فجأة تناهى إلى مسامعي صوت انفتاح الباب رافقه تصفيق شخص ما ثم صوت فتاة عجزت عن تمييز هويتها بسبب رؤيتي الضبابية المشوشة. لم أستطع التبين من هوية الفتاة إلا أن ضعف نظري خذلني آنذاك ثم انتقلت للرئيس الذي كان لايزال يحيطني بذراعه.
-عظيم تمتنع عن استقبالي في المطار بحجة العمل بينما تلهو هنا!
صحوت على قرع صوت الفتاة الحاد في طبلة أذني بينما كنت أغوص في الفوضى العارمة التي كانت تعج ذهني لأبتعد بسرعة البرق عن صدر الرئيس الذي لازال متشبثا محيطا بي كمن يتشبث بآخر خيط يربطه بالحياة.
بعد لحظة سكون دامت ثوينات وحسبتها ساعات أجفلت لإبعاد الرئيس نفسه عني ممسكا بكتفي ومتفحصا وجهي بقلق واضح:
-هل أنت بخير؟! هل أصابك ذلك الشيء؟!
نفيت برأسي بيعينين ملأى بالدموع.
ما إن انفصلت عن جسده بمشقة الأنفس حتى رأيت شبح الفتاة يدنو مسرعا نحونا لتحيط رقبة الشاب الذي أنقذني للتو بكلتا يديها في عناق حار طويل لم أستطع آنذاك تمييز سوى جسدها الممشوق الرشيق وقامتها التي تكاد تضاهي قامة الرئيس الذي لم يكلف نفسه عناء مبادلتها عناقها تحت تأثير الصدمة أو بسبب إصابة كتف للتو.
أطلقت ساقاي للريح بعيدا بعيدا بعيدا عن هذا المكان نحو مكتبي أو بيتي أو الجحيم حتى!
ما إن وصلت مكتبي حتى أغلقت الباب علي لأنهار عليه متشبثة بيسار صدري بينما تكاد أنفاسي تنقطع.
حرارة المكان تكاد تلتهمني، أنفاسي تشتعل تكاد تحرق رئتاي.
رباه ماذا صار بي! أأرتجف من نجاتي من موت كاد يكون محققا قاب قوسين أو أدني؟ أم من بصري المشوش الذي أكاد لا أبصر به شيئا؟ أم من تلك المسافة الضئيلة التي كادت تكون منعدمة بيني وبين الرئيس؟ أم من اقتحام تلك المجهولة المكان؟
ما إن مر صوت وصورة الفتاة المشوشة بذهني حتى أخذ قلبي ينبض وينتفض وينقبض ويعتصر ويرتجف.
من تكون؟
مانوع الصلة التي تربطها بالرئيس لتمنحه عناقا سينيمائيا بذلك الشكل؟
أتكون... خطيبته مثلا؟
وهاقد أخذ قلبي يتراقص في صدري دون رحمة منه.
وليكن! ما شأني أنا على أي حال؟!
رفعت ناظري أقلبهما في المكان إلا أنني أعجز عن رؤية أي شيء بوضوح، رفعت أصابعي قريبا من وجهي إلا أنني لا أبصر سوى لونيهما ثم أخذت أنتزع العدسات من مقلتي عل حالي يتحسن قليلا ثم توجهت نحو حقيبتي الموضوعة على المكتب بينما أخطو بحذر لأخرج نظارتي الطبية وهاقد بدأت الرؤية تتضح قليلا.
هويت بقواي الخائرة على الكرسي المجاور أفكر فيما جرى قبل قليل إلا أن عقلي يكاد لا يستوعب كمية الوقائع التي صارت منذ أقل من ست دقائق لأتذكر فجأة أنني رحلت قبل الفراغ من العمل بعد أن تسببت بفوضى عارمة في المكان!
أنت تقرأ
نحو الضياء
ChickLitوتلاشى الذنب بعد أن طرق يائسا أجراس الوحى.. إني واقعة في الحب.. ولم أدرك يوما أن الحب سم الضمير والعقل.. فإني لا أبصر الآن سوى نفسي رفقته بقية العمر..