46

7.9K 149 5
                                    


مرَّ الزمانُ وما مرَّ الزمانُ بهِ
فأين كان عن الأيام مُحتَجِبا؟!
ساهٍ عن الشَّعَراتِ البِيضِ يَحسَبُها
مِمَّا تَوَهَّجَ من أفكارهِ شُهُبا
- جاسم الصحيح


*•


مرت الأيام وليالي أسبوعين ثقيلة على الجميع ، باستثناء من يقضون أجمل لحظاتهم بالنمسا وأسبانيا ..

طلع من المحكمة يجر خيبته وصك انفصالهم بيده ..
انفصال أبدي ، روحه الأولى ، زوجته الحبيبة .. الأسبوع القادم من المفترض يحتفل معها بذكرى زواجهم .. لكن ، كل شيء انتهى ، قبل عام كان برفقتها يقضون لحظات حبهم معًا ، كانوا يسمعون عن الطلاق ويتعوذون منه ويضحكون طلاق ؟ مستحيل !
قتله صدها وإصرارها على الانفصال ، حاول يكلمها ، يتواصل معها .. يفهم منها ، لكنها كانت تهرب منه مثل اللي يهرب من مريض أجذم !
ركب سيارته بضيق وهو يرمي الأوراق بالخلف .. تعالى رنين جواله ، رفعه .. كان رقم غير مسجل يدق : هلا ...
وصله صوتها التعبان والمنهك : وائل
أبعد الجوال عنه للحظة يسترجع نفسه ، يدرك إنه ظلمها بزواجه منها .. لكن بهاللحظة مو ناقصها ، رجع لها : هلا رهام
ريهام همست بانكسار واضح : مابي منك شي ، بس في لك شي عندي لازم تجي تاخذه
وائل بضيق :أجليها بعدين ..
بإصرار : لازم وائل .. - خفضت صوتها وكأنها تخشى يسمعه أحد - شي يخصك إنت ولمار ، وعبد العزيز
وكأن صاعقة كبرى نزلت عليه : وش الشي اللي يخصنا ؟ تكلمي رهام !
رهام : تعال وبس الحين أو اليوم الليل ، أمي مابتكون موجودة .. بسرعة قبل لا تصحى !
قفلت الخط بوجهه مما جعلته يفقد أعصابه ، كل الأمور طرت بباله .. موضوع يخص عزيز ؟ هي ما تعرف عن صداقته بعزيز ! مافيه غير موضوع واحد ! ، طـار بسرعة لبيت جدها .. وقف مقابل الباب وهو يعيد الاتصال بها .. : أنا تحت ، تعالي ..
انتظرها لدقيقتين حتى انفتح الباب أخيرًا وطلعت منه .. دخلت السيارة وألقت السلام ، قاطعها بغضب : وش الموضوع ؟ بسرعة رهام
خافت من شكله الغاضب ، ما تقدر تواجهه .. بيقتلها طبعًا ، همست بصوت مرتبك : طيب امشي بالسيارة نبعد
زفر بحدة : رهام لا تقلقيني أكثر !
استجمعت قواها ونطقت أخيرًا : الموضوع كبير .. ما أقدر أقوله لك بالسيارة .. والله وائل !
شعر وكأن روحه تطلع ، استشعر نبرة الصدق والخوف فيها .. تحرك بسرعة متجه لبعيد ، مشى بسيارته مسافة طويلة حتى وقف أخيرًا عند مخططات أراضي فاضية ..
وقف السيارة ولف عليها : قولي
غطت وجهها بربكة : بس ... اهدا وائل
وائل بقلة صبر : أنا هادي .. بسرعة احكي !
ابتعلت ريقها : أولًا أوعدني ما تأذي أمي ولا يوصل الموضوع لأحد غيرنا !
بهتت ملامحه ، ظنونه تصيب .. همس : كملي
سقطت دموعها بضعف : وائل قبل كل شي أعرف إني مو راضية عن أي شي حصل ! ، والله مو قادرة أنام من الخوف .. مافيني أسكت أكثر
كان يراقب ارتعاشة أصابعها وخوفها بترقب .. يبيها بس تنطقها ، تابعت ببكاء : أمي أحبها أكثر من أي شي ! بس هي .. هي اللي تبي تهدم كل شي ! حقدها على أم عبدالعزيز وقلة خوفها من الله طيحوها بحفرة ما تقدر تطلع منها ... ودخلتني بمصايبها !
وائل بهدوء أمسك كفها وأبعدها عن وجهها : اهدي رهام واحكي .. لا تخافين
تابعت وهي تستشعر الأمان : عارفة إنك ما تزوجتني إلا عشان تضمن إنك تقرب من أمي وتعرف السحر اللي سببته لصاحبك وبنت خالي .. لا تحسبني غبية ! - تهدج صوتها ببكاء - غبية لأني تعلقت فيك ! وهدمت حياتك .. بس أبي أعدل غلطات أمي وبعدها بكيفك راضية تطلقني بس لا تمس أمي وسمعتها بشي ! تكفى وائل !
كانت تجهل التغيرات اللي طرت على وجهه وقتلت ملامحه ، تجهل السوء والقهر اللي خلفتها فيه .. نطق بهمس : وش تبين توصلين له ؟
أكملت بكاءها : مابي شي .. أبيك بس تهدا ولا تتهور وتطلق لمار ، لين ...
شد كفها بقوة لما لاحظ صمتها : لمار وش دخلها بالموضوع ؟؟ ليش تزيدين وتعيدين فيها ؟ تكلمي لا تحرقين أعصابي أكثر !
ارتعدت بخوف ؛ وائل وعدتني تهدا
ترك كفها لكن توتره ما زال ، تابعت : أنا خلاص ماعاد يهمني شي .. فقدت كل شي ومايهمني وش بيصير .. - فجرتها بوجهه - ذنوب أمي وصلت للمار تبي تبعدها عنك ..
وكأن الأرض ارتطمت به ودارت ، نطق غير مستوعب : وش تقصدين ؟
قطعته لأشلاء وهو يسمعها تقول : أمي .. كانت تحسبني مثلها ، ماتبي أحد يشاركني معك .. واللي سوته لعزيز سوته فيك .. وأنا والله ماقد شكيت لها
هول الصدمة شله عن الإحساس ، خدر بارد كل مايحس فيه .. صوتها يوصله بعيد وكأنه غريق تحت الأرض ما يسمع إلا همهمات !
بكت برجاء وقهر : كانت تبي تصلح حياتي بس ماتدري إنها هدمتها .. مافيني أعيش مرتاحة بعد اللي سوته ، مجافيني النوم وأتقلب على نار كل ليلة .. صدقني وائل !
همس غير مصدق وصوته يغيب : لمار !
لف على وراء بيدين ترتعش ، أخذ الأوراق وفتحها قدامها بقهر وصدمة : اليوم طلقت لمار ! ، اليوم يا رهام !
حلت عليها الصدمة ، بكت بقهر .. لكن سرعان ما نطقت بين دموعها : وائل لا تخاف ! يمدينا .. انت ساعدني وصدقني بنلقى السحر وبتطلقني وبترجعها .. صدقني عندنا وقت !

ودي بدفا صدرك اصيح لين يهلكني البكا و أتعب و أنام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن