[ مشاعر مستحيلة - الفصل السابع والثلاثون ]

2.3K 213 284
                                    

وبقدر سروري برنين صوته في مسامعي، بوجوده إلى جانبي، بانشغاله الواضح علي أيا كان السبب وإن كان عطفا، بقدر حدة وخزات قلبي كلما مرت بذهني صورة المائة جدار التي عبثا شيدتها بيننا..

أشعر بحرب طاحنة بين إدراكي وفؤادي تشن داخلي دون هدنة..

خليط من نار وجليد يحرق ويلسع جوفي ذهابا وإيابا..

رياحا عاتية تدفع بي من كل صوب..

في خضم كل ماسبق انسقت خلف إلحاحه كالمسلوبة، كما لو كنت أترقب بشوق ظهوره لينتشلني من الظلمة، وها أنا ذي أصحو من غفلتي لألفيني في مكان أجهل في أي بقاع الأرض يكون.

ثم استوعب ذهني أخيرا ماحصل خلال الساعات الأربع الماضية..

لقد انتزع مني الحق في الرفض أو الموافقة، بل أقحمني فيما لاقدرة لي على مجاراته..

التقدم خطوة أخرى رفقته إلى الأمام قد يزيد من أطماعي في البقاء إلى جانبه، بل قد يكلفني ضميري وعقلي بأكمله..

كيف لي أن أغفل عن المستحيلات التي اجتمعت لتحول بيننا؟

كيف سمحت للأمور أن تأخذ منعطفا بهذه الخطورة؟

كيف لي أن أغدو بهذا الجشع؟

أطبقت جفناي اللتان أرهقتهما خفقات قلبي الذي لم ينفك عن النبض منذ ظهوره ثم زرعت في نفسي قناعة تنص على رفضي القاطع لتدخله ما إن أستيقظ صباح الغد..

~

إنه لمن المثير للسخرية أن أكون ذات الفتاة التي قضت الليل بأكلمه تتوعد وتقرأ سيناريوهات الرفض والتعنت والعناد..

أنا من تنتظر موعد الجراحة التي لا تكاد دقائق معدودة تفصلني عن انطلاقها، مستوية على مقعد جلدي تحيطني رائحة المعقمات الخانقة من كل صوب، وقع خطوات أقدام سريعة، عربات الدواء، أصوات الأطفال..

أشعر بالصداع..

استنشقت عطر من تعرفون من يكون وسرعان مابلغ صوته مسامعي بعد أن استوى على المقعد المجاور لي ليقول بنبرة لم أعهدها منه:

-تبقت عشرون دقيقة.

-وأنا على استعداد للرحيل حالا.

-لقد فات الأوان بل حسم منذ الأمس، لست طفلة عندما يتعلق الأمر بأمور مشابهة يالوان.

-أنا لا أفهم ما الغاية من تحمل تكاليف جراحة حكم عليها بالفشل..

أخذت نفسا سريعا ثم قلت متذمرة بنفاذ صبر بينما تخنق الغصة أنفاسي خنقا:

-بل لا أفهم سبب عرض مساعدتك التي لم أطلبها منك ولا أملك ما أمنحك مقابلها يانييل.. هذا يؤذيني كثيرا، أكثر من الظلام، أكثر من فقداني للبصر.. كأن وضعي كارثة تستدعي حلا حتميا مستعجلا.. لست أول أو آخر من تفقد بصرها.. ولن أكون أقل مقدرة منهم على تدبر أمري..

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن