الليل منسدل ،هواء خفيف يعبر المكان، السرير يحتل الجانب الايمن من الغرفه و الاريكة الزرقاء امامه
على الجانب الايسر مكتب صغير خشبي و تتموضع فوقه شاشه التلفاز المُهملة في اغلب الوقت ، ذلك لانني بِت افضل استخدام هاتفي مُؤخرا ، بجواره توجد مرآة متوسطه الحجم مع ارفف خشبيه تحمل فوقها بعض الكريمات و مستحضرات التجميل
و على الجدار الذي يربط بينهما تستند خزانة الملابس الخشبيه، و من ثم النافذه متوسطة الحجم و هي مُتعتي الوحيده مؤخراً ومن ثم الباب في الطرف المقابل و بعض من الارفف التي تحتوي على بعض الكتب و الزينهاقف في وسط الغرفة و افكر ، بما انني امتلك الكثير من الوقت الفائض ، هل يجب علي اعادة ترتيب الغرفة ؟
لانه و كما تقول والدتي دومًا لإبقاء العقل منشغل يجب علي ابقاء اليد منشغله كذلك
"هل انتِ بخير ؟"
يسألني ارثر من الجانب الاخر ، بعد ان تكرر الامر لم اعد أجده مزعجاً او غريب ، أصبحنا نناقش في كثير من الاوقات بعض الاحاديث العشوائيه ، اجدها مواضيع ممتعه و ذات معنى لكنني غير متأكده ان كان ارثر يهتم حقًا و يستمتع بها ام انه يجد ان خوض حديث مع فتاة مراهقه ذات تقلبات مزاجية حاده، ممل و باعث على الكآبه؟ او ربما يفعل ذلك فقط لإمضاء الوقتلقد احببت الاستماع دومًا الى حديث الاخرين و معرفة تجاربهم الشخصية في الحياة، لم اكن اشارك رأيي كثيرا لكن ارثر في كثير من الاحيان يطلب الاستماع إلى وجهة نظري.
في الامس سألني عن رأيي في التاريخ البشري و في الاسبوع الماضي كنا نتحدث عن الموناليزااخبرته ان البشر مُغيبين بسبب السلطة والقوة وان التاريخ يعيد نفسه باستمرار بينما يختلف الاشخاص و الاماكن ، و اما عن الموناليزا فإنني لا ابه بجمالها ولا دقتها. انني احب الفن الذي يجعلني أشعر بشيء جديد و هذه اللوحة لا تجعلني اشعر بأي شيء مطلقًا
أجبت اخيرا بعد شرودي "لا اعلم ، ماذا عنك هل انت بخير ؟"
تنهد و حقيقةً لم اتوقع ان دفة الحديث اليوم ستتوجه اليه لكنه بدأ قائلاً
"لم أفكر في يوم من الايام انني ساكون في هذا الموقف الغريب قال ثم توقف للحظه و اكمل ، "هل تتذكرين عندما اخبرتك انني اشتريت هذه اللوحة بكل ثروتي ؟" اشار الى اللوحة برأسه و حركت رأسي كعلامه على الايجاب دون ان انظر إليها، اكمل قائلا
"لم اعد امتلك ما يكفي من المال مؤخراً، اتذكر جيدا انني عندما ابتعهتا ، غمرتني النشوة ولسعات من الدفئ كان يبقيني على قيد الحياة حتى في الايام الاكثر بروده، اخبرت نفسي حينها انه لم يعد من المهم الادخار و انني سأعيش على راتبي الشهري بشكل مباشر، حسنًا كان ذلك قبل سنه كامله من الان "
قلت كمحاولة للتخفيف عنه " لم يكن احدنا مستعد لما حدث ، اقصد لم نتخيل يومًا اننا قد نُجبر على البقاء في منازلنا بدون الخروج او العمل او انه يجب علينا ادخار المال من اجل كارثه كهذه "
" ما تقولينه صحيح بالفعل لكن مشكلتي اليوم ليست المال، المال مهم و لكن ليس اكثر مما انا عليه .....اجدني افكر باستمرار بأهمية هذه اللوحة، هل هي مهمه حقًا ام انني تمسكت بمشاعر و ذكريات لم تعد ملكي الان!"
"عندما احدق فيها مؤخرا لا تنتابني ذات المشاعر التي انتابتني قبل سنوات، لا الحب و لا الحنين ولا لسعات الشوق او الدفئ "
"لقد ظننت دومًا انني في تطور مستمر ، مشاعري و افكاري و عمري لكنني اكتشفت اليوم انني ظللت عالق لفترة طويلة في منطقه اصبحت خاليه من البشر. منطقة زرقاء توقفت الدقائق فيها "
"هذه اللوحة اصبحت كأي لوحة اخرى مُهمتها الوحيده هي احتلال و تزين الحائط " انهى حديثه اخيراً ثم انصرف
و بدى ذلك لي كإعلان بالانهزام اكثر منه بتصريح عابر
أنت تقرأ
Next to you
Teen Fictionعرض عليّ جاك التوصيلة، في طريق العودة كان الصمت يعم الأرجاء بينما كانت سيلينا تغني برفقة تشارلي "لم نعد نتحدث بعد الآن... كما كنا نفعل سابقاً " هذهِ رواية من كتابتي تستند قصتها على أحداث واقعيه مع القليل من الإضافات الخياليه، اتمنى أن تنال إعجابكم ...