[ رعب - ألم - الفصل الثالث عشر ]

2.4K 255 83
                                    

ما إن تفوه خالي بكلماته الأخيرة حتى دب الرعب في فؤادي وانتشرت البرودة في كل إنش من جسدي بينما أخذت بضع قطرات عرق تشق طريقها على جلدي البارد محدثة تخديرا في كامل أنسجة جسمي.

هل سينتهي أمري بهذه السهولة؟

لا شك أن العد العكسي قد بدأ بالفعل.

أتساءل إن كنت المعنية بالامر؟ وإن كنت كذلك بأي الطرق سيتم التخلص مني؟ كيف لخالي أن يقدم على إيذائي؟ ثم ما الذي يخفيانه بالضبط؟ ولم يحاولان إخفاء الأمر عني أنا بالذات؟ ومادخلي في كل هذه الفوضى؟

رأسي يكاد ينفجر، أشعر ببرودة مرعبة تكسو جلدي، أشعر بالخوف يسري في دمائي كداء قاتل يعلمني أن نهايتي باتت وشيكة.

لازالت محادثة الإثنين مستمرة، يناقشان أمرا مبهما يصعب علي إمسك طرف الخيط منه، لا شك أنهما متورطان في أكثر من جريمة، فمن يتحدث عن إنهاء حياة شخص ما بكل بساطة ليس إلا قاتلا يرى في إزهاق الأرواح محض مهمة يسيرة عابرة، كدهس خنفساء أو الذهاب في رحلة.

فجأة لجلج صوت ذلك الرجل في المكان محدثا صدى بث في قلبي رعبا سرى في أدق عظامي:

-أنا لن الوث يدي بدمائك، بل سأجعلك تتعفن في السجن أنت وديونك، تذكر أنك مدين لي، وثق أن ذلك التأمين ماهو إلا ثمن لحياتك الرخيصة.

-سيدي...

ألجمت نبرة الضخم المرتفعة ذلك الجبان قائلا:

-فلتحذر، لا تتوقع مني أن أنظف خلفك الفوضى التي تسببها كل مرة! أما عن مسألة ذلك التأمين فإن لم نضمنه عن طريق ابنته سأتصرف بنفسي.

-ماذا عن قرارك بالزواج منها وإرسالها بعيدا سيدي؟

أجاب بصوت أفصح عن ابتسامة ماكرة بجلاء قائلا:

-ليس بعد أن بتنا محطا للشك منها عزيزي جو، أنا لست متفرغا لمجاراة الأطفال.

ما إن أنهى ذو الصوت الخشن إجابته حتى أخذ اليقين مكان الشك مرسلا إياه إلى الجحيم، لقد كانت في قلبي ذرة أمل أطمئن نفسي بها بين الحين والآخر محاولة إقناعها أنني آخر من بإمكانها أن تحظى بعدو لدود في هذه المجرة، فلطالما كنت تلك الفتاة الخفية المسالمة التي تعيش بين الضلال، بل إن آخر عدو امتلكته كانت منافسي أيام الابتدائية، لقد كنت أحسب أن لا أحد سياجريه في مدى حمله أصدق مشاعر الحقد الدفين لي، أعترف أنه حاول أذيتي مرارا عن طريق توزيع غدائي على زملائنا في الفصل، وأخذ دفاتري خفية ليلة الامتحان، وتلقيبي ببعض الأسماء المزعجة، وإلقاء أكثر النظرات برودا وازدراء علي كلما مر بجانبي، بل أنه افسد ثوبي المفضل وقص ظفيرتي الطويلة حتى لكنه لم يقدم على قتلي من قبل! من قال أنني سأكون هدفا يتربص به أحدهم للإجهاز علي يوما؟

بينما كنت عالقة في شرود أجهل كم دام بالضبط، سرت على حين غرة قشعريرة في سائر جسدي حتى أصغر أصابع قدمي، كما صاحبتها نبضات قلبي المتسارعة، كصافرة إنذار تعلمني بنفاذ الوقت ووجوب التصرف، فحتى الآن أنا لم أستوعب كوني المتحدث عنها، بل أنني  شككت في مصداقية مسامعي محاولة تهوين الأمر علي.

نحو الضياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن