لم أتوقف عن التصرف بحماقة منذ قدومها إلى هنا صباحا..
لسبب ما أنا عاجز عن التحكم في نفسي.
حرارتي مرتفعة.
تكاد أوردتي تنفجر..
هذا الجرح اللعين يكاد ينفتح جراء سعالي الحاد.
تسلل إلى مسامعي صوتها الناعم مرتعشا من خلفي معيدا إياي سنينا إلى الوراء..
-نييل..
لا شك أنها هلوسات الحمى..
-نييل..
لكن هذا يبدو واقعيا بجنون..
-نييل..
حسنا هذا كثير ولايعقل!
التفت خلفي لأجدها متسمرة مكانها بوجنتين متوردتين لتدنو نحوي مناولة إياي قرص الدواء..
ابتلعته مبللا جوفي بالماء ثم أرخيت جسدي على الأريكة لألتقط أنفاسي.
لاشك أنني أبدو مثيرا للشفقة..
فتحت عيناي لأجدها محدقة بي بعينين تفيضان لوما واستياء:
-ما الخطب؟
أطالت بي النظر بينما تضع يمناها خلف ظهرها كما لو كانت تخفي شيئا ما.
زفرت بقلة حيلة، استقمت رغم الدوار الذي يشتتني ثم اتجهت نحوها:
-ما الأمر بحق لوان؟!
أفصحت أخيرا عن يدها ليقع بصري على تلك الجديلة التي تحملها بين أناملها الصغيرة.
-إنها لي..
بئسا، هذا ليس الوقت المناسب.
-أعلم ذلك.
-هل كنت تعلم طوال الوقت؟
-أجل.
-ومتى كنت تنوي إخباري؟
-لم أكن أنوي إخبارك.
ارتعشت شفتاها وأخذت الصدمة هالة تحيط بها بينما كانت علامات الغيظ والتكذيب جلية على وجهها الصغير:
-هل تعبث معي؟!
أكاد ألمح الشحنات التي تكهرب الجو بيننا إلا أنني لم أقوى على كبح رغبتي في الضحك رغم جدية الموقف ويبدو أن هذا ما زادها غضبا على غضب..
لكن صدقا..
لاطالما شغلني التفكير في ماهية ردة فعلها إذا ما اكتشفت الأمر..
فكرت في مواجهتها مليا..
لكن قد مضت قرابة العشر سنوات منذ ذلك الوقت.
ماذا إن كنت قد طويت في كتاب النسيان؟
ما الذي يضمن لي تذكرها إياي؟
ألن أبدو كرجل مثير للشفقة يعيش على أطلال ذكرى صبيانية تجاوز عمرها العقد وأكثر؟
هذا ماجعلني أمتنع عن إخبارها..
أنت تقرأ
نحو الضياء
ChickLitوتلاشى الذنب بعد أن طرق يائسا أجراس الوحى.. إني واقعة في الحب.. ولم أدرك يوما أن الحب سم الضمير والعقل.. فإني لا أبصر الآن سوى نفسي رفقته بقية العمر..