5) لم إقتربتي مني إن لم تكوني تريدين ذلك ؟؟

64 3 0
                                    


مات الجميع و لم يتبقى سوى بريا التي كانت ترتعش من كلمات سينيا ، كانت تفكر : كان علي ألا أستمع لبينيتي ، لو لم أقترب من هذه الوحش لم أكن لأكون هنا أصلا !! . و بدون وعي منها بدأت تبكي ، نزلت سينيا من عرشها و مسحت دموعها قائلة : لا بأس ، لا عليك ، إن الجميع يموت في النهاية و لكن قتلهم سيغير توقيت الموت فقط . قالتها بصوت يملأه الثقة و المواساة ثم أردفت قائلة : و الآن سيتم تقديم وقتك أنت أيضا .

فرقعت يداها فظهر منشار و خلاط  يعمل بالشحن ، أمرت السيرفي أن يثبتوها ، فإن قتلها سيكون لها بما أنها خائنة ، بدأت بتقشير أطرافها بالمنشار ، لم تنفع صرخات بريا كما لم تنفع صرخات البقية ، كانت سينيا تجد المتعة في تعذيب الخونة أكثرمن غيرهم ، فقد فرحت بتعذيب أولائك التسع رجال الذين لم يرفضوا أكل قائدهم و رفيقهم و فرحت بتعذيب ساكورا و بوفياس و ها هي تستمتع بتعذيب بريا ، لم تستطع إخفاء إبتسامتها التي لم ترها بريا أبدا إلا الآن ، بينما صارت تفكر بأن سسنتيا هي أكثرالوحوش رعبا التي يمكن أن تراها البشرية ، لم تعر سسنتيا أفكارها إهتماما و أكملت التقشير إلى أن وصلت إلى العظم و بعدها وضعت ما نتج من اللحم في الخلاط و شغلته ، فرم لحمها لقطع صغيرة و قامت بتفريغه بوعاء معدني كبير ظهر فجأة ، و بقيت تعيد الكرَّة حتى لم يبقى لحم في جسدها إلا في رأسها ، بعد أن إمتلئ الوعاء الكبير قامت سينيا بتبهيره و أمرت اللسيرفي بطهوه و بعد أن إنتهوا ، فرقعت أصابعها فظهرت مجسات الظلال مشكلة بوابة سوداء ، حملت الطبق في يدها و ذهبت للداخل ، في الجهة المقابلة كان بوفياس جالس على ذات الكرسي، لا يزال حيا ، كان بقائه على قيد الحياة بفضل الفروقات الزمنية بين بوابات الأبعاد التي تفتحها سينيا ، فبالنسبة له لم يكن قد مرَّ على تعذيبه سوى بضعة ساعات ، أما في زمن تيريا مورتيس فقد مر ثلاثة أيام تقريبا ، و بدأت سينيا تضع الطعام في فم بوفياس كما لو كان كلبًا يأكل ، لم يطل الأمر حتى إنتهى الأمرثم قالت : لو كنت تسمعني لصدمت بأن هذا اللحم هو لحم بريا .

فتحت البوابة مجددا و ذهبت إلى تيريا مورتيس ، ونزلت عند جثة بريا ، جلست بقربها بينما تنظر للسماء المرصعة بالنجوم ، بدأت تتكلم مع جثتها قائلة : أتعلمين يا بريا ، أنا أكره كل من يناديني بسينا ، لا أعلم ما تفكرون به ، قلت لكم عدة مرات أن لقبي سينيا ، سينيا !! ، لكنكم لا تفهمون ، و بالمناسبة كنت أريد أن أسألك سؤالًا ، لم إقتربت مني إن لم تكوني تريدين ذلك ؟؟! ما الذي فعلته لكم بحق الجحيم كي تعذبوني جميعا بهذه الطريقة ؟؟ ، كل ما أردته كان أن أعيش الحياة الطبيعية التي يعيشها باقي الناس ، ألا يمكنني حتى أن أحلم بذلك ؟؟ . لم تلبث أن أنهت جملتها الأخيرة حتى نزلت من عينها دمعة ، بعدها قالت : أنتم بدأتم هذا و ها أنتم تتلقون الرد . إنهمرت بعدها الدموع بشدة من عينيها و إستمرت بالبكاء ما يقارب الساعة ، في أثناء بكائها كانت تحاول الإبتسام بينما تقول : لم تنهمر هذه الدموع ، أنا لم أفعل شيئا خاطئا ، انتقمت منهم على إيذائي فحسب ، لم أشعر أنني أنا من تأذى بعد الإنتقام منهم . حوال السيرفي و آريان و نيكولاس و مونس مواساتها ، لم تكن تثق بأحد إلا بهم ، إنتهى ذلك الصراع بفصل رأس بريا عن جسدها و وضعه فوق قطعة من الخشب المرتبة ، أسفل رأسها كان هنالك قطعة ذهيب مستطيلة الشكل مكتوب عليها : الخائنة بريا .

عندما عادت سينيا إلى منزلها كانت قد أحضرت معها مونس و نيكولاس ، كان قد تحول شكل مونس إلى جرو لطيف ، أما نيكولاس فلا زال على حال القط الأبيض ، في ذلك اليوم قررت سينيا أن تغير منزلها ، بعد أن إغتسلت من رائحة الدماء و بدَّدت الأفكار السوداوية من رأسها ، إرتدت بعضا من الثياب الأنيقة ، كان معطفأ مصنوعا من فرو الثعلب الفضي إضافة إلى حذاء ذو كعب عالي طويل منسقين بأناقة على فستان أسود طويل الأكمام مزين بالدانتيل من الأعلى ، كان مظهرها يبدو كما لو أنها شيطان جميل خرج من أعماق الجحيم ليقوم بفتن الناس دون أن يتكلم ، بعد أن انتهت من تصفيف شعرها الذهبي ، حملت نيكولاس و أمرت مونس بالمشي إلى جانبها ، و توجهت إلى المطار و حجزت أول طائرة من كوريا إلى اليابان ، لم تحمل أيًّا من أمتعتها عدا حقيببتها الجلدية التي بها ذلك السائل الأحمر و بعض من الطعام الذي إشترته في طريقها ، إلى جانب أموالها و الدفتر الأسود القديم .

وصلت إلى اليابان في العاصمة توكيو ، حجزت في فندق لليلة واحدة ، وضعت أشياأها و بدأت في مشاهدة التلفاز للتخفيف عن نفسها ، في أثناء ذلك انقطعت الكهرباء عن الغرفة حاولت فتح الباب لتخرج و ترى ماذا يحدث فلم يفتح ، فجأة ظهر شخصين يرتديان أردية غريبة في الغرفة ، بدأوا يتفحصون أشياأها و لكنها كانت ثابتة و لاتستطيع الحراك ، أرادا أن يفتحا الحقيبة الجلدية فلم تفتح ، ابتسمت سينيا و قالت كلمة واحدة : انقلعا . كان صوتها هادرا و مخيفا حتى أن أضواء الغرفة أعيدت و بدأت تتقطع ، سُحق الرجلان على الأرض لكن الغريب أنهم قالوا : إنها هي . و خرجوا بعدها .

في تلك الليلة نامت سينيا بينما تفكر في ما قاله أولئك الإثنان ، ظهر رجل غير واضح الملامح في حلمها بعيدا ، كان صوته واضحا ، و هو يقول للخادمتين : خذوها بعيدًا . بينما ينظر إلى سينيا بنظرة حاقدة ، كانت الخادمة التي تحملها ترتجف بينما تحبس دموعها ، أما الأخرى فكانت سعيدة بالأمر ، كانت سينيا تردد : من أنت ؟ من أنت ؟ . لكن كلُّ ما كان يخرج منها هو بكاء طفل رضيع .

استيقظت سينيا من الحلم مفزوعة ، خائفة من خسارة قوتها التي نمَّتها بشقِّ الأنفس ، خرجت سينيا حاملة حقيبتها الجلدية تبحث عن منزل جديد لتسكنه ، وجدت شقة واسعة مطلة على حديقة و قريبة من مدرسة هناك ، اشترتها ، و بعدها ذهبت للتشتري الملابس ، بينما كل من رآها في الشارع إما يبدي إعجابه بها أو في نيكولاس و مونس ، وضعت سماعة لكي تكف عن سماع أفكارهم ، و تسوقت ، اشترت الطعام الذي يكفيها وملابس جديدة حسب ذوقها ،وبهذا انتهى اليوم الثاني . 

الخيانة العظمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن