طريق عودة

11.1K 872 62
                                    

كانت شمس الظهيرة قد أطلت بجبروتها على القرية النائية التي هجرها من تبقى من أهلها، كل ما تبقى هو الرماد و رائحة الجثث المحترقة!
وقف آلان مع فرسه بقلق و هو ينظر لكل هذا بإنزعاج! لم تكن هذه القرية الأولى التي يزورها فقد تعدى مرحلة الصدمة و لكن لم يستطع أن يتجاوز الإنزعاج و التقزز و الغضب الذي أصابه! شعر بالغضب من كل شئ اولاً من نفسه، شعر أنه ظالم له يد في كل هذا، فقد جلس كل حياته في برجه العاجي يحلم بأحلام طفولية و نسي واجباته التي ولد معها!!
استطاع ان يلمح بعض الفلاحيين الناجيين الذي نزحوا بكل يأس للمدن في جماعات و التي تعد صعبة العيش بالنسبة لهم!، أطل آلان في وجوههم كانت صدمته كبيرة، وجد في وجوههم الموت، اليأس، الفقد، الجوع، الضعف، بقايا رماد، و الكثير من الحروق و التشوهات!
كان يحاول تجاوز كل هذه الصدمات و لكن لم يخبره أحد ان رحلته هذه ستكون بهذه القسوة!!
وقف أسفل تلك الشمس يتمتم الصلوات على أرواح الجثث المتفحمة، و هو يفكر بالدور الذي لعبه دون ان يدرك في هذه المذابح!! كان يريد ان يواجه والده! و لكن لا يدري سيتفق معه هل سيستمع منه!؟ ربما يجب ان يعقد هدنة مع والده و يعقله! ربما يستمع منه!!

نظرت آرتميسيا للكتاب الذي بين يديها لاحظت انه بلا فائدة لم تكمل قراءته اساساً! فقد لاحظت انه لم يكن كتاباً دينياً كما تخيلت انما كتاباً فلسفياً و قررت إعادته للمكتبة.
" آنسة روسنتر"
التفت آرتميسيا لمصدر الصوت
"من الغريب رؤيتكِ هنا " قال ألكسي بلطف
" انها هواية جديدة" قالت ببرود
"هل تعرفين أين آلان!؟" سأل بسرعة
" اوه انه يتجول في الحديقة ألم تصادفه!؟" أجابته و هي تحاول إخفاء كذبتها
"لماذا لستِ معه هذا غريب!؟"سألها بشك
" ليس في مزاج حسن طلبت منه ان يسترخي قليلاً مع نفسه" قالت بسرعة
"اوه لا زال متأثراً من وفاة والدته" قال ألكسي بشفقة
تنهدت آرتميسيا براحة لأن خدعتها انطلت عليه

فجأة دخل مجموعة حراس للمكتبة بأسلحتهم العملاقة و صرخ قائد الحرس بحزم:" آنسة روسنتر هل يمكنكي أن تأتي معنا!؟"
نظرت لهم آرتميسيا ببرود و بإستغراب و أجابت بهدوء لا يتناسب مع الموقف:" ما هو الموضوع!؟"
"تفهمين حينما تأتين معنا أرجوكِ لا تقاومي" قال القائد بحزم
تقدمت إليهم وجدتهم متأهبين يشهرون أسلحتهم في وجهها بإستعداد
"ما هذا أيها القائد هل هكذا تعاملون سيدة نبيلة!؟" قالت بغضب
"أرجوكِ سلمي سلاحكِ" قال بسرعة
كان الجميع ينظر لهذه المسرحية الغريبة! يتم القبض على أحد النبلاء في وضح النهار هكذا!؟ و فوق كل هذا امرأة و الأدهى من كل شئ تنتمي لعائلة روسنتر!!
لم تفهم آرتميسيا نفسها ما يجري تحديداً!! لماذا يتم القبض عليها الآن!؟ كانت تحاول ان تتذكر آخر حماقة ارتكبتها و لكن لا شئ ! كانت تحت تأثير الصدمة تماماً!! ان لم تظهرها، فقد استطاعت ببراعة ان تحتفظ بهدوئها.

"ان هذه فضيحة" صرخ الجد و الذي جلس في عربته بغضب و أكمل:" الليلة سأقتل هذه الفتاة بيدي لقد لوثت اسم عائلة روسنتر!"
بقيت والدة آرتميسيا تمسح دموعها بقلق و هلع و هي لا تفهم ما يجري كل ما فهمته انه تم القبض على ابنتها ذات ال١٩ عاماً في وضح النهار
"توقفي عن البكاء" صرخ فيها الكهل بغضب و أضاف:" لا تستحق حتى الشفقة طفلة غبية غير نافعة"

قربانٌ للأميرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن