٢٢

754 36 1
                                    

الفصل الثاني و العشرون
رباب : ابتعد يا وائل ... ابتعد ... أرجوك ابتعد .
وائل : رباب .. أنتِ ..
رباب : يبدو أن أحدهم بالخارج , سأذهب لعملي و أرجو أن أعود و أجدك غادرت ..
أغضبه حديثها فقال : ..
-لن أغادر يا رباب .. سأستعيدك و سأستعيد حبك يا رباب الذي زعمتي موته , سأثبت لك أنه مازال يتنفس داخلك .
ابتسمت باستخفاف مميت و قالت : ..
-لن أكون رباب وقتها .
-لنرى ..
سمعا صوت ينادي عليه في الخارج فأمرها : ..
-ارتدي ملابس محتشمة بسرعة , لأفتح الباب ..
لم تستطع أن تجادل رغم أنها أرادت و بشدة لكنها شعرت بدور بسيط حاولت عدم اظهاره أمامه , فارتدت اسدال الصلاة و هي تجاهد لتثبت ...
انتهت ففتح وائل الباب , ليجد مراد في الخارج و معه شخص أخر ...
تيبس مراد مكانه و لم يتحرك قد أنش واحد و هو يرى وائل يخرج من الغرفة و يغلق الباب خلفه ....
-وائل الأنصاري ..
كيف يكون هو مستأجره الجديد ؟!!
كيف أتي إلي هنا ؟!!
ألم يجد في مصايف الإسكندرية كلها سوى هذا المصيف ؟!
رباه أنت أعلم بحالي من نفسي فارحمني .. لما كل الأمور تتعقد و لا تحل ..
-مرحبا .
قالها وائل بجمود و هو يرمق مراد بنظرات غير مبالية ..
الشخص الأخر (مسئول الأمن ) : سيد مراد أنت تعرف سيد وائل ... إنه مستأجر هذا الشاليه ..
كانت نظرات تكاد تقول : و ياليتني ما علمت !
مسئول الأمن : سيد وائل بالنيابة عن السيد مراد أبلغك اعتذاري عن ذلك الخطأ الغير مقصود , حدث خطأ في التوزيع الكهربي , نتج عنه انقطاع الكهرباء في الشاليه الخاص بك , و تعطل أنظمة الأمن .. مشكلة الأضواء استطعنا تداركها البارحة , و اكتشفنا تعطل أنظمة الأمن و منها باب الشاليه الخارجي ؛ لأنه الكتروني ... فاضطررنا لكسره ... لكنها فقط مسألة و يكون كل شيء على ما يرام , لا تقلق ..
أومأ وائل برأسه فقط ..
أما مراد كاد رأسه ينفجر يفكر في أي حل لتلك المعضلة , لا أحد سيقبل بوجوده ... و هو لا ينقصه مشاكل ... زادت مشاكله واحدة و اتسعت عيناه من الصدمة حينما شاهد رباب تلج من الباب الذي ولج منه وائل منذ دقائق , مما أثر سالبا على فمه الذي فهره ...
تقدمت رباب ببطء بسبب شعورها بالدوار الذي استنكرته ..
و لا يسألني أحد أي نوع من البشر هي ؟! لأني لا أعرف الإجابة , كيف استنكرت ذلك الدوار الذي يبدو طبيعيا جدًا لشخص لم يتناول لقمة واحدة منذ أكثر من 15 ساعة ...
وقفت قبالة مراد متجاهلة نظرات وائل تماما , فقالت برزانة غريبة عن طبعها الناري .. لكن يبدو أن الدوار جعلها أكثر رزانة و أقل برود ..
-سيد مراد ما حدث لا يقال عنه أقل من مهزلة .
أشار مراد بيده فخرج جميع العمال و مسئول الأمن .
ثم زفر مراد زفرة حارة وقال : ..
-أنا لم أكن على علم بماهية المستأجر ..
-ألم يلفت انتباهك أمر أخر ..... أيصح أن أكون نائمة فيدخل عليّ شخص ما ...
نظرات نارية من وائل كادت تحرقها لكنها تابعت : ..
-ما الحال إن كان شخص أخر غير زوجي المؤقت ..
جذبها وائل من يدها بقوة جعلت حدة الدوار تزاد و حالة الوهن المسيطرة عليها تتفاقم و قال : ..
-هل جننتِ ماذا تعنين بزوجي المؤقت .
قالت ببرود أجادت اصطناعه : ..
-ألم نتفق على الطلاق .. فما بيننا مجرد وقت يا وائل .
كاد يفترسها بنظراته , لكنه ترك ذراعها و كأنه يعاقبها و قال : ..
-أخطأتِ سيدتي .. أنا لن أطلقك يا رباب و سأنفذ وعدي لك .
رمقته بانكسار و هو يغادر و قد أعطاها ظهره كما يفعل دائما ..
-دكتورة رباب لقد أشرت لك على الشاليه الأخر و ليس هذا .
قالها مراد مبررا موقه .
-أنت أشارت ناحية اليمين .
-أقصد اليمين من الخارج ..
زفرت و قالت بهدوء استغربه عليها : ..
-قدر الله و ما شاء فعل .. أرجو أن تكون أكثر دقة في المرة القادمة , كما أني ضعيفة جدا في استنتاج الاتجاهات , فضع تلك النقطة رجاءً في حساباتك بعد ذلك ... أنا ذاهبة لعملي و سأعلم الممرضة بما يجب فعله في عدم وجودي ..
-دكتورة رباب لما الانتظار , اشرعي في العلاج , لقد أحضرت ما طلبته ..
-سيد مراد أرجوك لا تجادلني في صميم عملي , كما أني لم أجادلك فيما يخصك أنت اخترت المكان و الأشخاص و ترتيب الأماكن فلم أعترض ... و رجاء خاص عندما أعود أرجو أن تكون تخلصت من تلك المصيبة الجديدة ...
و أشارت له بطريقة فهمها و فهم ما تقصده , ها هي مشكلة جديدة مجبر على إيجاد حل لها ...
.....................
أعطت أوامرها للممرضة بحذر و كأنها تجاهد لتصمد , و قبل أن تغادر اقترب مراد و قال : ..
-انتظري سأوصلك حيث تريدين , فالمنطقة معزولة و لن تصلي في موعدك ..
-شكرا سيد مراد .. يكفى صلة العمل فلن يكون غيرها بيننا و علاقات العمل لا تضمن مثل تلك العروض ..
قالت جملتها و غادرت ...
نظر لها بخيبة أمل من عنادها المستفز , و ذهب ليفكر في حل للوضع المتشابك هنا ..
............................           
بعض الأشخاص يجب أن تتلقى عقابا قاسيا للغاية حتى تتقن الدرس في المرة القادمة , فيجب على الشخص أن يدرس الموقف جيدًا قبل أن يرفض أي يد مساعدة ..
فها هي رباب قد سارت ساعة كاملة قبل أن تجد ما يقلها إلي عملها ..
جلست في سيارة الأجرة و جسدها يأن ألما .. و قد شعر ت بألم كبير بداخلها و ضاع عليها موعد هام –كانت ترتب له منذ غادرت منزل دكتور عبد الحميد -  و لم تخف حدة الدوار , لكنها كانت منتبه على ساعة يدها بشكل كبير لا تريد أن تتأخر ..
حمدت الله كثيرا فقد استطاعت الوصول في موعدها بالدقيقة ... أسرعت بالدخول للمرحاض , كانت تتنفس بصعوبة شديدة , و أخذت تسعل بشدة فخافت أن تداهمها إحدى نوبات مرضها , فأسرعت في تناول البخاخ الموسع للشعب الهوائية و باقي أدويتها بسرعة , و هي تحاول تنظيم تنفسها , إلي أن هدأت تماما ..
و قبل أت تخرج سمعت أصوات جلبة في الخارج , و حركة سريعة و أصوات كثيرة متفرقة لم تميزها , فقررت الخروج ... ولجت للخارج فوجدت حركة غريبة بالمشفى , كل شيء يجرى على قدم و ساق و بطريقة مصطنعة على غير العادة ..
بعدها بلحظات سكن الجميع و رأت بوضوح مدير فرع المشفى و دكتور هشام خلفه , شعرت بأحدهما يمس كتفها من الخلف , فانتبهت له , كانت موظفة من الاستقبال ..
-طبيبة رباب , أسرعي المدير يريدك معه ..
-الآن !
-حالا ..
سارت برزانة حتي لحقت به و وقفت بمحاذاة الطبيب هشام خلف المدير , فإذا بهم يقفون في استقبال أحدهم , همست رباب لدكتور هشام : ..
-ما الأمر دكتور هشام ..
-شخص هام قادم , لكن هناك أمر هام لما لم تجيبي على اتصالاتي ..
-آسفة , لم أكن أعلم كنت قد غادرت البارحة باكرا , خيرا إن شاء الله ..
و قبل أن يجيب , سمعا المدير يقول بحزم : ..
-هششششششششش .. اصمتا !
أومأ برأسيهما وصمتا ...
لحظات و ظهر الضيف المنتظر , و  الذي كان دكتور  عبد الحميد (مدير فرع القاهرة) خلفه حنان زوجته .
رحب به مدير فرع الإسكندرية  ترحيب يليق به , و كان من واجب رباب هي الترحيب بزوجته بأمر من مدير فرع الإسكندرية : ..
-دكتورة رباب !! رحبي بزوجة الدكتور عبد الحميد , مهمتك هي أن تريها المشفى و ترافقيها في زيارتها , اعتني بالسيدة ..
ثم وجه حديثه إلي حنان قائلا باحترام : ..
-سيدتي , دكتورة رباب من أكفاء الأطباء هنا و في مشفى القاهرة ..
حنان باندهاش مصطنع : ..
-تعمل في كلا الفرعين !!
كانت عينا رباب تضحك و هي تقاوم بشدة , لكن الجميع اقتنع أنها أول مرة تراها ..
ثم أشارت حنان لإحدى موظفات المشفى , و أعطتها حقيبة بلاستيكية كبيرة و قالت : ..
-ضعيها في مكتب الدكتورة رباب ..
أومأت الموظفة برأسها و ذهبت , قالت رباب بتهذيب عالٍ : ..
-تفضلي سيدتي !!
مدير فرع الإسكندرية : تفضل معي دكتور عبد الحميد ...
أومأ عبد الحميد و سار مع مدير فرع الإسكندرية بهيبة , و هو يتابع رباب و حنان بعينه , و هو متعجب تماما كيف استطاعت حنان السيطرة على مشاعرها , فهي من ذلك النوع من الأشخاص الذي لا يستطيع إخفاء مشاعره و انفعالاته أبدًا ... لكنها أبدت تماسكا خرافيا و قدرة مذهلة على التمثيل تعجب لها هو نفسه ..
.............
داخل مكتب رباب و ضعت الموظفة الحقيبة و غادرت بأمر من حنان و خرجت , أوصدت حنان الباب خلفها , و احتضنت رباب بشدة : ..
-اشتقت لكِ كثيرا حبيبتي , عندما أخبرني عبد الحميد عند قدومه إلي هنا , لم أتركه حتى وافق على اصطحابي معه ..
عانقتها بحنان استسلمت له رباب و بادلتها العناق .
بعد قليل ابتعدت عنها و هي تقول : ..
-أعددت لك الكثير من الأطعمة بيدي , و لن أتركك حتى تأكليها ..
كانت رباب واقفة لا تبدي أي انفعال , سمع بعدها صوت طرقات على الباب انزعجت منها حنان فتركت ما بيدها و فتحت الباب و خرجت هي منه : ..
موظفة : آسفة سيدتي ..
-ما الأمر ؟
-هذا الأستاذ يقول أنه زوج الدكتورة رباب ..
اتسعت حدقتي حنان و هي تحملق بوائل الذي كان واقف بثبات يتطلع إلي المكان ..
حنان برزانة مصطنعة : حسنا فلتغادري ..
غادرت الموظفة فاندفعت حنان تقول : ..
-معقول !! أنت زوج رباب .. لقد أجادت الاختيار حقا .. تبدوان مناسبان لبعضكما ..
-عفوا .
قالها متعجبا من تطفلها , لكن هذا لم يوقف نظراتها الحالمة بإعجاب أم , ثم تابعت : ..
-هيا ادخل قبل أن يأتي أحد ..
أدخلته بسرعة و هو متعجب من تصرفاتها و بشدة , لكن بمجرد أن دخلا حتى فغر فاهما , و تيبسا مكانهما للحظة و هما يشاهدان رباب ساقطة أرضا فاقدة للوعي ...
حنان / وائل : رباب !!!
......................

عما قريب سأصرخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن