48

6.3K 135 4
                                    


أحبك يالصحاري ، اللي في هجيرك ..
أحترق كلي وفاء "
- بدر بن عبد المحسن




*•


كان مستلقي بتعب على سريره ، بعد ما حس بفقدانه لهم .. أمس كانوا حوله يضحكون وماليين حياته ، بينما قبل ساعات فقط غادروا مودعين .. يشعر بفراغ روحي كبير .. يجهل ماينتظره ، ويجهل كيف يبدأ طريق البداية .. قاطع تفكيره صوت انفتاح الباب ليفز عليه ، وبطبيعة الحال متأكد مافي أحد غير ( وليد ) يدخل ويطلع عليه خاصة بعد سفرهم ، ظهر وليد من خلف الباب بابتسامة كبيرة تعلوه : عندي لك مفاجـــأة !
فهد شتت عيونه بالغرفة مو رايق لروقان وليد : وش ؟
أغلق الباب خلفه وليد وهو يتقدم بابتسامة كبيرة : طيب تفاعل ، احزر .. ليش كذا بارد ؟
زفر بضيق وهو يسلط نظره بوليد وببرود : مو رايق لك ، احكي وش عندك ..
ضحك وليد تحت استغراب فهد وهو يعود أدراجه للخلف ويفتح الباب ، جحظت عيون فهد بصدمة غير مستوعب وهو يشوف من خلف الباب .. ليدخلون وضحكة خفيفة تطلع منها ، زادت ضحكة وليد على شكله المصدوم : شرايك ؟ مو مفاجأة !
تقدمت سحر لتجلس بسرير فهد وتضمه بخفة ، نطق فهد أخيرًا بعد ما انفكت عقدة لسانه من هول الصدمة : سحر ؟؟؟؟؟
تقدم وليد ليحمل ثامر تحت رفضه وزعله : وهالاثنين ماشفتهم
لتنطلق أخيرًا ضحكة من فهد وهو يمد يده لريم الغاضبة والرافضة .. : تعالي ريم
نطق وليد بعد ما نزل ثامر : زعلانين ، خلهم علي ..
عقد حواجبه فهد لتنطق سحر : مايبون يرجعون ، تحمسوا للسفر ..
فهد وللتو كأنه يستوعب : وينه جواد ؟
نطقت سحر بغصة ولحظة وداعه ترجع لها : بالطيارة !
استعدل فهد بجلسته ليفهم أكثر : شلون ؟ مو فاهم شي .. وش صار ؟
جلست سحر تحكي له بغصة تختقها لفراق شقيقها المقرب ...
" قبل ساعات ،
كان قلبها يخفق بشدة من التشتت اللي تعيشه ، تحس بتضارب آراء كبير بعقلها .. وهاهو جواد يمشي باتجاههم على سماع نداء الرحلة
تقدم جواد ليحمل حقيبة الظهر الخاصة بريم وبنبرة حماسية لها : يلله يلله ، بتروح علينا الطيارة
لتقفز مع أخوها ثامر بحماس ، وقفت ملاذ لتلحق جواد غير منتبهين للي وقفت مثل الصنم ماتقدر تخطو خطوة لا للأمام ولا للخلف ..
التفتت ملاذ أخيرًا لتشوفها ما تحركت من مكانها : سحر .. يللا !
كان الصمت هو ردها ، عقدت حواجبها لتقرب منها : سحر ! وينك .. معنا ؟
همست سحر بتردد : مابي ..
ملاذ وكأنها ما فهمت : وش ؟ وش تقولين سحر ؟
ليعود جواد بهاللحظة مستدير بعد ما حس فيهم ، تقدم بعجلة : شفيكم ؟ يللا امشوا ..
سحر زفرت بعد ما استجمعت أنفاسها : مابي أروح ، خلاص هونت ..
وليد اللي كان قريب نوعًا ما ، كان يراقب وجسده مضطرب .. يارب تمم !
جواد جمدت ملامحه ، نطق أخيرًا وهو يمسك يدها : لا تستهبلين ! مافي وقت ..
كان ناوي يسحبها معه للطيارة لكنها استوقفته وهي ثابتة بمكانها وبصوت ضعيف : جواد قلت لك مابي أروح .. خلاص أحس إني مو قادرة !
ملاذ همست لها : سحر .. شفيك ؟ صدقيني بتندمين
هزت راسها نفي : خلاص روحوا للطيارة ، أنا برجع مع ثامر وريم ..
اعتلى جواد الغضب غير مصدق : سحر وش صابك ؟ وأوراقك اللي ضبطتها ؟ والجامعة اللي قدمنا عليها ؟ خلاص بتتركين كل شي بعد هالتعب ! .. - هز راسه غير مستوعب - ليش ما تكلمتِ من أول ؟ حتى الشنط خلاص مايمدينا نرجعها
بهاللحظة تدخل وليد وهو يقرب منهم بعد ما خاف إن كلام جواد يؤثر فيها ، مسك كف جواد : على هونك ، ماصار شي .. اتركها تسوي اللي يريحها
قاطعه جواد بغضب وهو يبعد يده : مالك علاقة وليد ، لا تنسى .. أختي مايربطك فيها شي ! لا تتجاوز حدودك .
ابتلع وليد كلامه الجارح كونه يدرك موقف جواد ولا يلومه على ذلك ، بينما ملاذ أمسكت كفه تحاول تهديه تحت صمت وصدمة ريم وثامر .. تابع وهو يبعد كف ملاذ ويمسك بسحر : يللا مشينا ، الطيارة بتقلع بعد شوي ..
زمت شفاتها سحر تمنع دموعها اللي ظهرت غصبًا عنها : جواد ، لا تجبرني .. مارح أطلع من الرياض
لف عليها وهو شاد على أعصابه : انتهينا ..
تدخل وليد مرة ثانية : جواد ، هي مو مستعدة .. صدقني متى ماتبي تلحقك فهد بنفسه بيوصلها ..
انفلتت أعصابه وهو يترك يدها : وليد لا تجنني ، قلت لك مالك علاقة ! .. وصلتنا الله يجزاك خير ، خلاص انتهى دورك !
قاطعته سحر بثبات وهي تسحب يدين إخوانها الصغار : لا برجع معه ، خلاص جيب ثامر وريم والحقوا طيارتكم ..
ارتسمت ابتسامة انتصار ونشوة على شفاة وليد اللي يتابعهم بعيونه ، جمدت عيون جواد لثواني بعيونها وكأنه للتو يستوعب جديتها بالموضوع ، ليهمس بخيبة : سحر !
مسحت دمع عينها قبل لا يطيح وتقدمت له لتحضنه بحب حقيقي وهي تهمس له : جواد .. ما كان ودي أخيب ظنك ، بس ... صدقني مو قادرة أروح معك وأترك الرياض وكل شي وراي .. ماتعرف شكثر بشتاق لك وبفقدك ، بس أملي فيك كبير !
ابتعدت عنه شوي لتشوف وجهه الحزين والمصدوم منها لينطق بخيبة أمل : مستحيل أجبرك على شي ، تعرفيني .. مابي لك إلا كل خير ، بس متأكدة من قرارك سحر ؟
هزت راسها بتأكيد وابتسامة رضا تشق وجهها لتطمنه : متأكدة .
سحبها له ليضمها بخفة : مو مصدق سحر ! ، كل شي بنيته لنا هناك حطمتيه بلحظة
شدت على كتفه : مافي شي انهدم ، كل شي بيمشي مثل ماخططت له وأحسن ، لا تستسلم !
ابتعد عنها ليزفر بحزن شديد وهو يحفظ ملامحها ولمستها الحنونة .. الأخت اللي عاشت معه بكل لحظاته ، طفولته .. مراهقته وشبابه ، كانت أقرب له من صديقة ، شتت عيونه لثامر وريم اللي تظهر عليهم ملامح الدهشة والخوف مترقبين مصيرهم همس لها : باخذهم معي ..
هزت راسها نفي : لا .. خليهم معي ومع فهد ، أحسهم أمانة برقبتي .
تنهد بقوة وهو يلتفت لهم ، ومثل ما توقع .. انهاروا رافضين يرجعون مع سحر ، تشبثوا به .. لكن إصرار سحر كان أقوى ، ودعهم وودعتهم ملاذ ببكاء أوجع قلبه .. توجه للطيارة محلّق مع زوجته باتجاه المستقبل المجهول بعدما تركوا كل شي خلفهم ..
بينما وليد كاد يطير فرح وهو يشوفه متوجه للطيارة برفقة زوجته .. التفت لها غير مصدق ، كانت مشغولة بتهدئة ثامر وريم وبمداواة حزنها على فراق جواد وملاذ ، تقدم لهم ليجلس على طرف رجوله مثل جلسة سحر اللي تهدي ريم .. وبابتسامة كبيرة عجز يخفيها : مافيني أقول حزين لحزنك .. لأني فعليًا مبسوط ومو مصدق !
رفعت نظرها له لترتسم على شفاتها ابتسامة خجولة من بين دمعها ، مسحت دمعها لتوقف : يللا نرجع ؟
وقف مباشرة وهو يمسك بيد ريم : نرجع ، ليش مانرجع ..
ضحكت بتلقائية على شكله المتحمس والمندهش بوقت واحد ، توجهوا للسيارة بمشاعر مختلفة .. فرحة ماتسع الكون عند وليد ، حزن وبكاء عند ريم وثامر .. بينما سحر تجتمع فيها كل المشاعر ، شعرت بالهواء يتسلل لها بقوة بعدما فتح وليد سقف السيارة باستمتاع كبير يشعر به ، استنشقت الهواء بعمق وهي تمد يدها لخارج السيارة : الله !
انحرفت عيونه لها بتلقائية وهو يلحظ الطمأنينة اللي تسري فيها : صراحة ما توقعت .. كنت أعشم نفسي وأدري إنك مسافرة
اتسعت ابتسامتها وهي تمسك الطرحة لئلا تسقط من هبوب الهواء : كنت مترددة ، بس ... ما أدري كيف تشجعت !
بكبرياء مصطنع نطق : أعرف ، رسالتي أثرت فيك .. ما يحتاج تقولين .
ضحكت ضحكة خفيفة وبانكار : أبدًا .. أصلًا ماقريتها !
تعالت ضحكته اللي فقدها من زمان ممتزجة بضحكتها الرقيقة والمحببة لقلبه وببكاء الطفلين جنبهم .
وقفوا أمام المستشفى لتنطق سحر بحماس : وش بتكون ردة فعل فهد !
وليد وهو اللي يدرك رفض فهد الصارم لسفرهم ابتسم : خلينا نفاجأه ..
نزلوا من السيارة ليتوجهوا لغرفة فهد ، غمرتها الفرحة وهي تشوف المفاجأة بعيونه بالرغم من حزنه على إصرار جواد .. اطمأنت لقرارها المفاجئ ، وهاهي تجلس وحدها مع فهد بعدما غادر وليد برفقة ريم وثامر لياخذوا شهد ويغير جوهم بالملاهي علّهم ينسون حزنهم ..
كان يتكلم بحماس شديد وكل آلامه هجرته لوجودهم ويحكي لها عن مخططاته للسنين القادمة .. قاطعته بعز حماسه : فهد ..
فهد : عيونه ..
ابتسمت بخجل : تسلم عيونك ... - تشجعت حتى نطقت باللي يختلج بخاطرها - امممم كلمتني قبل عن ... موضوع وليد
شدت انتباهه أكثر وهو يستعدل بجلسته .. ناظرها بانتباه يحثها على تكملة الموضوع ، تابعت بعد ما شتت نظرها : فكرت ... وأحسني مرتاحة .
تهلل وجهه بفرحة غامرة : يابعد هالدنيا ، صدقيني وين يلقى وليد مثلك !
ابتسمت وهو يسحبها له ليقبل جبينها ، أبعدها ليكمل بجدية : وليد ، رجّال ينشد فيه الظهر .. الشخص الوحيد اللي أأمنه على عايلتي وأروح وأنا متطمن ، مو لأنه خويي وصاحبي .. لكن صدقيني يشيل الدنيا فوق راسه لجل اللي يعزهم ..
نزلت راسها وهي تدرك صدق كلامه من خلال الفترة الماضية ، أثبت لها رجولته وحبه بجدارة ..

ودي بدفا صدرك اصيح لين يهلكني البكا و أتعب و أنام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن