"
لكل بداية نهاية "
*•مرت 4 سنوات ... على أبطالنا
بإيطاليا ..
تجلس في مكتبها والتوتر يزيد عندها، من بدأت مشروعها وشراكتها مع مجموعة زملاء الدراسة وأمورها تتحسن كثير، لكن من ست شهور انقلب وضعها رأسًا على عقب ودخول شريك جديد غير متوقع يفاجئها ويعيشها بأزمة توتر كبيرة !
ناظرت الساعة بجوالها وكانت 8 و 20 دقيقة صباحًا ، وقت وصوله بالضبط .. وفعلًا ما خاب ظنها وها هو يدخل من باب الشركة الصغيرة وبيده الكوفي ومعه زميلهم الكويتي ..
تنفست بعمق تهدي نفسها لتشغل عمرها بجهاز الكمبيوتر ، بداية وصوله كان وضعها صعب .. انهيار نفسي وجسدي ، لكن حاليًا تعتبر تحسنت كثير وهي تسيطر على عمرها ..
ابتسمت بهدوء على صوت عبدالرحمن : صباح النور لمار ..
بهدوء ردت : صباح النور ..
تجاوزها عبدالرحمن وهو ينطق بصوت عالي : في احد يبي أسوي له شاي معي ؟
وصل صوت أنثوي بعيد من أبعد المكاتب :اي دخيلك، اعملي معك كوب .. شو بيروئني شايك !
كل هذا والثاني واقف بالمكتب اللي يفصله عن مكتبها مجرد مكتب واحد، وصلها صوته محتار : مين كاتب هالورقة ؟
رفعت راسها تلقائيًا له لتشوفه واقف عند مكتبه وماسك ورقة ملاحظات صغيرة يناظرها باستغراب .. اكتفت بهز كتوفها علامة إنها ما تدري ..
تنهد ليجلس على مكتبه وهو يفسخ جاكيته ويضعه على الكرسي : الظاهر مختار ..
بدؤوا يشتغلون بجو حماسي يغلبهم دايمًا، كل هذا والكلام بينهم شبه منعدم .. مجرد تعليقات بسيطة في حال الاضطرار فقط.
بينما هو جالس على جلسة تتوسط المكاتب والقهوة العربية قدامه .. كان يتكلم بحماس شديد وهو يشرح الصفقة الجديدة اللي يخطط لها من انضم لهم ، وقدامه رؤى وعبدالرحمن والتأييد ظاهر عليهم .. قاطع حماسهم صوتها أخيرًا وهي جالسة بمكتبها تتابع بصمت : لأ .. معليش أنا مو موافقة !
التفت عليها كون مكتبها خلف ظهره، بينما زفر شخص آخر واقف قدام الجلسة : أوهو لمار ! والله هذي هي الصفقة اللي نحتاجها من بدينا !
لمار بهدوء : كونوا واقعيين ! الصفقة لو خسرناها بنضيع ويضيع كل جهدنا هالسنين .. ما نبي نجازف !
انطلقت ضحكة قصيرة من عبدالرحمن : يالله ! من كنا بالبكالوريس لاااازم يا لمار تعارضين أي فكرة من وائل ! أمانة غيري تفكيرج شوي !
توترت من ذكرى دراستهم والعلاقة اللي نشأت بينهم من هالمرحلة، كلام عبدالرحمن يؤكد لها إن الجميع يعرف بكل شي مروا فيه بداية من حبهم القديم مرورًا بزواجه بأخرى ونهاية بانفصالهم اللي انصدم منه الجميع !
تنهدت بعمق وهي ترجع للاب توب : هذا كلامي .. إلا إذا ضمن لنا نجاح الصفقة !
تنحنح وائل وهو يلف بكل جسمه عليها : أضمنها لك ..
رفعت حاجب : ما نحتاج كلام بس ..
وقف وائل لتهمس له رؤى : دخيلك اقنعها، هي صاحبة أكبر نصيب .. حتى التصويت ما يفيد !
ابتسم لها يطمنها ليتقدم من مكتب لمار ويسحب أحد الكراسي القريبة منها ويجلس جنبها .. سحب ورقة وقلم من مكتبها وهو يبدأ يرسم عليه : الحين بثبت لك ..
بدأ يشرح بشكل متواصل حتى انضم لهم سالم على المكتب ..
وبعد مرور وقت طويل جدًا ، نطقت والصداع يزيد عليها : خلاص موافقة .
وقف سالم بحماس وهو يلوح بيده بانتصار : يسسسس !
تعالى صوت تصفيق عبدالرحمن ورؤى ومختار بحماس شديد، ليبتسم وائل ابتسامة ناعمة وهو مازال قريب منها : أخيرًا .... لمار !
شعرت بنبض قلبها يزيد على نطقه لاسمها، لأول مرة تكون بهالقرب منه .. تجاهلته تمامًا لترجع لشغلها ، وبدوره وقف هو ليرجع لمكتبه وشعور الانتصار يخالجه ..
انشغلوا بتخطيطهم للصفقة المنتظرة طول الوقت .. حتى انتهى أخيرًا الدوام ..
طلع عبدالرحمن وماهي إلا دقائق حتى لحقه سالم مع مختار .. بينما وائل كان منهمك بالإيميلات والأبحاث اللي تكفل فيها كونه مدير الصفقة ..
أما هي كعادتها كانت آخر من يخرج، وصلها صوت رؤى وهي تعدل حجابها : بدك إشي حبيبتي ؟
لمار بابتسامة : سلامتك عيني ..
رؤى : مافيّ أتأخر .. إمي ناطرتني .. سي يو قايز
غادرت لتبقى لمار وحدها معه، رفعت راسها له لتشوفه منهمك على اللاب توب وأزرار قميصه العلوية مفتوحة بفوضوية .. شعرت بحنين كبير وشكله بهالمنظر يذكرها بأيام دراستهم وخطوبتهم، أجمل أيام قضتها معه .. تدرك إن مكانته بقلبها ما تزحزحت .. مافي شي يقدر يمحي كل جبال الحب اللي تكنها له ، لكن شعور الجرح والخذلان أقوى وبكثير ..
وبغمرة سرحانها فيه تنهد بقوة وهو يفرك عيونه بتعب .. فجأة قفل اللاب توب بقوة وهو يوقف، طاحت عيونه عليها بمكانها لينطق بصدمة : باقي ما رحتِ ؟
أعادت بصرها للاب توب : باقي ما خلصت شغلي ..
صمت لفترة ، ليشوف الساعة تجاوزت 10 الليل .. نطق بهدوء : كمليه بكرة، الوقت تأخر
ببرود خارجي : ماني مطولة ..
تنهد بضيق وهو يشعر بحنقها وتجاهلها .. يدرك إن الكلام ضايع معها، سحب جاكيته وشنطته : عن إذنك ..
طلع من المقر ومجرد ما قفل الباب شعر بضيق كبير .. قلبه ما يطاوعه يتركها وحدها بهالليل .. منطقتهم غالبًا بوقت مثل هذا تكون هادية ونايمة .. غمض عيونه يحاول يتجاوز شعور القلق اللي ما عاد هو في محله ، لكن قلبه ما يملكه .. قلبه معها .. ما قدر يتجاوزها أبدًا ، أمرضه بعدها عنه.. حتى قرر بخطوة متسرعة يرجع لإيطاليا حتى يحس بوجودها قربه ، كان يخشى من صدها الكبير .. لكنها صدمته بتقبلها له بشركتهم ، كان يظنها بترفض وجوده .. لكن قبولها هذا حطمه ، أدرك إنها تجاوزته ولا ما كان رضت يبقى .. ما ينكر إنه كان يتمنى لو رفضت .. حتى يتأكد إن مازال له دور بحياتها حتى وإن كان سلبًا .. لكن برودها الشديد قتله !
زفر بضيق شديد وهو يرجع للمقر مو قادر يتركها وحدها .. فتح الباب : لمـ....
انبترت الكلمة وهو يشوفها منكبة على مكتبها تبكي بحرقة ! ، مجرد ما حست بالباب فزت بتلقائية لتصطدم عيونها بوجهه المصدوم .. شعر بقلبه ينبض بشدة وكله خوف عليها، تقدم بخطوات سريعة لها بينما هي مازالت مصدومة من رجوعه حاولت تمسح دموعها لكن وش الفايدة دامه شافها !
تقدم لها ليجلس على ركبه قدامها بقلق كبير : لمار ! شفيك ؟
بلعت غصتها وهي تغطي وجهها تحاول تمسح الدموع : مافي شي...
لان وجهه بحب كبير : أمانة لمار .. صار شي ؟
وش تقوله ؟ تقوله إن قربه ووجوده حولها مسبب لها انتكاسة نفسية ؟ إنها تعودت دايمًا تختلي بنفسها بعد رحيله عشان تبكيه ؟ .. هزت راسها بتأكيد وهي توقف : مافي شي وائل ..
وقف على مضض ووجهها الباكي يوجعه، مشت وقبل لا تتعداه وقف بطريقها : لمار ...
رفعت راسها لتطيح عينها على عيونه القلقة ، تابع بهمس : ما أقصد أتدخل ، لكن ... لو صار شي أنا موجود ، أهلك كلهم بخير ؟
نزلت راسها وهي تهزه : بخير ...
بلع ريقه وهو يبتعد عن طريقها ، لتتجاوزه للباب .. تبعها لتقفل الباب وراه ، نزلوا مع بعض حتى وصلوا سياراتهم ..
قبل لا يدخل سيارته لف عليها : متأكدة إنك بخير ؟
هزت راسها إيجاب وهي تقفل باب سيارتها ، وبدوره توجه لسيارته يركبها .. بينما هي تنتظره يحرك سيارته حتى تقدر تحرك سيارتها .. حاول يشغلها لكنها عاندته ، ابتسم بهدوء وهو يلف عليها : ما تبي تكمل الليلة على خير!
طلع من السيارة يفتح الكبوت عله يعرف وش علتها، وصله صوتها وهي تحرك سيارتها : خذ لك تاكسي ..
لف عليها مباشرة : وين بلقى لي الحين ؟ الوقت تأخر ...
هزت كتوفها وكأنها تقول " دبر نفسك" !
زم شفاته وبتردد : توصليني للطريق الرئيسي بس وأكمل طريقي ؟
هزت راسها نفي بكل بساطة وهي تحرك سيارتها بهدوء متجاوزته .. بينما هو واقف بقلة حيلة قدام سيارته..
طلعت من المقر تاركته خلفها، حتى طلعت من الحي اللي فيه مقرهم .. وصلتها بهاللحظة رسالة نصية " ما بترجعين لي ؟ "
ردت " حلفت ووعدت نفسي ما التفت وأرجع لك بيوم من الأيام ... آسفة "
شعرت بنبضات قلبها تزيد مجرد ما أرسلتها، لأول مرة تفتح معه هالموضوع بالذات ! .. وصلها رده مباشرة " أظنك كنتِ تقصدينها بشكل مجازي مو فعليًا تتركيني خلفك بالشارع ! "
ازدادت وتيرة التوتر عندها لتجد نفسها تنغمس بالرد " بشكل فعلي ومجازي "
" لو رجعتِ لي الحين تكفرين عن حلفك "
احتارت وش ترد عليه تحت إصراره ، تقدر تتجاهله ببساطة لكن شعور بالمتعة يلعب فيها وكأنها عادت لأيام بداية حبهم .. قفز قلبها على رسالة ثانية منه " ترجعين لي ؟ " وبعدها مباشرة رسالة ثانية " بشكل مجازي وفعلي " .. " أنتظرك دايمًا على الطريق " .." الطريق الفعلي والطريق المجازي طبعًا "