كنت أتنقل بين الفوضى والحطام كالمسلوبة، أطرف ببطء محاولة إيجاد أدنى تفسير معقول لما حل بشقتي خلال فترة غيابي، بينما أرفض بكل ما أوتيت أن أرسو على ذلك الاحتمال الذي مجرد طرحه بيني وبين نفسي يجعل الهلع يسري في سائر جسدي على شاكلة سيالات شائكة..
فكرت مليا ثم رضخت بانصياع للحقيقة التي تشع جلاء..
لقد تم اقتحام المكان في غيابي حتما، ولا تفسير آخر لما أراه بأم عينياي الآن..
مسحت بكفي على كتفي مرورا بذراعي انتهاء برسغي محاولة إخماد القشعريرة التي استقرت على سطح جلدي، ثم عقدت عزمي على التقدم للتبين مما جرى..
كان باب غرفتي مفتوحا على مصراعه، تملكتني الرهبة من المضي قدما، لكنني استجمعت شجاعتي لألجها..
مكتبي مقلوب على ظهره، مرتبة سريري ملقاة وسط الحجرة، بينما تناثرت ملابسي هنا وهناك، وتبعثرت ملفاتي ورسوماتي في كل مكان..
لم أستطع إيجاد مبلغ لابأس به من المال كنت قد تركته هنا، كما اختفى أحد الأدراج الموصدة التي كانت تحمل شهادتي الثانوية وإجازتي الجامعية، بطاقة الطالب، وبعض الجذاذات والدروس والروايات التي وضعتها جانبا بنية استئناف دراستي حتى إشعار آخر..
تبا.. لا شك أنه أخذه ظنا منه أنه يحمل في باطنه شيئا ثمينا..
هذا الشخص وقح بمايكفي ليخلف بثقة خلفه هذه الفوضى كما لو كان عاصفة هوجاء..
زميت شفتي بحيرة محاولة ابتلاع ريقي وغصتي ورهبتي، ثم هممت أرتب ماسلم وألقي مامسته يد ذلك المتواقح المجهول من حطام الأواني والزينة، وأدوات مختلفة على أمل كشف شيء من هذه الملابسة، فلربما ترك شيئا يدل على هويته..
مرت ساعة وبالكاد فرغت من التنظيف، كما لم أجد شيئا ذا أهمية ثم ارتأيت أن أتبين من سلامة الباب قبل كل شيء.. وللأسف لم تبدو عليه أي خدوش أو آثار للاقتحام، كما لو أنه تم التسلل بطريقة.. لنقل في الوقت الراهن أنها "سلمية"..
تخصرت شاردة أفكر في الخطوة التالية..
لو لم يكن نييل هنا لبلغت الشرطة..
فلو علم بما حدث قد يتدخل في الأمر كعادته وقد يجبرني على المكوث عنده حتى..
وليس هذا ماينقصني طبعا..
أظن أن علي التصرف بنفسي ريثما أجد حلا مناسبا..
أخذت حماما دافئا سريعا، ارتديت ملابسي، معطفي وقبعتي ثم خرجت للمركز التجاري المجاور لمبنى إقامتي بحثا عن مدخل مفاتيح جديد، فلا شك أن ذلك الشخص حصل بطريقة ما على نسخة من مفاتيحي مما سهل عليه أمر الدخول عنوة..
أنت تقرأ
نحو الضياء
ChickLitوتلاشى الذنب بعد أن طرق يائسا أجراس الوحى.. إني واقعة في الحب.. ولم أدرك يوما أن الحب سم الضمير والعقل.. فإني لا أبصر الآن سوى نفسي رفقته بقية العمر..