[ أمل ضئيل - الفصل السادس والثلاثون ]

2.4K 235 516
                                    

كان الهدوء يغشاها ظاهرا بينما أستطيع إبصار فوضى دواخلها ثم لم انفك أرقبها في صمت مطبق..

ساد الصمت للحظات أحاطت خلالها بكلينا نفس الهالة التي لا توحي سوى بضياع لم أعهده يوما..

كانت تطرف ببطء بينما تبحث نفسي عن ماتتشبث به لتحافظ على ثباتها قبل أن تنهار..

أخذت تفرك أصابعها، تشابك بينهما، ثم أدارت رأسها بخفة بخلاف اتجاهي..

كأن اكتشافي للأمر أسوأ بكثير مما هي فيه..

كما لو كان هذا أكثر هاجس يشغلها بل ماكانت تخشاه في خضم كل هذه الفوضى..

كأنني آخر شخص كانت ترجو أن يكشف أمرها..

ثم أحالني كل ماسبق إلى حقيقة من المفترض أنها جلية بينة لكنها لا تزال موجعة قاسية..

أنها لاترى بي محل ثقة..

أنها على استعداد لتمضي في بحر من ظلام بدل الاستعانة بي..

والأسوأ أنها حاولت استغفالي..

وكم أثار هذا سخطي الذي كظمته بمشقة الأنفس..

فبينما كانت تحاول مواراة الحقيقة خلف ستار خفيف كنت قد تمكنت من تخمين الأمر منذ الوهلة الأولى..

فقد عهدتها فتاة جريئة رغم خجلها، تضع بصرها في بصري كلما صادفتني كأنها تتحداني، كأنها تخبرني بصريح العبارة أنها لا تهاب شيئا ولا شيء في حوزتها لتخسره..

بل وتحاول هزي وتوشك على خوض نزال في التحديق ضدي موقنة بكونها الفائزة بينما بالكاد أكبح رغبتي في تقبيلها..

لكنها استمرت في النظر إلى الجهة المعاكسة وإسدال جفونها على عينيها منذ عثوري عليها ظنا منها أنني لن أدرك ذلك.

حاولت منحها الفرصة تلو الأخرى لتصارحني بنفسها..

لكن يبدو أن هذا لضرب من خيال..

فحينما يتعلق الأمر بها فلا خيار غير المواجهة ووضعها أمام الأمر الواقع..

وهذا ماتوقعت..

فما إن واجهتها حتى تملكتها الصدمة من كل صوب، شحب وجهها، ثم قضمت شفتها كأنها تمنع الكلمات من الخروج من ثغرها، تحركت شفاهها متمتمة لأقاطعها قائلا بنبرة حاسمة:

-هذا واضح، لا طائل من تكبد عناء إخفاء الأمر أكثر.

اضطرب جفناها لوهلة، أمهلت نفسها ثوينات للتفكير، ثم علت أمارات الاستسلام ملامحها لتزفر قائلة بينما تعبث بقدميها بعينين فارغتين وبسمة شاحبة:

-هذا متوقع من متطفل مثلك.

طرفت مرارا محاولا استيعاب الأمر..

لست وكأنني لم أكن موقنا بذلك..

لكنني كنت آمل في قرارة نفسي أن شكوكي في غير محلها..

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن