رائحة المسكنات تغمر أنفاسي حد الاختناق..
خطوات الممرضات السريعة وأحاديثهن خارج الحجرة ترن داخل مسامعي..
طرق نييل لسطح مكتب الطبيب بمفاتيحه وزفير أنفاسه المسموع مرارا يبث بداخلي شعورا مريرا بالذنب والخزي أكثر من القلق والتوتر الذي يعتريانه بمفرده بينما أجلس مطمئنة بكل ثبات..
شكل ما سبق جوا أثقل مما تطيقه قدرة تحملي..
كل ما شغلني آنذاك هو قلقي عليه من نتيجة الفحص أكثر من قلقي على نفسي..
لوهلة راودني شعور لا يرجو الإبصار إلا لأجله..
لا أريد أن أكون خيبة جديدة حلت عليه..
لا أريد قراءة نبرة الانكسار في صوته..
لا أريد أن أكون عثرة وعبئا بعد سنين أمضاها في الشقاء..
لا أريد أن أكون سوى مصدر سلام وسكينة لقلبه لكن يبدو أن ذلك قد غدا ضربا من خيال..
انتشلني من فوضى فكري وشعوري صوت نحنحة الطبيب الذي تلاه صوت استوائه على مقعده ثم خاطبني قائلا:
-تفضلي إلى مقعد الفحص لو سمحت.
استقمت استجابة لما قال بعد أن تبعثر إيقاع نبضاتي لوهلة إلى أن سرى الخدر في ركبتاي وراودني شعور بالدوار والوهن ورغبة في الفرار باكية بعيدا بعيدا بعيدا كطفلة تخشى إبرة الطبيب..
استويت على ذلك المقعد بمساعدة ممرضته ثم شرع الطبيب في لف طبقات الضماد الني تغطي عيناي عكس اتجاه ربطها إلى أن كشف عن جفناي المطبقين اللذين تشنجا خوفا من..
أنا لا أعلم حتى..
هل أخشى مواجهة حقيقة المكوث في الظلمة حقا؟
فكل ما يشغلني الآن هو مايجول في خاطر نييل وأي نوع من التعابير تعلو وجهه..
-فلتفتحي عينيك يا آنسة لوان..
ترددت لبرهة، ثم أدركت حينها أنه لا مفر..
أخذ جفناي يرتخيان رويدا رويدا ثم شرعت أفتحهما على مهل..
ما إن قطعت ربع المسافة حتى أعدت إطباقهما على عجل..
لقد كان ذلك مؤلما..
لاسعا بشكل ما..
ومخيفا حقا..
كصرح من الضياء تداعى دفعة واحدة على مقلتاي اللتان ألفتا العتمة لفترة..
أعدت الكرة مرارا وتكرارا لكن لم أتمكن من إحداث سوى شق صغير بالكاد يفصل بين جفني العلوي والسفلي..
سمح لي باستراحة قصيرة دامت بضع دقائق ثم استأنفنا الفحص من جديد إلى أن تمكنت من فتح عيناي أخيرا..
لكنني لا أبصر شيئا..
كل ما أراه هو صورة مضيئة تخلو من تلك الظلال التي كانت تغزو محيط رؤيتي، وهذا أرحم وأهون علي بكثير..
أنت تقرأ
نحو الضياء
ChickLitوتلاشى الذنب بعد أن طرق يائسا أجراس الوحى.. إني واقعة في الحب.. ولم أدرك يوما أن الحب سم الضمير والعقل.. فإني لا أبصر الآن سوى نفسي رفقته بقية العمر..