الفصل السادس و العشرون
أحس فجأة بيد توضع على كتفه ففزع فالتفتت بسرعة , ليجد أنه مراد ...
-أنت !ظننتك شخص أخر .
-ستصاب بالدوار هكذا ... و لن تحل مشكلتك هكذا أبدا ..
-ماذا تريد ؟
-لا شيء ! أشفقت عليك لما رأيتك تدور حول نفسك منذ ما يزيد عن النص ساعة ..
-لا شيء أنا ..
-لا تحاول الكذب ، لا يصيب الرجل تلك الحالة إلا بسبب المرأة .. تلك القاعدة معروفة ..
تنهد وائل بتعب ، و قال : ...
-لا أعرف ماذا أفعل ؟ لأول مرة أشعر بالعجز ..
-وأين كان عقلك و أنت تتزوج تلك المرأة ..
نظر له وائل بقوة ، فجلس جواره على الأرض ..
-رغم أن شخصيتكما متقاربة لكنما ....
وائل : لم نتألف .... أظن أني لم أعرفها ، لقد أعجبت بها فتزوجتها ... عشت مع زوجة لم أسمع لها صوتا ... و فجأة بعد ٨ سنوات أجدها شخص أخر مختلفة تماما عما عرفتها .. و كأن الشمس أشرقت من مغربها فتحولت هكذا ..
-أعتقد أنك خسرتها ...
-لابد أن أستعيدها .. لن أكون وائل الأنصاري إن لم أستعيدها ...
ثم قام وائل و دخل إلي الشاليه بينما ظل مراد يراقب ظله المنصرف ، ثم استلقى على الرمال و قال :..
-وهذه هي المشكلة أنت لن تتغير و هي لم تعد تأمنك أو تثق بك ... و ستظلان تدوران في تلك الحلقة و سأظل أنا عالق بينكما ... كيف ستعالج غنا في ظل تلك الأجواء ...
=============================
دخل عاصم قاعة الزفاف مع والدته ، سلم على العديد من الأشخاص و الذي لم يكن يعرف منهم إلا قلة و الغريب في الأمر أن والدته تعرفهم جميعا ... و الأغرب أن هؤلاء جميعا أقاربه ...
جلسا على طاولة و هو لم يكن منتبه تماما لباقي الجالسين فقد كان شارد بعض الشيء ، فبهت عندما تطلع للحاضرين خاصة عندما تعلقت عيناه بتلك العيون التي بلون العسل الأبيض و التي أسرته تماما ...
والدة عاصم : يا الله كيف لم أنتبه .. مرحبا يا عزيزتي .... أهلا يا زوجة ابني ...
ثم تبادلا التحيات و القبل ...
والدة عاصم : عاصم ! سلم على عروستك ...
ثم دفعت والدة نهي ابنتها و أشارت لوالدة عاصم أن تجلس مكانها لتفسح المجال لعاصم و نهي ليجلسا معًا و تصنعتا الانشغال بالحديث ...
دقائق من الصمت الثقيل كان كلاهما ينظر للأخر خفية ...
انزعجت الوالدتين منهما .. ثم جاء وقت رقص العروسين و بعض الأزواج من أراد منهم الرقص ....
والدة عاصم : عاصم ارقص أنت و نهي ..
عاصم : لا ..
ثم صمت ، لحظات و جاء شاب يطلب من نهي أن ترقص معه .. نظر له عاصم شزرا ..
والدة عاصم : بما أن زوجها لا يريد أن يرقص معها ..
أمسك عاصم يدها و جذبها له و قاما ليرقصا .. بينما غادر الشاب ...
ابتسمت الوالدتان و صفقا يدهما معًا بنجاح خطتهما ....
كانت ملامح عاصم جامدة تخالف تعبير شخص يرقص مع زوجته ، أما نهي كانت صامتة تنظر لأسفل فقط ، لا تدري ندما أم خجلا ...
-أنتِ خجلي و أنتِ ترقصين معي .. إذا لما كنتِ سترقصين مع ذاك ..
نهى بارتباك : لا لم أكن سأفعل .. أنا .. أنا ...
لم تكمل و صمتا كلاهما حتى عيونهما كانت صامتة.... إلي أن قالت نهي :..
-عاصم ! أنت مازلت غاضب ..
-و أظن أنه يحق لي ..
-أنا آسفة يا عاصم ..
-لما تعتذرين يا نهي فقط لأني غاضب أم لأنك مخطئة .... لا أعتقد أنك غيرتي تفكيرك بين ليلة وضحاها ...
أوقفهم صوت التصفيق كنهاية للرقصة ، عادا إلي المنضدة فقال عاصم : ..
-أمي .. يكفى إلي هنا لنذهب قد مللت ..
نهى و هي على وشك البكاء : هيا بنا نحن أيض يا أمي !!
خرجوا جميعا من القاعة ، فقالت والدة عاصم : ..
-تفضلوا معنا ... هيا يا عاصم لنوصلهم ..
نهي : ليس هناك داعي ..
-ماذا تقولين لا يا حبيبتي لا يجوز أن تعودوا في مثل هذا الوقت المتأخر وحدكما ... أليس كذلك يا عاصم ؟
اتجه عاصم إلي سيارته و فتح الباب الخلفي ، و قبل أن يتهور عاصم ... دفعت والدة عاصم والدة نهى لتركب في الخلف و تركب هي معها تاركة الكرسي الأمامي فارغ لنهي ...
أوصل نهي و والدتها للمنزل و انطلق لمنزله ... كانت الوالدتين منزعجتين ؛ فبالرغم من الجهود المضنية التي بذلوها إلا أنهما لم يستطيعا أن يكسرا حاجز الصمت بينهما .... و يبقى الحال كما هو عليه ...
===========================
أشرقت الشمس و أخيرا ... أشرقت لتبدد الظلام حولنا ، و بعض الظلام الكامن بداخل روحنا ....
تماما كما البارحة لكن رباب كانت أكثر وعيا فخرجت مبكرا, قبل أن يستيقظ أحد , لتذهب لعملها في وقتها تماما ...
دخلت المشفى و تأهبت لتمارس عملها ، و صعدت بالأسانسير إلي الدور الرابع و طرقت باب غرفة ٤٠٤ .. سمعت صوت يأذن لها بالدخول فدلفت للداخل و على وجهها ابتسامة حاولت اصطناعها ... وجدت المريض جالس على الكرسي مديرا ظهره لها فقالت :..
-من الأدب أن تستقبل ضيفك أو حتى تنظر له ..
-كنت أعلم أنك لن تأتي البارحة و ستأتين بعد أن أبعث لكِ لكني لن أطلبكِ كالمرة السابقة .. فأسلوبك أصبح مكشوفا لدي ...
-سيد بلال المحلل .. إن كنت بذلك الذكاء لم جلست في تلك المشفى ..
التفتت لها فتطلعت إلي حالته المزرية بشعره المشعث و ذقنه النامية .... وقد بدا حقا بائس .
-لأني أحمق ..
لم تشأ أن تتبع مع بلال الأسلوب العادي ، فبلال ليس مريضا عاديا ... مشكلته الكبرى أنه ذكي أكثر من اللازم ... و يبدو أن طريقتها التي اختارتها في البداية هي أنسب طريقة للتعامل معه ...
-لا أبدا .................... بل الأكثر حماقة على الإطلاق ... أو الغبي الأول في العالم .
ابتسم بحزن ، فتابعت :....
-حتى تضيع كل الفرص التي يمنحك إياه القدر ... و تظل جالس تبكى على أطلال امرأة مثلها لا تستحقك ، لو كنت مكانك لنهضت من تلك الكبوة و صرت أقوى و أقوى و أبعث لها كل يوم رسالة "شكرا لأنك جعلتي مني شخصا أفضل " كم من رجل صادف من أنواع النساء من هن أرخص من حبيبتك و استطاعوا نسيانها و مضوا في طريقهم و جعلوها تندم ... لكن ماذا فعلت أنت رميت مستقبلك خلف ظهرك و وقفت كالأهطل تتابع صورها و أخبارها وتنعي حبك الأصيل لها .... تظنني لا أعلم عما تفعله في غيابي ... أخرجت هاتفه الذي خباءه قبل أن تدخل و فتحت الشاشة فرأت أنه بالفعل كان ممسك بصورتها ، حاول أخذ الهاتف فرفضت و أبعدته و قالت و هي ترى الصورة باستنكار : ...
-ليست بذلك الجمال ...
ثم وضعت الهاتف أمامه و قالت : ..
-بيدك القرار اختار ماذا ستفعل و قبلها ماذا ستفعل بتلك الصورة و بقرارك سأحدد ما إن كنت ستخرج من القسم باء للخارج أم ستنتقل إلي جيم ....
تركت الهاتف أمامه ثم خرجت و تركته قليلا مع نفسه تراوضه حتى يقرر ، وقفت تراقبه من الخارج ... اتسعت ابتسامتها عندما امتدت يده لتحطم الهاتف و تنهي تلك الصورة تماما ...
-حان الوقت لتشفى يا بلال ...
ثم غادرت و أوصت العامل أن يهيأ له كل شيء حتي يهذب ذقنه و يصفف شعره ، و طلبت من العاملة أن تبعث له بملابس نظيفة ..... و بعدها قادته لحديقة المشفى يفعل ما يريد و طلبت من حارس مراقبته من بعيد بحث يشعر بالحرية ...
جلست رباب في مكتبها تنظم ما ستفعله في حالة بلال ، و عاصم على مكتبه يعمل و كذلك نهي ...
دخلت موظفة بعد أن أذنت لها رباب :...
-دكتورة رباب المدير يريدكِ في مكتبه ...
أشارت لها أنها ستأتي خلفها ... قامت باتزان و بدون كلمة واحدة خرجت ، طرقت الباب فأذن لها المدير أن تدلف و وجدت شيماء هناك و كذلك دكتور هشام .... دخلت و جلست بعد أن أذن لها المدير ... انحرفت عينها لتجد شخص واقف لم تره من قبل في المشفى .....
تحدث المدير بعد هنية قائلا :....
-أقدم لك قاسم الطبيب الجديد الذي سينضم لطقم عملنا ..
و أشار نحو ذلك الشخص ...
تابع المدير حديثه :.....
و بما أته طبيب حديث التخرج سيدرس و يتدرب لدينا تحت إشراف من أحدكم ..
رفع الطبيب هشام يده طالبا الأذن في الكلام فأذن له المدير :..
-أنا لا أستطيع أن أضمه إلي فريقي ... فعدد فريقي قد جاوز العشرة و كلما زاد عدد الفريق قلت الفائدة ..
-كلامك صحيح دكتور هشام ..
قاسم بأدب : سيدي أتسمح لي ... أريد أن أفهم أهمية الفرق ..
المدير : نظام المشفى هنا قائم على نظام التعلم المستمر ... و نظام الفرق يعزز مبدأ " أفيد و أستفيد " .
الأطباء الأكبر سننا و الأكثر خبرة يقودوا فرقا من الأطباء الشباب يدرسون الحالات معا ... و يتشاورون فيما بينهم في الحالات و على كل قائد مساعدة فريقه و تأمين الوسائل لهم ليقدموا أفضل ما لديهم و عند مرحلة معينة يقوم بامتحانهم تحت إشرافي أنا لأحدد من منهم قادر على قيادة فريق وحده ... و كانت الطبيب رباب أصغر طبيبه استطاعت أن تحتاز الاختبار و تقود فريقا وحدها ...
-فهمت شكرا سيدى !
-بالنسبة لموضوع العدد فقد طلبت من احدى موظفات الاستقبال أن تجمع قواد الفرق الأقل في العدد فجمعت ثلاثتكم .. لكن إن كان هناك فرق أصغر من فريقك دكتور هشام يكن أفضل ..
شيماء : أنا ليس لدي مانع أن أضمه لفريقي ....
هشام مقاطعا :و هل لديك فريق دكتورة شيماء .. لا أعلم كيف دعتك الموظفة للاجتماع ...
-ماءا تقصد دكتور هشام ..
أجابه ببرود متجاهل نبرتها الحانقة :..
-منذ سافرتي و أنتِ تخليتِ عن فريقك و تم توزيع أعضاء فريقك على باقي الفرق ..
-ماذا ؟
-كما سمعتِ يا دكتورة ..
-إذا سأبدأ العمل و أضم دكتور قاسم إليّ مكونة فريق ..
-لا أظن أن هذا سيجوز لأنكِ ستحتاجين لوقت لتنسجمي معنا من جديد .. إذن دكتورة رباب هي الحل الأمثل ..
بهتت رباب لكن شيماء قالت حانقة :....
-ماذا تعني بكلامك دكتور هشام ..
-كما فهمتِ ..
قاطعهما المدير بحدة : ألا يجود احترام لوجودي .. ماذا يجرى نحن نعمل معنا ..
رباب : آسفة على المقاطعة .... لكن أن ليس لدي مشكلة إن أرادت الدكتورة شيماء أن تضم قاسم إلي فريقها ... فنحن فريق متنقل أساسه القاهرة عملنا هنا لا يزد عن ٥ أيام ... أسبوع بالكثير ..
قاسم : لا مشكلة أنا لست رافض فكرة التنقل بين الفرعين .. يسعدني أن أضم إلي فريق دكتورة رباب ..
هشام : و أنا أؤيد ذلك ..
المدير : إذا تم ...
شيماء :أنا أعترض سيدي المدير على تلك المعاملة فهما كان أنا من الأطباء القدامى هنا ..
المدير : كما قال دكتور هشام القليل من الوقت حتى تعتادي من جديد على جو المشفى و بعدها سأرتب ليصبح لك فريق ثانية ، ليستفيد من خبرتك و أسلوبك التي اكتسبته من بعثتك ...
-شكرا سيادة المدير ..
-انفض الاجتماع ... لتذهب يا قاسم مع رباب ...
خرج الجميع من المكتب ، و كان قاسم يتبع رباب التي كانت تشعر بالضيق ، فهي لا تريد أن ينضم قاسم إليها .. فإن ضمامه سيتيح مجال أكبر للحديث مع نهي و عاصم ... و ممكن أن يسرب شيء عن الخلافات بينهم و وقتها ستكون فضيحة ....
أصدر هاتفها رنين فتطلعت إليه لتجد أن هناك رسالة لها من وائل فتحتها و قرأتها بعينيها " صباح الخير يا عزيزتي ، أتمنى لك التوفيق في عملك .. سأعود باكرا من أجلك.. سأشتاق إليكِ !" فغرت فاهها متعجبة من مضمون الرسالة .. لكنها أعادت الهاتف إلي جيبها و هي تشعر بشعور غريب ، لم تعد مرتاحة لتصرفات وائل ...
قاسم : لما توقفتِ دكتورة رباب ..
-أه .. لا شيء … تفضل معي .
-أود أن أسأل عن فريقنا دكتورة رباب ... دكتورة كم عدد الفريق ...
ظل يسأل و هي لا تجب ...
-دكتورة رباب هل كلهم إناث أم إناث و رجال .. دكتورة رباب ..
ملت رباب كثيرا فهو كثير الحديث و هي لا تحب أبدا ذلك النوع من الأشخاص بطبيعة كونها قليلة الكلام .....
أشارت بيدها له و هتفت : ..
-توقف ... هل تستطيع التوقف عن التحدث قليلا .. ألم تمل .... و توقف عن مناداتي بدكتورة رباب .
-أتوقف عن مناداتك بدكتورة رباب .... هل تسمحين لي بمناداتكِ رباب فقط ..
أجابته بسرعة قاطعة : ..
-بالطبع لا ..
-إذا هل لديك اسم شهرة ... أو اسم دلع مثلا أناديكِ به ..
عاد بها ذلك لموقف سابق ، و ذكرى قديمة .. لكنها محببة لنفسها منذ حوال ٩ أعوام عندما كان وائل يدور حولها كي ينال موافقتها على الزواج حينها استخدم نفس الطريقة و جعلها تضحك ....
"""""
كانت رباب تسير مع سمر و قابلا وائل مصادفة لكنه لم يفوت تلك الفرصة ليتودد لتلك الفاتنة التي رفضته عدة مرات ...
-سمر ! أبلغي أخوكِ أني لا أحب ذلك النوع من المزاح , و خصوصا مع الغرباء .
كانت سمر لتجيب لكنه أخوها قاطعها : ..
-سمر أبلغي صديقتكِ رباب أني لن أكون غريبا إن وافقت على طلبي ..
-سمر أخبري أخوكِ أن لا أحب أن يناديني باسمي مجردا..
ملت سمر فهتفت :...
-سمر ملت ....... وجها كلامكما لبعضكما .. فأنا تعبت .
-إذا هل تملكين اسم دلع أناديكِ به .
-اسمي لا يليق به الدلال ..
-مستحيل ألا يكون له ، سأفكر في واحد و أكون أنا الوحيد الذي يناديكِ به .
-لنرى مهاراتك .
أخذه كلاهما على أنه تحدٍ ... ظل وائل يفكر أكثر من ربع ساعة ، فقالت رباب :...
-ألم تمل .. كما أن وقفتنا في الشارع هكذا مثيرة للجدل ..
سمر :أخي اعترف أنك خسرت .
وائل :مستحيل ... ربو
رباب :سيء جدا ..
سمر :بصراحة أخي بشع ...
وائل : تبا ... ما هذا الا سم يا إلهي .
شكله و هو يقولها جعلها تضحك و أخيرا ...
""""""
عند هنا لم تشأ أن تنخرط في تلك الذكريات ، فأعادت وجها لوضعيته الخشنة و قالت :...
-دكتور .....
-قاسم !
-أين أيكن ! لا أحد هنا يجرأ أن يتفوه بما تفوهت به .. اعتبر هذا تحذيرك الأخير أنا هنا قائدة الفريق دكتورة رباب .. ما أعنيه أن تتوقف عن مناداتي كل وقت و حين .. أنا شخصية حادة و لا أحب الازعاج ، مفهوم ..
عاصم :ما الأمر .. أهناك مشكلة رباب ؟
كان قاسم ليتكلم ، فسبقته رباب قائلة بحدة :..
-دكتورة رباب ! الكلام لكلاكما .. مفهوم !
حرك قاسم كتفيه بلا مبالة قائلا بلا مبالة : ..
-مفهوم !
فجأة جاءت نهي إلي التجمع و قالت :..
-خيرا ! لما أنتم مجتمعين ...
تبادل ثلاثتهم النظرات ، إلي أن قالت رباب منزعجة :...
-لا شيء ... تعالوا إلي المكتب!
دلفوا إلي المكتب فوقفت رباب أمام مكتبها قائلة بجدية : ..
-هذا دكتور ...
و كالعادة نست رباب اسمه ، فقال هو بابتسامة متابعا :....
-قاسم ... اسمي قاسم .... مرحبا !
-سيكون جزءا من الفريق .. انتهيت ! كلا إلي عمله !
قالتها وجلست على مكتبها ... و كذلك عاصم و نهي ... فقط وقف قاسم مبهوتا :..
-ماذا ؟! يا له من ترحيب !! مهلا يا رفاق ...
لم تنتبه رباب لما يقول .. لكن قاسم ذهب إلي عاصم : ..
-لم أتعرف إليك أيها الزميل ..
عاصم بابتسامة عملية: عاصم .. مرحبا !!
تعجب قاسم من طريقتهم ! لكنه لم ييأس فالتفت نحو نهي : ..
-و أنتِ ايتها الجميلة !
لم تعرف نهي ماذا تفعل بعدما قاله قاسم ، فنظرت لعاصم لكن نظراته النارية كانت كفيلة لجعلها ترتبك أكثر .. و احتارت أكثر و أكثر ..... انتظرت أن ينقذها أحدا ، لكن لا أحد فعل ... فقالت :..
-دكتورة نهي .. مرحبا !
ثم نظرت للأوراق أمامها ... لم يلقى قاسم اهتماما كبيرا فهذه ليست المرة الأولى هكذا فعل عاصم و رباب...
و رغم تحذيرات رباب اقترب منها و هي في قمة تركيزها تعمل و قال : ..
-دكتورة رباب ... دكتورة رباب !
ظل يكررها حتى أخرجها من حالة تركيزها و أفقدها صبرها فهتفت :..
-ماذا بك ؟! ألم أحذرك أني لا أحب الازعاج ...
لم يهتم بما تقول كثيرا ، و قال : ...
-أيم مكتبي ..أين سأجلس ..
-أوف ....... تعالى معي !
ذهب خلفها و قد أخبرت العامل أن يجهز له مكتب في أسرع وقت ... و أثناء الطريق لم يتوقف عن سؤالها لدرجة لم تعد تتحمل فهربت من أمامه و كلما اختبأت منه وجدها و تابع أسألته الذي يسبقها بقوله " دكتورة رباب "
ركضت منه و اختبئت في مرحاض السيدات ، أخذت تسعل بشدة إلي أن جاءها هاتف من مراد و قبل أن تلقي التحية كان يوجه لها سيل من الأسئلة ... فأغلقت في وجهه ، و قبل أن تعيده إلي حقيبتها أتاها هاتف أخر من سالم الغندور ... توترت و تلفت أعصابها كثيرا فلم تجب و لما حاولت تناول دوائها وجدت الكثير حولها فلم تستطع ، و فجأة سمعت صوت ذلك المطفل الجديد الذي انضم فجأة لقائمة المزعجين بحياتها ... ينادي عليها من الخارج ، ففرت هاربة لم تعد تتحمل ، قدرتها على الاحتمال أصبحت صفر كبيرا .... أرادت أت تصرخ ، ظلت تبحث عن ذلك المكان إلي أن وجدت ضالتها في غرفة التشخيص ..... تلك الغرفة التي بنيت خصيصا لتكون عازلة للصوت ، و بما أن اللمبة الحمراء غير مضاءة فلا يوجد أحد بها ... دخلت و لم تنتبه إلي من كان بالداخل ، صرخت حتى جلست أرضا و بعدها أخذت تسعل و تسعل ... قلق ذلك الشخص الواقف و قد رأى حالتها المقلقة .. و قال بشيء من القلق :..
-دكتورة رباب ! ماذا بكِ ؟
-أ.... أنا ..
لم تستطع أن تجب عليه ، بحثت في حقيبتها عن دوائها بعد أن حاولت الهدوء قدر المستطاع ، لما تناولت الدواء تحسنت نوعا ما ... أخذت تسعل قليلا ..
-دكتورة رباب أنتِ لستِ بخير أبدا .. سأنادي الممرضة حتى تساعدكِ ...
-لا ... لا تنادي أحد دكتور هشام ... من فضلك ..
-أتقوين على النهوض .... أساعدكِ ؟
أشارت له بمعني لا ... حاولت الاتزان و الوقوف ، لكنها فقدت توازنها فجأة و كادت تقع لولا أن أسندها ، ثوان و استطاعت الوقف فابعد يده لكنه حثها على التمدد على أريكة التشخيص (الشزلونج) .. جلست فترة إلي هدأ السعال و استطاعت أن تعود لحالتها الطبيعية ....
حاولت النهوض فقال هشام :...
-انتظري قليلا دكتورة ما الخطب ؟
-أنا الآن بخير !
كانت على وشك الوقوف عندما قال :..
-أنت مصابة بداء الربو أليس كذلك ؟!
من الصدمة تجمدت قدمها فجلست ، بدأت رباب تشعر بالقلق فيوما بعد يوم تتسع دائرة الذين يعلمون بالأمر ! و هذا يزعجها ... فهي تكره ذلك الشعور و بشدة ...
-صمتك يعني أني على الصواب ..
نظرات عينيها كانت تسأل " كيف علمت "
-استطعت قراءة اسم الدواء و من حالتك تلك هذا ليس مجرد ضيق تنفس عادي ...
-لا تخبر أحدا رجاء .
-بشرط واحد .......................................................................بقلمي أسماء علام
أنت تقرأ
عما قريب سأصرخ
General Fiction#عما_قريب_سأصرخ رواية درامية اجتماعية اقتباس - أسف لتطفلي بما أنك رتبت كل شيء مع عائلة الغندور ولم تلقى بالا بإخباري سوى الآن , فهل يحق لها أن ترى صورتي , وأنا لم أرها حتى .. - لا تقلق بذلك الشأن فستراها الآن , وتتمني ألا يراها أحدُ غيرك .. هتف مر...