم تعر له اهتمام و نظرت لأدهم الذي قال :
_ خلصتوا؟ مبدأياً كده انتوا الاتنين غلطانين و محدش فيكوا ملاك ، و انتو الاتنين جرحتوا بعض و انتوا الاتنين مضرورين من اللى حصل بس خلاص ، هتقدروا ترجعوا الزمن؟ هتقدروا تغيروا حاجه؟ العتاب و الخناق هيرجع حاجه من اللي فات؟ اتعاتبوا براحتكم لكن بلاش فراق و خناق تاني ، انتوا قدامكم فرصه تبقوا سوا ، القدر ادلكم فرصه عشان تعرفوا تبقوا سوا من جديد.
نظر إلى نديم و قال :
_ نديم جومانا دلوقتي واحده كبيرة تقدر تاخد قرارات بنفسها و تقدر تكمل معاها في علاقه حقيقيه.
ثم وجه نظره إلى جومانا و قال :
_و انتى يا جومانا خلاص حققتي حلمك و بقيتي ظابط و قدامك اكتر شخص حبيته و تقدري تبقى معاه من غير خوف ، كل حاجه بقت سهلة دلوقتي ، الأول كانت كل حاجه معارضه علاقتكوا بس دلوقتي عادي... متضيعوش الفرصه دي.
نظر نديم و جومانا إلى بعضهم البعض ، و فكروا هل بإمكانهم التغاضي عن تلك السنوات و العودة من جديد سوياً ! كيف؟ بالتأكيد ليس بتلك السهولة..هناك الكثير من الأشياء المعقدة بينهم ، لينجدهم أدهم بقوله لهم :
_ اتعاملوا كأصدقاء عمل و شوفوا نفسكوا حاسيين بإيه ، انا مش بقول ليكوا ارجعوا حبيبه و عشاق من اول و جديد عشان ده مستحيل..بس انا بقول تبقوا صحاب و اصدقاء تعرفوا ايه اللى اتغير فيكوا و ايه اللى متغيرش ، احكوا لبعض اللي حصل ليكوا في الفترة اللى فاتت او تغاضوا عنها تماما و أبدأو من جديد ، ارجعوا لبعض بالتدريج ، انا حطيتكوا على أول الطريق كملوا انتوا بقى انتوا كبار مش عيال صغيرة..
فور انتهاء أدهم من حديثه وقفت جومانا و نظرت إلى أدهم قائلة :
_ انا في مكتبي لو عوزت حاجه بلغني يا سياده اللواء
لتتركهم سريعاً و ترحل ، لينظر نديم إلى أدهم و يقول :
_شايف! شايف بعينك بتعمل ايه؟
ابتسم أدهم و قال :
_ بس بزمتك موحشتكش حركاتها دي؟!
نظر نديم إلى أدهم بضيق و قال :
_ أدهم مع احترامي ليك بس انا مش طايقك و مصدوم فيك صدمه عمري بجد ، بقى انت تقف في صف جومانا ضدي! تخبيها مني طول السنين دي بالسهولة دي!
_ لو كنت مكاني كنت هتعمل نفس اللى انا عملته و اكتر ، جومانا مكنش ليها حد و لسه خارجه من صدمه موت أهلها و الحزن و الانتقام كان ماليها كانت مقررة انها تسافر و تسيب البلد و انا اقنعتها تفضل بس هي أصرت تبعد عن عينك و تبقى بعيدة عنك لحد م تتخرج من الكليه و خلتني أوعدها بده و مقدرتش انكث وعدي يا نديم
صمتت قليلاً و اكمل :
_ و بعدين كنت عايز الهي جومانا بإختفاءها عنك عشان متركزش على موت أهلها و متدورش وراه عشان انا و انت عارفين كويس اووي ان آخرة اللى ممكن توصله مش كويس ليها
اعتدل نديم في جلسته و قال بإهتمام بعدما تخلى عن ضيقه من أدهم :
_ وصلت لحاجه؟
_ لاء اخر مرة فتحت معايا الموضوع من سنين ، كانت الأول بتسأل كتير بس مع خروجها من المدرسه و مع الشغل الكتير اللى كنت بكلفه بيها انشغلت و مبقتش تسأل نهائي
_ايواا كنت بتشغلها ازاى بقى و ايه حكايه البلاك شادو دي و هي فعلا جومانا ولا انت قولتلي كده و خلاص!
ابتسم له أدهم و قص عليه مهمات جومانا و عملها معهم و تميزها عن بقية الطلاب و عن المهمات الخطيرة التى عملت عليها ، ليقول نديم بصدمه :
_ تصريح قتل! انت بتتكلم جد! جومانا معاها تصريح قتل!
اومئ له أدهم و قال :
_ لسه واخداه من سنه بظبط
نظر له نديم و صمت يحاول تخيُل ما مرت به حتى تصل لما هي عليه الآن ، ليقول لأدهم بصدمه :
_ انت حولت جومانا لآداة قتل! يعني الأول انت بتحكيلي عن مهمتها اللى راحتها لكن بعدها بدأت تقولي عن الناس اللى اتكلفت بقتلهم! انت عملت فيها كده ليه يا أدهم؟ حولتها و خليتها كده ليه؟ خليتها نسخه مني لييه؟ انا مكنتش عايزها تبقى بالشكل ده.. ليه استغليتها!
قال أدهم له بتعجب :
_ انا مستغلتش جومانا يا نديم بالعكس ده انا حولت ابعدها عن الطريق ده و كنت بحاصرها في شغلنا العادي لكن جومانا اسمها كبر في السنين اللى فاتت و كان في جهات أعلى منى بتطلبها في شغل و مكنتش اقدر اعترض
وقف نديم بغضب و قال :
_ انا مكنتش عايزاها توصل للمرحلة دي!
ليردف قبلما يغادر :
_انا بحبك يا أدهم و بعتبرك اخويا الكبير فحاول تخليني اسامحك على اللى عملته فيا و الى وصلت جومانا ليه
ابتسم له أدهم و قال بثقه :
_ هتسامحني و هتشكرني كمان
ليقول له نديم بإقتضاب :
_أشُك
ليذهب بعدها يبحث عن جومانا ليجدها بمكتبها تدخن و هي شادرة حتى انها لم تلاحظه ، ليقترب منها نديم و هو يسحب السيجارة منها و قال مقتبساً من حديثها له بالسابق :
_ السجاير على الصبح غلط ، و انا مش بقولك بطلي عشان انتى اخترتي انك تشربيها و انتى عارفه انها غلط إنما أنا بقولك بلاش تشربيها كتير و قللي منها
رفعت جومانا إحدى حاجبيها له و قالت :
_ حاسة انى سمعت الكلام ده قبل كده يا سيادة المقدم
جلس نديم أمامها و قال :
_ جومانا بلاش الشكليات اللى ملهاش لازمه دي و حضرة الظابط و سيادة المقدم انا مبحبش كده
ابتسمت له جومانا بإستفزاز و قالت :
_ محدش هنا يقدر يناديني بأسمي من غير كلمه سيادة الرائد ف متجيش تخترق القاعدة ، يا سيادة المقدم
قالت الأخيرة ببطئ مستفز جعله يشتعل غيظاً ليقول :
_ تصدقي انا غلطان اني جيت كلمتك
_ معلش ابقى خد الباب وراك بقى
نظر لها نديم بغضب ثم و قف و غادر و تعمد ان يترك الباب مفتوح على مصارعيه لتزفر جومانا بحنق على عناده معاها ، لكن لم تمر ثواني لتجد إلياس و مريم مقتحمين مكتبها و علامات الفضول ظاهرة على وجوهم ، لتقول لهم :
_ قبل أي حاجه اقفلوا الباب المستفز ده
ليغلقوا الباب و يجلسوا أمامها و قالت مريم :
_ بتضربوا بعض! بعد سنين من فراقكم اول م يشوفك يشيلك و يدخل بيكي مكتبك و يفضل يزعقلك و لما تجتمعوا تاني تضربوا في بعض!
قال إلياس بتعجب :
_ ده انا كنت فاكر انى هلاقي دموع و أحضان و كنتى فين يا حبيبتي و وحشتني يا حبيبي مش المنظر اللى شوفته ده!
مسحت جومانا على وجهها بتعب و قالت :
_ انا و نديم مرجعناش و مش هنرجع عشان تريحوا نفسكوا بس
قالت مريم بصدمه :
_ ايه! انتى بتهزري! يعني معلش يا جومانا انا النهاردة كل م اجي عشان اتكلم معاكي يا اما الاقي نديم واقف من بعيد بيراقبك يا اما واقفين مع بعض بتتخانقوا و الظاهر قدامي ان اي فعل يطلع من نديم طبيعي جدا بسبب اللى عملتيه!
قالت جومانا بإنكار :
_ اللى عملته! بعد ما خاني و عمل كل اللى عمله ده و وافقه في صفه هو!
اومأت مريم رأسها و قالت :
_ جومانا محدش يقدر ينكر حب نديم ليكي او عشقه كمان و بعدين مش انتى من كام سنه قولتي انك مسمحاه و من زمان! و انك حتى مقدرتيش تفضلي زعلانه من اي حاجه عملها و ان كل مشكلتك في الثقه و بس!
تدخل إلياس و قال :
_ جومانا متعانديش نديم و انا حاسس ان عنده استعاد يتغاضى عن اختفائك من حياته السنين اللى فاتت دي كلها بس ترجعوا تاني لبعض ف متعقديش الدنيا ، خدي وقتك لكن مش لازم مشاكل
قالت جومانا بحيرة :
_ تفتكروا؟!
قالت مريم بسرعه :
_ طبعاً! انتى بتفكري ازاى؟ انتى بس افتحي سكه ليه و حاولى ترجعي حاجه من اللى بينكوا و بلاش تصديه كل شويه و افتكري دايما ان نديم دفع حق اللى عمله فيكي و بزيادة و انك ذوتيها في البُعد
تنهدت جومانا بعمق و قالت لتغير مجرى الحديث :
_ عملتوا ايه مع اونكل عبد الرحمن؟
قال إلياس بفرحه :
_ الفرح اخر الشهر
وقفت جومانا بصدمه و قالت :
_ ايه! و مقولتش ليا غير لما انا سألت!
لتقترب بسرعه من مريم و تعنقنها بفرحه عارمه و فعلت المثل مع إلياس ، لتقول لهم بغير تصديق :
_ هتتجوزوا! بجد! انا مش قادرة أصدق
قالت مريم بخجل و حماس :
_ الاستاذ جيه امبارح و هو ماسك مسدس على رأسه و قال لبابا لو موافقش دلوقتي هفرغ المسدس في دماغي
نظرت جومانا إلى إلياس بتعجب و قالت هي تضحك :
_ انت معملتش كده صح
قال إلياس :
_ انا كنت خلاص عمرت المسدس و قررت أن فعلا لو هو مقالش موافقته دلوقتي هضرب نفسي بالنار ، لحد م لاقيت عمي قالي بكل برود كده ، بكرة تجيب اهلك و تيجي نتفق على الجواز
ابتسمت جومانا لكن قالت مريم مادفعها للصدمه :
_ يسكت بقى الاستاذ! لا طبعاً قام اتصل بخالتو و اونكل عشان يجيوا الساعه 12 بليل يتفقوا على كل حاجه في الأول اونكل رفض و قاله الصباح رباح و بابا ذات نفسه قاله بكرة لكنه أصر ان الكل يجي دلوقتي و كان هيفضحنا بجد لحد اهله سيادته جُم و اتفقوا على كل حاجه مع بابا فعلاً
فتحت جومانا فمها من الصدمه و قالت :
_ يا مجنون! و محدش عرفني!
نظرت إلى إلياس بضيق و قالت :
_ يا رخم كنت عايزة اقرا الفاتحه معاكم
قالت مريم بسخرية :
_ انا قريت فتحتي وانا لابسه البيجامة ف انتى فاتك تهريج مش مناسبه سعيده
قال إلياس لهم :
_ اصل هو لا في ساعتها لا بلاها خالص و بعدين مكنتش ضامن ابوها و انه ميغيرش رأيه
ابتسمت جومانا و قالت :
_ بس بجد فرحت اووي ليكم
قالت مريم بعد وقوفها :
_ اتصالحي انتى و نديم بسرعه بقى عشان متبقيش واقفه في فرحي لوحدك كده فاهمه؟ ده أخيراً اللوح نطق
صمتت جومانا قليلاً و قالت :
_ أنشأ الله ، و اه يا مريم شوفي هننزل امتى عشان نجيب لوازم الفرح و الجواز
وقف إلياس هو الاخر و قال :
_ الشقه بتعتي لما جهزتها خليت مريم تختار كل حاجه فيها عشان منبقاش قاعدين مستنين الشقه تتفرش او حاجه
قالت جومانا :
_ ياعم ملكش دعوة انت انا بكلمها هي و انا اصلا مجبتش سيرة الشقه و بعدين يلا برا المكتب بقى عشان عندي شغل
قالت مريم :
_ اطردينا براحتك ، كلها كام اسبوع و هتشيلي الشغل عنا لحد م نخلص اجازتنا
_ اه قولوا كده بقى واخدني مصلحه طب يلا برا و متعتبوش مكتبي تاني
ضحكوا لها ثم خرجوا لتجلس جومانا تفكر بعدة اشياء ؛ توالت الايام على تجنب جومانا و نديم إلى بعضهم تارة و مشاجرتهم و مشاكستهم إلى بعضهم تارة أخرى ، حتى تعود الجميع على تقلباتهم الغير مبررة بالمرة.
في يوم اتجهت جومانا الى فريقها بعدما جعلها أدهم قائده لهم من جديد برفقه نديم ليعملوا سويا على تدريب الخريجين الجدد ، لترى نديم جالس معهم و يدربهم قائلاً :
_ كنتوا غلطانين بدخلتكم على البنت بالطريقه دي ، متروحش تكلم البنت و انت بتحاول تطلع منها اي كلمه و خلاص ، غلط الأول تبقى واثق من نفسك كده و تخليها هي اللى تيجي تتعرف عليك و تبقى تقيل معاها عشان تتشد ليك ، بس بعدها تفك على طول عشان متقولش عليك رخم و بعد كده تدخل في مرحله انك تحسسها بالثقه و انك قد ايه حاسس و عارف هي بتمر بإيه ، خليها دايما تشوفك الشخص اللى حاسس بيها منغير متتكلم و مع كل ده تحسسها انك شخص أهل للثقه و بعدها هتلاقيها هي منها لنفسها بتحكيلك كل حاجه و بشطارتك انت تعرف تاخد المعلومه منها و تجرجرها في الكلام من غير ما تحس.
تسأل شادي بفضول :
_و احنا يا فندم نعرف نجرجر اللى قدامنا في الكلام ازاى و نحسسه اننا اهل للثقه دي؟
_لا دي خبرة انت بتكتسبها بالوقت و طبعا لازم تكون شخص أهل للثقه فعلا و تكون واثق من نفسك و انت بتتعامل مع اللى قدامك
لم يعجبها جومانا ما يتحدث به نديم لتدخل بينهم و تقول :
_ لا و انت يا سيادة المقدم أهل للثقه اووي و عندك خبرة كويسه مع الستات ، مش كده؟
نظر لها نديم و قال و هو يتغاضى عن ما قالته :
_كويس انك جيتي دلوقتي ، كنت لسه هبعتلك عشان تيجي تنضمي معانا
نظرت له جومانا بضيق ثم وجهت نظرها إلى المتدربين و قالت لهم بغضب:
_ اربع ايام مقدرتوش تجيبوا ليا ولا معلومه تفيدني عن شحنه المخدرات اللى جايه! انتوا عارفين الشحنه دي لو دخلت البلد هيحصل ايه! عارفين الشحنه دي تقدر بكام!
قال شريف لها :
_ يا فندم والله حاولنا بكل الطرق نعرف معادها بس معرفناش نوصل لحاجه ، الراجل اللى اسمه عابد ده حريص جدا
و اكمل بخفوت و حرص :
_ ده احنا حتى حاولنا نجرجر البنت اللى بتسهر معاه كل يوم بس معرفناش حتى نوصلها
نظرت له جومانا بحده و قالت بسخرية :
_ قول كده بقى انتوا كنتوا معتمدين على البنت اللى معاه و على انكوا تعرفوا توقعوها و طبعا جيتوا دلوقتي تاخدوا درس من سيادة المقدم عن ازاى تقدر تضحك على الست اللى قدامك
قال نديم ليغضب جومانا موجهاً حديثه إلى المتدربين :
_ زي ما قولتلكم كل واحده و ليها الداخله بتاعتها ، جربوا تاني بس اللى جرب معاها مرة ميظهرش قدامها نهائي و شوفوا مين اللى مظهرش ليها و يروحلها و يجرب بذكاء المرة دي و بطريقه اللى قولتلكم عليها و ساعتها هتلاقوها زي العجينه كده تشكلوها زي م انتوا عايزين و تاخدوا منها الملعومه زي م بتاخدوا الشعرة من العجين.
نظرت له جومانا بإنكار و قالت بغضب :
_جربتوا تفكروا من اللى بين ودنكوا في مرة ولا انتوا ميح للدرجادي ا! و كل همكوا ازاى توقعوها ؟
اخفض المتدربين رأسهم بحرج منها لتتابع جومانا حديثها قائلة غير مباليه لنديم الذي ينظر لها بإبتسامه :
_ اتحركوا دلوقتي و تبقوا عندي الساعه تسعه ، تسعه و دقيقه تعتبروا الفريق اتفض فاهمين؟
اومأوا لها رأسها و تحركوا ليتقدم منها نديم و يقول :
_ مالك اضايقتي ليه من الشغل؟ و بعدين خفي شويه عليهم هما مش شغالين عندك
_ انا بشد عليهم عشان مصلحتهم ، الحل كان قدامهم طول الوقت و كان ممكن يعرفوا معاد التسليم بسهولة بس هما مش مركزين و سيادتك طبعا مقصرتش معاهم و بتديهم درس كيف أسقط إمرأه في شِباكي
ابتسم نديم ثم اقترب منها و مسك وجنتها بلطف و قال :
_ مش كل الناس ذكيه زيك يا حبيبي و بعدين انا مبديش دروس ولا حاجه
ابعدت جومانا يد نديم عنها و قالت بحده تلقائية منها :
_ نديم احنا في الشغل
ابتسم نديم بتسلي و هو يتقدم إليها اكثر لترجع جومانا إلى الخلف حتى اتصدمت بالحائط خلفها ، لتستمع له يقول :
_ معنى كده لو كنا برا الشغل عادي؟
نظرت له جومانا بصدمه من تلاعبه بالحديث ، لتسمعه يردف بهمس :
_ عمالة تكابري و تبعدي عني و بتمثلي انى مش فارق معاكي
قرب وجهه من وجهها و تحدث امام شفتيها مكملاً بهمس :
_ مع ان مجرد وجودي جنبك بيوترك و مبتبقيش الست الجامده اللى مفيش حاجه تقف في طريقها ، على طول بتكشي و بترجعي جومانا حبيبتي بتاعه زمان
فتحت جومانا عينيها التى كانت اغمضتها عندما اقترب منها و قالت له بحده و هي تدفعه :
_ كل ست و ليها داخله هاا؟ مش ده اللى انت قولته من شويه و ده نفس اللى بتعمله معايا! بتحاول تخليني ضعيفه و خلاص عمال تفتكر في ذكريات لينا عشان توجعني مش كده؟ مش ده اللى انت عايزوا ، انك توجعني!
ابتسم لها ثم قال و هو يبتعد عنها مغادراً المكان :
_ لو انتى شايفه ان ده اللى انا بحاول اعمله فتبقي في قمه غبائك
ليتركها تنظر إلى آثره بشرود ، لكن سرعان ما استعادت رابطه جشائها و قالت لنفسها :
_ قمه الغباء! عايز يوجعني بأي طريقه و يقول انى في قمه غبائي! تمام انا هوريه قمه الغباء دي هتعمل ايه
لتغادر إلى منزلها استعداداً لمهمه الليله ؛ مر الوقت و كانت جومانا واقفه أمام مرآة غرفتها تضع من مساحيق التجميل ما يجعلها ملتفة الانظار خاصه مع ملابسها التى تناسب سهرة خاصه و ليس مهمة عمل ، لتنتهى جومانا و ترفع شعرها لأعلى و تنظر إلى نفسها بعدما انتهت من كل شيئ لتبتسم بغرور لنفسها ثم أمسكت هاتفها و هاتفت احد المتدربين من فريقها و قالت :
_ ايوا يا صلاح انتوا فين دلوقتي؟
_ احنا في انتظار حضرتك تحت يا فندم
_ تمام تمام انا نازلة ليكوا اهو
لتأخذ جومانا حقيبه صغيرة لها و وضعت بها كاميرا صغيرة للغايه غير مرئية ثم هبطت بسرعه إلى متدربيها لتجدهم جالسين في انتظارها بسيارة مغلقه بالكامل و مجهزة بالشاشات الالكترونيه و أجهزة التجسس.
فور رؤيه المتدربين لجومانا فتحوا فهاهم بصدمه من هيئتها ، لينظرون إلى بعضهم البعض في تعجب منها لتلاحظ جومانا تعجبهم لكنها لم تكترث و قالت و هي تسحب احدى الكاميرات و تعلقها بملابسها بطريقه خفيه :
_ الكاميرا دي هتبقى متوصله بالجهاز عندكوا و هتقدروا تشوفوا كل حاجه زيي زيكم
ثم أخذت سماعه اذن صغيرة تكاد تكون غير مرئيه و ارتدتها قائلة :
_ و السماعه دي هقدر اسمعكم بيها و تسمعوني و تسمعوا اي حاجه بتحصل حوليا
قال ياسين بتعجب :
_ هو انتى هتعملي ايه عشان تجيبي المعلومات!
نظرت له جومانا قليلاً و قالت :
_ هدخل الكباريه اللى بيسهر فيه عابد ده و هيجي عشان يتعرف عليا و يكلمني و ساعتها انا بطريقتي هقدر اطلع منه المعلومات اللى انا عايزاها و طبعا كل ده هيبقى صوت و صورة قدامكم و هتشوفوا تصرفي هيبقى ايه.
قال شريف بغباء :
_و انتى واثقه انه هيجي يتعرف عليكي ليه؟
نظرت جومانا له و لم تنبث ببنت شفه و خرجت من السيارة متجهه إلى دراجتها الناريه لتستقلها و تشير إلى سائق السيارة ان يتبعها.
نظر المتدربين إلى شريف بغباء ، و قال له شادي :
_ ده سؤال يتسأل يا غبي! انت عمرك شوفت جومانا بالمنظر ده! دي علي طول لامه شعرها كحكه و بتلبس لبس الرجالة و النهاردة متشيكه و خلت نفسها ولا ملكه جمال و لسه بتسأل!
قال فؤاد زميلهم :
_ ده أعُجبت بيها يا جدع
اضاف صلاح قائلاً :
_ مش انا اهو بفضل اقول عليها مسترجلة و عاملة زي الرجالة بس بعد اللى شوفته ده ف قطع لسان اللى يقول عليها كلمه مسترجلة تاني
قال ياسين لينهي حديثهم عن جومانا :
_ ممكن نركز في شغلنا بقى ولا هنقضيها كلام عن جومانا!
قال له شادي :
_ انت فصيل يلا على فكرة
لم يجيب عليه ياسين لتمر الدقائق سريعاً و يستمعوا في الجهاز امامهم جومانا وهي تقول :
_ انا هدخل دلوقتي ياريت تركزوا في كل حاجه هعملها
ظهر امامهم على الشاشه الإلكترونية ما تراه جومانا بعدما فعلت الكاميرا ، ليشاهدوها و هي تتقدم و تدلف إلى ذلك الملهى الليلي.
تقدمت جومانا بضع خطوات و هي تمسح المكان بعينها حتى رأت ذلك الذي يسمى عابد و ذهبت لتجلس على طاولة مقابلة لطاولته و قد لاحظت جومانا انها لفتت انتباهه لكنها لم تكترث له و ظلت تشاهد الناس على حلبة الرقص و لكن تركيزها كان مصوب علي عابد التى لاحظت ان نظراته تكاد ان تخترقها ، لتتفاجئ جومانا بساقى الحانة يقترب منها بمشروب كحولي و أشار إلى عابد قائلاً :
_ عابد باشا بعتلك ده
نظرت جومانا الى عابد لتجده ينظر إليها ، لكنها سرعان ما أشاحت وجهها عنه و نظرت الى ساقى الحانة و قالت له :
_ رجعله الكاس و قوله يكفي نفسه
لتقف جومانا بعدها و تتجه إلى حلبة الرقص و بدأت في التمايل مع الموسيقي و هي ترى عابد و هو ينظر لها بتعجب من رفضها و إعجاب منها ، بينما كان فريق جومانا يشاهدون كل ما يحدث بتعجب ، ليقول فؤاد :
_ دي طنشته!
تعجب ياسين منها و قال :
_ هي بتعمل ايه!
كانت تستمع جومانا إلى تعجباتهم لكنها لم تجيب عليهم و انهت رقصتها و اتجهت حتى تأخذ شيئاً تحتسيه ، لترى عابد و هو يتقدم نحوها حتى وقف بجانبها و قال :
_ غريبه
نظرت له جومانا بتعجب و قالت :
_ هي ايه اللى غريبه؟
_ انك رفضتي الكاس بتاعي ، فكرت انك ممكن تكوني مبتشربيش بس الكاس اللي في أيديك بيقول عكس كده
_ انا رفضتك انت مش الكاس بتاعك ، في فرق
ابتسم لها و قال :
_ طب مش نتعرف الأول عشان تبقى عارفه انتى بترفضي مين؟
احتست جومانا ما في كأسها جرعه واحده ثم اعتدلت في وقفتها حتى تكون مواجهة له و قالت :
_ و ماله ؟
_ عابد الشاذلي اكبر موزع عربيات في مصر ، اكيد سمعتي عنى
اصطنعت جومانا التفكير للحظه ثم قالت :
_ اممم ، لاء في الحقيقه انا مبهتمش بالعربيات نهائي انا حتى معنديش عربيه
ابتسم لها عابد و قال :
_ طب تيجي ازاى دي ؟ قوليلي عنوانك و افخم عربيه هتلاقيها مستنيه تحت بيتك
اقتربت منه جومانا بدلال و وضعت يديها على كتفه لتلصق به تلك الكاميرا الصغيرة دون أن يشعر و قالت له :
_ امم...لسه مش بحب العربيات بردوا
لتعتدل في وقفتها و تقول و هي تحمل حقيبتها :
_ انا لازم أمشى دلوقتي ، بعد ازنك
_ طب هنتقابل تاني ؟
ابتسمت له جومانا و قالت :
_ يمكن
لتتركه و ترحل سريعاً و تستقل دراجتها و تقود مبتعدة عن الملهى بسرعه حتى لا يستطيع احد من حُراسه اللحاق بها ، اقتربت من سيارة الفريق بسرعه و استقلتها و بدأت بتوصيل الكاميرا التى مع عابد إلى الجهاز أمامها ، ليظهر أمامهم عابد و هو يتحدث مع بعض الجالسين معه ، ليقول لها ياسين :
_ انتى لحقتي تعملي كل ده امتى و ازاى ؟
نظرت له جومانا و قالت :
_ كل حاجه كانت قدامكم في الكاميرا مركزتوش ليه؟
لتردف و هى تسلط تركيزها على الجهاز :
_ اسكت و خليني اركز في شغلي
كان عابد جالس مع رجُلين و حولهم العديد من النساء يضحكون و يلهون حتى جائت مهاتفه إلى عابد أمر بعدها النساء بالابتعاد عنه و أجاب المهاتفه و استمعوا الى عابد يقول :
_ باشا كنت لسه بفكر فيك
قال له الرجل شيئاً ليجيب عابد قائلاً :
_ ليه كده يا باشا احنا زعلناك في حاجه؟
صمت قليلاً ثم قال :
_ م انت عارف اللي فيها و ان الحكومه مش سيبانا في حالنا و كل شويه يلفوا و يدوروا علينا
نظر إلى الرجال معه ثم قال :
_ بس النهاردة صعب و لسه مش مجهزين الدنيا
قلب وجهه و قال في طاعه :
_ خلاص يا باشا النهارده نسلم... مع السلامة
اغلق الهاتف مع الرجل و نظر إلى الرجال معه و قال :
_ التسليم بقى النهاردة الفجر
تعجبوا و قال احداهم :
_ ايه الكلام ده هو مش معادنا بكرة!
عابد بضيق :
_ الراجل مسافر و عايز يخلص من البضاعه اللى معاه ، المهم المكان هيبقى بعد طريق الاسماعليه ب اتنين كيلو ، عايزك تجمع الرجالة و تروح من دلوقتي تمسح المكان عشان لو في حاجه كده ولا كده و تبلغني تمام
اومئ له الرجل و وقف ليتحرك إلى مكان تسليم العملية بينما جلس عابد ينهى كأسه و بعدها وقف و غادر برفقه الرجل الاخر.
نظرت جومانا إلى فريقها و قالت :
_ شوف يا اخي حكمه ربنا ، لو كنتوا عرفتوا مكان العمليه في الاربع ايام اللى فاتوا كانت الصفقه دي هتدخل مصر ، لولا غبائكوا مكناش عرفنا المعاد الحقيقي للتسليم
اردفت جومانا و هي تنطر إلى السائق السيارة :
_ اطلع بينا يابني على المكتب عندي
جلست جومانا مع فريقها و هي تتحدث معهم عن المهمه و عن تفاصيلها و كيفيه الهجوم عليهم ، لتسألهم بتردد خفي :
_ محدش معاه رقم المقدم نديم؟ موبيلي فصل و مش هعرف اكلمه و اقوله يحصلنا على هناك
قال ياسين بتلقائية :
_ لا نديم قاعد مستنيينا في مكتبه عشان يعرف عملنا ايه في الشغل
نظرت له جومانا و قالت بتعجب :
_ نديم! حاف كده منغير سياده المقدم!
نظر لها ياسين بإسف و قال :
_ آسف يا سياده الرائد مش متعود انده عليه برتبته
تعجبت جومانا اكثر و قالت :
_ و انت مش متعود تنده عليه برتبته ليه هو انتوا صحاب!
اومئ لها ياسين بالنفي و قال بتعجب منها :
_ نديم يبقى اخويا يا سيادة الرائد
صُدمت جومانا منه و تمعنت في ملامحه لتلاحظ لأول مرة وجه الشبه بينه و بين نديم ، لتتذكر منذ سنوات عندما حكي لها نديم عن إخوانه و قال لها عن أخيه الصغير ياسين ، يال غبائها كيف لم تتعرف عليه منذ الوهلة الأولى ، قال لها ياسين بعدما لاحظ صدمتها :
_ انا مكنتش حابب اجيب سيرة اخويا في الأول لتفتكريني جاي واسطه او حاجه ، بس لما نديم رجع و لاقيت انكوا تعرفوا بعض قولت ان اكيد حضرتك عرفتي انى اخوه
اومأت جومانا رأسها له و صمتت حتى وصلوا إلى وجهتهم ، اتجهت جومانا نحو مكتب أدهم و دلفت بعد طرق الباب سريعاً و قالت :
_ العمليه هتبقى الفجر يا سيادة اللواء محتاجه تصريح عشان اعرف اتحرك مع الرجالة
لم تلاحظ جومانا نديم الذي وقف و اقترب منها بغضب قائلا :
_ ايه اللى انتى لابساه ده و اللى كل إللي في وشك ده!
تعجبت جومانا من نديم و قالت :
_ مش كنت في الشغل و باخد المعلومات من الراجل و بعدين انت هتقولي البس ايه و ملبسش ايه!
مسح نديم بغضب على وجهه و قال و هو يحاول تمالك اعصابه :
_ انا مش هقول ان منظرك ملفت جدا و ان الميكاب اللى انتى حطاه اوفر اووي بس ممكن تفهميني سيادتك تقصدي ايه لما بتقولي كنت بطلع المعلومه من الراجل و انتى بالمنظر ده!
_يعني كنت بقوم بشغلي يا سيادة المقدم هكون بعمل ايه يعني
_ متقوليش سيادة المقدم دي و بعدين بالمنظر ده! كنتي بتقومي بشغلك بالمنظر ده!
ابتسمت جومانا و قالت له :
_ متخفش يا حضرة الظابط مطبقتش درس كيف أوقع رجل في شباك امرأه ، مش ده اللى انت عايز توصله؟ عايز تعرف انا عملت ايه بظبط! كل حاجه كانت متصورة صوت و صورة هتلاقيهم مع المتدربين او ممكن تبقى تسأل اخوك ياسين عشان صورتك متبقاش وحشه قدام تلمذتك
ثم نظرت إلى أدهم و قالت :
_ في انتظار التصريح يا سياده اللواء ، بعد ازنك.
لتتركهم و تذهب إلى مكتبها ، نظر أدهم إلى نديم و قال :
_ اندفاعك و غبائك هيخسروك جومانا خلي بالك
قال نديم بضيق :
_ انت مشوفتش منظرها!
_ انت مش واثق فيها ، حب ايه ده اللى انت بتحبه ليها و مفيش ثقه بينكم
جلس نديم بضيق و قال :
_انا مبحبش قدها يا أدهم بس لسه مش قادر اتغاضى على اللي هي عملته فيا ، انت بنفسك شوفت الجحيم اللى كنت عايش فيه ده حتى انت كمان كنت بتكذب عليا...انا مبقتش بثق في اي حد نهائي
_ خلاص
تعجب نديم و نظر إلى أدهم و قال :
_ خلاص ايه
_ خلاص بطل تحبها ، يعني انت محسسني انها مش بتحبك و انها مكنتش بتتعذب زيك و اكتر طول السنين دي... على الاقل هي بتحاول تتغاضى و تنسى إنما أنت مش شايف قدامك غير انها ضحكت عليك و بس و على فكرة زي م انت مش واثق فيها هي كمان مش واثقه فيك و لو فضلتوا قاعدين مستنين ان ثقتكم في بعض ترجع من تاني يبقى مش هتخلصوا ، قدم انت خطوة و هتلاقى جومانا بتقدم عشرة ، هي كمان نفسها ترجع ليك بس خايفه
_ خايفه!
_ اه خايفه ، انت مش شايف انها بتعارضك بسبب و من غير سبب و كل شويه تتخانق معاك...هي خايفه لتكون مش بتحبها او لما شوفتها لاقيتها مش جومانا بتاعه زمان و مع التغيرات اللي حصلت ليها في حياتها تكون مبقتش تحبها...جومانا طول السنين اللى فاتت ملقتيش حد يقف في طريقها او حتى يحاول يتحدها و انت من اول م رجعت واقف زي الند ليها و بتتخانق معاها
_ انا مبطلتش احبها و مش هبطل
_ خلاص خد خطوة يا نديم انت مش عارف الثانيه الجايه هتبقى عايش ولا لاء ، احنا في شغلنا ده بذات لازم نعيش كل ثانيه مع اللى بنحبهم و نعيشهم في راحه ، انا مش هتكلم معاك تاني في الموضوع ده عشان اتكلمت كتير فيه ، انت عليك الفعل بقى
اومئ له نديم و هو شارد الذهن يفكر بحديثه انه محق لماذا ينتظر! لماذا لا يذهب إليها و يقربها منه مجددا حتى لو سيجبرها ، انها تحبه بلا شك فماذا ينتظر؟
ترك نديم أدهم و اتجه إلى مكتب جومانا و دلف دون أن يطرق الباب ليجدها بدلت ملابسها بملابس أخرى تليق بالعمل و تحاول إزاله مساحيق التجميل من وجهها ، ليغلق الباب و يقول :
_ انا آسف
لم تشيح جومانا نظرها عن المرآة أمامها و قالت ببرود :
_ اطلع برا
تقدم منها نديم و سحب المرآه من بين يديها ثم قال :
_بقولك آسف و انتى تقوليلي اطلع برا
نظرت له جومانا ببرود و قالت :
_ لما تتعلم تخبط على الباب قبل م تدخل ابقى ارد عليك
لتردف بسخرية :
_ يا حضرة الظابط
تنهد نديم بتعب و قال :
_ و بعدين يا جومانا ؟ هنفضل كده كتير؟ انا تعبت.
_ على اساس ان انا اللى فرحانه اوى صح! نديم انت لسه من دقايق بتتهمني في شرفي و فاكرني بعمل حركة من حركاتك اللى مش محترمه و احمد ربنا بردوا انى استخدمت اللفظ ده ، ف بلاش التناقض اللى في أفعالك ده و في الاخر تقول عليا انى في قمه غبائي
جلس نديم على المكتب و اقترب منها و هو يأخذ ذلك المنديل التى تزيل به الزينه التى على وجهها ثم امسك وجهها لتحاول جومانا الإبتعاد عنه لكن بنظرة حادة منه استسلمت له ليبدء في مسح تلك المستحضرات التجميلية من بشرتها بلُطف ، لتقول جومانا في غضب :
_ مش بقولك متناقض في أفعالك
وضع نديم أصبعه على ثغرها و قال :
_ هششش ، اسكتي خليني اتكلم
_ طب ممكن تبعد!
اكمل نديم في إزالة احمر شفتيها و قال :
_ انا بحبك و مبقتش قادر ابعد عنك...خلاص بقى كفايه ، انا جايلك و بقولك انى مستعد انسى اللى فات و نرجع نكمل سوا ، انا تعبت يا جومانا مش قادر ابعد عنك اكتر من كده
صمت قليلا ثم اردف هو يتحسس وجهها :
_ انتى وحشتيني اووي و لسه مش مصدق انك قدام عينيا و قاعدة قدامي ، خلينا نكمل و ننسى يا جومانا ، انا مسامحك
غامرت جومانا العديد من المشاعر المختلطه لتفكر بأمرها جيداً و تبعد يد نديم عنها قائلة :.....
#ألواح_القدر_الجزء_التاني
#ألواح_القدر
#حور_ساري
#روايات #رومانسي #اكشن #البارت #القدر#تشويق #مغامرة #وعد #فراق #غموض# #خيانه

ألواح القدر (الجزء الأول و الثاني) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن