الفصل العشرون
-أنا لن أتحمل هذا الوضع ..........
توقف هذا الشجار على الصوت الذي هتف فجأة : ..
-رباب أنتِ هنا ..
التفتا على أثر الصوت فوجدا غنا قد استيقظت , فتقدم منها كلاهما , و جلست رباب جوارها قائلة : ..
-اهدئ .. نعم أنا هنا .. أنا ......
و هنا ذابت الكلمات من على شفاه رباب , و ذابت كليا في عناق غنا .. التي ضمتها بقوة ... بقوة كبيرة مناقضة لضعف غنا , و بدون شعور بادلتها رباب العناق ..
كانت غنا تشعر و كأنها تحلم !!
لا تصدق أن أختها هنا .. و أخيرا شعرت بالراحة و الاطمئنان !!
لاحظت رباب أن غنا تشتد في العناق , فكرت هي الأخرى ..
هي تحتاجني لذلك تشتد من احتضاني , لكن لماذا أفعل أنا المثل !! أنا أحتاجها معقول !! غير ممكن !!
و لماذا غير ممكن ؟!
بعدما تخلى عني الجميع , لم تبقى لي سواك يا غناي .. ابقي كما أنتِ أرجوك , فأنا لا أدري إذا أصبحت مثلهم وقتها هل سيتحمل قلبي كل تلك الأثقال , أم سيتوقف عن خفقانه و يعطيني راحتي الأبدية !!
بعد فترة تركا بعضهما و عينا غنا تفضحان تماما اشتياقها , فقالت رباب بود : ..
-أنا هنا غناي .. لن أتركك سأظل معك حتى تشفين تماما ..
قرأت رباب التردد في عيني غنا , فقالت بحنان : ..
-أنا أجيد قراءة البشر , و ما أقرأه الآن في عيناكِ هو التردد ألا تثقين فيّ ..
-رباب .. لقد أصبحت يائسة من ..
-لا حبيبتي أنتِ فقط لم تأخذي الوقت الكافي للعلاج ,بل لم يكن كافيًا البته , لكن ماذا أقول ..
قالتها و هو توجه لسالم نظراتها النارية .. ثم تابعت : ..
-ثقي فيّ يا غنا هل خذلتك يومًا ..
رأت الموافقة في عينيها تلمع فقبلتها على وجنتها و قالت : ..
-الآن أريدك أن تنامي بعمق .. و بعدها نبدأ في علاجك .
ثم أراحتها على الفراش و دثرتها , و أغلقت الإضاءة غير آبه بسالم الذي اشتاط حقا من تصرفها , لكنه خرج ..
أغلقت رباب الباب بهدوء , فبدأ سالم بالصراخ عليها ..
دخل مراد و الشجار على أشده بينهما : ..
رباب : هل سيظل الوضع هكذا دائما ... أنت لا تطاق ..
سالم : بل أنتِ التي لا تطاقي يا ابنـ ...
قاطعهما مراد سريعا و وقف حائلا بينهما : ..
-توقفا ... ما تلك التصرفات ؟!! تصرفا بقليل من الحكمة ..
أشاح كلاهما بوجهه في غير رضا , ثم قالت رباب بامتعاض : ..
-أين سأبيت , لا أظن سأجلس في مكان واحد معه ..
قالتها و هي تشير إلي سالم , فقال مراد بنفاذ صبر : ..
-كنت أعلم ! الشاليه الذي على اليسار فارغ و هذه مفاتيح الشاليهات الثلاثة .. جربي أيهم المفتاح الخاص بالشاليه ..
أعطاها مراد نسخة عن المفاتيح الثلاثة و احتفظ بنسخة , كانت متعبة بحق فلم تجادل و جميعهم كذلك ...
فانفض المجلس أخيرا كلا إلي نومه ..
دخلت الشاليه الذي على اليسار بعد أن حددته بيدها فهي بطيئة في مسألة الاتجاهات , و جربت المفتاح , ثم دلفت للداخل و ألقت بالمفاتيح في المكان الذي اتيح لها و لم تهتم , أدخلت الحقيبة , و جلست على الأريكة و أخرجت –ما اعتبرته كنزها الثمين – مذكرة والدها تلك المذكرة الوحيدة التي كانت مع عبد الحميد و التي لم يقرأها أبدًا احترما لصديقه , قرأت بضع صفحات و قد شعرت أنها تحلق على غيمة من غمائم السماء و تقرأ إحدى قصص الخيال الرائعة , كم كان والدها رائع في كل شيء !! في وصفه !! و في عمله و حتى في حبه !! توقفت عند صفحة و شردت بخيالها ..
كانت تسرد تصور والدها لفتاة أحلامه بعد أن انتهت من تلك الصفحة شعرت بالتعب , فأغلقت المذكرة و وضعتها في حقيبتها , و اغتسلت بسرعة , وارتدت كما قرأت في مذكرة والدها , أرادت أن تبدو كفتاة أحلام والدها , فربما كانت والدتها كما تمني فارتدت قميص قطني من اللون الأحمر القاني –اللون الذي أحبته منذ حبها لوائل لأنه لونه المفضل و كرهته بسببه أيضا , و لولا معرفتها حديثا عن حب والدها رحمه الله لنفس اللون لما ارتدته - يصل إلي قبل الركبة بقليل , و أسدلت شعرها و ارتمت على الفراش بعد أن أتمت فرائضها و قبل أن تغفو مر عليها يومها كشريط سينمائي .. فوجدت نفسها تبكي بدون إرادة ... ترثي روحها و ما آلت إليه حياتها البائسة ..
كانت تبكي كطفلة ضائعة , تحتاج لأحد يواسيها و يمسح دموعها بشدة ..
ألم القلب التي ينزف ببطء و يكاد يزهق روحها ..
مؤلم بل موجع و بشدة !!
و لما ضاقت ذرعا من أفكارها و أمنياتها التي لن تتحقق أبدا .. تمسكت ببقايا قوتها المزعومة .. بكلماتها التي طالما اتخذتها شعارا " كوني قوية بهم أو بدونها .. قوية بنفسك .. تمردي على ضعفك و اصرخي في وجههم بقوتك "
ثم مسحت دموعها بيدها بشكل جعل شكلها طفولي أكثر , و لوت فمها بشكل طفولي أيضا و نامت .. من إرهاقها نامت سريعا جدا .. فلم أجد وصف لشكلها سوى إبداع الخلاق التي أبدع في ملامحها بجانب تأنقها ... فأصبحت فاتنة , لوحة فنية ببساطتها و رقتها ...
.............
دقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل , انزعجت رباب من صوت الساعة كثيرا فاستيقظت ...
رباب بصوت ناعس : يا الله ما ذلك الازعاج !!
ترنحت حتى وصلت إلي صالة الشاليه و نظرت لمصدر الصوت فعلمت أنها الساعة فقالت ذما في مراد : ..
-حتى ساعته مزعجه مثله .. أعانك الله عليه يا غنا ..
كتمت الصوت .. و دخلت لتنام مرة أخرى , تدثرت جيدا و نامت في جانب صغير من الفراش و تركت الباقي فارغ كعادتها ....
ككل يوم في ذلك الوقت تقريبا من الليل , تلك العادة التي لم تتركها يوم منذ زواجها بوائل , في حالة من اللاوعي مدت ذراعها لتتلمس جانب الفراش الخاص به , و في كل مرة كان ذلك الجانب خاليا من أي أحد ...
فلم يكن أميرها متفرغ لها , بل كان غارقا في سهراته ...
لكن و يا للعجب يدها في تلك المرة لمست أحد ...
ابتسمت و هي نائمة , لكن فجأة عاد عقلها للعمل و خفق قلبها بجنون ذعرا .................
أنت تقرأ
عما قريب سأصرخ
General Fiction#عما_قريب_سأصرخ رواية درامية اجتماعية اقتباس - أسف لتطفلي بما أنك رتبت كل شيء مع عائلة الغندور ولم تلقى بالا بإخباري سوى الآن , فهل يحق لها أن ترى صورتي , وأنا لم أرها حتى .. - لا تقلق بذلك الشأن فستراها الآن , وتتمني ألا يراها أحدُ غيرك .. هتف مر...