٣٥

610 27 0
                                    

عما قريب سأصرخ
الفصل الخامس و الثلاثون
عاد وائل إلي البواب ليسأله عنهما فأخبره ..
-أنه يقول أنها زوجته و قد غادروا الشقة بعد أن حدثت فضيحة!!!!!!
بالنسبة له اكتملت عريضة الخيانة ، فلا مجال للشك ! كانت تقضي لياليها خارجا معه ..
لقد هددته و صدقت !
قالت إنه ستخونه إن لم يطلقها و قد فعلتها ..
فكر  هكذا و نسى تماما "إن بعد الظن اثما "
..........
كانت رباب واجمة تماما و تهز قدمها بعصبية إلي أن قالت بحدة :..
-قلت لك يا بلال أني سأتصرف ، لم يكن هناك داعي لتوصلني .
-دكتورة رباب لست بهذا السوء ألا تثقين بي  ؟!
قالها بحدة ، فأردفت هي :..
-الأمر ليس مسألة ثقة ، لكن الله أمرنا أن نرتقى الشبهات .
و ليتك فعلتيها ! صدقت يا رب العزة عندما أمرت ، و لم تشرع شيئا عبثا ! ليتنا فقط نفهم و نعقل فننفذ ...
-لكن ليس من الأمان أن أترككم وحيدتان مازال هذا الوغد حرا .
-لن يبقى هكذا لوقت أطول ، حان الأوان ليكون السيد وائل على علم بالأمر ..
-و من يكون هذا ؟!
-هو الذي كان من المفترض أن يقوم بما قمت به ، زوجي و أخو سمر ..
-دكتورة ! لا أريد أن أخوض في تفاصيل أكثر ، فلا يحق لي الآن ... لكن الوضع لن يستمر أكثر ..
قطبت بين حاجبيها بعدم فهم ، فتابع هو : ...
-أريدك أن تخبري زوجك برغبتي في طلب يد أخته ..
- بلال ! يبدو أني تسرعت عندما أخرجتك من المشفى .
-ألن تتوقفي عن التعامل معي بذلك الأسلوب ، ألم تخبريني أن أبحث عن فتاة مناسبة و ها قد وجدتها ..
-هل تريد أن تخبرني أنك سقطت صريعا في حبها في خلال يوم و من أنت يا عدو النساء .
-لا لقد قابلتها البارحة ...
-ماذا ؟!
-نعم ! و ما قلته للناس سيكون حقيقة مستقبلا ، و دورك في الأمر بسيط مجرد وسيط .
-لا أنتم تضعوني في وجه المدفع فقط ، و عندما أخبر وائل سيطالبني بتقرير مفصل .. و ماذا سأخبره وقتها .. أني السبب في كل ما حدث ، أليس كذلك ؟!
كانت تتحدث باهتياج ، و لم يفهم الكثير مما قالت ، فقرر تركها قليلا ، فبالتأكيد أعصابها مضطربة مما حدث ..
••••••••••••
وصلت رباب و أعطاها بلال الحقائب و عاد من حيث أتي !
لقد قرر الكثير من الأشياء  ! و هناك أشياء كثيرة يجب عليه فعلها ..
أما هي فقط وقفت مكانها ، عقلها يستعد كل مواقف اليوم و يأبي أن ينساها ليحمل القلب عبء ذلك الحقد وحده ، سمعت صوت رنين الهاتف الذي  أزعجها ، و عندما رأت أن المتصل هو دكتور عبد الحميد ، ابتسمت و هي تقول :..
-ليس بعد الآن ! لن توقفني عما عزمت عليه .. و أغلقت الهاتف و أسقطته أرضا ، تركت الحقيبة جوار باب الشاليه ، و تقدمت بخطوات ثقيلة للداخل و هي تشعر بسكون المكان , و في داخلها تردد أنه لن يظل ساكنا بعد الآن ..
سمعت صوت يأتي من غرفة مكتب سالم ، فتقدمت و فتحت الباب لتجد الطفلين يلعبان مع سالم بكل انسجام فصرخت قائلة :..
-سليم ! "هنا" .
التفت الصبيان لوالدتهما في ذعر ، ما الأمر ؟ ماذا فعلا لتصرخ أمهم هكذا؟!
-من سمح لكم بدخول تلك الغرفة .
هنا  : ماما ! نحن نلعب مع جدي سالم .
-و من أخبركم أنه جدكم ! جدكم لأمكم كان يدعى راضي الشماع , و قد توفاه الله .
اشتعل حدقتا سالم بمجرد ما سمع الاسم ، فابتسمت هي بانتصار ..
سليم : ما الأمر يا أمي  ؟ لما تريدينا أن نعيش على هواءكِ ... أنت أنانية بحق !
لم يكن منها إلا صفعة دوى صداها على خد ذلك الصبي .
-هذا كي تتعلم كيف تحدث أمك !
بكى الطفل و قد غادر ركضا و خلفه ركضت أخته ، خرجت غنا و مراد عندما سمع صوت صراخ رباب .
غنا : لما فعلتي ذلك يا رباب ؟
أما سالم كان الفعل أقرب إليه من القول ، فرد بصفعة مثلها تركت أثر على خد رباب ، كما تركت كل أفعاله أثر على نفسها .
في الحالات المشابهة ، الرد كان لابد أن يكون بكاء ، صراخ ، هتاف ، حزن .. لكن رباب دائما ما يكون رد فعلها هو الأغرب على الإطلاق ...
لم يسمعوا منها إلا دوى ضحكات و خصوصا عندما قال سالم :..
-و هذا لكِ كي تتعلمي كيف تحدثِ جدك .
..
بهت الكل بردة فعلها الغريب ! فهل فقدت بحق عقلها ...
-و هل ستخبرني مثلا أنك لم تحسن تربيتي الآن .
-يبدو أني كذلك بالفعل .
-و هل ربيتني بالأصل .. ألم تركتني لمربية أطفال و لم تسأل عني .. لم أخبرك يوما ماذا كانت تفعل معي ، كانت تعاملني كخادمة في بيتي .. كنت أنام أرضا تأديبا لي ، كان أسهل تأديبا لها أن تضربني ، عندما كنت أطلب منك ألعابا و تخبرني أنت أن لدي ألعاب كثيرة ، لم أكن ألعب بهم أبدا بل كان لأولادها هي ، ترفض أنت و أعاقب أنا ... هل تعلم لما أخاف الظلام يا سيد سالم ، كطفلة صغيرة لم يأتيها النوم ليلا ، فتأتي مربيتها بدل من تغني لها و تروي لها حكاية ، كانت تغلق الأضواء و تخيفني , تغرس في عقلي أساطيرا مرعبة تجعلني أرتجف .. أين أنت من كل هذا لتأتي في النهاية و تقول أنك ربيتني .
-و هل هذا ما دفعك للانتقام مني بعد كل هذه السنين !  و ممن ستنتقمين من أختك المريضة ..
جلست على الأريكة و زادت في الضحك و قالت :..
-و ما الذي سيؤذيها ؟! حساب المصرف الذي فتحته ..
-و لما فتحته إذا ؟
-لقد قلت لمحاميك السبب ، ألم يخبرك ؟!
-أخبرني أنكِ أخبرتِه بطلاسم ..
-مالُك رد إليك ، ما صرفته عليّ ١٨ عاما كنت أحاول أن أرده إليك ، فبعثته إلي صاحبه مستقبلا كما أقررت أنت منذ اثنا عشر عاما ..
-ماذا تقولين أنتِ ..
-أخبرتك مسبقا أني استمعت إلي حوارك مع محاميك الخاص قبل أن أقرر السفر إلي القاهرة .. يوم سألك لما كتبت كل أملاكك باسم غنا ، يوم عرفت أنك فرحت بموت أمي !
-رباب هل جننتِ ..
قالها بعصبية واضحة ، فتابعت دون اكتراث :....
-يومها عرفت أن كرهك لي و لوجهي كان امتدادا لكرهك لوالديّ .. فقررت أن أذهب لأعتمد على نفسي ، و استطعت فعلها ، لم أكن أعبأ بشي سوى بأن أجمع مالا لدراستي و لأرد دينك عليّ و أسست ذلك الحساب باسم صاحبة الأملاك الأساسية ...
-لهذا تكنين لنا الكره و الحقد ، يا لقلبك الأسود ؟! لهذا تخططين لدمار أختك ... لا تعـ....
-ههههه ! أي دمار .. مازلت تتهمني بشأن خطتي العلاجية ! لما لا تخبريهم يا غنا بالحقيقة و ترحميني ..
حدقت بها غنا ، بينما قطب سالم و مراد بين حاجبيهما ...
-ماذا تقصدين ؟!
قالها سالم و قد جذبها من مرفقها لتقف في مواجهته فقالت :..
-تبدو بالفعل لا تعلم أن غنا تذكرت أغلب ذكرياتها – عدا ذكريات الماضي – بعد يوم زفافها ..
تركها سالم مصدوما ، بينما حدق مراد بغنا و قال : ..
-ماذا ؟!!
=لا يا جدي ! أنا ...
رباب : لا تكذبِ يا غنا !! بإمكانك الكذب عليهم لكن ليس على  طبيبتك ! فأنا أعلم أنكِ يوم الزفاف لم تكوني تتذكرين , لكنك بعدها تذكرتِ و كنتِ تتخذين ذلك ذريعة كي تتهربِ من مراد ..
حدق بها مراد غير مصدق ، ثم فجأة اشتعلت حدقتيه و غادر الشاليه غاضبا و بشدة ..
لقد كاد يموت أكثر من مرة قلقا عليها و هي كانت تخدعه و تستخف به !
ركضت غنا خلفه و هي تبكي ...
نظر سالم لرباب بغضب:..
-و هل أتممت أنتِ انتقامك الآن ، أنتِ حقيرة ..
-صدق أو لا تصدق لم يعد يهمني .. بل لم يعد يهمني أي شيء على الاطلاق يخصك ... خاصة بعد هذا .. بعد هذا ....
قالتها بعنف و هي تشهر مذكرتين في وجهه ، فقال هو :.
-و ماذا تكونان !!
جلست على الأرض و هي تفتح إحداهما ! تلك مذكرات والدايّ اللتان كتبا بالدموع ، و بالظلم و بالقهر ... لا أعلم ماذا فعلا لك ، حتى تفعل هذا ..
وقف هو مبهوتا بينما تابعت هي :..
-هل كنت متصور أن الحقيقة ستدفنها الأيام ، لكن الأيام أبت إلا أن تفهمنيّ لم كرهت وجهي ، كنت أموت لأعرف لماذا لا تحب أن تراني أمامك على الإطلاق .. لأني أشبهه أليس كذلك ؟
قالتها بصراخ و كررتها ،ثم أخرجت له صورة كانت أخذتها من دكتور عبد الحميد و أشهرتها في وجهه , فهتف قائلا :..
-نعم ! فأنتِ تشبهيه تماما ... نسخة عن والدك الذي سرق ابنتي ، خطف زهرتي من بستاني..
-و أنت انتقمت منه بما يكفي ! يكفي أن كنت سببا رئيسيا في موته !
اتسعت حدقتيه من قولها ، لكنها لم تهتم و تابعت :..
-و ليتك رحمت زهرتك تلك بعدما رحل عنها سارقها  .. تركتها وحيدة تعاني ، تتألم و لم تجد من يرعها و هي تحمل في أحشائها طفل لا ذنب له سوى أن والده هو راضي الشماع ....
وضعت يدها على الأرضية و أخفضت رأسها ، حتى ابتلت الأرضية بدموعها و هي تنتحب قائلة :..
-كنت أتمني وقت عرفت الحقيقة أن أنتقم منك .. أن أجعلك تذرف بدل الدموع دماءً ..... لكني للأسف فشلت ، فشلت حتى في أنتقم منك ! سامحني يا أبي .. سامحيني يا أمي ، لم أستطع أن أنتقم لكما .. لم أستطع ..
-رباب ! توقفي ... توقفي ..
-أتوقف ! و لما لم تتوقف أنت عما كنت تفعله بهما و بي ؟! لما ؟!!!! حسبي الله و نعم الوكيل ! بسببك امتلاء قلبي بالحقد ، بالسواد ! أنا لم أكره أحدا كما كرهتك .. أكرهك ، أكرهك !
تمالكت رباب نفسها و وقفت و هي بالكاد تقف ، فقالت و هي تترنح :.
-اعتذر لكوني أفسدت الأمسية عليكم .. و لقد أسدل الليل ستائره فلن أستطع المغادرة إلا صباحا ، لا تقلق سيد سالم و أخبر عائلتك .. أنك لن تلمح منذ الفجر طيفي أو طيف أي أحد يخصني ، سأترك لك مملكتك و أغادر  ، حتى أني سأترك لك الإسكندرية و القاهرة أيضا .. سأرحل بعيدا عنكِ و عن سلطانك و كل ما يخصك .. وداعــــــــا لن أقول إلي اللقاء حتى !
نظر لها و عيناه تحمل ألاف العبارات لكن اللسان ضن بها !!
فظل يتابعها فقط !!
استندت رباب على الحائط و توجهت إلي الشاليه التي تقيم فيه مستنده على الحائط فلم تعد حتى قادرة على الوقوف ، أخذت دواءها و أقامت صلاتها و نامت على فراشها و على خدها دموعها ...
••••••••••••
كان مراد على وشك أن يسير بسيارته ، فاستطاعت غنا بصعوبة أن تركب جواره قبل أن يقودها مسرعا :..
-غنا ! انزلي ..
-لن أفعل ..
-غناااااا
قالها صارخا ، فأسرعت هي قائلة :..
-سامحني يا مراد !
-إذا هذه هي الحقيقة .. و كل هذا كل تمثيل .. كانت مسرحية لطيفة و أنتِ تشاهديني أهيم على وجهي أحاول البحث عن سبيل لإنقاذكِ .. بعد كل ما عانيته من بنات حواء ، و للأسف ساعدتك ...
-مراد أنت لا تفهمني ، أرجوك اسمعني ..
-لا أريد منكِ تفسيرا و لا حتى تبريرا ... انزلِ يا غنا !!!
حركت رأسها بمعني  " لا "
-لن تنزلِ .. إذا سأنزل أنا ....
و تركها و ذهب إلي الشاليه الرئيسي ، و أغلق باب غرفته عليه !
عادت غنا باكية ، ترجته كثيرا أن يفتح لها الباب لكنه لم يفعل ، و سالم بعد مواجهته مع رباب ! اعتكف في غرفة مكتبه ، فجلست هي على الأريكة تبكي ....
=============
في أحد الملاهي الليلية ،،،
قام وائل من مكانه ثملا يترنح ، لا يكاد يقف حتى يجلس مكانه ثانية ، بعد هنية قام و هو مازال يترنح  و خرج ، في حالته تلك لن يستطع أن يقود سيارته فأخذ سيارة أجرة ..
تعب السائق من محاولة معرفة عنوانه ، استغفر الله عدة مرات ..  إلي أن استطاع أن يعرف منه العنوان !!
نظر لها الرجل كبير السن بحسرة ، و هو ينعي شابا في مثل سنه ، استسلم لشيطانه ليحركه على هواه !!
تذكر الرجل ابنه الذي مات و هو في العشرين من العمر ! و اغرورقت عيناه بالدموع .. ابنه مات و لم يغدو راشدا كفاية ، و شخص مثل وائل يضيع عمره الذي سيحاسب عليه ثانية بعد ثانية ..
لماذا ضعفت يا وائل ! لماذا انحرفت بطريقك عند أول منعطف ! ليتك صبرت و تأنيت ..
ليتك صرخت على شيطانك ، لكنك استسلمت فصرخ هو منتصرا عليك .
ترجل من سيارة الأجرة ، حاول وائل أن يعطي الرجل أموالا ثمنا لإيصاله لكنه رفض قائلا :..
-اليد التي امتدت للخمر ، لن تمتد لتسد جوع أولادي .. اذهب فليهديك الله ! احذر من نفسك يا بني ..
و كأنه يسمع ، بعدما ذهب عقله بسبب تلك المشروبات الملعونة ..
ذهب يترنح إلي الشاليه حيث يقيم ، دلف الشاليه و توجه للغرفة و فتحها ليجد رباب نائمة ، ابتسامة جانبية ارتسمت على شفتيه و رائحة الخمر تفوح منه .. تذكر كل شيئا فاشتعلت عيناه ..
-ها هي الخائنة تنام ! و قد ذهب النوم من عيني ..
ذهب إليه و تطلع إلي وجهها و قال :..
-من يرى ترانيم وجهك يخدع بملائكيتها ، من كان يتصور أن تكونِ نسخة مني خائنة ..  حقيرة !!
تململت رباب في فراشها ! و هي تئن و تشعر بالضعف ، و تلك المواجهة استنزفت قواها ، و اكتمل ليلها بذلك الكابوس المخيف الذي حلمت فيه بالمرأة المجنونة تهددها بلعنه ستلاحقها ! و الشيطان يلعب في رأسها و ينسج خدعه و كأن ما أصابها بداية اللعنة !
فجأة انتفضت رباب من نومتها ، بفعل شعرها الذي ألمها من شدة جذب وائل له ، زادت خفقات قلبها و ضاق تنفسها و هي تظن أن ذلك حلم ..
لكنه أثبت لها العكس ، عندما جذبها أكثر من شعرها ليجرها على الأرض بقسوة و هو يهتف :..
-منذ عرفتكِ ، و أنتِ لم تخلفِ يوما وعدا أو تنكثي عهدا  .. حتى أخر عهد نفذتِه أيتها الحقيرة ! كنت أنوي أن أتغير من أجلك ..
ثم صرخ فيها تحت نظراتها المحدقة و تأوهاتها الخافتة :..
-من أجلك فقط ! من أجل أن أحصل على حبك مجددا ! لكنك لا تستحقين أي شيء .. أي شيء  ! يا **** و لا تستحقين حبي و لا تستحقين تلك الأنفاس التي تستنشقِها .. يقال أن كرامة المرأة لا تسمح لها بالتعدد ... لكنك حقيرة و معدومة الكرامة .. أنت رخـ***
ازدرت ريقها بذعر ، ما باله شرسا هكذا ! أنه يتحدث إلي أليس كذلك  ؟!
لا ! هو كابوس ..
لكني أشعر بالألم .. و خصلات شعري تكاد تمزق بين يديه ، فكيف يكون حلم !
هو ثمل ! فرائحته تكاد تخنقني !
بحثت بنظرها على مياه أو شيء لتجبره أن يفق ، فلم تجد !
جذبها من شعرها ، فأجبرها على الوقوف ...تمتمت بصوت جاهدت لتجعله يخرج من جوفها :..
-وائل ! أفقِ ..
صفعها بكل قوة حتي نزفت شفتها السفلى دما تاركة أثر لن يمحى بسهولة ,و قال بنبرة متألمة :..  
-نعم يجب أن أفق من وهمي .. كنت أريد أن أكون أفضل الرجال  و أشرفهم ..  كي أكون جديرا بأجمل النساء و أطهرهم ! و كل ذلك كان وهم ، لقد علمت لتوي كم أن هذا الشعور مؤلم ، لقد أجدت انتقامك مني  .. ماذا فعل لكِ حتى تحبيه و تخونيني ؟! منعتِني عنكِ سنوات لأنك كنت ملكه أليس كذلك ؟!
لتوها بدأت تفهم ، هو يتهمها بالخيانة ... كانت ستصرخ ، ستصمد و تدافع ، لكنك تلك الصرخة لم تغادر جوفها !!
حينما دفعها على الفراش و مزق ثيابها .. حينما بدأ بعقابه و بقسوة ، لم تستطع أن تفعل شيء أمام هجوم لم تهيأ له !
و يا له من عقاب ! أنهى بقايا تلك المحاربة بداخلها !
كان الأقوى والأسرع !! و هي كانت ضعيفة ..
فانتهى بقوله :..
-ليتني ما أحببتك !
و انتهت هي معه ...
-----------
حينما يصل بنا القطار إلي المحطة الأخيرة فإننا نندم كثيرا ! و لكننا وقتها لن نعود قادرين على إعادته إلي محطته الأولى ..
رباب ندمت ؛ لأنها اصطبرت لتغير وائل العديد و العديد من الأعوام ! ظنت إن عرفها على حقيقتها ستفقده ! لم تفكر أن تغيره إلا عندما وصل السيل الزبد ، و ترسخ في نفسه الشيطان ..
غنا ندمت ؛ لأنها كذبت و دارت ، خافت من ضعفها و من أشباح الماضي ! ففقدت الحاضر .
وائل ندم ؛ لأنه استسلم لشيطانه فصعب عليه العودة إلي استقامة الطريق .
مراد ندم ؛ لأنه أخطأ الاختيار سابقا ، و حينما أصاب أضاع الوقت بالتردد..
سالم ندم ؛ لأنه ظل حبيس ماضٍ و انتهي ، و نسى مسئوليته فجنى ثماره نارا وحقدا لن ينطفئ ..
ليتنا جميعا لا نتسرع لكن لا نتأخر ..
نفكر لكن لا نتحير !
نتوقف عن كوننا سجناء الماضي و نبني المستقبل !
===============
أشرقت الشمس و قد أخطأت عندما سمحت للظلام أن ينتشر طويلا دون ردعه !
فرقا بنا أيها الضوء ، فقد فعل بنا الليل ما فعل !
استيقظ سالم الذي لم ينم من الليل إلا قليلا ، اتصل بأسعد ..
-أسعد !  اذهب لمنزلي .. و اطلب من رئيسة الخدم أن تجلب لك عنوان المربية (..) آت بها إلي مكتبك و أنا سآتي إليك ..
سيعرف كل شيء ...
سيفعل ؟!
بقلمي أسماء علام

عما قريب سأصرخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن