[ إحراج - عرض مغري - الفصل الثامن عشر ]

2.7K 289 376
                                    

تجمعت دموعي في محجري بسرعة الصوت، نبضات قلبي تتسارع، اطرافي ترتجف، يداي الباردتان تتعرقان تحت إيقاع ذلك الصوت الشجي النابض رجولة الذي مالبث أن توقف.

يال العار! لقد بدوت كمهووسة تراقب جارها طيلة هذه الفترة، بعد أن كنت أترقب لقاء هذا الجار علي الآن أن أسعى جاهدة أن لا أريه وجهي أبدا، أو من الممكن أن علي أن أفكر في تغيير السكن، أو حتى الإجهاز عليه ثم اللحاق به!

يا إلهي من أين له أن يعلم الآن أنني فتاة ساذجة قتلتها الوحدة كانت ترجو صداقة جارتها، أن تحضى برفيقة تحتسي معها الشاي وبعض الكعك مساء، أن يناقشا ذلك الفلم وذاك الكتاب معا ولما لاتعلمها العزف؟! كيف له أن يعي أنني كنت أحسبه امرأة حتى؟ يالني من فتاة محدودة الفكر.

-لا شك أنه على يقين أنني مطاردة منحرفة، أو فتاة سيئة كانت تسعى لإغواء جارها بهذه الطريقة الرخيصة!

بعد صراع دام طويلا بيني وبين نفسي، أدركت حينها أن الأمر سينتهي بي إما باقتلاع فروة رأسي ندما أو بمحاولة قتل نفسي وتلفيق التهمة لجاري، ثم قررت أخيرا أن أخلد إلى النوم والعار يكسوني من رأسي إلى أخمض قدمي قبل ارتكاب حماقة أخرى.

مر أسبوع بالفعل على تلك الحادثة، بت أشعر بحركة جاري في الجوار، كما لو كان يود لقائي، كما توقف عن العزف بالغيتار منذ ذلك اليوم، أيعقل أنه فهم إعراضي عنه؟ أفضل أن يفسر ذلك على هذا النحو على أن يحسبني مطاردة مختلة على أي حال...

لكن، بطريقة ما، أشعر أنني أفتقد موسيقاه حقا، ولسبب أجهله؛ صوته أيضا...

حسنا لا شك أنني بدأت أفقد عقلي أخيرا!

حاولت تناسي ماحدث ثم خلدت إلى النوم.

لسبب ما، ولأول مرة استيقظ صباحا والنشاط يملؤني على غير العادة، ارتديت ملابسي الشتوية الدافئة ذات الألوان الهادئة، أسدلت ضفيرتي المرخية على كتفي و غرتي على جبهتي، ثم انطلقت إلى العمل. ما إن خطوت أول خطوة مقبلة على باب الشركة حتى داهمني أحدهم، ليصطدم بي بقوة إلى أن آلمت أنفي جراء الصدمة، حاولت رفع بصري بعيني الدامعتين نحو من اصطدم بي وأنا ممسكة بأنفي بوجه طفولي مضحك.

-أرجو المعذرة.

ما إن وقع نظري على الواقف أمامي حتى أضعت الكلمات! لقد كان نفس الشخص المريض من تلك المرة، ما إن التقت عينانا حتى انصرف على عجل غير معط إياي أي فرصة لتفحص حاله إن كان قد تحسن أم لا، تاركا إياي في فوضى عارمة أحدثت بداخلي دون سبب...

توجهت نحو مكتبي الخاص في قسم التصميم، الذي يعد امتيازا في حقي، إذ أن باقي المصممين يحظون بمكاتب مشتركة، يقسم المكتب الواحد بين اثنين أو ثلاثة منهم، بينما أتمتع بمكتب مجهز واسع خاص بي بفضل الترقية التي حصلت عليها من المدير السابق بعد أن حصدت مجموعتي الأولى أرباحا مهمة مقارنة بموظفة مبتدئة، حتى أنني حصلت على خط بإسمي، وبت أحصل على بعض القطع الحصرية أيضا، مما جعلني أوفر مصروف التسوق بنجاح، حسنا

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن