١٥

829 29 1
                                    

الفصل الخامس عشر
-توقــــــــــــــــــــفِ
لم تتوقف , فنزع يده بشراسه فارتدت هي للخلف لتصطدم بالكومود , صدرت منها آهة متألمة غصب عنها , لم يصدق كل تلك الأحداث المتلاحقة ... لما تصر عليه أن يؤذيها , حتى اقترب منها في محاولة منه لإسنادها .. جاءه ردها الغليظ : ..
-ابتعد ..
تحاملت على نفسها رغم ألم قدمها اليسرى , و وقفت قائلة : ..
-أنت لا تعرف سوى الأذية .. إما تؤذي نفسك أو غيرك .
اغتاظ أكثر , و اشاح بوجهه و هو يلوح قائلا بصرامة : ..
-اخرجِ ......  لو أنتِ أخر طبيب في العالم لن أقبل بك طبيبتي , فاخرجِ و إلا سأحطم الغرفة على رأسك .. اخرجــــــــــــي .
تحركت بخطوات أشبه للعرج من ألم قدمها اليسرى , هي حتى لم تحاول أن تثنيه عن رأيه , زفرت بقوة و كأنها تزيح هما يجثم على صدرها ..
أغلق الباب خلفها بعنف , و صار يحطم كل ما في الغرفة .. حتى تألمت يده و لم يبقَ شيء واحد في مكانه في الغرفة .
================
في شقة مراد شرف الدين ,,,
تأهبت غنا و جدها و أيضا مراد لذلك السفر , غنا متوترة لسبب تجهله و قدمها لا تكاد تحملها رغم أنها بصحبة جدها – ثاني أكثر شخص تثق به - لا يترك يدها , لن تسافر مع مراد بمفردها !!
إذن لما الخوف  بل لما الذعر !!
هو لم يظهر لها منذ أن أخبرها بأمر السفر , كما أنه أبدى لها سبب اهتمامه بها , لما تشعر إذن و كأنها أصيبت بالحمى و هل يمكن أن تكون أصيبت منه بالعدوي و لكن درجة حرارتها عادية , إذن لما تلك الارتجافة ... لما ؟!!!
أما سالم الغندور كان بجسده يمسك بيد غنا , لكن روحه ليست معه , عقله أيضا يؤازر روحه , عقله يضع ألف سؤال و سؤال و يحلل و يتعمق .. من صاحب حساب المصرف هذا ؟ و ما هدفه من ذلك ؟!
غنا ليس لها من يهتم بأمرها الآن سواه ؟ ماذا إذا كان لهذا الشخص نية أخرى , لكن ما هدفه ..
أهي غنا نفسها أم يقصد سالم نفسه ؟ أعداؤه لا حصر لهم , و أعداء غنا لهم علاقة بوالدها بالتأكيد ؟ فحتى الآن لم يُضبط قاتل خالد ابنه و الشاهدة الوحيدة غنا لا تذكر أي من هذا !!!!!!!!
علاوة على ذلك أمر زوجها القاتل هذا , فهو مازال حي يرزق , و عدم إبداءه أي رده فعله على هروب غنا من أوربا و الطلاق التي حصلت عليه , إنه أمر مربك حقًا ....
و يمكن إضافة رباب إلي القائمة .. فإنها دائما تشعر بحبه الزائد و تفضيله لغنا عليها دائما , و معرفتها أيضا لأمر والدتها يمكن أن يشعل ذلك بها ألف نارٍ و نار  , أتاه صوت هاتفه ليجيب على المحامي :...
-ما الجديد .......... ماذا ؟!!! لكل ما استطعت معرفته حتى الآن هو أنها سيدة ..... هل تمزح معي .. يبدو أنني أخطأت حينما أوكلت إليك أعمالي .......... وقت !! ثلاثة أيام فقط , فقط ثلاثة أيام و تكون لدي كل المعلومات الكاملة ..
لم تسأله غنا عما يقول أو عما يفعل كانت غافلة بالكامل عما يفعل ..
كانت تحاول كسر حاجز الخوف و هي تتقدم معه نحو الباب , حين ضرب الضوء عيناها بقوة ألمتها , فكسرها الخوف و خرت ساقطة ..
"أغلب الناس – خاصة النساء – يخافون الظلام , وحدها غنا المسكينة من تخاف الظلام و الضوء على حدٍ سواء  "
فزع سالم الغندور و نادي مراد الذي كان يعد كل شيء لسفرهم و كان يتعمد ألا يظهر حتى يبعد عنها الخوف .. فمجرد أن علم أن الأمر ركض إلي أعلى , رفض الانتظار لإفاقتها , فهو على علم تماما بما سيحدث بعدها .. أحذها معه و بعدها سيحاول تحمل ردة فعلها ...
بعد أقل من نصف ساعة وصلوا .. اطمئن عليه , و ذهب و تركب المهمة الأصعب لسالم و هي إيصال الأمر لغنا , بعد أنا أفهمه ما سيحصل لها ...
كانت الصدمة من نصيب سالم عندما علم عن الأمر و الصدمة الأكبر عندما شاهده بنفسه .. لا يعلم كيف احتمل قلبه رؤيتها هكذا ...
و كما حدث مع مراد أغلقت عليها باب غرفتها و دثرت نفسها في الفراش , ترتجف فحسب ..
" مع كل الأشياء التي تثير الذعر في نفس غنا , هي لا تخاف الوحدة .. إن الخوف غريب و غير منطقي , يقيدنا بقيوده حتى نظن أنه لا فرار من سلاسله , لكن بالتأكيد من يملك مفتاح القيد بجانبنا لكننا فقط لا نراه .. "
==============
في غرفة مدير مستشفى الأمل ,,
دكتور ممتاز : متأكدة من قرارك ؟!!
جلست رباب , بعد أن أومأ لها المدير و قالت : ..
-نعم سيدي , فيبدو أن الخطأ يطوق عنقي بأوزاره , لا جدال في ذلك .
هشام : لكن هذا لم يكن رأيك البارحة .
رباب بلباقة : ببساطة , لأن التجارب تثبت لك أن ما تتشبث به يكون هو طريقك الوحيد نحو الهاوية .. و أنا لا أحب الثبات على المبدأ الخطأ  ...
المدير : لقد اتخذتِ ثلاثة قرارات أقل ما يقال عليهم أنهم قرارات مصيرية لك و لغيرك  .
رباب : نعم ! اختياري لك دكتور هشام  أكثر من صائب , فالرجل لا يفهمه سوى الرجل ..
قالتها و أرجعت رأسها للوراء ليرتاح على ظهر الكرسي .
هشام : و هذا أيضا لم يكن رأيك البارحة .
هتفت رباب : ..
-اللعنة على رأيي البارحة .
نظر لها الكل بذهول من اهتياجها هكذا , ارتد للأمام و قالت بهدوء :...
- أنا آسفة .. آسفة بحق .
ثم قامت لتقف بانتباه و قالت : ..
-أرجو أن تقبل اعتذاري سيدي , و أنت أيضا دكتور هشام اعتذر ... سأبلغ فرع مشفى بالقاهرة و هو ستبلغهم بالأمر لأرفع عنك الحرج سيدي .. استأذن .
أومأ لها برأسه , فتحت الباب و ولجت للخارج و أغلقته مرة أخرى , تنهدت بعمق , و توجهت لتناول قدح من القهوة -هي بحاجة لها كثيرا – لكن للأسف ستواجههم لأنها استراحة الغداء ...
....
ذهبت إلي مقهى المشفى , كانت طاولة نهي و عاصم هي الوحيدة الفارغة .. حيث كانوا في انتظارها .. تجاهلتهم تماما , طلبت قدحا من القهوة و سندويتش خفيف .. تناولت ذلك الافطار بمعاد الغداء واقفة , و دفعت الحساب و غادرت ...
قبل أن تغادر صالة المقهى أوقفها صوت عاصم المنادي باسمها : ..
- دكتورة رباب !! لما تناولتِ طعامك واقفة لقد حجزنا لك مقعدكِ !
- شكرا !! لقد انتهيت , سأذهب إلي عملي .
انزوى حاجباه من طريقتها غير المعتادة , بينما التوى فم نهي بتهكم و هي تقول : ..
-لما أنتِ متعجلة ؟ صحيح فأعمالكِ كثيرة هذه الأيام !
أجابتها رباب بنبرة عملية حملت بعض التهكم و اللوم : ..
-كفِ عن تهكماتك فهي واضحة للعيان , و طالما كان الناس لا يعملون بضمير فسيوجد دائما أناس يجبرونهم على العمل , و انتظرا مكالمة هامة لكما .. ستريحكِ يا نهي من شكوك و افتراضاتك ..
قالتها رباب و التفتت لتغادر , قهرت كسرة الألم في عينيها , و غادرت ..
نظر عاصم لنهي بعدم فهم و قال : ..
- عما تتحدث هي ؟ و أي مكالمة تلك ؟
- و ما أدراني ؟!
أنهي عاصم طعامه بسرعة و قام ليلحق برباب و قال : ..
-لدي عمل و سأذهب ..
-أي عمل ؟!! لم تنتهي الاستراحة بعد !!!
-عمل في الرسالة !!
زفرت نهي في ضيق لم تستطع إخفاءه و قالت : ..
-أوف !! ستذهب خلفها ..
انزوى حاجبه بشك ؛ فلم يعد يفهمها و كأنه إنسانة أخرى غير نهي التي ارتبط بها !!
-ماذا بك نهي !! أنا ذاهب لأتناقش في أمر هام مع رباب و بعدها سأذهب للطبيب هشام .. لم تعد تصرفاتكِ تروق لي !
عضت على شفتها السفلى و هي تقول : ..
-لا شيء .
عند تلك اللحظة جاءتهم موظفة الاستقبال : ..
-دكتورة نهي .. دكتور عاصم مكالمة لكما ..
عاصم : كلانا !
-نعم !! من فرع المشفى بالقاهرة .
تبادل عاصم و نهي نظرات التساؤل , و توجها ليجيبا على الهاتف , فبادر عاصم بسؤال :
- هل هي تلك المكالمة التي تحدث عنها !
- ربما !
التقط عاصم سماعة الهاتف و أجاب .. بعد قليل تجمدت الحروف على شفتيه ... و بجواره نهي تسأله بفضول : ..
-ما الأمر ؟ عاصم أخبرني ....... ما الأمر ؟!
....................
طرقات على باب غرفة بلال , أذن للطارق بالدخول ... دلف عليه ممرض فوجده مسترخي على فراشه , رمقه بلال بنظرات تساؤل متعجبة ...
أين ذهبت الممرضة ؟!!!!! أين ذهبت حارسة الغرفة ؟!!!
أذن الممرض للعامل ليضع الطعام على الطاولة و يغادر ..
كاد الممرض أن يغادر , فأوقفه صوت بلال : ..
-أيـ....
و قبل أن يتفوه بباقي الكلمة جاءه صوت الممرض ليبتر عبارته : ..
-الطبيب هشام يبلغك تحياته .. و يخبرك أنه سيبدأ معك الجلسة بعد ربع ساعة حالما تنهي طعامه , فكن مستعدا .
لم ينتظر ليسمعه بل غادر الغرفة دون إضافة كلمة أخري , تاركا خلفه بلال حائرا ...
هشام !!! أين رباب !!! هل تخلت عنه بتلك السهولة !! هل أخذت كلامه على محمل الجد ؟!!
و ماذا يهمك في كل هذا بلال ؟!! هي تخلت عنك !! هي كمثيلاتها تماما فيما تختلف عنهن !!
لكن ألم يكن هذا طلبك بلال !! ألم تنبذها بعلو صوتك .. هي من ستنبذك الآن !!
اهدأ و اطمئن الآن فلن تزعجك أي منهن بعد الآن , و سيعالجك رجل مثلك يفهم ألمك و ستعود لحياتك قريبا و تلقن تلك ****** درسا لن تنساه ...
............
أوقف هشام رباب : ..
هشام : عذرا طبيبة رباب !! هل أنتِ متأكدة ..
- لست أنا الشخص التي يقرر ما يندم عليه ! لا ضرر سيحدث لأي أحد أنه الصواب ..
-أي صواب هذا !! كل المجهود الذي بذلتيه مع بلال سيصير هباءً منثور , و أنا سأبدأ معه من الصفر  و سأطمث عملك كله , هل ستتحملين ؟
ابتلعت تلك الغصة المريرة بجلد و قالت بلامبالاة زائفة : ..
- نعم سأتحمل لأنه صواب , بما سيفيد العند في أمر كهذا .. العقل و المنطق يقولان أنك الخيار الأفضل , فعلي الأقل أنت لست متهور أحمق و الأهم لست مثلي مجرد خاسرة فاشلة ..
- بغض النظر عن حديثك الذي لا معني له , و الذي أسمعه منك لأول مرة .......... هذا حقك تنازلتِ عنه بإرادتك لكن ماذا عن عاصم و نهي , حتى الصداقة التي تجمعك تنفر مما فعلتِ .. ستعيدهم إلي القاهرة و ستتخلين عن فريقهم ... وقتها هل تعلمين أن عاصم سيعيد رسالته من الصفر , سيجعله الطبيب الجديد يعيد الجزء العملي من جديد .. أما نهي فأمرها هين , فهي مازالت في البداية .
- ما هو هدفك من تقريعي بهذا الشكل , أنت أول من كان يبغضني أنا و فريقي , و كنت معترض على سفرنا و تدخلنا في عملك .. و ها قد أرحتك .
نظرت لساعتها و قالت بهدوء : ...
-اعتذر دكتور هشام لكن عليّ الانصراف لإعداد أغراضي ليعود جو هذا المشفى لطبيعته بعيدا عن استبدادي ..
لم يكد يتفوه بكلمة , حتى اندفعت نهي اتجاههم , تسحب يد رباب بعيدًا , و عاصم يحاول استيعاب ما يحدث , نظر هشام له بمعني " ماذا يحدث ؟"
فأجابه عاصم , فصمت هشام ؛ لأنه ببساطة لا يعلم و لا أحد يعلم لما يحدث هذا سوى رباب ... و السبب نهي .
.................
وصلت نهي و رباب إلي الحديقة الخلفية للمشفى , في حين كانت رباب تتألم بسبب إصابة قدمها و أيضا سحب نهي لها هكذا فيه إهانة لكرامتها , فجذبت يدها منها بعنف و هتفت : ..
- ما الذي تفعلينه ؟
- قولي مثل هذا لنفسك .. ما الذي تفعلينه أنتِ ..
- لا أفعل إلا ما تريدينه أنتِ .
- بل قولي إنك تريدين أن يأتيكِ عاصم زاحفا يستجدي رضاكِ ... كباقي معجبيكِ , فعندما يخونك زوجك لا تجدين سوى تلك الألاعيب الرخيصة  لتوقعِ بأزواج الأخريات ..
كان رد رباب بعمق ما كان الجرح في قلبها ينزف , فلم تجد سوى الصفعة التي هوت على وجه نهي حتى ترد بها كرامتها المهدورة , و تعيد نهي إلي عقلها ..
في حين كان قلبها يدمي , فعبارة نهي السابقة كانت مجرد كلمات لكن تأثيرها كرمح غُرس مباشرة في القلب ..
بفعلة رباب أُهُدرت كرامة نهي , فأبت نهي إلي أن تكمل التصويب على القلب باحتراف , فأردفت بغل – غريب على طبعها الهادئ لكنها تخاف على زوج أحبته و تأبي خسارته :..
-الحقيقة مؤلمة أليس كذلك ؟! يا من تدعين الشرف .
أجابتها رباب و هي تحاول التماسك قدر المستطاع , فقبضت راحتي يدها و أردفت بقوة  : ..
-نهي !! تهذبِ و إلا سأعيدها مرة ثانية , و ثالثة حتى تستعيدي رشدك و لن يمنعني أحد... هل فقدتِ عقلك .. إن لم أكن أكبر منكما فأنتِ كنتِ صديقتي – حتى و لو بالنسبة لي أنا فقط – كما أني أحب زوجي أيتها ....
قاطعتها نهي قائلة بقوة و اهتياج  : ..
-خرقاء , نعم إن صدقت كلامك أصير خرقاء و مغيبة بحق و نظراته لك واضحة , و أنتِ من خنتِ الصداقة عندما ألقيتِ شباكك على زوجي , و فعلتها مع زوج أختك , ماذا تريدين أن يخون كل الرجال زوجاتهم كما يفعل زوجكِ ..
-أقسم بمن قدرني على تمالك أعصابِ حتى الآن و الذي يعلم لكم أجاهد كي لا أصفعك و أجرك أمام الجميع , بعد كلماتكِ ... كيف تجرأتِ ..... المؤسف في الأمر أنه لا مذنب سوايّ أنا من سمحت لنفسي أن أصادقك , و أجعلكِ تعلمين و لو نذير يسير عن حياتي و لو بالصدفة , يا الله عليكم أيها البشر , بعد ما مررت به في حياتي مازالت الحماقة داء فيّ ..
استدارت رباب للجهة الأخرى , و تنهدت بعمق و قالت في ثبات هي أشد الناس علما أنه زائف :..
-لكن كفي حماقة ..... من الآن لا حديث بيني و بينك او بين السيد عاصم زوجك المبجل , و لو فعلها هو و لو بدون قصد قسما بالله ستكون العاقبة أبشع مما تتصورين , أنتِ لم ترَّ بعد جانب رباب الرخيص كما تدعين , و لا أريد أن أخبرك عما سأفعل سترين النتيجة بنفسك ... و أظن أن هذا ما تريدينه .
ثم تقدمت بخطوات متمهلة مغادرة المكان , لكنه أوقفها صوت نهي الباكي و هي تقول : ..
-انتظري !
أغمضت رباب عينيها بعصبية , و عضت على شفتها السفلى ... ماذا تريد بعد تلك الحمقاء الصغيرة !!
بكاؤها هذا يثير رباب و يستحث جانبها العطوف للظهور أمامها كما أن دموعها الآن تتحداها لتبلل وجنتها لتمسح ذلك الألم الذي اجتاحها الآن , فهل هي تنسي خيانة وائل لها حتى يأتي من يذكرها ...
يكفى , حقا يكفي , لا أحد يستطيع تحمل ذلك .. لا أحد !!!
لكن هل هي أي أحد !! لن تكون رباب لو لم تقهر دموعها تلك ببراعة كما تفعل دوما .... فالتفت بثبات قائلة : ..
-ماذا تريدين ؟ اعتذار !!
أجابت نهي بسرعة : ..
-لا ... عـ .. عاصم أنت هكذا تدميره ستعيدِه إلي نقطة الصفر .. لو كان هذا ما أريده لما جئت إليكِ ..
هتفت بها رباب فالآن قد تخططت نهي كل الحدود :..
-اللعنة .. هكذا هم البشر .. لعنة الأنا لن تتركهم .. أي شيء , أريد أن أحطم أي شيء ... تبا لا يوجد شيء ... هكذا سأحطم رأسها ..
كانت تبحث بهستيريا عن أي شيء لتحطمه حتى تستطيع الهدوء .. لكنهم في الحديقة .... شعرت نهي بذعر تلك اول مرة ترى رباب هكذا !!
لحظات و اختفت أنفاس نهي , نعم لا تستطيع التنفس فرباب تقترب منها !! هل تنوي تهشيم رأسها فعلا , أغمضت عينيها برعب , مرت ثوانٍ لم تسمع فيها سوى انتظام أنفاس رباب التي تلفح وجهها , فتحت عينيها بحذر و فرأت أن رباب واقفة بثبات بنظراتها الطبيعية لكنها اكتسبت بعض الشراسة , الأمر الذي جعل نهي تشعر بالغرابة !!
أي إنسانة تلك !! كيف تتحكم بمشاعرها و كأنها لعبة بين أصابعها !! تغضب بوقت !! و عملية بوقت !! و تمرح بوقت !! و هي بين كل تلك الأوقات تتقلب كيف تريد !!
لا ريب أنه بهذا ثبتت اقدامها في مهنتها بشكل لا مثيل له !! يا إلهي ليتني أستطيع أن أكون مثلها يوما !!
و بلهجة رباب المعتادة قالت : ..
-حضرا أنفسكما سيغادر فريق رباب الطبي اسما لا فعلا ... نعم ستظل الفرقة القائمة , لكن لن يجرأ أحدكما عن طلب حقه كفريق .. لسانكما لن يخاطب لساني و لو عن طريق الاعتياد أو الخطأ , ستعملان و تبحثان عن طبيب فعلي يساعدكما لأني لن أفعل ... و لو تجرأ أحدكما و صرح بهذا لأي أحد سأذيقكما الويل و لن تفلحا في حالة واحدة , و سأختار وقت انهاء زوجك عاصم للجزء العملي و أنسحب و ليتحمل هو عواقب فعلتكِ , و لا تلومين إلا نفسكِ و لا تتعجبِ إن فعلتها فأي وقت فأنتِ تعلمين كم أنا متقلبة المزاج ... انتهيت !
كانت نهي تنظر لها ببلاهة , لا تعقل ما تقوله مستحيل أن تكون تلك رباب الأخت الحنون !! و لما رأت رباب تيبس قدم نهي و فمها المفتوح على أخره , هتفت بصرامة : ..
-قولت انتهيت ..... انصرفِ .
ازدرت نهي ريقها بتوتر , و ركضت من أمامها خوفا من لهجتها , ذهبت لعاصم لتحذره و هي تلهث و تلتقط أنفاسها بصعوبة و لم تعلم أنه استمع للحديث بالكامل من أوله لأخره , فجلس على طاولة يفكر بهدوء و هو يسند رأسه على راحتي يده ..
.....................................

عما قريب سأصرخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن