[ رسالة - الفصل السابع والعشرون]

2.5K 237 370
                                    


تناول القلم بين أنامله ليحدق به مليا..

لم يكن يبدو على مايرام..

أخشى أن يرتكب حماقة ما..

علي التصرف..

حقيقة كونها أمه لايسعني إنكارها..

لكن انتقاءها لكلماتها وتعابير وجهها لا تبشر بخير..

ما إن أمسكت مقبض الباب عازمة على الخروج لوضع حد لهذه المهزلة حتى تعالت ضحكاته بجنون في أرجاء المكان ليجعد كلا الورقتين بقبضته ويلقي بها خلفه كالقمامة تماما..

-تبا للشركة، ولك وللعالم أجمع..

ثم استقام متجها نحو الباب دون الاستعانة بالعصا الطبية مترنحا ليفتحه قائلا بهدوء:

-لا داعي لمكوثك هنا أكثر الآن، أليس كذلك؟

اصطكت أسنانها بغيظ ثم استقامت هي الأخرى متناولة حقيبتها قائلة:

-ستنقضم أصابعك ندما يا ناثانييل! أقسم لك!

قال هازئا :

-ليس بقدر ندمي الآن بسبب استقبالك..

بعثر شعره باستياء قائلا بينما أخذ يعد على أصابعه كطفل غاضب:

-لنرى.. لقد أفسدت علي يومي، مزاجي، صحتي، والأهم..لحظة لاتعوض!

حدقت في وجهه مليا بعينين لو كانت نبالا لتطايرت الأسهم المسممة منها لتقول بهدوء مرغمة:

-سأعود لاحقا آمل أن تكون قد اتخذت قرارا صائبا، وإلا سأضطر لاتخاذ إجراءات قد لا تسرك.

ثم انصرفت ليرضخ الباب خلفها بغضب..

خرجت أدنو نحوه بينما أحمل العصا بتردد..

هذا النييل الذي أراه يبدو مختلفا كل الاختلاف عن الذي أعرفه..

نظراته مفرغة من كل حس..

حدق بي مليا، انتزع العصا من يدي، دنا نحوي قليلا، اصطدم بي ثم قال بجفنين ضيقين:

-تبا!

استدرت نحوه قائلة باستياء:

-لا تصب غضبك على الأبرياء والضعفاء ياهذا!

زفر ساخرا ثم التفت نحوي بينما يفرك جفنه ثم أقبل علي بنظرات كما لو أنه تذكر أمرا للتو:

-أين كنا قبل مجيئها؟ أجل! كنت على وشك تقبيلك..

أخذ يدنو نحوي مبتسما بينما ابتعدت عنه بمسافة كافية لأضمن سلامتي ثم زمجرت محاولة زجر تسارع خفقات قلبي واضطرابي قائلة:

-خطوة أخرى وسألكمك أيها الوغد المنحرف!

ظهرت علامات الاستياء على وجهه بشكل طفولي ليزفر بخيبة:

-فعلا.. هناك فرص لا تأتي سوى مرة في العمر..

هذا الذئب..

ألقى بنفسه على الأريكة بينما أرمق الزجاج المتناثر الذي بات ذرات ضئيلة أشبه بحبات الرمل بقلة حيلة، ثم هممت في كنسه لأقول ممتعضة:

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن