[ زواج - الفصل السادس والعشرون ]

2.8K 247 427
                                    

هذا الألم كثير جدا على قدرة تحملي..

سيغشى علي لو دام هذا الوضع قليلا أكثر..

أمعن بي النظر لثوينات بدت كالسنوات إلى أن نسيت كيف أرمش أو أتنفس أو أن أبتلع ريقي حتى..

لما يجري معي تفسيران لا ثالث لهما..

إما أنني مصابة بمرض ما..

أو أن هذا الشخص مشعوذ ألقى علي سحرا شل حركتي وأعمت بصيرتي..

تغيرت لوهلة ملامحه لأجفل على تمريره لأنامله على رقبتي بينما يرمقني بتوجس وقلق جلي ثم جلجل صوته بنبرة حادة:

-من فعل هذا بك؟!

انتزعت نفسي من قبضته على عجل مشيحة بوجهي عنه ثم أخذت أفرد شعري على عقد الحفر الذي يحيط برقبتي والذي نسيت أمره تماما لأقول بنبرة مضطربة:

-لاشيء يستدعي الاهتمام..

أمسك بمعصمي بقوة ليرتفع صوته قائلا:

-ما الذي يجري معك بحق خالق الجحيم! إلى متى تنوين إخفاء الأمر؟

أخذت نفسا عميقا ثم هممت قائلة بانفعال:

-أستطيع المراوغة، الكذب، وتلفيق الأمور لكنني لا أحبذ ذلك.. لدي مايكفي من مشاغل الحياة ومصائبها ولا طاقة لي لمشاطرة أتراحي ولا طائل ولا جدوى من ذلك أساسا!

صمت لبرهة، أخذت جرعة وافية من الأوكسيجين ثم أردفت قائلة بهدوء بينما أنظف وأضمد جرحه على عجل:

-صدقا..لقد كنت عونا لي طيلة الفترة السابقة، وكن على علم أنني أكره شعوري بالامتنان نحوك لذا لا تجعلني أحمل على عاتقي جمائلك أكثر.. أكره أن أعيش على كاهل أحدهم أو أن أقحم شخصا ما في مشاكلي.. لقد تدبرت أمري بطريقة أو بأخرى طيلة سنوات خلت وها أنا ذي لا أزال سالمة حية أرزق.. لذا رجاء لا تشغل نفسك بي واهتم لأمورك وبصحتك فقط.

-لو كان ماتفكرين به ذلك معقولا لولد الناس على أغصان الأشجار بدل أن يولدوا وسط أسر وجماعات من البشر.. مهما بلغت قدرة تحملك ستحتاجين وجود أحدهم بجانبك يوما حتما..

توقف لبرهة مثبتا بصره علي ليقول بنبرة غريبة:

-ولا أود أن يكون ذلك "الأحدهم" آنذاك شخصا ما غيري.

هذا المحتال لا ينفك عن إلقاء سحره علي..

أطلت التحديق به لوهلة محاولة تفسير مايجري معي دون جدوى لأتناول حقيبتي قائلة بارتباك:

-علي الرحيل الآن، عمت مساء.

ثم فررت فرار الجبناء منه، من نفسي،ومن خفقات قلبي المتسارعة التي باتت علة علي شفاؤها..

وها أنا ذي حبيسة غرفتي مجددا، أواجه نفس الشعور المعتاد الذي يراودني كلما عدت إلى المنزل بعد لقائه..

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن