٣٦

689 35 2
                                    

أنا عيطت كتير و أنا بكتب الفصل ده يا ريت تتقدير للموضوع ده !! و الناس اللي بتزعل بسرعة تفوت البارت ده 
عما قريب سأصرخ
الفصل السادس و الثلاثون
استيقظ مراد فوجد نفسه  على الأريكة في الغرفة  كما كان البارحة .. قرر أن يذهب ليصلي ، وجدها هي الأخرى على الأريكة !
قاوم نفسه وجاهدها .. و جلب غطاء لها و دثرها به .. و ذهب ليصلى فرضه ..
...............
تململ  وائل في نومته ، فتح عينيه و اعتدل قليلا ، شعر بشيء في يده ، نظر لها فوجد بعض الخصلات في يده !اندهش و قبل أن  يسأل من تخص ؟ انحنى ببصره فوجدها جواره ..
تتنفس بصعوبة و هي نائمة !! بل فاقدة للحياة ..
شفتيها مزينة بدمائها التي تجلطت عليها ، و شعرها مشعث ، ثيابها ممزقة ، و دموعها على خدها ..
و ها هو شعرها في يده ..
أغلق عينه و فتحها عدة مرات ، لعل تلك الهواجس تختفي ! و لما يائس أن تختفي ..
ارتدي ثيابه و أسرع إلي المرحاض يغسل وجهه بعنف عدة مرات !و اغتسل بماء بارد لعله يفق .
كابوس .. و يا له من كابوس !
شعر بصداع رهيب يلفح رأسه !
بدأ يستعيد ذكريات الأمس كومضات خفيفة تسرح أمام عينه تنبئه بفداحة ما فعل لكنه لم يستعدها كلها ..
لكن بقايا ضمير بدأت يعذبه متآزرة مع قلبه ..
و بقايا شيطانية أخرى تزين له فعلته ! بدافع الثائر لكرامته ، فهي خائنة تستحق ما هو أقسى ..
و أي عقاب هو أقسى مما فعلت يا وائل ؟!
سمع بعد دقائق صوتها ، يبدو أنها أفاقت ....
بخطوات بطيئة اقترب من الباب ! شاهدها تسعل بقوة و تشهق و كأنها على وشك الاختناق ، حاولت النهوض لكنها لم تستطع ، تحاملت على نفسها و حاولت الوصول لدوائها ، فسقطت من على الفراش .. زحفت حتى استطاعت أن تمسك البخاخ ، استنشقت الدواء عبره .. و مازالت تسعل و هي تشعر كأنها تختنق !
فجأة سمع نشيجها ،  دموعها التي سمحت لها بالهطول على وجهها لتبلله ..هي الآن تشعر بالألم ..
تخترق داخليا ! تموت فعليا !
جابت بعينها الغرفة لعلها تجد و لو دليلا واحدا ينفي ما حدث ؟!
لكنه أبي عقلها إلا أن يعنفها أكثر و أكثر و هو يعرض لها مشاهد و أحداث أمس أمام عينها ..
عندها نسي أي شيء و كل شيء تذكر  ,فقط جريمته التي فعله بمن تعلق قلبه بها غراما !
منظرها كهذا جعله يسب نفسه بأقدح الألفاظ , ودّ لو تراءت له نفسه فيخنقها بيده أو على الأقل يصفعها يجعلها تدمي كم تدمي كما تدمى حبيبته الآن !
لو طار إلي حبيبته أو حتى زحف !!
لو استسمح معشوقته أو حتى قبل قدميها حتى ترضى !
و هل من مثلك يعرف الحب يا وائل !
لو تذوقت يوما طعم حبها لما هان عليك ما فعلته بها !
للأسف تذوقته أخيرا , و أنا الآن أموت من نظراتها , من شكلها , و من عتاب عينيها الصامت , من شهقاتها المؤلمة !!
ليتها تقف لأتأكد فقط أنها بخير ..
ليتها تقوم فتصفعي أو تشبعني ضربا أو حتى تقتلني فلن أمنعها حقا !!
أنا مجرم !!
جرما لا شفاعة فيه !
أقولها لنفسي قبلك أنا أسف يا رباب ..   
...
فجأة سمعت صوت دوى صرخات في الأفق ..
تلك الصرخات أرعبتها ، ارتدت ما تناولته يدها من روب طويل لفته حولها و هي تتحامل على نفسها لتهرول للخارج ..
التقت به عند باب الغرفة ! فارتدت للخلف و نظراتها تحمل الكثير ..
لكن حدة الصرخات لم تمهلهم الكثير من الوقت ، فخرج كلاهما ليروا ماذا حدث ؟!!
ميزت رباب هيئة و صوت سمر ! سمعتها بعينها تنادي و تبكي : سليييم !
...................
خرج سالم و مراد و غنا على أثر الصراخ أيضا ، و ركض وائل نحو سمر التي كانت تبكى بهستيريا و تصرخ :..
-سلييييم !  انقذوا ابني ... سليم !
اقترب منها وائل و كذلك مراد فأشارت لهم نحو البحر  ، فهما ما يدور بسرعة  ، فأسرع كلاهما و قفزا في البحر لينقذا الطفل من أمواج البحر العالية ...
تكفل سالم بضم " هنا " التي تبكي و تقول   :....
-جدي ! ك... ك.. كاان غاضبا .. حاولت منعه .. حاولت .. لكنه رفض .. و قال إنه يحب البحر  ...
كانت الصبية تنتفض بين ذراعيه و هي تقول :..
-هل ثيموت (سيموت) يا جدي !
ضمها أكثر و هو يقول :..
-لا ! لا تقلقِ يا صغيرتي ..
جاب المكان بعينه يبحث عن أم الطفلة لتهدأها ، و نسي أنها فيما يتعلق بأولادها هي الطفلة !
كانت تقف بعيدا جدا ! ترتجف .. و كأنها فقدت النطق ! فقدت الوعي ... فقدت الحياة  .
و لن تعود إليها إلا عندما يعود ابنها إلي أحضانها ..
ودت لو قفزت هي تبحث عنه ، فبدأت تقترب منهم بخطوات مثقلة . بقلمي أسماء علام " عما قريب سأصرخ "
........
حاول مراد و وائل إيجاد الصبي لكنهم و كأنهم يبحثون عن سراب ، أما وائل فكان يبحث عنه باستماته !
لما أصابهم التعب ! أخرجهم حرس الشواطئ الذين تولوا هم مهمة البحث ..
جلس وائل و مراد على الشاطئ ، فاقتربت منه رباب و قالت فجأة :..
-لما أخرجت , عد و آت بسليم حتى و لو مت أنت , اجلب لي ابني !  قد أسامحك على أي شيء !  أي شيء إلا ابني .. إلا ابني يا وائل !
قالتها بصراخ في نهايتها .
فهم وائل ما تقول ! بل و الأدهى أنها تتهمه أنه السبب بما حدث للطفل ..
فقرر أنه لن يعود إلا عندما يجد الصبي ، فكان على الوشك القفز مرة أخرى ، فأعاقه مراد و هتف :..
-لا تتحامق .. الموج عالٍ إن دخلت لن  تخرج أنت أيضا ... حرس الشاطئ يقومون بجهدهم ..
وقفت رباب أمام البحر و كأنه تناجيه :...
-أرجوك ! لا تكن قاسيا مثلهم ! لا تنهي على ما تبقى من روحي .. اترك لي  ابني... يا رب ! يا رب !!
لكن حكم الله كان قد صدر بل استئناف ، ربما لحكمة لا يعلمها سواه .
خرج حرس الشاطئ و هم يحملون جسمان الصبي .. نعم مجرد جثمان !
تهللت أساريرهم و هو يرون الصبي ، لكن تلك الابتسامة اختفت عندما ابتعد المنقذ ليضع الصبي بعيدا و يخلب أخر ملائة ليغطوا وجه الصبي ..
صرخة دوت في الفضاء ، تحمل من الألم ما يكوى الصدر !!
بعد أن تقطع نياط القلب !!
بكت الطفلة أكثر و دفنت وجهها أكثر في حضن جدها الذي تمتم " اللهم أجرني في مصيبتي و اخلف لي خيرا منها ".
و شهقت غنا في فزع ، و أغمضت  مراد عينيه ،  و سقطت سمر على الأرض باكية .
أما وائل مازال على حالته من الصدمة ، توقف العقل عن العمل !
اقتربت رباب من جثمان ابنها و جلست جواره على الأرض بركبتيها و قالت له بهمس موجع و هي تمسح على وجهه و شعره :..
-سليم يا حبيبي ! بني .. أنا آسفة يا بني ! أنا مخطئة لكن ألن تسامحني ! سليم لا تعاقبني هكذا أرجوك .. ليت يدي قطعت قبل أن أمدها عليك .. نعم أنا أنانية يا سليم لكني أنانية في حبك ! أرجوك رد عليّ يا سليم !
ثم كشفت عن وجهه ، تتأمل ملامحه ربما للمرة الأخيرة ، دوت صرختها و علا صوت بكاءها أكثر .. و هي تتقبل كل أنش من جسد الصبي و دموعها تبلل جسده !!!
جذب الحارس الغطاء منها ، و غطى الصبي مرة أخرى و قال  :..
-البقاء لله وحده !
حمل الصبي منقذان و أخذوه إلي مركزهم الموجود بالمنتجع لحين الابلاغ عن الأمر .
أعطي سالم "هنا " لغنا و اقترب من رباب ، بينما دنا منها وائل يحاول الربت على كتفها ، نفضته عنها بحنق و اهتياج :..
-ابتعد ! لن أسامحك يا وائل أنت قاتل ..
حاولت الابتعاد عنه فارتدت للخلف , فكادت تسقط بسبب عدم اتزانها ، و قبل أن يلتقفها وائل ، التقفها جدها ! و كأنه لا يدرك أنه جدها إلا في المصائب ..
ارتمت عليه بجسدها ، فاقدة القدرة على الحركة ، لتبكي بانهيار ، ضمها إليه و هو يقاوم دموعه حزنا على الصغير ، و تأثرا بحالتها ..
و لكن لفت انتباه ما يكمن أسفل ذلك الروب من ثياب ممزقة و جسد منتهك ! فوجه تجاه وائل نظرة نارية ، للأسف فهمها فأغمض عينيه ندما و هو يشعر بالخزي ..
-ابني مات ! سليم تركني وحدي ! رجلي تخلى عني .. هو السبب !
كانت هذه أخر كلماتها قبل أن تنهار في أحضان جدها فاقدة للوعي ، هاربة من الحياة بأكملها .. و لا تريد العودة إليه ؟!
دمعه شاردة رسمت مسارها على وجه سالم الذي قال لوائل عندما تأكد من استكانتها في أحضانه :..
-اخرج من هنا لم تعد لك مكان بيننا ..
مراد بتعقل :...
-سيد سالم .. إنه والد الطفل المتوفي ! أرجوك راعي ذلك .
قالت سمر رغم صدمتها بموت الصغير ، مدافعة عنه :..
-أخي ليس له ذنب بالأمر  ! الطفلان كان وحدهما ! رباب فقط مصدومة ..
سالم بغضب أسود :..
-هو يفهم لما ؟ و أنا لن أشرح و لست بحاجة للشرح ! فأنا المسئول عما يخص حفيدتي ...
و الآن اعترف بصراحة !
فإن كان أحد مسئول عما حدث ، فهو بالتأكيد هو من سلم حياة حفيدته لشخص مثل وائل ليتلاعب بها و كأنها جاريته و كأنها لا تملك أهل !
لم يستطع وائل أن يتفوه ببنت شفه .
نعم ! هو مذنب  .
مذنب بكل ما تحمله الكلمة !
هتف سالم مرة أخرى :..
-قلت غادر ..
طأطأ وائل رأسه و لم يملك إلا أن ينصرف ، فلم يعد يتحمل ذنبه أكثر .. فضاقت به الأرض بما رحبت !
أسند سالم جسدها و لم يقدر على حملها بسبب سنه ، و حاول أن يذهب بها إلي أقرب شاليه ..
.....
بينما هرول مراد خلف وائل ، استطاع اللحاق به و أمسكه من يده و أجبره على أن يطالع وجه و سأله بحدة :..
-و إلي أين تظن نفسك ذاهبا ؟
-إلي أي مكان عدا هنا .. أشعر أن نفسي يضيق ، أريد أن أختلي بنفسي ، لعل الموت يلحقني فيقتل بداخلي لذعه الشعور بالذنب التي تحرقني ! هي محقة ... أنا السبب في موت فلذة كبدي ..
-و هل هذا هو الحل ! لقد احترت فيك ، لا أعلم هل أنت حجر  أم بشر .. خيرٌ أم آثم ! أنت نموذج على صراع الخير و الشر في النفس ! و لكنك في كل مرة تركن للجانب الخبيث فيك .
-ها أنت قولتها , فاتركني الآن أرحل ، اعتنوا بها من أجلي .
-و هكذا ستذهب مرتاح ، ستترك زوجتك تدفن فلذة كبدها وحيدة ، ستتركها وحيدة في محنتها ، ألن تساندها و تقويها و تذكرها أنه قضاء الله ، لن تضم ابنتك و تعوض عنها فقدان أخيها .. ها قد أثبت نذالتك للمرة الأخيرة ..
و تركه و غادر ..
استعان سالم بغنا و سمر ليبدلا ثياب رباب الفاقدة للوعي ، و قد صدمهما ما رأوه و انتبهوا إلي شفاهها المجروحة و بشرتها التي التهبت و ثيابها التي شقت , و قد فهما الأمر ، و صمتن ...
بعدها ضمت سمر " هنا " و جلستا تبكيان في أحد الأركان وحدهما ! أما غنا جلست تضم ركبتها تبكي هي الأخرى ،أتي مراد و جلس جوار غنا يربت على كتفها ، ارتمت هي في أحضانه تبكي و تبكي , و تشبث به بقوه و هي تود لو تدفن وجهها في صدره ..
بلغ الحارس سالم أنهم بلغوا عن الحادث ، و أخبروه أنهم بإمكانهم اتمام مراسم الدفن .
طلب منه أحدهم أن يقل الصبي في سيارة خاصة و أعطاه العنوان !
دخل عليهم وقال بصوته الأجش الذي يبدو عليه التماسك الواهي :..
-اذهبوا يا بنات اعدوا الحقائب سنغادر  .
مراد : لا مشكلة ! سأبعث أنا من يجمع الأغراض فيما بعد ، بإمكانكم تبديل ملابسكم فقط ..
-مراد ! ساعدني في حمل رباب إلي السيارة ..
" لن يحمل زوجتي غيري ، و لن يتم مراسم دفن ابني سواي "
قالها و وائل الذي توجه إلي غرفة زوجته , دون أن يبالي بسالم الذي اشتاط غضبا !
حملها وائل و أشار له مراد إلي سيارة سالم ، أراحها على المقعد الخلفي للسيارة واضعا رأسها على فخذيه ..
استشاط سالم غضبا لكنه ركب السيارة جوار مقعد السائق ، سامحا للسائق بالقيادة فلا أعصاب لديه ليقود ..
بينما مراد قاد سيارته التي ركب فيها سمر   و " هنا " في الخلف و غنا جواره ..
و انطلقوا تاركين ذلك المكان الذي حمل من الحزن ما يكفي !
أعطى مراد أوامره ، وجعل إحداهن تعد الحقائب و سيأتي السائق ليأخذهم فيما بعد ..
••••••••••••••••

عما قريب سأصرخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن