الفصل التاسع
داخل المسجد ،،،
أيقظ مراد شيخ المسجد ، فانتفض مراد .
الشيخ : اهدأ بني ما الأمر تبدو مرهقا .
مراد : عذرا ! لقد غلبني النعاس ... كم الساعة الآن؟
-الثانية ظهرا
- يا الله
ثم هب واقفا بسرعة ليغادر ، فقال الشيخ في لين: ..
-تمهل بني العجلة من الشيطان .
-ليس في كل الأحوال يا شيخنا .
- تبدو كمن يحمل حملا ثقيلا .
تنهد مراد ثم قال : ..
-جدا جدا .
- فليوفقك الله يا بني .
- أدعو لي يا شيخ .
- سأفعل بني .. لكن لا تجعل مع الله وسيط قال تعالي " و نحن أقرب إليه من حبل الوريد " صدق الله العظيم.
- صدقت يا شيخ إلي اللقاء .
غادر مراد إلي حيث أمله الوحيد في شفاء تلك البريئة غنا . فيما تمتم الشيخ : ..
-صدق رب العزة عندما استعاذ من قهر الرجال .. لا حول و لا قوة إلا بالله .
وصل مراد إلي المشفى أخيرا بعد أن من كثرة اليأس أن الوصول مستحيل ...
سمع همهمات كثيرة , و كأن حدثا هاما تتناقله الألسنة ، فأرهف سمعه , فسمع سيدتان تتحدثان : ..
-سمعتِ عما حدث .
- تقصدين الطبيبة رباب و ذلك الشاب حديث التخرج .
- نعم لقد صارت فضيحة .
- يقولون لقد أمسك يدها .
كان مراد على وشك المغادرة بعد ذلك الحديث , و خاطر واحد يتردد في عقله :
-كل النساء خائنات !!
- كلهن بلا حياء !!
بينما هو في ذروة غضبه سمع إحداهن تقول :...
-كل هذا من أجل مسكة يد .... يا لك من قادرة يا رباب .
-هذا الشاب لن يستطيع النظر في وجه أحد بعد الآن .
شاهد أخرى تأتي بسرعة تكاد تلتقط أنفاسها تقول : ..
-يا فتيات ! يا فتيات ! علمتن ما حدث للطبيب الشاب ؟
- هل هناك جديد ؟
- لقد أحيل إلي الشئون القانونية ... سمعتهم يقولون أن هناك احتمال أن يمحى اسمه من نقابة الأطباء .
-ليست رباب بهينة البتة ... لم يكفيها أن صفعته على وجهه .
- لقد تجرأ و أمسك يد طبيبة مهمة هنا , يستحق .
ابتسم مراد مما سمع لقد جمع كلامهم و فهم ما حدث فابتسم و قال لنفسه : ..
-يا لها من قادرة ...
سمع بعدها دوي هائل و صوت صافرات الإنذار و نداء يقول :..
-حالة طوارئ يرجى من الجميع الابتعاد عن الطابق الرابع .. حالة خارجة عن السيطرة .. مطلوب فورا إلي غرفة كبار الأطباء حضور الطبيبة رباب الشماع و الطبيب هشام هاشم و الطبيب حسين عبد الوكيل ... انتهي الإعلان .
حالة من الهرج و المرج سيطرت الآن على المشفى .. أطباء من كل حدب ينسلون .. يبدو أن الأمر خارج بالفعل عن السيطرة , كما أنه الطبيبات ينزلن مذعورات من الأدوار العليا .. رأي شبح رباب مع طبيبة و طبيب , فاقترب منها و جدها تذهب مسرعة إلي أعلى فلحقها , تردد في عقله : ..
-لما كل الأطباء ينزلن و هي تصعد ... لكن هل رباب الشماع هي نفسها من أبحث عنها !!! هل هي بكل تلك الأهمية !!!!!! المهم الآن أن أصل إليها , عسي أن تكون هي , و لا أكون أخطأت ..
...
دخلت رباب غرفة كبيرة و أغلقت الباب لكن لم تحكم غلقه , فاستطاع مراد أن يرهف سمعه ..
نظر من خلال زجاج الباب , شاهد غرفة فاخرة تليق أن تكون غرفة كبار الأطباء في مشفى راقٍ ... غرفة كغرفة الاجتماعات يترأسها طبيب يبدو عليه الوقار و كبر السن , يجلس بالجوار ثلاثة أطباء ( رجلين و رباب ) حمد الله أنها هي .. و يقف بالخلف حوالي 5 أطباء يبدون أصغر سننًا منهم طبيب يعرفه ... إنه هو دكتور عاصم ......
انتبه أكثر و أرهف سمعه و عيناه تكاد تصيبه بسهام نظراتها الحادة خصوصًا أن موقعه خلف رباب بالضبط .
سمع هتاف أحد الأطباء يقول : ..
-سيدي المدير .. لا أستطيع أن أقبل ما تقوله دكتورة رباب .
المدير (دكتور ممتاز ): اهدأ دكتور هشام .
هشام : كيف أهدأ و ما تطلبه الطبيبة رباب أشبه بالمستحيل ... كيف تدخل هي إلي عدو النساء ..
مراد لنفسه : عدو النساء !! ماذا يقولون ؟
رباب : لتسمع وجهة نظري أولا دكتور هشام .. أعرف أن الأمر به القليل من المخاطرة .. لكن فكر إن استطاع ذلك المريض الوثوق بي .. فهي خطوة مذهلة ليتحرر من هالة عدو النساء .
المدير بحكمة : مثير للاهتمام !
طبيب حسين : لكني أتفق سيدي من دكتور هشام , إنها مجازفة كبيرة غير محمودة عقباها , فلما ؟ ألست و دكتور هشام بقادرين عليه ؟!
رباب : ما الفائدة من جعله يثق بمن يثق بهم بالأساس .. نحن نريده أن يثق بالجنس الأخر .
هشام : آخر مرة كان سيقتل العاملة .
لم يسمعوا من المدير سوى همهمات متأنية .
رباب بعند : أنا متمسكة بحقي في هذه الحالة .
ضرب دكتور هشام المنضدة بيده هاتفًا : ..
-أنا أعترض و بشدة .
الطبيب حسين : و أنا أؤيد دكتور هشام .
رباب : هل لي بالورق من عندك دكتور هشام .
ناولها الأوراق فأخذت تخط فيهما بعض الكلمات , ثم أعطت للمدير ورقتين زيلتهما بإمضائها ..
قال دكتور ممتاز برزانة :..
- ما هذا ؟
رباب : إحداهما استقالتي إذا ما فشلت مع تلك الحالة , و الأخرى إقرار بأني المسئولة الوحيدة أن أي شيء يصيبني .
بعدها علت الكثير من الأصوات الحانقة , وانتقلوا بأبصارهم جميعًا نحو رباب التي كانت تجلس بثقة ..
نعم أنا رباب !! لست بخاسرة !! لن أهرب !
ما زاد الدهشة أكثر , احتفاظ المدير بالورقتين في درج مكتبه و قال : ..
-حسنا !
هشام : سيدي الوضع ليس تحديا أنها حياة المريض و حياتك دكتورة رباب .
رباب : و أنا اتخذت قراري ... كما أريد سيدي أن كل من له علاقة بالغرفة يصبحن سيدات .. لكن لا يقتربن اليوم , حتى أسمح لهن ... هل تأذن لي بالانصراف .
المدير : تفضلي .
عاصم : هل نأتي معكِ طبيبة رباب .
رباب : لا عودوا لأعمالكم ..
نهي : لكن ..
رباب : لا لكن .. اذهبن .
قالتها بلهجة أمره و اقتربوا من الباب في حين اختبأ مراد بسرعة , و بقي مع المدير هشام و الطبيب الأخر .
.....
هشام : سيدي ! كيف سمحت لها ..
المدير (ممتاز) : أنا واثق أنها قادرة عليها ..
سكت ممتاز قليلا ثم قال : ..
-ألم ترى لمعة التحدي في عيونها ... تلك اللمعة التي جعلت طبيبة في الثلاثين تحقق ما لم يحققه أطباء تجاوزوا الخمسين , أنا أراهن عليها .
هشام : لكن نحن سنطفئها للأبد هكذا .. تلك الحالة لا مانع لديه في قتل أي امرأة .
المدير بثقة : لا تهول الأمور , لا شيء سيحدث ..
............................................
كانت رباب متوجة نحو غرفة المريض و مراد يتبعها .. يريد أن يعرف كيف ستعالج رجل به مثل دائه لكنه يبدو أن جروح ذلك الرجل أعمق بكثير .. بذلك الدافع تتبعها خفية و قبل أن تدخل , نداها المدير فتحدثت معه بعملية واحترام متناسية كل شيء ..
فيما لا حظ مراد شيئًا غريبًا مريبًا بهذا الرجل , لاحظ أن يداه تطاولت على أن تقترب من ثيابها , لكن تلك الغافلة لم تنتبه !
كاد أن يفتك به مراد و يذهب بما فعل حتى الآن أدراج الرياح , لكن المدير غادر بكل ثقة ... و ترك رباب لعملها .. فاضطر لتتبعها متناسيا أمره ..
......................
دخلت رباب مبتسمة بإشراق , فسمعت زمجرة أتيه من الفراش المقيد عليه من يدعى " عدو النساء " , تنهدت هي و قوت نفسها قائلة : ..
-و أنتِ أيضا رباب قاهرة الرجال .
اقتربت منه و أعدت كرسي جوار الفراش و قالت بابتسامة :....
- هل بإمكاني الجلوس .
فقال بشر :..
-لن تجلس امرأة وضيعة في غرفتي ... أهون لها أن تجلس في الجحيم .
رباب و مازالت على حالها المبتسمة :...
- أكرم الله أصلك , لا أستحق كل ذلك المديح صدقني .. أخجلت تواضعي .
جلست بثقة متجاهلة عيناه اللتان تشع شررا , و لو فُك الوثاق عن يديه الآن لهشم رأسها ..لكن لن تكون رباب لو لم تروضه ..
رباب : ما اسمك ؟
المريض بغيظ : و كأني سأخبرك !
قرأت اسمه من سجله الخاص و تابعت قائلة : ..
-بلال الهواري .. اسم له صيت .
-و ما شأنك أنت يا *****
-أنا لا أستحق كل هذا الثناء .
و في داخلها كانت تود لو تحرق الأخضر و اليابس لتطوله النار أيضا و تجلس هي باستمتاع تشاهده يحترق و بعدها تطفأ النار , لتخنقه أسفل يديها ...
" لا بأس رباب اهدئي .. إنه مريض .. داويه حتى تفعلي به ما أردتِ . "
هكذا هدأت نفسها .. حتى لا ترتكب جريمة الآن .
بلال : إن لم تغادري الآن سأهشم رأسك بيدي .
رباب : هل هكذا أخلاق عائلة الهواري هكذا صدمتني .. هكذا تعامل طبيبتك .
كانت عينا بلال تقدحان شرر , حاول بكل قوة فك وثاقه , فقالت له هي ببرود : ..
-للأسف لا تقدر على حل وثاقك ..
- إن فككتِ وثاقي ستكونين وقتها جثة و لن تفلتي يا مستفزة , و لن يستطيع أحد أن يغيثك ... و لو توسلتِ للغد لن أرحمك .
لم يكد ينهي جملته حتى هبت واقفة ,فظن أنها ستغادر , فابتسم وأخيرا سيتخلص منها .. لكن على عكس توقعاته تماما لقد قامت تحل وثاقه , نظرات عينيه كانت على وسعها و الصدمة تبدو جلية على قسمات وجهه ..
" ما بها تلك ؟! "
......
و في الخارج الصدمة تسيطر أيضا على وجه مراد ..
- ما الذي تفعله تلك .. إنه ضخم الجثة , لو أراد ستكون في عداد الموتى ..
............
بمجرد أن فكت الوثاق عن يديه و قدميه حتى انقض عليها خانقًا إياها ظلت تعود للوراء حتى التصقت بالحائط خلفها , و هو لم يخفف من قبضته عليها .. بل ازداد حدة , لكن الخوف لم يرتسم البتة على ملامحها .. فقط الثقة .. الثقة .
بلال : ألن تتوسلي لأتركك ... كطبعكن القذر .
رباب بجمود : انتظر قليلا ..
ضحك باستخفاف من زاوية فمه و قال : ..
-هل بدأتِ الآن ..
-هيا أكمل .
فغر فاه قائلا : هاه .
-قلت لك أكمل ما بدأته .. كنت أتذكر هل أنا متوضئة أم لا .. و الحمد لله هيا أكمل .
-أنتِ ... سأقتلك .
- لا مشكلة .. ماذا سنفعل إن الحياة مصائب هيا خلصني من همومها .... لكن هل لي أن أسألك .
بلال بعصبية : ماذا تريدين الآن .
-هل حجابي مضبوط .
ثم تلمست بأناملها حجابها و قالت : ...
-حسنا أكمل عملك ! لقد تأكدت أني سأقابل ربي بكل ما أردته , رغم أني تمنيت أن أسافر إلي باريس قبل أن أتم الثلاثة و الثلاثين و أتسوق كثيرا و أتنزه في شارع الشنزلزيه , أنت تعرف كم أن الفتيات تحب التسوق لا عليك ...
ثم ضحكت بخفة و تابعت : ..
- و كنت أريد أن أموت ساجدة ... لكن ربي فضل لي أن أموت شهيدة ... الحمد لله .
ترك عنقها و هتف : ..
- و هل تموتين أنتِ شهيدة .. و أنا أموت قاتلا و مثلكن لا تستحق التضحية .
وضعت أناملها أسفل ذقنها كعلامة للتفكير ثم قالت :
-عندي حل لذلك .. لتقتلني خارج المشفى ..هلا تأتي معي .
ارتد للخلف مصعوقا , كمن أصيب بتيار كهربي عالٍ الشدة .. فوقفت أمام الباب قائلة :...
- حسنا ! انتظر قليلا , و سأبعث لإحداهن لتأتي لك بثياب غير ثياب المشفى فأنا أود أن يكون قاتلي بكامل أناقته ..
اتسعت حدقتي عينيه ... و تمتم بذهول بعد أن خرجت و هو يشير لمكان خروجها : ...
-هذا مشفى أمراض نفسية ... و تلك طبيبة فيه !! ..................................
بقلمي أسماء علامرباب لما استفذت بلال 👇😂😂😂
أنت تقرأ
عما قريب سأصرخ
General Fiction#عما_قريب_سأصرخ رواية درامية اجتماعية اقتباس - أسف لتطفلي بما أنك رتبت كل شيء مع عائلة الغندور ولم تلقى بالا بإخباري سوى الآن , فهل يحق لها أن ترى صورتي , وأنا لم أرها حتى .. - لا تقلق بذلك الشأن فستراها الآن , وتتمني ألا يراها أحدُ غيرك .. هتف مر...