الفصل السادس والعشرون جزء ٢

1.2K 80 14
                                    

عرفت الشرير؟... هل أنت مستعد لحكايته؟ وإن لم تكن كذلك لا يهم... الشرير لا يستأذن... الشرير يغزو... يقتات...يُبعثر...ولا ينظر للخلف أبدًا

******

وجهتها القادمة كانت الشقة المقابلة، تقدمت بخطوات مُضطربة تُقدّم قدمًا وتؤخر الأخرى علها لا تصل أبدًا، لكن الحدث تم وها هي الآن واقفة أمام جدها وذلك البرهان الذي عادَ غريبًا كأول مرة رأته فيها، لفتَ نظرها حقيبة بنية كبيرة تقف بجانبه بينما هو يحمل مقبضها الطويل في يده
أجلت حلقها ووجهت حديثها لجدها
-كنت أبحث عنك يا جدي

تقدمَ سليمان منها وهو يقول باعتيادية كأن المشهد لم يقسم قلبها لنصفين للتو
-حسنًا لقد انتهيت على كل حال وكنت في طريقي للعودة
ثم التفتَ إلى برهان قائلاً بابتسامة جزلة
-تذكر ما أخبرتك به
وأعطاه نظره تحذيريه صامتة لولا أن هناك حوارًا شيقًا يدور بين بنون والحقيبة البنية لاستطاعت رؤيتها وبالتأكيد لن تتوانى عن السؤال والتمحيص حتى تعرف ماوراء هذه النظرة وما الذي دفعه إليها؟

في حين رد برهان
-اطمئن يا جدي أنا أعرف جيدًا ما عليّ فعله
-جيد... هيا يا بنون

انتبهت أخيرًا على نداء جدها لتزيل مقلتيها من على الحقيبة وتُتمتم
-نعم يا جدي هيا

رمقه خاطفة بطرف عينيها للواقف أمامها، لم تنظر له إلا عندما وضعَ شيئًا في يديها عندما استدار سليمان، وكانت هذه أخر مرة ترى ملامحه الجميلة فيها
-مع السلامة
ورغم أنه حرّكَ شفتيه بلا صوت إلا أن صدى الكلمات تردد في قلبها كفيضان يروي أرضًا قاحلة

-اعتنِ بنفسك جيدًا
جملة صامتة لكنها حملت الكثير ليبتسم برهان ويهز رأسه ثم يأخذ حقيبته ويرحل، حملقت في أثره ثوانٍ قبل أن تستدير وترحل مع جدها وأصابعها تضغط على الصندوق الصغير المدفون في جيب منامتها
********

" أشعر أن هذه اللحظات تُشبه أول مرة رأيتك فيها، نفس الحضور نفس العنفوان الذي يحف مُقلتيكِ .. نفس كل شيء باختلاف أنني حينها أردت خنقك.... واليوم أردت احتضانك
هذه الرسائل قضيت الليل بطوله في كتابتها لذا افتحي كل يوم رسالة ولا تفتحيها مرة واحدة حتى لا تضيع بهجتها... فلكل يومٍ رسالة بأمل جديد يُشبه وجهك المشرق وقمري عينيكِ اللتين لم أستطع السفر إليهما.. وأنا الآن ألقي عليهم السلام الأخير من الأرض إلى القمر الذي لم أبلغه"

ما الهوى إلا لسلطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن