٣٣

688 28 1
                                    

عماء قريب سأصرخ
بقلمي أسماء علام
فصل طويل و دسم و صعب على كل الابطال مش رباب بسس
انجوو يلا
الفصل الثالث و الثلاثون
انتفضت رباب من مقعدها و هرعت إليها و هي تستشعر مصيبة على وشك الحدوث ..
هرولت رباب إلي غرفة ميسرة ، و فتحتها .. فوجدت ميسرة تجلس بهدوء على الفراش ... صرخت بالممرضة النائمة لتفيق ، و وبختها ، فانتفضت معتذرة .. اقتربت رباب من ميسرة لتتأكد من أنها لم تؤذي نفسها ! و تأكدت أنها بخير و تنظر لها ببرود فهتفت :..
-ميسرة !  ما الذي كنتِ تحاولين فعله ؟ كيف لاحظتِ وجود الكاميرا و كيف أطفئتها!  و لما ؟ أجيبِ !
انتبهت رباب لرسغ ميسرة إذ وجدت أن شاش الجراح محاوط رسغها الأيمن أي أنها جرحته باليد اليسرى !
أليس من الفطري أن تفعل العكس ..
ثم انتبهت أنها تقبض يدها بقوة , فكرت كيف لها أن تقبض يدها بقوة و هي قد قطعت شريانها و بالتأكيد تضرر العصب المسئول عن قبضة اليد !! و في هذه الحالة لا يستطيع المريض أن يقبض يده بقوة و يتم علاجه بجلسات العلاج الطبيعي , و إلا أن يحدث تشوه مزمن لا يوجد له علاج و غالبا ما يصيب إصبعي السبابة و الإبهام .
فلا يوجد خطأ بدون عواقب !!
خطأ واحد ربما يكلف الكثير !!
أجربت ميسرة على أن تفرد يدها فلم تجد أن بها أي شيء .     
لعبت الظنون برأسها ، فاندفعت تفك الشاش لتفاجأ برجاحة تلك الظنون !
فلا يوجد و لا حتى خدش في رسغ ميسرة !
و كل ذلك العذاب و العقاب ليس له أساس !
أمرت الممرضة بالانتباه و جلست على مكتبها شاردة تفكر !!
لما فعل المدير هذا ؟!
هل كان يعلم هذا أم لا ؟!
و هل كانت مغفلة لتلك الدرجة ؟!
و إن كان فعل ذلك عن عمد فما السبب وراء ذلك ؟!
و أثناء تفكيرها رن هاتف مكتبها ، كادت لتطلب من قاسم ، لكنها ابتسمت بسخرية فلا يوجد أحد هنا .. و استغربت من رنين هاتف مكتبها وقت منتصف الليل !
أجابت على الهاتف ،  فسمعت صوت المدير أمرا :...
-دكتورة رباب ! ما بال هاتفك ؟!
-هاتفي ...
ألقت عليه نظرة فتوقعت أن بطاريته قد فرغت ..
-لقد ...
-أنسي الأمر .. هناك حالة طارئة ! و لا يوجد طبيب في تلك الساعة قد أثق به سواكِ ..
أجابته بتهكم :..
-هذا يعني أنك تثق بي أنا ! لكني طبيبة مستهترة .
لم يرتح المدير لتلك النبرة ، فقد شعر أنها ممكن أن تكون عرفت شيئا ... لكنه تجاهل أفكاره تلك ، و قال بحسم :..
-دكتورة ! اخرجي من المكتب حالا ...
-لما ؟!
-لا أسئلة ! استخدمي الهاتف اللاسلكي .. و اتبعي أوامري .
لاحظت جدية الأمر فاتبعت أوامره ، و وضعت هاتفها على الشاحن و خرجت !
-اذهبي إلي مكتبي ! افتحي الخزانة ، استخدمِ الشفرة التالية ***
-لقد فتحت الخزانة ماذا أفعل ؟
-هناك مفتاح في الرف الثاني .. خذِه و أغلقِ الخزانة ..  اذهبي إلي الحديقة الخلفية ..
-لكني لن أرى شيئا !
-في غرفة مكتبي هناك زر خلف الدولاب ! اضغطِ عليه و اخرجي !
فعلت كما أمرت و قد وجدت نورا خافتا !
-رأيتِ النور  ! اذهبي تجاهه ..
-تجاه مستطيل الشجر المحظور !
قالتها بتعجب ، فمنذ عملت في هذا المشفى و هي  ترى ذلك الركن حيث زرعت الأشجار العالية الكثيفة على شكل مستطيل و قد حُظر على الجميع الاقتراب حتى منه و إلا سيُعرض للعقاب ، حتى صدرت عنه الكثير من الشائعات !
-فقط اذهبِ تجاهه !
فعلت دون تذمر ، لكنها كانت خائفة أن تكون تلك الإشاعات صحيحة ، كما أنها تخاف من الظلام !
شعرت بخطى خلفها ، فالتفتت بسرعة ، فلم تجد أحدا ..
-رباب سيطري على خوفك ! أنت أقوى من ذلك !!!
قالتها لنفسها مشجعة ..
اقتربت من المستطيل المحظور فسمعت دكتور ممتاز يقول :..
-تحسسي المكان !
-اشعر بشي صلب كأنه باب !
-انه كذلك ! ابحثي عن موضع المفتاح و افتحيه ..
فعلت ذلك بأصابع مرتجفة ..
-لقد فتح ..
سمع عبر الهاتف صوت شهقتها العالية ، و قد اصطدمت بذلك الرجل الضخم الذي يرتدي ملابس رجال الأمن ..
-ماذا حدث ؟!
لم تجبه ، بل سمع صوت رجل الأمن يسألها بغلظه عن ماهيته و هي لا تتحدث من الخوف ، فقال المدير بغلظة :..
- أخبريه بنفس الشفرة .
قالتها بارتباك ، فسمح لها رجل الأمن بالمرور ..
جاءت ممرضة مسرعة تقول لرجل الأمن :..
-هل بعث دكتور ممتاز طبيب !
نظرت لها رباب بدهشة ، إنها ذاتها الممرضة -التي كانت مميزة بالنسبة لرباب و تفهم عملها – و قد اختفت فجأة ،  و ادعى المدير ( دكتور ممتاز ) أنها تركت العمل ..
-دكتورة رباب ! جيد أنه بعثك ! اسرعي معي ..
شعرت رباب بالرهبة من هذا الموقف ، تلفتت رباب حولها بريبة و هي تسير خلف الممرضة .. الكثير من رجال الأمن ... شرطة تقف كدروع الحديد .. العديد من الموظفين الذين اختفوا من المشفى من قبل !
و في ذلك المكان المظلم كان تنزل دركات السلم و هي تتلفت حولها !
رمقت المكان بنظرات متوجسة ، و هي ترمق المكان و الذي كان عبارة عن أقفاص و كأنه زنزانات فردية لسجناء و كانت نظراتهم توحى بالفعل أنهم مجرمين ..
أمسكت الهاتف و قالت بنبرة حاولت إخفاء التوتر منها :..
-لقد وصلت !! ما هذا !! إنهم كالمساجين ..
-إنهم كذلك !
-ماذا ؟!!!
-إن هذا المكان هو القسم " د" !
-هل يوجد بالأصل قسم " د "
قالتها هاتفة , فقاطعها دكتور ممتاز بصرامة : ..
-أخفضِ صوتك ! سأخبرك فيما بعد .. ستدلك الممرضة على الحالة اتبعيها و حسب و تصرفي ، لكن خذِ خذرك لا تتعاملي على أنهم مرضى عاديين .
ثم أغلق الخط ، ازدرت ريقها بخوف ، و سارت بين القضبان الحديدية و على كل زنزانة يفق عسكري يحرسها !
  جعلتها تسرع نحو مريض يبدو في حالة اهتياج و منظره يبدو خطرا ، عيناه وحشية ، استعانت بمساعديّن شديدين ، لتعطيه حقنة مهدئة ، و جلسة كهرباء لتحد من موجة اهتياجه ...
أعادوا إلي الزنزانة ، وصفت بعض الأدوية و أعطت أوامر كثيرة إلي الممرضة  !
و استعدت للمغادرة و هي تنقل بصرها بين الزنازين ، فوجدت بينهم امرأة تنظر لها ، و تبدو غير متزنة ، أشارت لرباب و طلبت منها أن تقترب ، اقتربت رباب بخطوات حذرة !
-أنتِ يا فتاة !
تأملتها رباب شعر تلك السيدة و مظهرها تبدو كالمشعوذة !
-حياتك متمحورة حولك ! أنت تديرها ، لكن ترس دورانها سيعطل ، ستلحق بك بعدها لعنة !
ارتجفت رباب بعد قولها و تجبست قدمها محلها ، و قد تبدلت ملامح المرأة إلي ملامح أكثر وحشية و هي تحاول أن تمسك رباب من خلال القضبان ، ردتها رباب بسرعة ، فقالت المرأة :...
-منذ خطوتِ إلي هذا المكان و قد أصابتكِ لعنتي ... و ستظل تطاردكِ حتى تقضي عليكِ ،  لن تفلتي من لعنتي... هاهاها !
قالتها ثم انفجرت في ضحك هستيري أظهر أن لها أنياب ..
ركضت رباب إلي الخارج ، ظلت تركض و تركض حتى وصلت إلي غرفة مكتبها ، ظلت تسعل و تسعل ، فتناولت دوائها بسرعة ، جلست على كرسي مكتبها تحاول أن تهدأ ، و صدى كلمات تلك المشعوذة تردد في عقلها !
أتاهها صوت الهاتف ، الذي أصدر رنينا في جيبها ، فانتفضت في مكانها فزعة ، و هي تلهث بشدة .
وبخت نفسها على هذا التصرف الأحمق ، فلو كانت شخصا عاديا لكان الأمر مبررا لكنها طبيبة !
أمسكت الهاتف و أجابت بصوت حاولت جعله هادئا متزنا :..
-نعم !
-ماذا حدث ؟
-اطمئن يا دكتور ممتاز ! المريض بخير و  تحت حراسة و رعاية مشددة !
-جيد .... بالتأكيد أنتِ تريدين تفسيرا .
و لم تجبه فهي بالكاد تستطيع التقاط أنفاسها !
فتابع هو :..
-كي تلقى تلك المشفى دعم حكومي ، أثناء إنشائها تم اشتراط أن  يخصص قسم فيها للمساجين الذين يصابون بأمراض نفسية و عقلية و عصبية ، و هذا ما سمي بالقسم "د" ! أية أسئلة أخرى غير مسموح بها ..
ثم أغلق الهاتف ، بينما هي صامتة تماما ! لا تهتم ..
تشعر أن شخص أخر سيطر عليها فلم تعد هي !
لكنها قالت بصوت مذهول : ..
-القسم " د " يبدو أن وقتي معك لن ينتهي إلي هنا .
قالتها و هي تفكر في تلك المرأة و ما قالته!!
نامت مكانها على كرسي المكتب ..
================
خطوات حذرة في الممر , شخص يتلفت حول نفسه يمينا و يسارا , ابتعد عن مكتب رباب , منه إلي الممر , و بعيد عن الباحة و عيون الناس .... ظل يمشي , و قد استطاع التخفي حتى وصل إلي الحديقة الخلفية , ثم صوب نظره إلي المستطيل المحظور ..
بسبب الظلام المنتشر في المكان , لن تعلم إن كان هذا الشخص ذكرا أم أنثى ! شاب أم شيخ ! لن ترى إلا أسنانه البيضاء التي ظهرت عندما ابتسم بانتصار و هو يرمق مستطيل الشجر المحظور بنظرات مبهمة , ثم أمسك هاتفه و تحدث بصوت هامس : ...
-نعم ! لقد وصلنا إلي هدفنا أخيرا ! لقد كان الأمر شاق لكننا قد وصلنا .... القسم " د " هو ما نريد !   
••••••••••••••
أشرق الصباح بنوره !!
كان وقتها وائل عائد لشاليه لكن هذه ليس على الأقل لهوا بل من العمل ! و لكنه لم يأتي ليرتاح بل أتي ليأخذ بعض الأوراق و ذهب ..
••♡♡♡••
في شقة سمر ،،،
حاول سليم و هنا محادثة سمر ، لكنها لا ترد عليهما  !
إن كانت لا تستطيع أن تغضب من ابنيّ قلبها ، لكنهما ارتكبا خطأ جسيم و تجاوزا كل الحدود و يجب معاقبتهما  !
-عمتي نحن آسفان !
قالها سليم مترجيًا ، لم ترد ، فتابعت "هنا " :..
-من أجلي أنا عمتي أرجوكِ !
اشارت سمر الى قدمها و كأنها تحملهما ذنب قدمها  ..
وتابعت عقابها الصامت القاسي للطفلين   .
جلس الطفلين علي الأريكة حزينين ! و هما يعقدان يديهما أمام صدريهما !
سمعت سمر صوت طرقات على الباب ، ارتدت اسدالها و هي متوقعة أنها رباب ، و جهزت نفسها لتوبخها على تأخرها و لم تتصل بها لتطمأنها و أيضا باتت ليلتها خارجا و كأنهم بالفعل زوجة تعاتب زوجها !!
كانت تعرج بسبب التواء قدمها ، فتحت الباب فوجدته أمامها !
فغرت فاهها دهشة و هي تنظر مشدوهة :....
-أ .. أ ... أنت ..
°°°°°°°°°°°°°
في مصحى الأمل ،،،
أجرت رباب اتصالا به ثانية :..
-لما تأخرت يا دكتور قاسم ! أنت تعرف نظام المشفى و أنا لن أستطيع أن أشفع لك في هذا !
-أنا في الطريق !
-ماذا فعلت فيما طلبته منك ..
-في الحقيقة آ آ ...
-كفى ! بما أنك تلعثمت هكذا إذن لم تستطع ! كنت أعلم أنك فاشل .. أنا مخطئة أني ..
- هش ! توقفي يا دكتورة ... متسرعة جدا ! لما قبلت طلبك من البداية ؟!! لا أعرف ! على العموم وصلت للعنوان ... سأبعثه لكِ برسالة !
ابتسمت عندما وصلت له الرسالة ، حتى أنها احتضنت الهاتف !
و فكرت أن تجري اتصالا بسمر ! بعدها تذهب لمعاد تأخر كثيرا ..
•••••~••••
في شقة سمر ،،،
قابلها بابتسامة واثقة مع تلك الورود التي في يده ، و قال :..
-مستحيل أن تكوني نسيتني بين ليلة وضحاها !
لم تجب بل ظلت على حالها ، تحاول فهم الوضع جيدا قبل اتخاذ قرار !
تأملها متعجبا من أنها تسير على قدمها ، فهتف فيها :..
-ما هذا ؟
شعرت بارتباك لا تعرف لما هتف فجأة ؟ ما الخطب ؟
-أنتِ تسيرين على قدمك .
كان سيدفعها بيده لكنها ابتعدت ، فأشار بحزم و قال :..
-اجلسي !
ارتبكت من نبرته المهيمنة و جلست ، دخل و لم يغلق الباب خلفه تقديرا للموقف !
مرت ثوان قبل أن تملك الشجاعة لتقول :...
-سيد ...
-بلال ! اسمي بلال ...
-لا يجوز أن تأتي ! أنا بخير شكرا .. و لا أريد شيء ، و لا يوجد رجل هنا من الأفضل أن تغادر من فضلك !
وضع بلال باقة الورود على الطاولة و هو مبتسم غير منزعج !
-لكن ألست أنا رجلا يا عمتي !
قالها سليم  ، فزجرته عمته قائلة :..
-سليم !
شعر أن الاسم مألوف لكنه لم يهتم ، اقترب من الطفل و قال :..
-لا من قال ذلك .. أنت رجل كبير ! هل تهتم بعمتك أيها الكبير ..
-نعم ! هي و  أختي " هنا " و أمي .
-و هل تعيش أمك معكم ؟
-نعم ! ها هي  ...
قالها و هو يشير إلي صورة تجمع سمر و رباب و الطفلين !
-دكتورة رباب !!
قالها بلال بدهشة ، و دار الموقف بعقله ، لتكتمل الصورة لديه ..
سليم و " هنا " !
كانت تحدثهم يوم خرجا معا .
إذن هذه هي من كانت تتصل .. كان اسمها !
اسمها ... سمر !
ابتسم لتلك المفارقة .
"هنا " : أنت تعرف أمي !
نظرت له سمر بحيرة ، قاطعها رنين الهاتف :..
كانت رباب فأجابت ..
-السلام عليكم !
-و عليكم أين كنتِ ؟
-في المشفى ! سمر لدي حكاية طويلة لا تُفسر في الهاتف ! لو تستطيعي يا سمر ابعثي لي بملابس ... أظن أنه لدي ثياب عندك ، مع السلامة !
و أغلقت الهاتف في وجهها  فتمتمت  سمر :..
-أنا من أستحق هذا لأني صادقت مجنونة ! كيف سأبعثهم لها الآن ..
- يمكنني أن أوصل لدكتورة لرباب ما  تريد .
قالها بلال مع ابتسامة رائقة على قولها , الذي نبهها إلي أنه مازال موجود فشعرت بالحرج ..
-لا ... أنا ..
-كيف ستتحركين هكذا و أنتِ مصابة ؟ هي بالتأكيد في المشفى و أنا لدي موعد معها بالأصل .
تحت إلحاح شديد منه وافقت على عرضه السخي !
فبعثت معه حقيبة بلاستيكية ، و قالت بحزم :..
-سيد بلال ! أنا لن أحملك أية مسئولية .. فلا تتعب نفسك معي بعد الآن !
قال هو بحزم مماثل :..
-هذا على شرط واحد أن تعتني بنفسك جيدا ! و إن لم تفعلي وقتها ستجديني هنا أمامك .. تبدين لي من النوع العنيد كصديقتك ! لكني تعلمت من صديقتك أنه لا يفل العند إلا العند !
أومأت برأسها ، فسمر ليست من محبي الجدل أبدا ، فانصرف و هو مبتسم ...
................................
في شاليه مراد ،،،
خرج سالم من غرفة مكتبه و هو يتثاءب  ، فلقد عاد متأخرا  ليلا و لم ينم جيدا ، فلقد كان لديه الكثير من العمل !
  قابل مراد الذي كان يبدو عليه التوتر و نظره مثبت على باب غرفته .. ينتظر أن تستيقظ غنا من نومها خائف من نسيان ما حدث كما حدث أكثر من مرة ! و لكن هذه المرة ستهدم كل ما أحرزوه من تقدم في الأيام الماضية !
-ما الأمر يا مراد تبدو قلق ؟
-لا شيء .
قالها كاذبا فهو لا يريد من سالم أن يقلق ، إذ ربما تكن تلك هواجس ليس إلا !!
خرجت غنا بعد قليل ،  فاقترب منها مراد و هتف بقلق :...
-أ .. أنتِ بخير !
قالت بمرح :..
-ما الأمر ؟ هل أنا مريضة و أنا لا أعرف .
ثم ابتسمت بخفة ، فغر فاه بصدمة !
فيبدو أنها بالفعل نست ، نظر لها بصدمة .. فقدرة عقلها على محو الذكريات التي لا يريدها رهيبة ، فلو كانت تخضع لجلسات كهرباء لن يكون الوضع هكذا !
لكن لما قد تمحى ما حدث لها ؟ لما فقدت وعيها بالأصل !
تعجب سالم من مجرى كلام مراد و شروده فقال :..
-ما الأمر يا مراد !
-لا شيء !! لا شيء !
طلب أحدهم الدلوف فأذن له مراد بعد أن ارتدت غنا الاسدال بسرعة ..
دلف سائق مراد بتعبير على وجهه ,يبدو كمن يستجمع قوته و شجاعته ليعترف بشيء .
مراد : ما الأمر  ؟!
-سيد مراد ! أعرف أنه لم يكن يحق لي استراق السمع ، لكن لا أستطيع أن أعض اليد التي امتدت لتساعدني ، لم أكن لأخن الأمانة أيضا ! أنا أحاول أن أحارب نفسي من يومين ، لكني حاولت تمالك شجاعتي و جئت أعترف لك سيدي !
-هيا تحدث ! عما تتحدث ! و أي سر !
أشار السائق إلي سالم و هو يقول :..
-هو ..
•••••••••••••••••••••
في مصحى الأمل ،،،
وصل بلال بعد نصف ساعة ، و طرق باب المكتب ، صادف دخوله وصول قاسم ، لما دق كلاهما الباب ، و لم يأذن لهم أحد .
اعتذر قاسم ، وفتح باب المكتب فلم تكن رباب بالداخل بالفعل !
جلس معه قاسم قليلا  ! حتى أتت رباب و توقعت أن بلال جاء على حسب الموعد ، لكنها ليست متفرغة له الآن!
أعطها بلال الحقيبة البلاستيكية ، التي كانت تحوي ملابس لها ، قطبت رباب بين حاجبيها فقال :..
-أمر يطول شرحه ! سأسرد عليكِ الأمر لاحقا !
أخذت منه الحقيبة و ذهبت لتبدل ملابسها في المرحاض ، بعد دقائق خرجت لكنها لم تتوجه لمكتبها و لكن لمكتب المدير !
.....
ركضت عاملة نحو التجمع التي تجلس فيه شيماء و بعد الموظفات !
-يا بنات يا بنات ! رأيت الآن الطبيبة رباب متجهة لغرفة المدير و على وجهها تعبير جامد ... يبدو أن عقد غرورها ستنفك حباته الآن و ستناثر  في أرجاء المشفى !
شيماء : تستحق ما هو أقسي ! كم أتمنى لها التعاسة ! تلك المتكبرة ، المغرورة .
من يتحدث عن الغرور بحق السماء !
بقلمي موكا 
.......
دلفت رباب إلي غرفة المدير بعد أن أذن لها ، وجلست دون انتظار الأذن ، نظر لها متعجبا و قال :..
-و هل سمحت لكِ بالجلوس !
نظرت له لعلها تتفرس لغة جسده أو تعابيره لتستشف ما يخفيه ، لكن خبرة و سن شخص مثله تجعله يجتاز اختبار وضعته له تلميذته بكياسة !
فقالت بعد برهة :.....
-هل لي أن أعرف لما فعلت ذلك سيدي !
-و ماذا فعلت يا دكتورة !و أرجو أن تمحي أمر الليلة الماضية تماما من ذاكرتك !
-هل لك دكتور ممتاز أن تخبرني منذ متى و أنا أعمل لديكم سواء في هذا الفرع أو في مشفى القاهرة ..
-و ما أهمية ذلك السؤال يا دكتورة ..
-أكثر من خمسة سنوات  ! منذ أن كنت طبيبة تحت التمرين ، و أنا لم أدخر جهد في خدمة المشفى ، أنا أريدك الآن سيدي أن تخبرني لما فعلتها ؟
قال بحدة :...
-أخبريني ماذا حدث بحق السماء ؟!
-نقلت مريضة للقسم ج رغم أنها بالقسم أ ، وجعلت حالتها خطرة عليها و على الآخرين ، و اتهمتني بالإهمال .. وبختني فوق العشر مرات على كل فعل يصدر مني و كل هذا بصدد حادث لم يحدث ! فتلك الحالة لم تقدم على الانتحار البته ..
نظر لها نظرة بمعني كيف علمتِ ؟ لكنه لم يقولها ، بل هتف قائلا :...
-التزمي حدودك يا دكتورة !
-إذا كانت تلك الحدود تعني أن أقبل بالإهانة دون أن تفوه بكلمة فاللعنة على الحدود ... كفى إذا ظل الوضع قائما هكذا فاسمح لي بالمغادرة دكتور ممتاز !
ثم قامت ممتعضة الوجه و أخرجت قلمها بعصبية و ذيلت ورقة فارغة و قدمته له ، و  قالت بعصبية و صوت عالٍ :..
-تفضل ، ربما ليست لدي وقت لأكمل استقالتي ، و اعتقد بوقاحتي هذه حضرتك ستكون سعيدا جدا باستكمالها .. و الاستقالة شاملة الفرعين .. شكرا يا سيدي على حسن المعاملة دكتور ! بيدج بقلمي أسماء علام
==================
في شاليه مراد  ،،،
كان سالم يجوب الردهة ذهابا و إيابا و علامات الغضب ترتسم بحرفية على قسمات وجهه ،  و محاولات مستميتة من مراد لتهدئته لكن بلا جدوى ! و جواره  غنا و على وجهها تعبير مبهم ، لا أحد يعلم إن كانت مصدومة أم غير مصدقة !
سالم بغضب :..
-كنت أحمقا ! كنت مغفلا .. لا أعلم كيف سمحت للأفعى أن تتجول بيننا لتبث سمها .. لكن ليس بعد الآن !
-ممكن أن يكون كل هذا سوء فهم .
هتف سالم قائلا :..
-أي سوء فهم يا مراد ! ألم تسمع سائقك بنفسك و هو يخبرك أنها كانت تتحدث مع أحد في الهاتف تخبره أنها تخطط لتنتقم مني ! لا أعلم ماذا فعلت لها  ؟ لكني كنت أعلم أنه عندما تربي الأفعى في بيتك  ، فأنت ستكون أول من تلدغه ...
...................................
صعدت أولى خطواتها نحو العنوان المنشود ..
تسلقت الدرج لأعلى في تلك البناية الضخمة ، فضلت أن تركب المصعد ..
وصلت بسرعة و دلفت للداخل ، فقالت للسكرتيرة :..
-هل أستطيع أن أقابل سيدك ..
-هل هناك موعد سابق ..
-نعم ! إنه موعد منذ أكثر من ثلاثين سنة ...

عما قريب سأصرخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن