السابع و الثلاثون
-من أنت ؟ و ماذا يحدث ؟!
تلقى بلال لكمة أخرى و سمع صوت سبب من وائل ... لكنه لن يسمح لأحد أن يمد عليه يد ، خاصة أنه لم يخطأ .
رد بلال على وائل ، و ظل يتعاركا مدة ، حتى تعب كلاهما فقال بلال و هو يلهث :..
-هل لي أن أفهم ما سر ذلك الاستقبال الحار ..
-أنت أيها الحقير ! ت.. تسألني بعد الذي فعلته ؟ و تأتي اليوم بكل وقحة .. لكنك لم تحسب حساب هذا .. ليس وائل الأنصاري من يترك غريمه على قيد الحياة سأقتلك .. و أننقم منها .. سأفعل !
-أنت بالتأكيد مجنون !
-مجنون إن تركتك ..
-غريم من يا مغفل ! أنا ....
-ماذا أسميك .. حقير و زوجتي أحقر منك ، عندما شعرت بنهايتك تنكرت منها ..
ثم نهض و انقض عليه ، استطاع بلال صده و هو يقول :..
-و هل أعرفك حتى ، حتى أعرف زوجتك ...
تمكن وائل من لكمه ... فنزف دما من أنفه ، فتوعد كلاهما للأخر ..
توقف كلاهما عن الشجار على أثر صوتها الذي هتف خائفا و وقفت بينهما قائلة :..
-ماذا يحدث ؟!
-سمر ابتعدي عن هذا المجنون !
قالها بلال و هو يبعدها خلفه ، أمسك وائل يدها بعنف :..
-هل ستسرق حرمة بيتي كلها يا حقير ....
-يا أخي اهدأ قليلا ..
قالتها سمر ، فهتف بلال :..
-أخوكِ ! ذلك المتهور .. أخوكِ يا سمر !
-لا تجرأ أن تتفوه باسمها ..
و كأن وائل على وشك لكمه ، فدفعته سمر و بكت لأخيها متوسلة :..
-ماذا تفعل يا وائل اترك بلال ..
وائل : هل تعرفيه يا سمر و تدافعين عن ذلك ***
سمر : ماذا تقول يا أخي ! إن بلال شاب خلوق ..
وائل : خلوق ! ألا تعرفين ماذا فعل ذلك الخلوق ؟!
-ماذا فعل ؟!
-اسكتي يا سمر ...
-إذا أخبرني ماذا فعلت أنت يا بلال ..
بلال باهتياج : بحق الله هذا ما أريد أن أعرفه .. أن لم أرى وجهه من قبل و هو يخبرني أني غريمه ! أمتأكدة أن ذلك المختل أخوكِ و زوج الدكتورة رباب ..
وائل بغضب : تجرأ على ذكر اسمها
ثم لكم بلال بعنف ..
بلال : أنت مجنون بحق ! سامحيني يا سمر لكني سأؤدب أخاكِ ...
ثم ادفع كلاهما يتشاجران ، توسلت لهما سمر باكية ، و قد أمسكت بقدمهما و هي جالسة على أرض تبكي ، فتوقف بلال و قال :..
-توقفي عن البكاء !
صرخ و قد غضب لدموعها تلك ! هو لا يريد ذلك الشجار لكن أخوها يريد ..
قال بلال بنزق :..
-أنتِ لا تعرفين ذلك النذل ..
-يا أخي أنت لا تعرف ماذا فعل هو معي .. ذلك الرجل صان لي شرفي ..
-ماذا ؟!
أخافته تلك الكلمة ، بدأت سمر بسرد ما حدث معهم ذلك اليوم و هي تبكي ..
و بلال يشتاط غضبا منها ! لماذا تسرد أمر كهذا هي بهذا تحوله إلي وحش كاسر ! و لم تبكي الآن هكذا ! و هو لا يعرف كيف يمسح عنها دموعها .. فهي لبست زوجته بعد !
كان وائل يزمجر بغضب مما تسرده سمر .
كيف استطاع ذلك *** من أن يتعرض لشقيقته !
لكن لا يدري أيلومه أم هو نفسه الملام ؟!
هو من لم يهتم بشقيقته ، و أقسم أنه لن يتحرك ذلك الأكرم أبدا ....
لكنه أنتبه لنهاية القصة و قلبه يدق بعنف ، و عقله يحلل و يضع النص الصحيح ..
هذه هي الفضيحة الذي تحدث عنها البواب و بلال ادعي انه زوج سمر لينقذها من ألسنة الناس و أخذها و غادر و بعدها عاد ليقل رباب !
و هو بغبائه أساء الظن بها و أقدم على فعلته الهوجاء و دمر حبيبته !
لقى انتهى أمرك يا وائل ..
شعر و كأن الأرض تميد به ، لكنه تدارك نفسه و رفع أخته إليه و ضمها و همس لها :..
-أنا آسف يا سمر ! حقك سآخده لك من ذلك الوغد ..
أغمضت سمر عينيها ! تحاول أن تصدقه هذه المرة !
ثم مد وائل يده لبلال و قال :..
-أنا أعتذر ..
-و لن أقبله إلا بشرط ..
قطب بين حاجبي وائل فتابع بلال :..
-زوجني أختك ..
-هذا ليس الوقت المناسب سيد بلال ..
-سأعتبر أنه وعد منك ..
ابتسم له وائل بأمل .. و تعمق الألم بنظراته أكثر !
فقال بلال : كنت أود تقديم واجب العزاء للدكتورة بنفسي لكن مظهري هذا ..
ثم أشار إلي نفسه ، فأردف وائل :..
-سمر ! قودي الأستاذ إلي المرحاض ..
أومأت برأسها ، و ذهبت معه ..
....................................
التفتت دكتور عبد الحميد و نظر سالم لها بأمل و كأنه يقول و أخيرا تحدثتِ ..
-لقد مات سليم .. ابني .. رجلي !
و انخرطت في بكاء مرير ..
و كأنها استعادت احساسها بعد الأيام الثلاثة السابقة التي كانت فاقدة فيها للشعور ..
مسد عبد الحميد على رأسها !
-لقد ذهب إلي من أحن و ألطف .. كوني قوية ، صابرة يا ابنتي .
-لقد مات بسببي ! أنا من أهنته و أنا أعرف ابني إنه عنيد ، لا يحب الإهانة .. أراد أن يعاقبني ، لكن عقابه هذا قاسي ..
صمت كلاهما لعلها تخرج كل ما يعتمر صدرها ..
-لقد .. لقد مات بسبب حقدي و كرهي لك يا سيد سالم .. سأعتذر ، نعم أعتذر لك .. لن أفعلها ثانية ، لن أكرهك لكن أعيدوا لي ابني .. أعيدوا لي سليم ..
و بعدها أجهشت في البكاء أكثر ، فورا كانت في أحضان سالم يضمها بحنان .. يمسد على رأسها !
-اكرهيني كما شئت لن أغضب .. أنت لك الحق ،كل الحق لتكرهيني , أنا السبب في كل ما وصلتِ إليه من ألم . أنا السبب ..
قالها و هو يستعيد كل ذكرياته مع حفيدته ، و هو يستعيد أيضا كلمات مربيتها – التي عينها لها – بعد أن أجربها على الاعتراف في مكتب محاميه !
أصبح يدسها أكثر في أحضانه و كأنه يعتذر .. يثبت لنفسه قبلها أنها حفيدته ..
-لقد نامت .
قالها عبد الحميد و قد رأى أن سالم هو من كان يحتاج لذلك العناق و ليس العكس ..
حاول سالم أن يجعلها ترتاح و هو يقوم من أحضانها .
-اجعل رأسها أكثر راحة .. حتى تتنفس فهي لا تستطيع أن تتنفس بصورة طبيعية ، و دثرها جيدا ..
رمقه سالم بنظرات ذات مغذى فقال عبد الحميد :..
-اعلم جيدا ما تود قوله ، و نعم أن أعلم علتها ، فرباب كابنتي .. و اعلم الكثير من الأشياء التي لا تود أنت سماعها .
-من أنت ؟! أنت لست مجرد طبيب ..
-دكتور عبد الحميد عبد المجيد و أنا اعتبر نفسي والدها عوضا عن صديق عمري .. راضي .. وداعا يا سيد سالم .
حدق به و هو يغادر ، لكنه بقي ساكنا , و فعل من قال ثم غادر و تركها لعلها ترتاح ..
....
بعد مدة
دخل هو الغرفة ..
نظر لها و هي نائمة ، شعر بذلك الألم العميق الذي انتابها و كاد يصل إلي عينيه و هو يتأملها .
حبيبتي تخون ؟!
أين كان عقلي عندما صدقت !
و أصر ضميره الآن ألا يرحمه و هو يذكره بكل أحداث تلك الليلة , كل كلمة قاتلة قالها و لم يرحمها من أثر لسانه , كل حكم جائر أصدره , كل فعل فعله محطما إياه !!
كيف استغل ضعفها !!
هاجمته كل الذكريات التي لم يكن تذكرها بفعل الخمر !!
كيف استغل قوته ضد قوتها الضعيفة لإخضاعها و فرض سيطرته الكاملة عليها !
فرت دمعة على خده لم يمسحها !!
-----------
بينما انتابها ذلك الكابوس ..
كانت تركض و تركض ثم تعثرت و نهضت و أكملت .... فوجدت تلك السيدة الغريب أمامها و هي تترد نفس الكلمات و تضحك بصوت عال ...
"لقد أصابتك اللعنة و انتهى .. ستكمل عليكِ ، ستلحقكِ أينما ذهبتي !! ها ها ها "
تركت ذلك الاتجاه و ركضت باتجاه أخر ... حتى تعبت و وقعت على الأرض .. فوجدته أمامها ، إنه سليم ولدها سليم !
يبتسم لها ، فابتسمت له و اقتربت لتضع يدها على وجهه ، لكن جاءت تلك المرأة المخيفة و خطفته و طارت به في الهواء ..
صرخت رباب بهستيريا و هي تترجاها أن تعيد الصبي !
لكنه ضحكت و قالت :..
-لقد أصابته اللعنة وانتهى ... هاهاها .... سيُقضي عليكِ .. هاها .
ثم ابتلعتها حية كبيرة دون أن تستطع أن تقاوم ..
-عاااااااااااااا
فزع وائل عند سمع صرختها العالية ، مع انتفاضتها الشديدة من نومها و هي تتنفس بصعوبة ، ضمها و هو يقول :..
-هذا حلم مزعج فقط .. كابوس .... اهدئِ يا حبيبتي !
قالها بدون وعي ..
نعم هي حبيبته !
إن لم تكن كذلك ؟! فلما تلك النبضات التي تتقافز داخل صدري من أجلها !
تلك الدموع التي تترق في عيني عند رؤيتي إياها بتلك الحالة المؤلمة !
-وائل !! وائل لقد أخذت ابننا يا وائل ..
قالتها هامسة و هي تبكي ، فلم يستطع أن يعلق .
فقط زاد من ضمها إلي صدره , و هو يمسد على رأسها .
بعد فترة قصيرة بدأت رباب تستعيد وعيها ، لتدرك ما يحدث !
اتسعت عيناها و حاولت دفعه عنها ، أدرك ما تحاول فعله ، لم يحررها من أسره لها !حاولت دفعه أكثر من مرة لكنه في كل مرة تفشل !
زادت دموعها التي بللت قميصه ، لم يخرج صوتها قويا كما أرادت بل خرج متحشرجا هامسا :..
-ابتعد عني يا وائل .. أنا أكرهك !
قال و هو يقاوم نفسه لكي لا يبكي :
-و أنا أعلم أنك كاذبة .
-قلت ابتعد .. ألم يكفيك ما فعلت ؟!
-أنا .. أنا ..
-لقد انتهى كل شيء .. و أنت كنت صادق رغم ثملك أنا خائنة كما قلت .. اتركني فقط !
نعم اتهمت نفسها بأبشع التهم فقط لتتخلص منه , و ينتهي ذلك العذاب !! فماذا سوف تخسر أكثر !!
-و الآن أيضا كاذبة .. ما سر دموعك إذن .. رباب ! أنا .. أنا آسف .. كان يجب أن أسالك ، كان يجب أن أكون واثقا أنك اطهر امرأة كما كنت أقول .. قلت أني أعرفك جيدا فكيف صدقت ما رأته كذبا عيناي .. أنت و بلال أنقذتما أختي لكني .... لكني ....
-دمرتني ، قتلتني .. اتركني يا وائل أن أكرهك .. أرجوك افعل لو كان في قلبك مثقال ذرة من رحمة , فدعني و شأني ! صدقا أكرهك ! أكرهك ..
ردتها بصراخ و هي مازال يعتقلها بين ذراعيها و تشهق حتى شعرت بأنها تختنق !
استفزته عندما قالتها فهتف بحدة لم يقصدها :..
-لم أشعر هكذا عندما كنتِ بين ذراعي يا رباب .. رغم أني كنت ثملا لكني أعرف أن الأمر لم يكن كله رغما عنكِ .. في لحظة ما كنتِ أنت راغبة و لست مرغمة .. فلا تستمري فيما تدعي ..
زادت بكائها و علت شهقاتها عندما أدركت أنه كان مصيب ، للأسف كان مصيب ..
أرغمها في البداية لكن في لحظة شعرت أنها اشتاقت له حقا !
لقد لعب على أوتار أنوثتها , وحبها و اشتاقها له !!
حتى و هو ثمل يدرك نقاط ضعفها كله و يطوعها لصالحه !!
-أنا أكرهك ! أكرهك يا وائل ! و اكره حبي لك .. أنت حقير ، أنت .. أنت خائن .. أنت.... قاتل ابننا .. بسببك مات ، أنت قاتلي .. قتلت ما تبقى من روح ، لقد صرت أكره نفسي بسببك ... أنت مجرم !
قالتها بصراخ تردد في المنزل ..
و فجأة شعر هو باختناقها بين ذراعيها ، و كانت تسعل بشدة .. إلي جانب شهقات مخيفة كمن يلتقط أخر أنفاسه !
حررها من أسر ذراعيه أخيرا .
نظر لها بذهول ، حاول تهدئتها ، لكن بلا فائدة ، و فجأة انفتح الباب و دلفت غنا و معها جدها ..
سمعت غنا صوت صراخ رباب ، و سمعتها تقول وائل ، فجلبت جدها و جاءت مسرعة .. اقتربت منه أختها بعدما دفعته بعيدا ..
و تكفل سالم بالباقي ، حيث أمسك وائل من ياقة قميصه و هتف به :..
-لما أتيت إلي هنا ! ألم يكفى ما فعلت ... ماذا تريد أن تفعل بها بعد .. أتريد أن تقتلها ؟!!
تركه وائل يفعل ما يريد ، فنظره و عقله معها الآن ، لم تستطع غنا أن تتعامل معها ..
دلفت سمر الغرفة بعدما سمعت صوت الهتاف و قد جاءت تطمئن على رباب !!
فهرعت عند رؤيتها ما يحدث إلي حقيبة الدواء .
-رباب ! اهدئي أرجوك ! ستموتين هكذا ... فكري في ابنتك ... كيف ستعيش بدونكِ .. فكري فيا أنا يا رفيقتي ..
زلت دمعة على خد سمر .. هدأت رباب قليلا فجعلتها تستنشق دوائها عبر البخاخ !
حمدت سمر ربها ، و تنفست الباقي الصعداء ..
بعد برهة استطاعت فيها رباب أن تستنشق الأكسجين قالت باكية : ..
-سمر ! اتركيني لوحدي .. اجعليهم يرحلوا ! أرجوكِ .. أرجوكِ ..
ترجتها رباب كثيرا ، فوافقت ، و خرجت بعد أن دثرتها جيدا !!!
و لما خرجوا قال وائل بصوت مخنوق :..
-ما الذي يحدث ؟
كان يشعر بأثقال الدنيا فوق رأسه !
كم شعر بالعجز و هو يراها و هي تصارع الموت بين يديه !
كم كان يموت و هو يسمع صوت سعالها و شهقتها ..
كم كان يختنق و هو يعلم أنه السبب فيما حدث لها .
نظرت له سمر و هي لا تعلم كيف تجيب ؟
بينما نظرت له غنا بحنق ، و سالم باحتقار !
لاحظ ذلك لكنه صلت نظره تجاه سمر منتظرا الجواب ، و لما طال الصمت ، هتف بها ..
زفرت سمر بقوة و قالت :..
-رباب مصابة بالربو منذ ٦ أعوام .............
اتسعت حدقتي عيناه و هو يحدق بها لعلها تقل شيئا أخرا ، لكنه وجدها تغلق عينيها بألم ..
بخطوات مثقلة غادر المكان و هو يشعر بالاختناق ! لا يستطيع البقاء أكثر !
غادر سالم إلي غرفته و هو يتنهد بضيق .. و كذلك فعلت غنا ! و كذلك سمر حتى لا تقلق " هنا "
بيدج بقلمي أسماء علام
.................
كان وائل شعر بأنه حياته تعرض أمامه كشريط سينمائي ، و هو يقود سيارته بسرعة ، كم هان كل شيء في نظره الآن ..
و عندما شعر بالاختناق أكثر أوقف السيارة في مكان يجهله ، و رغم أنه شعر بالبرودة لكنه لم يرتدي سترته الجلدية ..
كانت الجو بارد و لا وجود للناس من حوله في تلك الساعة المتأخرة من الليل فقد شارف الفجر على البزوغ .
و في مثل ذلك الوقت من الشتاء كأن هناك بعض التنبؤات بأمطار قادمة ..
وقف في الهواء الطلق ، و الهواء يتحرك من حوله بسرعة و هو لا يقاومه بل تركه يفعل به ما يشاء ..
و بدأت زخات المطر بالهطول .. و بالمثل لم تجد منه مقاومة ، بل رفع ذراعيه و كأنه يستقبلها ..
كان يتمني أن يطهره المطر !
لكن راوده شك بأن المطر و إن كان كثيف فهو لن يستطيع أن يطهر ذنوبه التي لا تحصى ولا تعد ..
أفكار عصفت برأسه و كأنها تعنفه بل تتعارك معه ..
" أنت حقير "
"أنت خائن "
"أن أكرهك .. أكرهك "
"أن أكره نفسي بسببك "
" لو كان في قلبك مثقال ذرة من رحمة فاطلق صراحي "
"اليد التي امتدت للخمر لن تسد جوع أطفالي "
و مشاهد أخرى تؤازرها
كل مشهد مر عليه مع رباب تذكره و كأنه كان البارحة ..
عندها بللت دموعه خده ، فاندمجت مع قطرات المطر و أخذا نفس المصير ..
بقلمي أسماء علام
....
نفس المشهد كان فيلا الغندور
كانت رباب ترفع ذارعيها تستقبل المطر لعله يمسح كل الألم بقلبها !
صعقت سمر من المشهد ، فقد كانت تراقب المطر من النافذة – كم تعشق المطر – لكن رباب هنا بتلك الحالة في المطر .. لقد جنت !!
قابلت في الردهة غنا التي كانت قلقة على مراد الذي خرج و لم يأتٍ حتى الآن ...
-سمر ما الخطب ؟
لم تجبها بل اندفعت للخارج تبعتها غنا التي توجست خيفة من ركضها !
شاهدت منظر رباب ، فساعدت سمر في جذبها للداخل !
أخذوها عنوة إلي غرفتها بالأعلى ، لم تقاوم كثيرا فقد كانت منهكة القوى !
ساعدوها لتبدل ثيابها حتى لا تمرض و تزداد حالتها سوءا ، و جلست على الفراش مستندة على ظهر الفراش برأسها ..
و بختها سمر كثيرا و قد كانت غاضبة منها ، فلم تعلق ..
تتبعت رباب غنا التي كانت شاردة فقال بهدوء :..
-أغاضبة مني يا غنا لأني كشفت حقيقة ادعاءك ؟!!
نظرت لها غنا بحنق و غضب و لوم و عتاب ثم قالت :..
-أنتِ لم تكوني تقولين الحقيقة ....
-لا تستمري في الادعاء .
-و لما أنتِ متأكدة ؟!
-لأني طبيبة ! خطة علاج مرض اختلال الذاكرة الذي لديك كان يجب أن تتخلصي منه و تتذكري .. و كانت هذه خطة علاجي منذ البداية .... كنت أضع لكِ الأدوية التي تنعش ذاكرتك منذ كنتِ لدي في المشفى ، لذلك كانت تنتابك حالات الصداع الشديدة كدليل على تنشيط ذاكرتك .. و لما استأنفت علاجك في شاليه مراد جعلت الممرضة تضع لك الدواء بانتظام مع المهدئ ، و أنتِ استجبتِ لرغبتك في الهروب و نمتِ ٣ أيام .. بعدما لاحظت أنكِ لا تستجيبين مع الدواء عندما استيقظتِ فظننته لم يعد يعمل ، فأبدلته بنوع أخر .. و لا فائدة !!! و أنتِ كنتِ تخدعيني .. هل تعلمين أني كنت على وشك أن أخضعكِ لتنويم المغناطيسي من شدة يأسي في علاجك ! لكني عدلت عن الفكرة عندما أخبرني مراد عن أخر موقف حدث يوم فقدتِ و عيك و ادعائك بأنكِ لا تذكرين شيئًا , عندها فكرت بطريقة أخرى .. و هي أنك خدعتينا جميعا و تذكرتِ ما حدث في زواجك الأول ...
لم تتحمل غنا أكثر ، فركضت بسرعة للخارج بعد أن قالت :..
-لن أسامحك ..
لاحقتها رباب ببصرها حتى غادرت ، ثم أغمضت عينيها في تعب ، و لما شعرت بحركة سمر إلي الخارج قالت :....
-سمر ! أرجوكِ ابقي معي الليلة .
ابتسمت لها سمر ابتسامة باهتة و وافقت ..
و ضمتها سمر و هي تنظر لها بحنان ، فهمست لها رباب :..
-سمر ! سنغادر في الصباح ..
-إلي أين سنذهب ، لن نعود لتلك الشقة !
قالتها بتوجس ، فأردفت رباب :..
-لا ! سنذهب إلي مكان جميــــــــــــــــــل .
قالتها ثم ابتسمت و غطت في سبات عميق .
عما قريب سأصرخ بقلمي أسماء علام
...................
أنت تقرأ
عما قريب سأصرخ
General Fiction#عما_قريب_سأصرخ رواية درامية اجتماعية اقتباس - أسف لتطفلي بما أنك رتبت كل شيء مع عائلة الغندور ولم تلقى بالا بإخباري سوى الآن , فهل يحق لها أن ترى صورتي , وأنا لم أرها حتى .. - لا تقلق بذلك الشأن فستراها الآن , وتتمني ألا يراها أحدُ غيرك .. هتف مر...