بعد أن فرغت من عملي توجهت إلى المعهد من ثمة مباشرة إلى المنزل كالعادة، ارتجلت من المصعد في الطابق الخامس لأجد نفسي بمواجهة شقتي، الشقة المجاورة لي خالية كالعادة، سيكون من اللطيف أن أحصل على جارة عند انقطاع التيار، أو في الأيام المرعدة، أو فقط شخصا ألقي عليه التحية صباحا.
ولجت شقتي، ألقيت بنفسي منهكة على الأريكة بعد هذا اليوم الطويل المرهق، تساءلت عن ما سيحل بالشركة، عن المدير الجديد، عن ركود العمل مؤخرا نظرا لغياب المدير وعدم صلاحية النائب لاستقبال الصفقات والتصاميم، ثم اسرجعت ذاكرتي فجأة كلام ميرال، هي محقة بشأني للأسف، لا أنكر تحولي إلى فتاة مجنونة بجمع المال جراء كل ما مررت به، حتى أنني بت أعرض بعض اللوحات التي أرسمها للبيع دون توقيع مني أو إشارة لهويتي.
هل من ضرر فيم أفعل حقا؟
هل محاولتي في كسب المال تجعل مني شخصا سيئا؟
أنا فقط لا أود أن أعيش على ذلك المنوال القديم مجددا، لقد بت أكره الحاجة حقا...لن أعود لنفسي القديمة حتى لو كلفني الأمر تقليص ساعات نومي إلى الربع.
انتبهت للمرآة المعلقة على الخزانة التي أمامي مباشرة، أمعنت النظر في وجهي الشاحب، لمست وجنتي بأطراف أصابعي الباردة، ثم تراءت في ذهني صورة ذلك الشاب فجأة، وبدون سبب محدد... أخذت أتأمل أناملي بشرود...
لقد كانت يداه أبرد من يداي الباردة صيفا وشتاء على الدوام حتى ...
أتساءل إن كان بخير الآن؟
فجأة تذكرت تلك النظرة التي رمقني بها ما إن التقت أعيننا صباحا، فقد بدا الأمر كما لو أنه رأى شخصا يعرفه لم يلتقي به منذ زمن...
من يكون؟
وما شأني أنا؟!
يا إلهي تطفلي وفضولي القاتل سيقضي علي يوما ما!
مر أسبوع تقريبا، لقد استلم كل منا راتبه بالفعل، لكن لم يلمح أحد منا مديرنا الجديد بعد، هذا رغم انتشار إشاعة عن التحاقه بالعمل قريبا، لكن الأمور تسير على مايرام حتى الآن...
مرت الأيام إلى أن صادفت باب الشقة المجاورة نصف مفتوح، كما سمعت صوتا أنثويا صادرا من الداخل، تفاجأت حقا، ثم انتابني الفضول.
هل أقام أحدهم حديثا هنا؟
هل ألقي التحية!
ماذا إن عاملتني المالكة بفظاظة؟
مابالي مهتمة على أي حال؟
أيا يكن هذا لا يعنيني!
***
ها أنا ذي ممدة متجهمة على الأريكة، أتقلب يمينا ويسارا، يكاد الملل يقضي علي، ضحكت من نفسي ساخرة، منذ بضع سنوات كان أن أختلي بنفسي في سلام أسمى أحلامي وها أنا ذي أجحد هذه النعمة بوقاحة.
أنت تقرأ
نحو الضياء
ChickLitوتلاشى الذنب بعد أن طرق يائسا أجراس الوحى.. إني واقعة في الحب.. ولم أدرك يوما أن الحب سم الضمير والعقل.. فإني لا أبصر الآن سوى نفسي رفقته بقية العمر..