تعالت ضحكات سيدات المجتمع الراقي في تلك الظهيرة المسالمة، و رافق ذاك السلام السائد هبات نسيم لطيفة هبت على حديقة القصر لتنشر في النفوس راحة لا متناهية.
وقف الأمير الشاب بجاذبيته المعتادة بالرغم من عدم وسامته ، اجتمع حوله الناس و راح يحادث هذا و يمازح ذاك بمرح، كل من يراه يظنه أسعد البشر فهو سيتزوج قريباً من فتاة أقل ما يقال عنها فاتنة، يحسده عليها الكثيريين.
فقد كانت هذه الحفلة تقريباً تمهيد ليتعرف المجتمع الراقي عن قرب على الأميرة الأجنبية الفاتنة و التي بدورها تحلق حولها الكثيريين و هي تضحك ضحكتها العالية المتغنجة مستمتعة بالأنظار الموجهة لها و كلمات الإطراء بحق جمالها الذي لا يقاوم.
و بين كل هذا الجو الذي بظاهره يبدوا مسالماً و لطيفاً راحت مجموعات منفردة تهمس، عن الحريق الشنيع الذي بدأه جنود الملك في الريف الذي أباد الكثير من القرى و قتل الآلاف و لكن لا يجرؤ أحدهم بالتفوه بهذا الكلام بصوت عالي او حتى يعترض او يستنكر! سوى في قلبه ان اراد!!"اوه أجل قد تكون إقامة حفلة صاخبة في الريف فكرة رائعة" قال الأمير الشاب بمرح لمحدثه الذي يكبره بعدة أعوام
"أجل... الريف... صحيح" قال النبيل بتوتر و أضاف ملطفاً الجو:" أجل كما أن الفلاحيين ودوديين جداً"
نظر له آلان بمرح و قال ببلاهة:" صحيح أتذكر آخر مرة ذهبت فيها للريف تعرفت على الكثير من الشبان الجيدون "
نظر له محدثه بتوتر و هو كان يعلم بما حدث في الريف و لكن آلان غابت عنه الكثير من الحقائق و هذه أحدها.بينما لاحظت آرتميسيا الهمس الدائر، فقد وقفت خلف الأمير بهدوء و لكن أذنها إلتقطت الكثير! كانت حذرة جداً، خصوصاً في الآونة الأخيرة و بعد تحذيرات مايكلين!
"يا إلهي آنسة روسنتر ما بال مظهرك الرث، لم أعهدكِ هكذا!؟" قالت آريانا و أكملت و هي تلتفتت لصاحباتها:" ألا توافقونني يا فتيات !؟"
رمقتها آرتميسيا بهدوء بالرغم من أنها شعرت بالإهانة و لكن آريانا كانت على حق بالرغم من الهدوء الظاهر إلا أن الأحداث الأخيرة أوقفت عقلها! تريد ان تناقش ما يحدث مع آلان و لكنها تنتظر ان يهدأ قليلاً فهو على حافة الإنهيار ، فهدوءه دائماً لا يعجبها، تبسمه المتكرر المبالغ فيه تعلم ان خلفه رفض و تمرد و مع ذلك هو أعلن استسلامه!تعلم أنه إستسلم و لكنها قلقة ! ليس من تمرد آلان و لكن من تمرد الشعب! و تمردهم هذا يمس ضميرها، فهي تتفق معهم في تمردهم إنهم على حق ملكهم رجل ظالم، و ملكتهم أسوأ من زوجها! النبلاء هم النبلاء في كل مكان و زمان يبحثون عن مصلحتهم فلماذا يقحمون أنفسهم و يبيعون راحة بالهم!؟
علمت منذ حادثتها مع والدها ان هناك أمرٌ جلل! فقد ابتعلت الأمر دفعة واحدة حينما سمعت به ابتعلته و لكنه وقف و بات يخنقها حتى هذا اليوم فهي قلقة جداً تشعر أن الخطر يتربص بهم و لا تعلم متى سيحدث!! فقد أخبرها ألكسي بالأمر صباح هادئ
"آنسة روسنتر هناك موضوع مهم هل يمكننا أن نتكلم!؟" قال بلطف و هو يتقدم منها
"أرجوك تفضل" أجابت آرتميسيا بإحراج من أدبه
"حسناً هناك أمر كبير يحدث!" قال الشاب بقلق و أكمل:" ما رأيكِ ان نذهب للحديقة!؟"
هزت رأسها موافقة بعدما تمتمت "بحسناً" و هي تفكر بالأمر الكبير
وصلوا للحديقة و اتخذوا زاوية هادئة بعيدة الأعين
"لقد ارعبتني يا ألكسي ما هو الموضوع؟؟" قالت بقلق
"في الحقيقة هناك تمرد يجري في الأوساط!؟" قال بقلق
"ماذا تقصد!؟" نظرت له بإستغراب
"قبل فترة بدأت عملية إبادات جماعية في الريف!!" قال ألكس بغموض و أكمل:" احرقوا بعض القرى التي اشتكى اهلها من سوء أوضاعهم!!"
"يا إلهي من الذي يجرؤ!" قالت آرتميسيا بصدمة لم تستطع ان لا تصاب بها!
" من في ظنكِ!؟ دعينا لا نذكر الأسماء" قال في هدوء
" يا إلهي هل وصل الأمر للقتل الجماعي!!" فكرت آرتميسيا في نفسها و هي تتذكر بكاء والدها! استطاعت في تلك اللحظة ان تربط الأحداث ببعضها البعض، أدركت أن لوالدها صلة بالموضوع! "تباً لضعفه الذي أوصله لهذه الحال فكرت في نفسها"
" و بالطبع هذا التمرد بدأ يتغلغل للعاصمة!" قال ألكسي و أضاف:" هل تدركين مدى الخطر يا آنسة روسنتر!؟"
نظرت له بهدوء حاولت ان تتصنعه و أجابت:" و القصر!؟"
"تقصدين تمرداً في أوساط النبلاء!؟"سأل
"أجل "
"تعرفين انهم سيتحركون وفقاً لمصالحهم ، و لكن ما أشك فيه و ما بدأت اسمعه من همس في الأرجاء هم أخوية!"
" اخوية!؟" سألت بسرعة و هي تنظر إليه متلهفة و مترقبة لمعرفة المزيد
"يطلقون على أنفسهم إسم أبناء النهاية!" قال ألكسي بهدوء و هو ينظر للأمام و أكمل:" سمعت بعض الأشخاص يتحدثون عنهم في حانة جو"
"ماذا سمعت!؟" سألت و هي تربط الأحداث في عقلها و التي اوصلتها بطبيعة الحال لمايكلين
" ان ما سمعته هو ما يقلقني أكثر من التمرد نفسه" قال بعدما سحب نفساً و أكمل:" قالوا بأن الأخوية أهدافها سامية على حد تعبيرهم، فهم يؤمنون بأن النهاية ستأتي على يد المنقذ و الذي يتم إختياره بشكل دقيق جداً منذ طفولته و يسمونه المختار! و
هذا المختار سينقذهم من الظلم الذي يعيشونه سيجلب معه النهاية لحكم بائد ظالم ليكون هو منقذهم وسط كل هذا الفساد"
" لم أفهم!؟ هل هم يؤمنون ببطل خرافي ام ان المنقذ موجود!؟" سألت بتعجب
" انه موجود و هو على ما يبدو في القصر" قال بهدوء بينما راحت آرتميسيا برقبه بقلة صبر و أكمل:" لم يصرحوا من يكون و لكن لدي شكوكي الخاصة فيني!"
"لا تقل لي..."
قاطعها ألكسي بسرعة و قال:" نعم مايكلين"
أطلقت زفرة قد حبستها لوهلة و بعد صمت طويل قالت:" ان الناس معهم حق في تمردهم! و لكن ما هو الحق الذي يملكه مايكلين!؟ او تلك الأخوية!"
"أنتِ تعلمين أن هذا سيحدث شئنا أم أبينا، يجب أن ينقذوا انفسهم، فلا أحد سينقذهم" قال بهدوء
"و ماذا عن آلان يا ألكسي!؟" قالت بقلق
"و هل سينقذهم آلان!؟ إنه لا يهتم يا آنسة روسنتر" قال بإنفعال
"توقف أنت تعلم أن آلان قد يكون الضحية في كل هذا" قالت بإنفعال
" و لكنه لم يبدي إهتمامه يوماً بالشعب أو بأمور الحكم!!" قال ألكسي
" أنت لا تفهمه إنه يهتم و لكنه يعيش همه الخاص به يحتاج لبعض الوقت ليستجمع نفسه" قالت بإنزعاج
"و ماذا ننتظر !؟ سينفجر الوسط في أية لحظة!" قال بسرعة
"حسناً دعنا اولاً ننتظر ان يهدأ آلان قليلاً فهو يعيش في صراع حالياً ان لم يكن هذا ظاهراً لك او للعلن، فهو ليس أهلاً لإتخاذ اي قرار حالياً" قالت بقلق و أكملت:" انت تعرف انت سيغضب و غضبه سئ جداً"
و بعد صمت مطبق قال ألكسي بهدوء غامض:" أنا آسف يا آنسة روسنتر لتفكيري الأحمق، و لكني..." و أكمل بتردد:" أنتِ ترين الأوضاع كيف تجري صحيح!؟"
"دعنا ننسى حديثنا الأخير ! و لنخبر آلان ربما في يده الحل" قالت بهدوءخرجت من ذكرياتها تلك على صوت آلان و هو يناديها:" ما الأمر يا جميلتي أراكِ شاردة الذهن!؟"
نظرت له بهدوء و قالت ببرود:" لا تهتم فقط ركز في هذا الزواج ليتم بسلام"
تحولت ملامحه من ابتسامة لتكشيرة واسعة
رمقته بإنزعاج و قالت:" هل تستطيع ان تتوقف عن التكشير الآن"
"حسناً حسنا انظري هذه ابتسامة" قال و هو يتنع ابتسامة بلهاء و أكمل:" هل أنت مرتاحة الآن!؟"
"هل أستطيع أن أستعير الآنسة روسنتر منك للرقصة القادمة يا أخي العزيز!؟" قال مايكلين الذي تقدم منهم بهدوء تعلوا وجههة إبتسامة جانبية جذابة
نظرت له آرتميسيا بتفكير و قالت بسرعة:" و لماذا تطلب منه الإذن!؟"
اتسعت ابتسامته الجذابة و قال بإنحناءة لطيفة:" هل تسمحين لي بهذه الرقصة يا آنستي!؟"
" أجل" قال ببرود فهي تعلم بأنه الآن لا مجال للهروب من مايكليننظر لهم آلان بغضب و الغيرة بدت واضحة و جلية و الأحمق الذي لا يلاحظها، و لكن الجميع إنشغل بالإحتفال، إلا واحدة راحت تراقب كل ما يحصل أمامها بغيرة شبيهة بغيرة آلان كانت تلك بالطبع آريانا.
"هل ستحذرني مجدداً من القادم!؟" قالت آرتميسيا و هي تراقص مايكلين
"ماذا هذا مستحيل، كل ما أريده هو أن استمتع بوقتي" قال بمرح
نظرت له بشك و هي تعلم أنه يريد ان يوصل لها شيئاً حتى لن لم يعترف بذلك! انها خائفة فالقادم سئ و هو له يد! فهو ليس المختار و لكن له يد فيما سيحدث تالياً و لم تفهم دوافعه بعد!؟ هل هو شريف لدرجة ان يؤمن بأفكار الأخوية !؟ أم أنه خبيث لدرجة أن يساعد الأخوية ليصل لأهدافه!؟ فهو في كل الحالات لن يمسك بالعرش سواء نجح أبناء النهاية أو لن ينجحوا! اذاً لماذا يفعل هذا!؟ هل سينقلب عليهم فيما بعد!؟
"ان النار ستحرقنا و علينا الحذ!" قال بهدوء
نظرت له بصدمة! ها هو يحذرها مجدداً و لكن لماذا يحذرها!؟ لماذا يفضح خططه هكذا!؟
"ماذا تقصد!؟" قالت بسرعة
"انظري إلى أميرنا إنه يحرقنا بنظراته"
رفعت رأسها فلاحظت آلان يقف و هو يرمقهم في ضيق. مجدداً يتلاعب بأعصابها!
"و هذا يذكرني بقصة طريفة" قال بسرعة
"و ما هي!؟" قالت يترقب
"يحكى ان لصاً حكم بالإعدام عليه فحبسوه في سرداب القصر ، كان اللص يعلم أنه سيموت غداً و لذلك صلى كثيراً و كتب وصيته، سخر منه الجنود الذي قبضوا عليه بأنه سيموت قريباً، و لكن في الليل أصاب حريق الطباق العلوي من القصر، أكل الحريق كل القصر بما فيه بإستثناء السرداب!، و بذلك مات كل من في القصر بإستثناء من كان من المفترض ان يموت! هل ترين العبرة هنا"
" لا تسخر من أحد!؟" قالت يهدوء و هي تقكر في قصته الغريبة
"كلا ان احترق الأعلى انزل للأسفل!" قال بهدوء
"و كما ترين اننا سنحترق قريباً!" قال بهدوءفجأة و وسط مظاهر الإحتفال تلك انطلقت صرخة من داخل القصر، خرجت احدى الخادمات باكية و هي تصرخ
"هذا فضيع!!!!!"—————————————————
مرحباً يا أصدقاءكيف حالكم!؟
اولاً اود أن أعتذر على التأخير ، ثانياً اريد اشكركم على كل هذا التشجيع، و اخيراً اتمنى ان ينال هذا الفصل على إعجابكم
لن أطرح التساؤلات و سأترك لكم حرية التوقع
اتمنى لكم اوقاتاً سعيدة
أنت تقرأ
قربانٌ للأمير
Fiksi Sejarah"من هي تلك الفتاة الأنيقة ذات الشعر البني التي تقف بجانب الأمير؟!" سألت احدى السيدات "هل هذا سيفاً الذي تحمله على خاصرتها؟!" سألت سيدة أخرى "هل هي عشيقة الأمير؟!"سألت الثالثة "عشيقته ؟! هذا مستحيل" أجابتهن صاحبتهم الرابعة بسخرية "من تكون اذاً؟!"سألت...