الفصل الثاني و الاربعون

684 46 6
                                    


1985*

مرت ٥ شهور من الاحداث السعيده الهادئه التي لم يكشفها احد .. منذ عادت هارون و كل شيء صار طبيعيا مرة اخرى تذهب لفاطمه كل يوم ثم تعود للنوم في غرفتها في القصر كانت سعاده الفتاتين كبيرة بهارون و فاطمه انهما اخيرا اصبحا في علاقه لكن هارون لم تلمس فاطمه حتى الآن فقط بضع قبلات و التي لم تتمكن من الحصول عليها سوى بعد مرور شهور على علاقتهم .. تستطيع النوم لساعتين او ثلاث في احضانها لكن كل ملابسهما عليهم و اما عن فاطمه فلازالت تحارب افكارها التي تتمحور حول تعريه هاله من كل شيء و التأمل في جسدها، بين الشهوه لرؤيه ملامح جسدها و بين الخوف من ان تطلب هاله منها ان تراها هى ايضا يميل الميزان لعدم الرغبه في النهايه ، هى لا تريد ان يلمسها احد و لو كانت تغرق كل يوم في ذلك الشعور الممتع في حضن فتاتها هى لم تتغلب بعد على خوفها
اما عن حوريه و سماء ف آيامهم معا كانت مليئه بالنشوات المتكرره و الليالى البارده التي تركتهم يحتضنون بعضهم بشده في نومهم غرقهم في اللذات و في حب بعضهم البعض تقريبا كل ليلة رغم ذلك لم يخلو صباحهم من المشاحنات على اي شيء ، تسللت حوريه بضع مرات و ذهبت لنور كان لقائهم الاول في مكان قريب من القصر لكنه بعيد عن اعين ساكنيه ارسلت عنوانه حوريه لها و كتبت لها اليوم و الساعه .. جاءت هى مع جمال و ذهبت حوريه مع سماء .. كان لقاء حارا لم تهدأ فيه دموعهما اخبرتها حوريه كل شيء حدث معها عدا ان هارون فتاه ، فقط اخبرتها انه يحب فتاه اخرى لذا اصبحو اصدقاء اخبرتها عن علاقتها بسماء و عن تصرفات امها التي حدثت و والدها مسافر اخبرتها عن كل ما تذكرت و كذلك اخبرتها نور عن موقع بيتها شارحه لها كيف تصل اعطتها نسخه من مفتاح منزلها خشيت ان تسوء الامور في المنزل في اي وقت تحدثت عن مدى طمأنينة حياتها بين احضان جمال اخبرتها انها تحاول ان تحمل لكن لم يكتب الله لها بعد ثم اخبرتها انها اجتازت امتحانات الثانويه بنجاح و هي الان في كليه التجاره تدرس على نفقتها الخاصة من العمل الذى تعمله .. شعرت حوريه بفرحه لم تسعها ان نصفها الاخر بخير تمنت لها الحياه الطويله السعيده تمنت ان تراها مرة اخرى قريبا و قبل وداعهم نادت على سماء .. لتودع نور ايضا ،احتضنتها نور بشده و همست في اذنها ان تحذر من القصر و من فيه و ان تكون خير الصحبه لحوريه ف الشدائد لان ما اكثرها في بيتهم .. طمأنتها سماء و انطلقو عائدين
تكرر لقائهم ٣ مرات متتاليه بينهم بضع اسابيع ثم طالت المده لشهر لكنهم يتراسلون بإستمرار..

🔸اليوم السادس من الشهر ١ عام ١٩٨٥ 
حوريه تجلس في حديقه المنزل في الثالثه عصرا تقرأ في كتاب ما تتأمل الزهور قليلا ثم تعود للحروف امامها
و سماء تعمل في المطبخ هذا الصباح.
جاءت من خلفها فتاه صغيره من الخدم الجدد : سيدتى، سيدي يريدك
ابتسمت حوريه: ألم تحفظى اسمه ام تخافين نطقه.!
نظرت لها الخدمه في توجس ف ابتسمت حوريه و هى تنهض و وضعت يدها على كتف الفتاه : لا تخافي يا صغيره فقط امزح ، اذهبى انت انا سأذهب له
وصلت حوريه لمكتب اباها ، طرقت الباب و انتظرت ان يسمح لها ثم دخلت وقفت امامه : هل اردتنى ؟
حافظ: نعم ، اردت ان آراك ، انا و امك مدعوان لعشاء مع احد الاشخاص المرموقين في عالم الاستيراد و التصدير لكن بيته بعيد يقارب الساعه بالسياره لذا سننطلق قريبا .. أرجو ان تُحسنى التصرف في غيابنا انتى لم تعودى طفله و انا اعتمد عليك لتُبقى هذا المنزل في نظام حتى عودتنا ..
ابتسمت حوريه نصف ابتسامه ساخره لا تعرف من اين يخرج هذا الكلام الجاد و منذ متى هو لا يراها طفله .. هى حقا لا تريد ان تقلل احترامه لكنها تشعر بإستياء عميق منه و من افعاله ..
حوريه : بالطبع ، لا تقلق ، صحبتكما السلامه
حافظ ابتسم : شكرا ، يمكنك الذهاب
خرجت حوريه تتخبط بداخلها الاسئله عن ماحدث للتو
اتجهت للمطبخ تبحث عيناها عن شخص واحد ثم ألقت السلام على ساميه : داده هل يمكنك صنع شيء يهدئ من آلام رأسي
ساميه: بالطبع سيدة حوريه
حوريه اشكرك داده من فضلك ارسليه لغرفتى مع سماء .
بالطبع لم تسقط عينا سماء عن هذا الحديث و فور ما خرجت حوريه ذهبت ناحيه امها: هل السيدة الصغيره ارادت شيء؟
امها: طلبت ان تأخذي لها مشروب لآلام رأسها.
سماء: حسنا لا تشغلى بالك انا اعده
اخذت سماء المشروب و اتجهت للغرفة فتحت الباب لتجد حوريه واقفه في منتصفها تتأمل رسمه البحر الهائج المعلقه على الحائط وضعت المشروب على الطاوله ثم اتجهت لتقف امام حوريه لمست وجهها بأصابعها برفق : ما الامر صغيرتى ؟
مالت حوريه حتى دفنت رأسها بين كتف سماء و رقبتها تنفست و سماء تحرك يدها على ظهر حوريه : لا بأس، انا هنا.
خمس دقائق اخرى حتى هدأ تنفس حوريه و خرجت لتواجه عيني سماء ، ثم قصت لها ما حدث ..
سماء تبتسم: لما كل هذا التشتت ؟
حوريه: لأنه ، لما كل هذا التغيير ؟؟ انتى تعرفين الوضع .. لما يعاملنى فجأه بلطف؟ كأنه اتفق معها على ان يربكا مشاعرى ..
غلفت سماء وجه حوريه بيدها : لا تفعلى، لا تكثري التفكير ، هما ف النهايه والدان ربما رق قلبهما بعدما تأكدا انك لن تهربي ان اصبح لك زوج و انك لن تسئ لهما في شيء
حوريه و هى غير مقتنعه : ربما ، لا بأس.. اذهبى انت و انا سأغفو قليلا ..
قبلتها سماء قبله طويله امتصت فيها رحيق قلبها كله ثم ودعتها لتذهب ..
اخذت حوريه المشروب و اتجهت لسريرها
🔹🔸
في الثامنه مساء انطلق السائق بحافظ و زوجته من بيت المُضيف بعد انتهاء العشاء .. للعودة للمنزل .. كان الليل بلا قمر  نظر حافظ لزوجته : ربما يجب ان نتناقش مرة اخرى في التواصل مع نور ، لقد اشتقت لها .
جليلة: انت تعلم اننى كنت اريد ان يكون زواجها بيننا من ايا كان انت من قررت ان تطردها.
حافظ: اجل اعلم ، سأحاول ..
السائق غالبا لا يهتم و يفضل الا يسمع الاحاديث لذا كان يركز على الطريق يزيد من سرعته عله يذهب باكرا لأولاده الليلة كان يتذكر أبتسامتهم و في اللحظه التاليه رأى قط يركض أمام السياره قاطعا الطريق انتفض قلبه حاول ان يتفاداه  لكن سياره اخرى مسرعه باغتته من جانب الطريق فقد تمالكه للسياره التي هوت رأسا على عقب في الحقل بجانب الطريق .. لحظات من الهدوء بين الثلاثه .. لا حركه لا صوت حتى توقفت سياراتان مارتان اثر المشهد حاولو تفقد السائق و الركاب لكن ابواب السياره كانت لا تفتح .. انطلقت احدى السيارتان ليأتى بالنجده و ظل الأخر يحاول حتى فتح باب السائق و أخرجه و عاد يحاول مع الركاب .. كانت الدماء مرعبه اثر تهشم الزجاج و جروح المصابين التي تنزف لكن ما لم يره الرجل ان قطعه من الزجاج اخترقت رقبه حافظ مما تسبب في موته في دقائق و أن أرتطام رأس جليلة اثر الانقلاب و السقوط تسبب لها في نزيف داخلى و غيبوبه ..
و كذلك السائق ..
بعد نصف ساعه وصلت النجده لترى الرجل الذى انقذهم جالس في ذهول يوحد الله و يقرأ بضع آيات القرآن ثم نظرو للسيدة و الرجل النائمان على الارض .. و الرجل الذى روت دمائه الارض الزراعيه و هو بداخل السياره رأس على عقب ..
ثلاث سيارات اسعاف انطلقو لنجده الاثنين و لإيصال الجثه للمشفى .. في هذه الاوقات عرفت النجده من اوراقهم الشخصيه عنوانهم و انطلقت تبلغ الامر للأسر
..
في التاسعه
تدلف هارون من باب القصر ليوقفها نداء من خلفه : اذا سمحت يا سيد
التفتت ، : هل هذا بيت حافظ باشا داوود؟
هارون: نعم ، كيف اساعدك؟
الظابط: هل انت ابنه؟
هارون: زوج ابنته! هل حدث شيء؟
الضابط: يؤسفنى ابلاغك انه قد اصابه حادث سياره و توفي إثره على الفور و السيدة و السائق في حاله حرجه في مشفى*** انا اسف لك
هارون لم تجد الكلمات المناسبه للرد على هذا الخبر ثم لم تجد في نفسها المشاعر التي يفترض ان تطلقها هل تصرخ هل تركض هى لا تعلم ،
هارون: سأتواصل مع ابنائه و سنذهب للمشفى حالا استأذنك ، ركضت هارون لغرفتها فتحت الباب دون طرق حوريه نائمه في احضان سماء ، التي فزعت من صوت فتح الباب سماء: هارون!! ما الامر؟؟
هارون: لقد ، اصاب والديها حادث ، حافظ توفي ..
شعرت سماء ان الارض تدور بها ، الهى ما الذى تقولينه هارون؟؟
سماء : ماذا؟؟
هارون مثلما سمعتى ، ايقظيها ، انا سأذهب لسليمان و صالح و ثم للمشفى والدتها حالتها خطره ، هذا اسم المشفى حاولى الذهاب معها ..
خرجت هارون تهرول للشارع تاركتا سماء يتخبط صدرها بشده و دموعها تتساقط: حوريه ، حوريه استيقظي ، حوريه ' تهز جسدها ' حوريه ارجوك استيقظى
فتحت حوريه عينيها ببطيء : اممم
سماء تبكى : حوريه، والداك لقد وقع لهما حادث في الطريق
انتفضت حوريه من مكانها تنظر لسماء الباكيه بصمت ، سماء: لقد توفي والدك و والدتك حالتها حرجه دعينا نذهب هيا
لم تفهم حوريه .. كانت جالسه تنظر لسماء و هى تبدل ملابسها و لا تفهم .. كيف ؟ هل مات حافظ؟ هل مات من تمنت موته ؟ هل ما تشعره هو انكسار قلبها .. هل هذا حزن؟ ما هذه الغصه اللعينه التي في حلقها ، هل هذه دموع؟ هل ستموت امى؟ لقد مات ابي! ابي ، لما لم تناديه ابي من قبل؟..
لقد سقطت في بئر من الافكار و سماء تخرجها من ملابسها و تجعلها ترتدى ملابس سوداء و تُعدل من وقوفها و هى تتأرجح كغصن ذابل .. انتهت سماء  ثم وقفت امامها : حوريه ، اسمعيني ، انا لا اعرف ماذا سأقول اذا سألنى احد اخوتك ما الذى افعله معك لذا هذه اوامر هارون حتى لا اتركك وحدك  ضربات خفيفه على وجهها: ارجوك افيقي لما يحدث ارجوك ..

سحبتها سماء من يدها و اخذت المال من الدرج المخصص له و انطلقت بها في سياره اجره للمشفى ..
في هذه الاوقات كان هارون وصل لسليمان الذى لم يستوعب كلماته كلها سوى انه يجب الذهاب حالا .. امام بيت صالح كان الغضب عارما في وجهه كان يصرخ في سليمان و في هارون يسب السائق و صاحب العشاء ، من كان يظن ان صالح له قلب سيحزن ؟
في النهايه وصلو جميعا في نفس الوقت و كعرض سينمائى دخلو جميعا من باب المشفى يسألون عن امهم و عن اباهم ..

جائهم طبيب ليشرح لهم ما يحدث لقد تم تأكيد وفاه والدهم اثر اختراق قطعه زجاج لشريان رئيسي في رقبته ف نزف حتى الوفاه و هو الآن في مكان المخصص للموتى في المشفى الطبيب:  يرجى من احد ان ينهى الأوراق لتستطيعوا استلام الجثمان ، اما بخصوص والدتكم و السائق هما لازالا في غرف العمليات لكن حاله والدتكم سيئه كثيرا ادعو لها  ..
جلست حوريه بعدما انتهى الطبيب من الحديث و هي تشعر بدوار شديد و معدتها تؤلمها بشده حتى ركضت خارج المشفى و بدأت في التقيؤ و بالطبع كانت سماء معها تجرى خلفها تمسك بشعرها تمسح فمها تربط على ظهرها و هي لا تتوقف عن البكاء
قرر صالح ان يذهب هو و سليمان لإنهاء الاوراق الخاصة بوالديهم و قالو لهارون ان يذهب لحوريه و ان لا داعى لوجود الخادمه معها
هارون: انا ارى انها ستنفعنا اذا اردنا شيء او اذا ظلت حوريه تشعر بالمرض انا لن استطيع فعل شيء الخادمه ستتمكن من خدمتها افضل ..
لم يقتنع صالح تماما لكن قلبه كان ملئ بالآلم فلم يعذبه بالنقاش غادر صامتا
خرج هارون للفتاتان
هارون: حوريه ، انتى بخير !
حوريه تنظر له بصمت
هارون : لا بأس صديقتي ، لا بأس ثم اقتربت و احتضنتها ، و سماء واقفه فقط تبكي ..
هارون خرجت من الاحتضان : تعالى لتجلسي الجو بارد
لم تتحرك حوريه كأن قدماها تيبسا
هارون: لا تريدين الدخول ؟
لا رد
سماء: دعنا نبقى هنا قليلا  هل ذهب اخوتها ؟
هارون : نعم ذهبو لانهاء الاوراق
سماء : حسنا ، نحن يجب ان نخبر نور و ان نوصل الامر للقصر ليبدأو في ترتيب البيت للعزاء اذا كان اخواتها سيقيمون واحدا، لكن دعنا نطمئن اولا على جليلة هانم .. حسنا ؟
هارون :، اجل سأجلس انا انتظر الطبيب
كانت حوريه تستمع لهما و حينما ذكرت سماء اختها زادت آلامها ، انها حقا تحتاج لها الآن اكثر من اى شيء ،
حالما انتهو من الحديث تحدثت حوريه: لنذهب لنور ..
هارون : ليس الآن اخواتك سيفقدون اعصابهم عليك و بالأخص صالح..
حوريه لم ترد هى تعرف هذا لكن انه والدها ايضا !
حوريه: لا اهتم ، سأذهب لنور
هارون : دعيني اخبرهم و آتى معك ، حسنا ؟
صمتت حوريه
دخل هارون ليبحث عنهما : هل انتهيتما ؟
سليمان: سنحتاج لنذهب للبنك صباحا لنأتى بالمال لأمى و اوراق الاستلام ستخرج صباحا ايضا ، هل خرج الطبيب؟
هارون : لا اعرف لقد كنت بالخارج مع حوريه ، و انها .. تريد ان تذهب و تأتى بأختها ..
انتفض صالح : لن يحدث انها لا تنتمى لنا لقد خانتنا تلك الغبيه حوريه انها طفله هل لها ان تقول من يأتى و من يذهب ثم دفع الأثنان من امامه خارجاً لحوريه حاول هارون ان يُهدأ من غضبه لكنه اندفع ناحيه الباب فتحه بقوه و هى تراه تكاد عروق وجهه ان تخرج و لم تتحرك
ثم وقف امامها تماما: هل جننت هل تريدين الاتيان بتلك الخائنه انها لم تعد اختا لنا لقد تركت البيت بملئ ارادتها تلك الغبيه لم تعد الطفله المدللة لقد اختارت هذا
حوريه بصوت منخفض : هل انتهيت؟ سأذهب لأتى بها .. لقد مات والدها ، و ايضا مات من منعاها عن عائلتها هل ستمنعها انت ايضا؟ من رؤيه والدها مرة اخيره قبل ان تبتلعه الارض؟ هل توقن ان امها ستيتيقظ مرة اخرى هل انت ستعطيها فرصه اذا ارادت ان تعود يوما لهما و لم تجدهما .. هل انت تتحمل إرث ابيك من الكره و الزجر و الامتناع ام ستكون اخ ذا قيمه ، انا لا اطلب منك ان تأخذها في احضانك انه حقها هى لن ترث معك لا تقلق ..
صالح: انتى طفله انت لا تفهمين هى من ابتعدت
حوريه : سأخبرها و دعها هى تقرر اذا لم ترد ان تأتى فستكون محق ، الا تريد ان تكون محق صالح؟
صالح: منذ متى و انت تعرفين مسكنها هل تتحدثون؟
حوريه: نتراسل ، اتركنى اذهب لها صالح فوالدى مات و انا احتاج اختى ..
صمت صالح .. هنا شعر بأسف على حالها .. دخل للمشفى دون ان يتحدث اكثر من هذا 
نظره حوريه لهارون: استأتى ام تبقى؟
هارون: سآتي، اشرحي لي مكان بيتها
حاولت حوريه ان تصفه كما قالت لها نور تماما تذكرت اسم الحي و اسم المنطقه و كل شيء حتى تذكرت اسم صاحب المقهى الذى ستسأله ان يشير لها على بيت جمال ..
لحسن حظها ان هارون قد مر على كل تلك الاماكن لأجل العمل و السكن منذ كان صغيرا يعرف كيف يكون الوضع بها .. استقلوا سياره اجره و هارون اصبح هو القائد من بداية الرحلة .. وصلوا لتلك القهوه وقفت حوريه و سماء امامها و دخل هارون: اذا سمحتم يا رجال ، من هو السيد جمعه مالك القهوة من بينكم ..
قام رجل كهل يجاوز الستين عاما : انه انا يا بنى ، بماذا اساعدك؟
هارون : اذا سمحت لنتحدث بالخارج..
خرجوا سويا و رأى المرآتان امامه و عاد و نظر لهارون: انتم لستم من هنا فبماذا اخدمكم؟
هارون: نحن هنا لزياره جمال ، جمال على ..
جمعه: اهاا جمال انتيكه ، نعم نعم أأبعث له احد الصبيه ام تريدون الذهاب له؟
هارون: نريد الذهاب له اذا تكرمت
ابتسم جمعه ثم نادى احد الصبيه : خذ الرجل و حريمه لمنزل جمال انتيكه
شرع الفتى يركض امامهم تاره ثم ينظر خلفه ليتأكد انهم يتبعوه .. صعد احد العمارات ثم دق على الباب و هو يتكلم بصوت عالى : عم جمال، هناك اشخاص يبحثون عنك.
ثم ركض لينزل الدرج تاركا هارون في وجه الباب و خلفه حوريه و سماء
فتح جمال لهارون دون ان يرى خلفه: من انت ؟
لتظهر حوريه من الخلف : انا ، جمال..
جمال: حوريه؟ ما الذى اتى بك في هذا الوقت ؟ انتى بخير؟
حوريه: اين نور؟
جمال : في الغرفة ، ادخلو سأخبرها انكم هنا
دخلو تتأمل حوريه البيت ، تشم رائحته و قبل ان تجلس خرجت نور شبه نائمه لا ترتدى ملابسها بشكل صحيح : حوريه ، ما الامر هل آذاكِ احد ؟
بكت حوريه ، فور ان رأت نور شعرت انها تستطيع البكاء .. الآن اكتملت، الآن ستبكى بكل قلبها بكت و هي تحتضن نور بكت و شهقت و نور تشد على احتضانها : فقط اخبريني ما حدث ، كل شيء سيكون بخير .
لم تتمالك كلمتها : لا نور، ليس هذه المرة ، ليس هذه المرة
نظرت نور لسماء و هارون : ليخبرني احدكم ما الامر !
هارون : والدك ، لقد توفي في حادث سياره و والدتك في العمليات حالتها خطره ..
لم تستطع نور استيعاب الامر كله كانت تشعر بضعف في قدميها كأن العالم كله سقط على قلبها شدت على اختها و بدأت دموعها تتساقط و صوتها به غصه : انا هنا حوريه، انا هنا..
حوريه تبكى : مات نور ، لقد مات ، انا لا افهم لقد اردت موته لما فعله بنا لما انا اتألم هكذا لما كل هذا البكاء ! عيناى خذلانى ، قلبي خذلنى .. ابانا مات نور ..
نور كانت تبكي بشده الآن تبكى دون توقف و اصبحت حوريه هي من يتمسك بها
كان جميع من بالغرفة يبكى حتى جمال خانته دموعه ايضا
لم تتوقع الفتاتان ان بعد كل هذا الجفاء و المعاناه و الاصوات المرتفعه انهما سيتألمان لرحيل والدهما كل هذا الآلم يتسألان عن كل توقعاتهم عن رحيل امهما ايضا هل سترحل؟ هل ستتركهما كبيرتان  كما تركتهما صغيرتان .. .. كانت دموعهما لا تجف و اصوات بكائهما جعلت من حولهما يشاركهما الألم .. انه الموت حتى و إن تيقنا اننا لن نتألم له يباغت قلوبنا بآلام لا حصر لها ..

» الآن ال١١ مساء امام باب المشفى ، جمال و هارون و سماء و حوريه و نور العيون
حوريه نظرت لهم : سندخل انا و نور .. سأسأل على امى  و اذا لم يسلما عليها سأتى بها مرة اخرى للخارج ..
لم يعترض احد
تنفست حوريه كأنما تستعد للحرب .. سحبت يد نور و دخلو سويا من باب المشفى
امام غرفة العمليات لم تجد احدا ، مر امامها طبيب : اذا سمحت، هل تعرف ما حدث للمريضه التي كانت بغرفة العمليات هذه ؟
الطبيب: لا لكن يبدو ان العمليه انتهت اسألى في الاستقبال على غرفتها ..
ذهبو معا الى الاستقبال سألت حوريه فاخبروها انها في قسم العنايه المركزه ذهبو مثلما اشاروا وجدت اخواها جالسين على اعتاب القسم
حوريه : مرحبا ، ماذا حدث؟
نظر صالح و سليمان للفتاتان ، صالح ادار وجهه سريعا عن عيني نور و التزم الصمت اما سليمان فكان يتأمل عيني نور كم اشتاق لها قام من كرسيه و اخذ نور في احضانه لتبدأ نور في البكاء مرة اخرى في موقف سيده الصمت و البكاء وقفت حوريه تنظر لصالح ترى في عينيه الدموع لكنها لا تتحرك .. كيف يمكنه ان يشبه والدها في قوته و صلابته هكذا ..
هدأت نور قليلا تركها سليمان لتشعر بلسعات البرد بعد دفيء احضانه
سليمان : الطبيب قال انهم فعلو كل ما بوسعهم لكن الحاله صعبه نتيجه النزيف الداخلى الذي حدث و قد تضرر المخ كثيرا هي الآن بين يداي الله فأدعو لها ..
نور: آلا يمكننا رؤيتها؟
سليمان : لا لقد رفضو ..
نور: اريد ان ارى ابي مرة اخيره
هنا نظر لها صالح كمن يقول الآن تذكرتى بعدما انتهى كل شيء!
نظرت نور لعيني صالح تتبادل معه النظرات ، ثم نظرت لسليمان : ارجوك سليمان
سليمان : هل ستأتى حوريه ؟
حوريه : لا.. سأبقى..
جلست بجوار صالح و ذهب سليمان و نور
حوريه: لا بأس صالح يمكنك البكاء هذه المرة لا يموت اباك كل يوم..
نظر صالح لها: و لما بكيت انت الم ترغبي في موته كل يوم..
حوريه: و رغم ذلك بكيت .. فأعتقد انك بكل حبك له سترغب في البكاء..
صالح ادار وجهه : لا تتدخلى في مشاعرى الم تأتى بها لتكون معك اذهبى لها دعيني و شأنى
فتحت حوريه زراعيها و احتنضت جانب صالح و شدت عليه : البقاء لله اخى ربي يسكنه جنته انشاء الله
في غفله منه سقطت دمعه فاره من عينيه فأغلقهما سريعا و مسحهما ..
خرجت ممرضه  من ممر العنايه تهرول في هدوء حتى وصلت لغرفة طبيب المسؤل عاد معها تسبق خطواته خطواتها ثم اختفو
..
عاد سليمان و نور و هى تبكى بشده لتقوم حوريه لتحتضنها و تهدئ من روعها ..
في هذه اللحظه خرج الطبيب الذى كان يهرول منذ دقائق
نظر لسليمان و صالح : هل انتم مع جليلة مراد
سليمان : هل هى بخير؟
الطبيب: البقاء لله لقد توفيت حالا انا اسف لقد بذلنا ما بوسعنا
كانت الصدمه على وجوههم تمنعهم حتى  من الانهيار ..
٥ دقائق ينظرون فيها للخلاء حتى تكلمت حوريه: دعنا ندخل لها ايها الطبيب ..
اوصلهم الطبيب للغرفة و تركهم
اقتربت حوريه اولا مسحت على وجهها الهي كم هي بارده .. قبلت جبينها ثم همست في اذنها .. و عادت لتقف بعيدا
كذلك فعلت نور و صالح وسليمان .. ثم وقفو اربعتهم امام امهم يقرأون الفاتحه و يدعون لها و لوالدهم ببكاء غزير لا يتوقف حتى صالح قد بكى قلبه في هذه الدقائق ..
في ال١ صباحا انتهى كل شيء خرجوا من المشفى في حاله اعياء كامل ابتعد صالح عن الجميع .. وقف سليمان و بلغ هارون ما حدث ثم اخذ صالح و اشارو لسياره اجره و انطلقو لمنزل صالح
عاد هارون للبقيه اخبر سماء و جمال بينما يحتضن كل منهم حبيبته ..
شعرت سماء باعتصار قلبها من كثره الألم ..
هارون : سنذهب جميعا للقصر سليمان و صالح سيذهبون لبيوتهم اولا حتى يأتو بأهلهم ايضا للقصر هناك سيقيمون العزاء
جمال : لكن .. نحن..
هارون : سليمان قال ان نور ستأتى ، انت ايضا يجب ان تكون معها ستبيتون في غرفة حوريه و نور القديمه لا بأس ..
استقلو جميعا سياره اجره للمنزل
دخل هارون يتبعه جمال تستند عليه نور ثم سماء تستند عليها حوريه قابلهم الحرس فأخبرهم هارون بالخبر ثم دخلو للمنزل قابلتهم صفيه و كل ملامحها ترتعد ليخبرها هارون هي ايضا ف تبدأ في البكاء و هي تنظر لنور و حوريه في آلم تتمنى لو ادركو كم احبتهم والدتهم
دخلت صفيه و ايقظت كل الخدم لتطلعهم علي الخبر و ليبدأو في تجهيز القصر لاستقبال المعزيين
دخلت حوريه و سماء الغرفة اولا و هارون واصل التقدم مع جمال ليوصلهم لغرفتهم دخلوا الغرفة ألقت نور نفسها على سريرها و بكت مرة اخرى
هارون: سأخبر احدى الخادمات لتحضر لكم بعض الطعام
جمال: لا بأس لا اعتقد انها تريد ان تأكل الآن ..
عاد هارون للغرفة لازالت الفتاتان في الحمام
جلس يلتقط انفاسه و يقول لنفسه: ها قد اتى اليوم الذي حضرك له حافظ يا هارون فلا تستسلم فقط اتبع تعليماته ..
» في الحمام
سماء اجلست حوريه على الكرسي ثم اخذت نفسا عميقا و مسحت دموعها تماما و بدأت في الاعتناء بطفلتها لقد خسرت للتو والديها و لم تنطق منذ ذلك الوقت ..
بدأت تخرجها من ملابسه و حوريه كدميه لا تعي و ليس لها اي رد فعل لقد انهكها الحزن و ان غضبت منهما طوال الوقت لم تتخيل انها ستفقدهما معا ..
ساعدتها سماء على الوقوف و الجلوس على كرسي اخر اسفل الماء المنهال .. شهقة حوريه فور ملامسه الماء لها كمن رجعت الدماء تجرى في عروقه .. و الدموع تجرى في مقلتيه ..
لم تعلق سماء تركتها تبكى و هى تغسل لها شعرها و جسدها لم تأخذ الكثير من الوقت جعلتها ترتدى رداء الحمام و اجلستها مرة اخرى لتجفف لها شعرها و تمشطه لها ثم خرجوا و لم تغير لها ردائها انامتها على السرير و فرشت عليها الغطاء
ذهبت لهارون و جلست بجواره : ما الذى سيحدث الان؟
هارون: لا تقلقى انا هنا لقد اخذنى حافظ للسفر لأجل هذا اليوم لذا مهما طالت المده التي سيلزمون فيها الصمت عن الميراث سيتكلمون في النهايه و سأكون هنا لأجل هذه اللحظه ..
في هذه اللحظه شعرت سماء بالعجز و بالراحه و بالاطمئنان ..بالعجز لأنها لم تكن لتسطتيع فعل ما تفعله هارون و بالاطمئنان و الراحه ان هارون هنا ..
احتضنت هارون فجأه : شكرا لكِ عزيزتى ، شكرا لك على كل شيء ..
ربطت هارون على ظهرها : لا انا من يتوجب عليه الشكر لله لأنه رزقنى بكما يا سماء .. هيا استحمى انت ايضا و اذهبي للنوم ثم سأفعل انا ايضا هي ساعات قليلة قبل بدايه يوم شاق..
قامت سماء بالفعل انهت استحمامها و نامت بالقرب من حوريه بينما هى تتلمس كتفها شعرت بأنها ترتعش فهمست : حوريه ، انت مستيقظه ؟ هل انتى بخير؟
لم ترد حوريه هي فقط استدارت و دخلت في احضان سماء تتنفس في رقبتها  و عينها تسيل منها الدموع على صدر سماء .. و فقط سماء شددت على حضنها حتى شعرت بإنتظام تنفسها قليلا .. ليغمرهما التعب و النوم ..و ينتهى هنا فصل كبير من حياتهما ليبدأ غدا فصل جديد احداثه مبهمة لكلتاهما

مقهى ضوء القمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن