الفصل الحادي عشر "الجزء الثاني"

211 7 0
                                    


بدت السقيفة التي يشغرها سيث أعلى المستودع القديم المهجور شمال برونكس: ضيقة رغم مساحتها الشاسعة، معتمة، نتنة الرائحة، وأقرب إلى مهجع جامعي قذر وقد شاعت الفوضى في المكان ذو الجدران المصنوعة من الطوب الأحمر، والنوافذ الطولية مصبوغة الزجاج، وتكدسَّت على طاولة الصالون ـ المُخرَّب كما لو أنه تعرض للسطو ـ زجاجات الجعة والكحول الخاوية وعلب البيتزا والطعام الصيني، بينما تراكمت أطنان من الأواني في مغسل المطبخ، وغابت ملامح أريكة الجلد البنية العريضة والمقاعد الجانبية أسفل أكوام الثياب والملابس الداخلية المبعثرة هنا وهناك، بمحاكاة فعلية لفيلم مراهقين أمريكي منخفض الميزانية.

'أنها زريبة تليق بقاطنيها ومرتاديها الخنازير حقًّا.'

حدث آرون نفسه باشمئزاز شديد بان على ملامحه السمراء متوحشة الوسامة وهو يتنقل بخطىً واسعة، متحاشيًا الدهس على كعب إحدى الأحذية النسائية المقلوبة بقدمه العارية أو الارتطام بزوايا قطع الأثاث.

كان صدره بارز العضل يلمع بقطرات المياه المتساقطة من شعره حالك السواد، حاجبيه الداكنين معقودين بتقطيبة عميقة، وعلامات التركيز بادية بجلاء في عينيه المظلمتين وهو ينصت إلى صوت الوحش المضطرب، الذي ساهم بتشكيل أسوء طباعه المؤذية وأكثرها شرًا، بينما يتذبذب عبر سماعة اللاسلكي الملتصقة بأذنه: 

ـ لقد أتت نتيجة فحص الحمض النووي للعينات التي جمعناها من هنا وهناك. وكما توقعت تمامًا: تلك الشقراء السافلة مجرد منتحلة شخصية ومدعية ولا تمت للطبيب كلارك وزوجته الراحلة بصلة دم حقيقية نهائيًا. 

ـ ربما تكون متبناة، هذا شائع. 

دمدم آرون بعدم اكتراث مفتعل وهو يختطف من بين الأشياء المقرفة المبعثرة على الطاولة علبة سجائر وولاعة ذهبية منقوشة، ليشعل سيجارة ويأخذ منها نفسًا عميقًا.

ـ فكرت بذلك أيضًا، لكنها تمتلك شهادة ميلاد رسمية موثقة، وثمة سجل طبي متكامل يواكب فترة حمل زوجة الطبيب. 

أصّر سيث على فرضياته بعناد رجل حاقد لا يطق وسع الانتقام من المرأة التي دهست على وجهه حرفيًا، وما يزال سبينسر رينولدز يمنعه المساس بها رغم تركها المنظمة لسبب يجهله، وأضاف مفجرًا قنبلته بوجهه:

ـ إضافة إلى ذلك، فقد تذكرت شيئًا هامًا أثناء التحري وجمع المعلومات، المدارس الخاصة الفارهة مثل التي ذهبت إليها ساندرا كلارك تحتفظ عادًة بسجل طبي وعينة دماء لكل طالب درس فيها، واكتشفت عندما سحبت ملفها أن فئة الدم غير متطابقة على الاطلاق، ليبقى السؤال: أين ذهبت ساندرا كلارك الحقيقية؟ 

ـ اتفاقنا يقتضي أن تجيب أنت فقط على اسئلتي واستفساراتي، وألا تسأل. 

زجره آرون ببرود شديد ولم يكن ممَن يفصح عن تفاصيل خططه أمام معاونيه، خاصة إذا كانوا على قدر كافِ من الجنون، وقريبين جدًّا من فقدان السيطرة. فالتزم سيث الصمت، أو ربما لم يسمعه غالبًا أو يركز معه لشدة غرقه في الهيروين وما كان ينصت عادًة إلا لصوت عقله المُخدَّر، وسرعان ما عاود سؤاله بلهفة: 

{سيمفونية الجليد والنار } ـ ج3 أسرار خلف أسوار القصور ـ Noor1984حيث تعيش القصص. اكتشف الآن