الفصل الثامن و الخمسون
كانوا يجتمعون حول المائدة بصمت إلا من حديث الولدين من وقت لآخر وضعت يقين في طبق أدين القليل من الطعام متعمدة لينهيها سريعاً و وضعت لأسامة ما يكفيه و يفيض ، انتبه فخار فلم يعلق ليعرف ماذا تقصد بفعلتها ، قال أدين لأماني بتذمر " أمي أريد المزيد من الطعام لقد نفذ و أنا مازالت جائع"
نظرت إليها أماني بضيق و قالت بهدوء رغم ضيقها " حسنا حبيبي خذ أنا معي يكفي"
قالت يقين متدخلة " لا ليس معك ما يكفيك و لكن أسامة معه فائض أليس كذلك أسامة أنت ستعطي أخيك بعض الطعام حتى لا يظل جائع أليس كذلك حبيبي"
رفع أسامة رأسه قائلا بحماس" بالطبع أمي كما أخبرتني صحيح على أن أهتم بأخي الصغير "
قالت يقين بهدوء " و لكن الأمر ليس له علاقة بالطعام فقط حبيبي بل تهتم به بكل شيء مشاعره حياته مشاكله ضع في رأسك أنك أخيه الكبير و عليك المسؤولية الأكبر لتعتني به، الحديث لك أيضاً أدين و لكن يظل أسامة أخيك الكبير و عليه أن يهتم بك أكثر، كل واحد منكم عليه أن يهتم بالأخر "
قال أسامة و أدين" حسنا أمي، حسنا خالتي "
قالت يقين باسمة" إذن أعطي أخيك بعض الطعام هل ستتركه جائعا "
أمسك أسامة طبقه و وضعه أمام أدين قائلا" تناول هذا أدين و إذا مازالت جائعا سنأخذ من أبي، أليس كذلك أبي ستعطي أدين بعض الطعام "
ابتسم فخار بحنان" نعم حبِيِبي أنا أعطيكم حياتي كلها "
كانت تستمع بصمت فرغم غضبها أولاً لظنها أنها تعمدت أن تسيء معاملة أدين أمامها إلا أنها استحسنت تصرفها هذا جيد ليتعلم الولدين الإهتمام ببعضهما البعض ، رن هاتفها فأمسكت به لترى من المتصل ، سمعت صوت أمها تقول بغضب " لم لا تفتحين الباب أين أنت ألست في المنزل "
قالت أماني بتوتر "في المنزل أمي سأتي لأفتحه ثواني"
نهضت قائلة لفخار " أمي بالخارج سأذهب إليها ، ستطلب رؤية أدين "
قال فخار بحزم " أجلسي أنت و أنا سأذهب إليها لأحضرها "
قالت بقلق " لا فأنا لم أخبرها بما حدث"
رد فخار بلامبالاة" لتعلم إذن هل أنا أعذبكم، أجلسي فأنا اشتقت لخالتي حقا " ابتسم بمكر
عادت للجلوس و ذهب هو ليحضر خالته من الخارج، نظرت إليها يقين قائلة بهدوء" لا تظهري أهمية للأمر و سيمر بخير "
رمقتها بسخرية" أهمية و هى تأتي لتجدني هنا في بيتك و نتناول الطعام معا "
ردت يقين بلامبالاة" و ما المشكلة لا أرى أني وضعت لك سما لتخاف أو تقلق "
عاد فخار بعد قليل و معه مديحة التي نظرت إليهم بغضب، نهض أدين ليلقي بنفسه عليها قائلا بفرح" جدتي "
ابتسمت مديحة بحنان و حملته بين ذراعيها تقبله قائلة" أيها الجاحد كأبيك أسبوعين و لا أراك أو تتحدث معي على الهاتف "
نهضت أماني قائلة و هى تقبلها بدورها" أسفة أمي أخبرتك لقد كنت مشغولة تلك الفترة"
قالت مديحة ساخرة و هى تنظر ليقين الجالسة على المائدة تنظر إليها بهدوء " أرى فيما أنت مشغولة بالفعل "
نهضت يقين الأن لتشير إليها لتجلس قائلة" تفضلي بالجلوس معنا سيدتي "
ردت مديحة ببرود " شكرا لك، أتيت لأرى ابنتي و طفلها، هيا أماني لنذهب لمنزلك لنكون على راحتنا"
قال فخار بحزم " خالتي هنا أيضاً منزل أماني لم لا تجلسين لتناول العشاء معا و بعدها يمكنك الحديث"
ردت ببرود " شكرا لك أريد الحديث مع ابنتي على راحتنا "
قالت يقين بهدوء " حسنا يمكنكم ذلك في غرفة الجلوس فخار أذهب معهم لحين أنتهي من إطعام الولدين "
كانت مديحة ستعترض عندما قال فخار باسما" نعم بالطبع تفضلي خالتي "
جلست مديحة تنظر إليه بغضب قائلة" ما هذه المهزلة التي أراها هل تجبر ابنتي على البقاء مع تلك في منزل واحد"
قال فخار بضيق" خالتي أخفضي صوتك و تلك التي تتحدثين عنها زوجتي و أماني تعرف بذلك، لم لا تكفين عن افتعال المشاكل فالأمر مر عليه سنوات و أنت كلما تحدثت كأني فعلت ذلك للتو، أنت لا تفعلين شيء غير إيذاء ابنتك و جرحها ، لم لا تتقبلين الأمر مثلما فعلت هى و ننهي هذا الجدل هنا و الآن "
نظرت مديحة ببرود قائلة" هل تظن أنك ستسكتني يا ابن سميحة و أتقبل ما فعلت، ابنتي حمقاء و تحبك و لكن أنا لا فلم اتقبل ذلك "
تمالكت أماني نفسها حتى لا تبتسم فتغضب والدتها و نظرت لفخار الذي يقول ببرود" حسنا معك حق لا يهمني أن تحبيني المهم زوجتي و هى تفعل و الآن هل أحضر أدين أم ستظلين تسبيني أمامه كما تفعلين دوما "
دلفت يقين مع الولدين قائلة بهدوء" ها قد أتى أدين ليجلس مع جدته و أسامة يريد التعرف على جدة أخيه أيضاً إذا سمحت بذلك"
لم تستطع مديحة أن تقول شيء عندما جلس أدين على ساقيها و هو يمسك بالصور التي تخصه قائلا بفرح " أنظري جدتي هذه صورتي و أنا صغير و أنت و خالتي ملك معي هنا "
نظرت مديحة بلهفة و قالت بفرح " نعم صحيح كيف لم ارها من قبل، أنظر إليك كم كنت صغير عندها.. سأخذها " أضافت بحزم
نظر أدين ليقين بتساؤل كأنه يفهم و يعي أن ليس من حقه أن يوافق أو يرفض.. فأومأت برأسها باسمة فقال لجدته " خذيها جدتي و هذه مع جدي رحيم و جدتي سميحة "
قالت مديحة بحنق" لا يكفي هذه و كأني أريد رؤيتهم "
نظرت أماني للصور معهم و أسامة يقول بحماس لمديحة " خالتي أماني هى أول من حملني و راني هى أخبرتني بذلك "
نظرت إليه مديحة بصمت قبل أن تبتسم بحنان فهو يبدوا ولد صغير كأدين و ليس به خبث أو حقد كما كانت تظن.. مدت يدها و هى تشده ليجلس على ساقها الأخرى قائلة " أجل يا ولد أنا أيضاً كنت هناك يوم ولدت "
قال أسامة ببراءة" لم أراك هناك جدتي "
ضحكت مديحة قائلة " لأنك كنت صغير بالطبع كيف ستتذكر يبدوا أن لك ذكاء والدك "
رد فخار متذمر" خالتي أرجوك كفاك سباب أمام الأولاد"
كانت أماني تنظر بعيون معلقة بالصور التي تسجل مدي فرحتها ذلك الوقت و ملامح فخار وقت ولادة أدين، لتشعر بالألم أنه لم يكن شعوره وقت ولادة أسامة غريب شعورها هذا ، عادت لتنتبه لوالدتها و هى تقول للولدين
" بما أني خالة والدكم يحق لي سبه و ضربه أيضاً فلا تنزعجا من ذلك اتفقنا "
نهضت يقين و قالت باسمة " سأعد لك بعض القهوة أو الشاي"
قالت مديحة بعدم انتباه " لا أحبهم أحضري لي بعض العصير"
قالت باسمة " حسنا، من يريد منكم البعض منه يا أولاد"
قال فخار باسما " جميعا يا ماما و بعض الكيك أيضاً "
ذهبت لجلبه فرمقها فخار بحزن، فهى لا تحادثه منذ انفجارها إلا للضرورة.. كان يريد أن يذهب خلفها ليتحدث معها و لكن فضل أن ينتظر بعد أن تذهب خالته، حتى لا تجد سبب آخر لسبه، رمقته أماني بضيق فابتسم و هز كتفيه بلامبالاة و عاد يستمع لثرثرة الولدين...
أنت تقرأ
أنا و زوجي و زوجته ( 1) علاقات متشابكة
Romanceمعادلةٌ ثلاثية الأطراف ... كلٌّ منهم عاث فيها و أضفى عليها وزرا يزيد تعقيدها.. كل طرف لبس ثوب الأنانية لاهثا خلف ذاته و لم يرمِ الطرف لضحاياه أو يلقِ لهم بالا !!! فهل لتلك المعادلة حلول ؟ أم أنها عصيةٌ على الحل !!! أم ربما كانت ذات جذورٍ عقديةٍ و حل...