الفصل السابع و العشرون
-لا تخبر أحدا رجاء .
-بشرط واحد ..... أن تخبريني ما الذي أوصلكِ لتلك الحالة .
نظرت له ببلاهة ثم قالت :...
-دكتور هشام أنا ...
-ما العيب إن كنتِ تعانين من بعض المشاكل بإمكاني أن أساعدك فيها ... العيب أن نكون أطباء نفسيين و لسنا قادرين على حل مشاكلنا .. أو مشاكل بعضنا ..... حاولي أن تسترخي و أخبريني ما المشكلة ؟ على أيه حال أنتِ لست بخير ، و أنا لا أنتظر منك شيء ارتاحي على الأقل .... و أعدك بشرفي أني لن أخبر أحد ...
استرخت قليلا و للعجب بدأت تتحدث :..
-أتعلم ما العيب الأكثر دكتور هشام .. أن تكون طبيب نفسي و غير قادر على التصرف بمهنية و عاجز تماما عن أن تحل مشاكلك .... لو كان في وقت أخر لما تحدثت ، لكن طاقتي على التحمل أصبحت صفرا ... أنا و لأول مرة في حياتي أشعر بالعجز ... و الحق عليك !
-عليّ أنا !
-نعم ! لو لم تصر على ينضم ذلك المزعج إلي فريقي ...
ضحك دكتور هشام قليلا ... لكنها تابعت تسرد له و لو رتوش قليلة عن ألامها .. لكنه لم تحكٍ عن حدث بعينه أو شخص بعينه .... ذلك الامر الذي لم يفت دكتور هشام ... فبعد أن شعر أنها انتهت قال :..
-علمت أنكِ شديدة التحفظ بما يخص حياتك الشخصية ، لكن لم أتوقع أنه لتك الدرجة أنت لم تذكرِ حتى حدث أو شخص .. و أنت بذلك تصعبين المهمة عليّ و على نفسك و أنتِ تعلمين .... لكني لن أيأس سأكلفك بأمر أريدكِ أن تشاهدي التلفاز و تبحثي عن أي شيء يشبهك آية قرآنية ... صورة ... أغنية ، أي شيء ...
ابتسمت ثم غادرت الغرفة أولا ... و بعدها غادر هو … و أثناء خروجه قابل تلك المزعجة ، و التي بدأت باتخاذه عدوا ......
شيماء : مرحبا يا دكتور ... الآن علمت لما كنت تعاديني .... أنت تقف في صف دكتورتك الحسناء .
-أنا لا أرحب بتلك التلميحات .. تكلمي مباشرة ماذا تعنين ؟
-كان من الأفضل أن تنير اللمبة الحمراء حتى يكون الجو خاليا لكما في غرفة التشخيص ..
-اخرسي و تكلمي بأدب ، لو لم تكوني امرأة لكان ردي قاسيا .... لكن إذا تسفه السفيه بسفاهة فخير من إجابته السكوت ..
ثم تركها و غادر و هو بداخله يلعن تفكيرها الحقير .....
…………………..
بعدها استأذنت رباب من المدير لتغادر باكرا فلم نعد تتحمل ذلك القاسم ....
==============
في القاهرة بالتحديد في الحي الشعبي و في شقة سمر ،،،
كان القلق قد بلغ منها مبلغه فلم يصل إليها أي خبر عن وائل أو رباب منذ تلك الليلة ، إذا كان الأمر من جهة وائل فهذه عادته ليس بجديد عليه ، أما رباب فالأمر بات مقلقا .... كانت تفكر بمن تتصل بما أن رباب لا تجيب .... لا تعلم رقما لمراد أو حتى لسالم الغندور ... عندها رن جرس الباب ، خافت حتى أن تنظر في العين السحرية ، فمن قد يزورها لا بد من أنه أكرم – زوجها السابق - عاد لتلك العادة ، فلكم فعلها حتى يزرع الخوف في قلبها و بالفعل نجح ، وجود رباب أحيانا كان يقلل من حالة الذعر التي تسكن بقلبها – و قد جاءهم يوم زيارة مراد لرباب و قد أخفت رياب الأمر عن سمر مدعيه أنه سائق مراد – خيم الخوف على قلبها ......
لكنها تذكرت كلام رباب ، لن تضعف ستتمرد على ذلك الخوف ، لكنها ليست جريئة للغاية لتواجهه فهو شخص خطير ، فكرت في حل سريع يجعلها تتأكد أنه هو و ليس أحد أخر ... نادت على سليم ...
-نعم عمتي !
أشارت له ليصمت و جعلته يقترب و قالت :…
-أنت بطلي يا سليم أليس كذلك ؟
أومأ برأسه فتابعت :..
-أريدك أن تقترب من الباب و تمثل أنك رجل كبير و تسأل عن الطارق ..
-هذا الذي يرن الجرس ..
أومأت برأسها فاقترب من الباب و قام الصغير بتضخيم صوته إذ بدا كرجل كبير و قال :..
-من بالباب ؟
و ليتها ما افتعلت تلك الخطة من الأساس ، فوجود رجل أخر قد جرح رجولة أكرم – المزعومة – فبات يطرق الباب بعنف مهددا :..
-من أنت ؟ من هذا يا سمر !! لو كان عندك الشجاعة فلتواجهني أيها الحقير !! من هذا يا من تدعين الشرف ! افتحي و إلا حطمت الباب فوق رأسك و رأسه ...
لم تستطع سمر التحمل ، فقد كان لديها و لو أمل ضعيف في ألا يكن أكرم ، لكنها أضحت متأكدة و يهدده أيضا ، فخرت على الأرض فاقدة الوعي ، خاف الصغيرين من صوت الخبط الشديد على الباب ، و خاف الصغيرين أكثر عندما سقطت عمتهما فالتفتا حولها يحاولون جعلها تفيق .. لما زاد صوت الطرقات تجمع بعض السكان فاضطر أكرم ليهرب سريعا ... لم يعرف كيف يتصرف الطفلين ، فأمسكا الهاتف ليتصلا على والدتهما ... العديد من المرات ... حتى أجابت و أخير ..
-خيرا يا سمر !!
سمعت رباب صوت شهقات و بكاء يأتي من الهاتف فقالت في قلق :..
-ما الأمر ؟! أ جيبي يا سمر ... هل حدث شيء.. أجيبي بالله عليكِ ..
استطاعت بعدها أن تميز صوت سليم من الهاتف ... فقالت :..
-سليم اهدأ و أخبرني ما الأمر ...
-انجدينا يا أمي ..جاءنا شخص طرق الباب كثيرا .... و لما أجبت عليه و سألت من هو أخد يزعق و يطرق بشدة على الباب و عمتي فقدت الوعي ..
-أمازال في الخارج ؟ !!
-لقد اختفى صوته بعدما تجمع الناس و هم يطرقون الباب حاليا و نحن لا نعلم ماذا نفعل يا أمي ؟!!
-لا تخف يا سليم .. أنت رجل أختك و عمك ... أمك ستتصرف يا حبيبي ... لا تقلق ... عليك أن تجلب عطرا من الدولاب و اجعل عمتك تستنشق منه حتى تفق .... و اجعل هنا تضع أشياءكم في الحقائب و أنا معك على الهاتف ....
..........................................
شعرت رباب بالخوف الشديد على سمر و على أولادها .... يجب عليها أن تتصرف ... إن سافرت لهم سيستغرق ذلك الكثير من الوقت ... و لم تدبر أي مكان صالح لإقامتهم ، غيرت وجهة سيارة الأجرة التي كانت تركبها و طلبت منه أن يوصلها إلي مكان سمسار شقق بسيطة .. و عندما ترجلت من السيارة عند المكان المذكور رن هاتفها باسم سمر مرة أخرى لكن هذه المرة أجابت سمر بعد أن أفاقت و قد بدا على صوتها التعب ..
-رباب !
-سمر أنتِ بخير ..
سمعت صوت بكاءها و علو شهقاتها ..فقالت رباب بغضب من أجل سمر :..
-لقد تخطى أكرم كل الحدود ... لو كنت موجودة لم يكن لينجو من صفعة مدوية على وجهه ... أنه عار على الرجولة ذلك السفيق ... سأجعله يندم يا سمر ... لا تبكى .. الآن كل ما عليكِ فعله هو أن تلقى أشيائكِ في حقيبة السفر .. و الأولاد أعدوا حقائبهم ... ٤ ساعات و تكونين عندي يا سمر ..
-لكن يا رباب عملي و مدرسة الأولاد و .......
-اللعنة على كل ذلك .. إن حدث لكِ مكروه بماذا سيفيد كل هذا .. افعلي كما قلتِ لكِ و لا تردي على من يطرقون ذلك الباب ...
أغلقت رباب الهاتف بعدها ، و اتفقت مع المقاول على شقة بسيطة لكنها بحاجة ماسة لمال أكثر ... ماذا تفعل لا تعلم ؟! بمن تستعين و ممن تطلب ؟!
عندما تعمقت في التفكير في تلك النقطة شعرت كم هي وحيدة!!
ليس لها أهل !!!
زوجها !! مستحيل أن تستعين به فأين وائل من دنياها و أو دنيا أخته و هي لن تخضع له على أية حال و تجعله يشعر أنها بحاجة له !!
من في حياتها !!!! أخذت تعد كل الأشخاص الذين تعرفهم فوجدت أنهم قلة قليلة من الناس ... و لا يعتبر أحد بجانبها سواها .... كم هو مؤلم ذلك الشعور ... شعور الهوان و الخذلان ... آه !!!
أطلقت زفرة حارة مشبعة بألمها ...
لكنها وجدت و أخيرا الحل !!! لكن بهذا ستحنث بعهدها مع نفسها !! لكن عندما يتعلق الخطر بمن تحب فاللعنة على كل الوعود و العهود !!
ذهبت سريعا إلي المصرف و أعطته رقم الحساب التي فتحته باسم غنا و أخذت المال الذي تريده و غادرت .. كان المكان مزدحم كثيرا لكنها انسابت بينهم و استطاعت الخروج ، كانت أشارت لسيارة لكنها لم تقف بل زادت سرعتها و غادرت فدهست مياه متراكمة على الطريق فتطايرت على ثيابها مسببه اتساخها ....
-أوف ..
تأففت كثيرا ، ثم ذهبت لوجهتها ...
قد تزعجنا أشياء كثيرة مسببة لنا الضجر ، حينها لا ندرك أننا على الطريق الصحيح الذي اختاره الرحمن ... أو لم يكن ذلك الوقت المناسب لكشف الحقيقة ...
=======================
في شاليه مراد ،،،
كان سالم الغندور جالس مع مراد كلاهما يعمل ، لكنهما قررا أخذ استراحة قصيرة ، يشربا فيها فنجانين من القهوة في الردهة ... و العجيب في الأمر أن من يرى مراد و سالم أول الأمر لن يصدق مطلقا أن ينسجما بهذا الشكل ... فسالم يرى أن مراد بالرغم من أن سنه ليس كبيرا لكنه أبدى من الحكمة و الفطنة ما جعله يحترم عقليته ، و مراد يرى أن ذلك الرجل المخضرم عقلية فذة، قادرة على حل أصعب المعضلات في ثوان ... لكن ما يحير مراد أن سالم يكون كأب حنون مع غنا .. يخاف عليها من خدش النسيم ، لكن فيما يتعلق بحفيدته الأخرى فهو شخص أخر تماما متعجرف ، عنيد و أحيانا عنيف ....
قطع ذلك الصمت صوت سالم المتسائل :..
-مراد ! أنا أشعر بالقلق على غنا ..
-و أنا مثلك ..
شعر مراد بالاضطراب من ذلك التصريح الذي لم يكن مرتب له ، لكن سالم لم ينتبه لذلك بل تابع :..
-قلت لكِ رباب ليست مناسبة لتعالج غنا .....
-أنا لا أفهم أي شيء ... ما الذي تخطط له اليوم اتصلت بها لأفهم منها و أتناقش معها لكنها أغلقت الهاتف في وجهي تلك ال ...
صمت و لم يكمل سبه لها ، بينما قال سالم :..
-احمد ربك فتلك المتعجرفة لم تجب على هاتفي حتى !!! أنا أشعر أنها تخطط لشيء ..
- و أنا كذلك ! فهي لم تجعل غنا تستيقظ و لو مرة ...
-هناك طريقة واحدة لنعرف ما الذي تخطط له !!
ثم جذبه سالم ، ليذهبا معا إلي تلك الغرفة التي حظرتها رباب عليهم و التي أعدت فيها خطتها لكنها خطة لعلاج غنا و ليس كما يسئ كلاهما الظن ...
دلفا الغرفة بشيء من الحذر ، تطلعا إلي الغرفة فتوقفت نظراتهما عند تلك السبورة المعلقة و التي تحتوي على جملة واحدة غريبة المعنى " نامي كما تشائين "
سالم : مراد ! هل تفهم شيء ؟!
أشار بوجهه بمعنى لا ثم قال :..
-لا شيء !! و النائمة الوحيدة هنا هي ....
"غنا " قالها في نفس الوقت و عيناهما تتسأل عن معنى تلك الجملة إلي أن قال مراد : ..
-لنبحث عن شيء أخر ..
انتبه كلاهما إلي تلك اللوحة المعلقة و التي تبدأ بنفس الجملة و بعدها أسهم و اشارت كثيرة و تعجبا كثيرا من الصور ، أولا لا يعرفون كيف جاءت بصورة لمراد ... و بعدها رأوا صورا لأشخاص منهم : سالم ، و خالد والد غنا و صورة أخرى لوالدتها و صورة لرنا و صورة للمنزل الريفي ملك عائلة الغندور الذي مات به خالد ..... على شكل دائرة في وسطها جملة " تذكريهم " و هناك أسهم تخرج من صورة خالد و رنا و المنزل الريفي تشير إلي جملة "كيف ماتوا "
اتسعت عينا سالم عندما قرأ تلك الجملة و هتف :..
-إلي ماذا تخططين يا ابنة راضي ..
ثم تابعا فوجدا صورا لسلاح بدون شخص فيها أسفلها جملة " ماذا فعل بكِ "
سالم : ألم أقل لك مراد نوايا ابنة راضي ليست جيدة بشأننا إنها تخطط لتدمير غنا ..
عند تلك الكلمة جحظت عينا مراد ، بينما صد سالم عن إكمال كلامه رنين هاتفه ... أجاب بشي من الحنق فقد كان المحامي ..
-ما الأمر ؟ أرجو أن تكون لديك أخبار جديدة و لا تكون تتصل فقط لتزعجني فأنا منزعج بما فيه الكفاية ..
-سيدي ! لقد ظهرت من فتحت الحساب باسم السيدة غنا ..
-حقا !! من هي ... و ماذا تريد ؟
-سيدي ! إنها سيدة ما بين أواخر العشرين و أوائل الثلاثين ، محجبة و خمرية البشرة , و ذات طول متوسط كانت ترتدي تنورة من الجينز و بلوزة من اللون الأبيض و ووشاح مزركش أزرق يوضع حول الرقبة , و حجاب أبيض ..
-هل تمزح معني !! بما تفيد تلك المعلومات ..
-سيدي كنت أخبرك مواصفاتها يمكن أن يكون تعرف أحد بتلك المواصفات , رجالي لا يغادرون من أمام جميع فروع المصرف ، و لأول مرة تسحب تلك السيدة المال فهي دائمة الايداع فقط .. و أيضا لأول مرة من الفرع هنا في الإسكندرية و ليس القاهرة و هذا يعني أنها ..
-أنها في الإسكندرية ..
-بالضبط ! لكن للأسف سيدي عندما تتبعنها كان هناك زحام شديد و كان السيارة اختفت بها ..
-أوف !!
كل ما استطاع رجالا فعله هو التقاط صورة لها قبل أن تختفي .. سأبعثها لك على الفور !!
ثوانٍ وصلت رسالة إلي سالم تحمل صورة صاحبة حساب المصرف ....
بعث المحامي صورة "لرباب " و لكن لحسن حظها لم تكن الصورة توضح أي من ملامحها ... تعمق سالم في تفاصيل تلك الصورة لكنه لم يتعرف إليها البته ، عندما لاحظ تعلق بصر سالم بالصورة كثيرا نظر إليها و قال :..
-أشعر و كأني رأيت تلك السيدة من قبل ... لكن لا أذكر أين ؟!!
-و أنا كذلك !! كما أن تلك الصورة اللعينة ليست واضحة... لكني أقسم أني سأعرف من هي و لن تنفد من يدي حتى أعرف لماذا تخطط ...
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
مرت الاربع ساعات اللازمة لتصل سمر لرباب .. أغلقت رباب الهاتف فهي لا تريد أي إزعاج ، و عدد المزعجين في حياتها لا حصر لهم ، لما أطلت لها سمر ضمتها بقوة ، و ضمت أولادها و قبلتهم ، و دلتهم حتى وصل للشقة التي دبرتها رباب في وقت قياسي ، كان الأولاد قد أرهقوا تماما ، فأبدلت لهم ثيابهم و جعلتهم يناموا ، و خرجت للصالة فوجدت سمر جالسة مكانها ترتجف ، فجلبت كوب مياه و ربتت على كتفها ، ثم جلست جوارها ، قالت سمر بنبرة مضطربة :...
-رباب أنا خائفة ! ماذا أفعل له كي يبتعد عني ، لقد تعبت ... تعبت !!
أجابتها سمر بنبرة حنون :..
-لا تقلقي !! اعتبري صفحة أكرم تلك انقطعت من حياتك , لن يصل لكِ هنا !
-رباب ! أنتِ لا يمكنك تخيل حالتي ! في البداية انفصلنا .. فتعقبني و قلب حياتي جحيم ، فابتعدت عن كل الأماكن التي يعرفها ... حتى أني تركت شقة والداي لتعشي فيها أنتِ و وائل بمفردكما ... و سكنت في ذلك الحي الشعبي حتى يتركني لحال سبيلي !! و لا يعرف لي طريق .. لكنه لا ييأس !! أنا أعرف أني ضعيفة و لا أقوى على فعل شيء حيال ذلك !!!
-و من سيشعر بك سواي يا سمر .. أنتِ صديقتي الوحيدة ! و على العكس أنا من كنت بحاجتك أكثر مما كنتِ أنتِ بجاجة إليّ ... أنت قابلتني في أسوء حالاتي و أكثرها ضعفا .. فسندتني و قويتني .. و شد الله أذري بكِ ... كل ما أنا عليه بفضلكِ يا سمر ...
ضمتها سمر بقوة بعد قولها ! فقد شعرت أنها بحاجة لذلك حقا !! و قالت :..
-كم أحمد الله أنه رماكِ في طريقي الذي لم ينر إلا بكِ .. يا أفضل صديقة و أفضل زوجة أخ في العالم !!
يا الله لكم ألمتها تلك الكلمة الأخيرة !!!
-هيا يا سمر !! اذهبي نامي جوار الأولاد ، أنا سأبيت معكِ هنا !! لكن لن أنام الآن فأنا لدي بعض الأشياء لأنهيها و أري ماذا سأفعل بملابسي المتسخة تلك ، و الليل قد أسدل ستاره !!
-لا مشكلة رباب !! ارتدي أي ملابس لتنامي من ملابسي و أنا سأنظفه لكِ غدا و يمكنك ارتداء أي شيء من ملابسي !! فنحن لنا نفس المقاس تقريبا ..
نامت سمر من الوهلة الأولي بينما ظلت رباب تكمل عملها بعد أن ارتدت إحدى منامات سمر !! و بعد أن أنهت عملها ، جلست تكمل قراءة مذكرات والدها ... لكنها تذكرت ما طلبه منها دكتور هشام .... ففتحت هاتفها و لكن وجدته فارغا فهذا الهاتف جديد و لا يحتوى على أي شيء ... فتركت و أشعلت التلفاز و بدأت تقلب بين قنواته بإهمال ، لم تشعر بأنها مائلة لأي شيء ... حتى توقفت عند قناة أغاني تعرض أغنية للفنانة اليسا من ألبومها الجديد ، لفت انتباهنا اسم الأغنية " عكس اللي شايفنها " فاستمعت للأغنية :......
وقالوا سعيدة في حياتها
واصلة لكل أحلامها
و باينة عليها فرحتها
في ضحكتها وفي كلامها
و عايشة كأنها في جنة
وكل الدنيا مالكاها
وقالوا عنيدة وقوية
ما بيأثرش شيء فيها
محدش في الحياة يقدر
يمشي كلمتو عليها
هتحلم ليه وتتمنى
مافيش ولا حاجة ناقصاها
ومن جوايا أنا عكس اللي شايفينها
و عالجرح اللي فيها ربنا يعينها
ساعات الضحكة بتداري في جرح كبير
ساعات في حاجات ما بنحبش نبينها
كتير أنا ببقى من جوايا بتألم
ومليون حاجة كاتماها .. بتوجعني
بيبقى نفسي أحكي لحد وأتكلم
وعزة نفسي هي اللي بتمنعني
سنين وانا عايشة في مشاكلي
وبعمل اني ناسياها
وحكموا عليا من شكلي
ومن العيشة اللي عايشاها
أنا اوقات أبان هاديه
ومن جوايا نار قايدة
ولو يوم اللي حسدوني
يعيشوا مكاني لو ثانية
ولو شافوا اللي أنا شفتو
هيتمنوا حياة تانية
ولو أحكي عن اللي أنا فيه
هتفرق ايه .. ايه الفايده؟
ومن جوايا أنا عكس اللي شايفينها
وعالجرح اللي فيها ربنا يعينها
ساعات الضحكة بتداري في جرح كبير
ساعات في حاجات ما بنحبش نبينها
كتير أنا ببقى من جوايا بتألم
ومليون حاجة كاتماها .. بتوجعني
بيبقى نفسي أحكي لحد وأتكلم
وعزة نفسي هي اللي بتمنعني
بعدما انتهت الأغنية شعرت رباب لوهلة أن تلك الأغنية تمثلها بحق ... ثم بعدها ابتسمت بسخف على نفسها ...
-مستحيل ... ما هذا السخف !!
ثم أغلقت التلفاز و أكملت قراءة مذكرات والدها ، اندمجت كثيرا إذا بدأت تنقلب حياة والدها منذ عرف والدتها و أحبها ... شعرت و كأنها تعيش معهم ، تألمت من أجله و شعرت بالغضب أيضا .. لم تدري كم مر عليها من الوقت و هي تقرأ لكنها توقفت عند ما انتهت المذكرة .... و انتهت يوميات والدها و ختمها بهاتان الجملتان " لن أسامحك يا سالم الغندور ... لن أسامحك يا أسعد الحمزاوي " أغلقت المذكرة بعنف و هي تشتغل من الغضب ، الغضب الكامل على سالم الغندور كيف جعل حياة والداها جحيما حتى اضطر لأن يسافر للخارج ليعمل و قبل أن يعلم أن والدتها حامل و قبل أن يسافر ترك تلك المذكرات لدى دكتور عبد الحميد و هو يودعه ... و كل هذا و هي لا تعلم أي شيء عنه بعد أن سافر ...
كادت تجن تريد أن تعرف المزيد ... و كان القدير استجاب لدعوتها الصادقة إذا جاءها هاتف من دكتور عبد الحميد فأجابت على الفور :....
-السلام عليكم دكتور !
-و عليكم السلام يا ابنتي .... كنت أريد أن أخبرك أني تذكرت شيئا لا أعلم إن كان سيفيد .. لكني وعدك أن أخبرك أي أتذكره ، ربما تمتلأ تلك الفجوة بداخلكِ فتكوني بعدها قادرة على تكملة مسيرة حياتك ..
-خيرا يا دكتور !
-يوم جاءني راضي والدك .. كان قلق على والدتك كثيرا لكنه لم يخبرني بعنوانها وقتها ... كل ما شعله وقتها كان حنقه و حقده على جدك و المحامي الخاص به .. علي ما أتذكر أسعد ..
-أسعد الحمزاوي ! الاسم ذاته ذكره والدي في مذكرته !!
-و لما أكثرت من الإلحاح عليه أخبرني أنه جاءه من شهر في منزله و أوصل له تهديد سالم الغندور ... و من بعدها لم يستطع والدك العمل في أي مكان في الإسكندرية و قرر السفر .. وقتها كان مصمم و لم أستطع أن أثنيه عن قراره رغم محاولاتي المضنية و بعدها ترك عندي تلك المذكرات فهو لم يشأ أن يشأ أن تقرأها والدك ... و عندما سألته لما ؟ أخبرني أنه لم يرد لوالدتك أن تكره والداها .. فقد كان يشعر أنه ممكن أن يصيبه مكروه فتعود إلي حصن والدها ، لذلك لم يخبرني عنوانها .. لكنه كان رجل رائع يا ابنتي لم يتخلَ عن والدتك حتى أخر نفس ...
بعد تلك الكلمات لم تستطع رباب أن تمنع دموعها المنهمرة من الهطول على خديها ... ناداها عبد الحميد كثيرا من الهاتف لما استبطأ جوابها ، كتمت شهقاتها حتى تجيب عليه و قالت :..
-و لنفس السبب لم يذكر شيء عن لقاء أسعد به في مذكراته ...
-ربما لأنه خشي أن نلتقي فأسلمها المذكرات ....
تابعت رباب ببكاء :..
-رحمك الله يا أبي ... رحمك الله ... لن أسامحك يا سالم يا ابن الغندور أصبح لدي ألف سبب الآن كي أكرهك !
-رباب لا يجـ ......
-شكرا دكتور عبد الحميد على كل ما فعلته من أجلي ... لكني سأطلب منك طلب أخير .......
أنت تقرأ
عما قريب سأصرخ
General Fiction#عما_قريب_سأصرخ رواية درامية اجتماعية اقتباس - أسف لتطفلي بما أنك رتبت كل شيء مع عائلة الغندور ولم تلقى بالا بإخباري سوى الآن , فهل يحق لها أن ترى صورتي , وأنا لم أرها حتى .. - لا تقلق بذلك الشأن فستراها الآن , وتتمني ألا يراها أحدُ غيرك .. هتف مر...