يُحذر خبراء الشؤون العاطفية دائمًا من أن ضمير الحُب لا يغفر لاثنين؛ عاشقٌ يحتفظ بكلمات بوحه عن مكابرة كأنما أقسم للصمت نِذر، وآخر مخادع، يبخل بها وهو يجحد ويقسو ويظلم دون امتلاكه أي مُبرر أو عذر.
فأكبر الفجائع بين العشاق هو موت تلك الكلمات التي راحت ضحية حادثة مأساوية على طريق الحب الوعر، حيث لا توجد إشارات دلالية ولا أضواء يستدل فيها المُحبين على متاهات العواطف المتقلبة بين مسافات البعد والسفر. تلك الكلمات التي وثقوا وآمنوا بها، صدقوها، وعاشوا على أملها كما لو أنها تختزل أحلام عُمر، لكن لا أحد عند موتها يعزيهم فيها، لاعتقاد الجميع أنها مجرد وعود بعثرتها رياح التغيير واطفأتها مثل رماد جذوة جمرٍ.
كلمات مهما اختلف شكلها وتشكيل حرفها ألا أنها تبقى تحتفظ بذات المضمون أبد الدهر، كلمات قد تكون 'قتيلة' أرداها رصاص صمت مطبق مثل صمت القبر، 'يتيمة' تخلى عنها عاشقان بعدما وهباها الحياة في لحظة شغف غير مُستقِر، 'مفقودة' ولا أحد يدري من هم أصحابها الذين أطالوا الهجر، ومن الذي وعد بها حبيبًا ونسيها في روحه كوشمٍ بلا حبرٍ، 'مترددة' كأنها جملة هاربة ضيعَّت بداية السطر، 'كاذبة' مات مشنوقًّا بحبل أكاذيبها عُشّاق كُثر، و'قاتلة' عندما ينطقها ثعلب يحترف المكر.
الكلمات التي تشبه المرء وتلك التي تشوهه، التي تكثر من الزخرفة والزينة وتلك الرصينة. الثرثارة، والأخرى المتكتمة المُقيدَّة بالحذر. ثم..تأتي هناك أخيرًا، الكلمات 'الصفعة' التي يستيقظ الحالمون من أوهامهم على وقع دويها لينفضح حينئذٍ ما بطن وما علن من السر.
* * * * *
كانت شقة إريانا الكائنة في وسط المدينة صغيرة وحميمة، لكن رحبة، منعشة، مريحة التأثيث ودافئة الترحاب ذات الوقت، تمامًا مثل صاحبتها، دلالة أنَّ المنازل تكتسب هيئة وروح ساكنيها. ستائر بيضاء شفافة تمنح المكان طابعًا خصوصيًا دون أن تحجب بالكامل أشعة الشمس صباحًا وأضواء العاصمة الحيوية مساءًا، أرائك ومقاعد عصرية الطراز تتسق بشكل مدهش مع الجدران المغطاة بورق حائط باهت والأرضية المكسوة بالخشب الأسمر، وثمة هناك نباتات خضراء ووسائد عديدة مختلفة الأشكال والأحجام ذات ألوان باستيلية هادئة، تتناغم مع ألوان السجادة البيضاوية في غرفة المعيشة اللطيفة.
ما من لون في منتهى الحدة والصراحة أو بريق ذهبي متلألىء يشتت البصر ويرهق العين.
ما من برودة، أو مظاهر ثراء متكلفة إلى حدٍ يثير النفور والقشعريرة.
ولولا تواجد المخلوقة الثلجية غريبة الأطوار؛ كاترينا، مع زوجها الأشد غرابة؛ فالنتين، ومساعدة شخصية لهما تحوم في الأرجاء، لاعتقد سيفرينو أنه يجلس حرفيًّا في أحد منازل الدمى الرائعة، حيث كان ينتظره عشاء واعد، قوطع بزوار المساء المفاجئين وغير المتوقعين.
![](https://img.wattpad.com/cover/253386942-288-k512199.jpg)
أنت تقرأ
{سيمفونية الجليد والنار } ـ ج3 أسرار خلف أسوار القصور ـ Noor1984
Romanceسيمفونية الجليد والنار الجزء الثالث سلسلة اسرار خلف أسوار القصور كتابة وتأليف: Noor 1984 تصميم الغلاف والقالب الداخلي: Gege86 دار نشر منتديات شبكة روايتي الثقافية - قلوب أحلام الغربية https://www.rewity.com/forum/t478760.html روايات غربية بقلم noor1...