[ تحايل - اندفاع - الفصل العاشر ]

2.7K 305 93
                                    

كل ماشغل عقلي الذي كاد يتعرض للتلف إثر الصدمة آنذاك هو أنني الآن تحت سقف واحد مع مجرمين قاتلين لايفصلني عنهما إلا بضعة أمتار، أخذت أتراجع واضعة أصابعي النحيلة على ثغري محاولة كبح الشهقة التي تكاد تخنقني.

علي أن أنجو بنفسي.

هذا كل مافكرت فيه، أراهن بكلتا كليتي أن بقائي هنا لدقيقتين أكثر سيكلفني حياتي! أطلقت قدماي للريح غير محددة أي وجهة علي أن أسلك، لقد كانتا تستجيبان لغريزة البقاء متجاهلة كل إرادة بداخلي.

لا أعلم بالضبط كم مضى من الوقت بينما كنت أركض! توقفت فجأة، أنفاسي تختنق، أطرافي ترتعش، قلبي ينبض بجنون، نال التعب من جسدي، للحظة خلت أنني ألفظ أنفاسي الأخيرة بينما كنت منحنية الظهر واضعة كفي على ركبتي حتى راودتني رغبة في الاستفراغ، استقمت محاولة التقاط انفاسي، ثم اتكأت بيدي على الجدار المحاذي لي.

حاولت ترتيب الأفكار التي صارت أمواجا متضاربة عنيفة في ذهني مسببة لي صداعا فظيعا.

هل ماسمعته للتو كان حقيقة أم محض تخيلات؟ عن من كانا يتحدثان؟ وما الذي ينويان فعله؟ لاشك أن هذان الإثنان متورطان في مصيبة ما، ثم ما الذي يدفع رجل عصابات للزواج؟ ولم بي أنا بالذات؟

قاطعت رنة الاتصال تساؤلاتي الغفيرة، أخرجت هاتفي المحترق قليلا من الزاوية والذي كان من المفترض أن يكون هدية والدي، لقد كان المتصل خالي.

يا إلهي هذا ليس وقت تلقي اتصال منه على الإطلاق.

تنهدت طويلا، ابتلعت ريقي بصعوبة، حاولت ضمان ثبات نبرة صوتي المرتعشة ثم أجبت:

-ألم أخبرك أن تعودي إلى البيت مبكرا ايتها اللعينة؟!

ماذا؟!! كم الساعة الآن؟ هل تأخرت حقا؟!!

رفعت بصري نحو السماء لأجدها تدثرت في زيها القرمزي المسائي الذي غشاه لون زرقة داكن وقد زين ثوبها المخملي بضع نجمات مشعة، أدركت حينها أن الساعة تعدت السابعة بالفعل وقد تأخرت عن "موعدي"، أخذت نفسا عميقا محاولة قمع كل إساءة خطرت في بالي في حق خالي. ليس الآن، ليس بعد أن علمت أي نوع من الأشخاص يكون بالضبط!

-خالي، لا حاجة للقائي به، لقد وافقت بالفعل ولن أسبب أية مشاكل هذه المرة.

ساد المكالمة الصمت لبضع ثوان ثم كسره هذا الأخير بصوته الخشن:

-بهذه السرعة؟ أشتم رائحة مكيدة أيتها الثعلبة، إياك وافتعال الحماقات! ليس مع السيد زاك يا لوان!

-خالي، لقد سئمت هذه الحياة، دعني أمضي في الجحيم الذي ألقيت بي فيه بسلام على الأقل.

أغلقت المكالمة في وجهه، أغمضت عيني ثم رفعت رأسي نحو السماء محاولة كبح دموعي التي تستنكر الانتحار الذي أقدمت عليه في حق نفسي للتو.

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن