فى ذلك المكان البعيد عن الأعين، فى الظلام الحالك و الذى يجعلك بالكاد تستطيع أن ترى أمامك أثناء السير، و ذلك الهدوء الذى يعم المكان و لا يشوبه سوى صوت تلاطم الأمواج فى الصخور المحيطه بالشاطئ.
وقف زين ينظر أمامه بهدوء واضعا يديه فى جيب بنطاله ليسمع صوت سياره تصف خلفه بعد أن انطفئ محركها.
سمع زين صوت باب السياره و هو يغلق و سمع صوت خطوات لاقدام شخص ما يقترب منه و لكنه حتى لم يلتفت للخلف ليرى من يقف خلفه.
"فاكر المكان ده؟"
اخيرا نطق زين كاسرا حاجز الصمت الذى يسيطر على المكان.
"اكتر منك يا صاحبى"
نطق ذلك الصوت الرجولى من خلف زين و الذى لم يكن سوى آدم الذى لبى دعوه زين له.
"و انت مين قالك انى ناسيه يا صاحبى؟"
تسائل زين و هو يلتفت لينظر إلى آدم الذى ينظر إلى البحر المعتم بهدوء.
"مش باين"
تحدث آدم و هو ينظر إلى ملامح صديقه الذى افتقدها بحق و لكنه لا يستطيع البوح بذلك.
"آدم انا عملت كدا علشان أحميك، انا عرفت انها بنت مش تمام، و عرفت انها بتروح شقق مع إللى يدفع اكتر، بتعمل كل حاجه بس عارفه تحافظ على نفسها، مرضيتش اخليك تتعلق بيها، حاولت ابعدك عنها بس انت بردو كنت متمسك بيها، انا اللى بعتلك رساله من الرقم اياه، و انت مفكرتش و لو للحظه انه محدش يعرف خط سيرى و لا انه حد يعرف انا بمشى مع مين و لا ليه، حاولت اماطل معاها لحد ما انت جيت و شوفتها و هى فى حضنى و اخدتها من أيدى، فكرت انى لو قولتلك انها عجبتنى مش هتتجرح اوى بعكس لو قولتلك انها بنت مش كويسه، لكن مكنتش متوقع ان صداقتنا هتتدمر بالشكل ده، مكنتش متوقع اننا هنبقى أعداء يا آدم، مكنتش مفكر اننا هنوصل للحال ده يا صاحبى"
تحدث زين موضحا إلى آدم الذى ظل ينظر له بوجوم بينما زين ينظر له بترقب.
" هو انت مفكر كدا انى هاخدك بالحضن و اقولك تسلم يا صاحبى، تفكيرك كان حلو لأنك ضيعت صداقتنا و رميتها وراك مقابل انك متكسرش قلبى اللى اتكسر اصلا، و حتى لو انت كنت بتفكر زى ما تقول طيب ما انت جتلك بدل الفرصه ميه، استنيتك مره و اتنين و عشره و الف انك تيجى و تقولى حتى وحشتنى من غير ما تعتذر لكن لا انت مجتش، أهلى ماتوا و كنت مستني انك تيجى و تطبطب على ضهرى و تسندى وقت حاجتى لاى حد يسندنى، لكن لا انت مجتش، اتحطيت فى أزمات ماليه كتير و وضع شركه ابويا كان فى الأرض و كنت شويه و هعلن افلاسى و انتى بردو مجتش، انا جيت بس علشان اوضحلك الفرق اللى بينى و بينك، انت اول ما قولتلى تعالى و انا محتاجك رميت كل حاجه ورا ضهرى و جيتلك، شوفت الفرق يا زين"
تحدث آدم و هو ينظر إلى صديقه الذى ينظر له فقط دون أن ينبس بحرف واحد حتى.
" كفايه عداوه لحد كدا يا زين، خلينا نفتكر على الاقل اننا كنا صحاب فى يوم من الايام، و سيب الزمن ينسينا الخلاف اللى بينا، و مين عارف ممكن نرجع صحاب تانى"
تحدث آدم مره اخرى قبل أن يذهب من امام زين مغادرا تاركا زين وحده ينظر للبحر المظلم.
كل الفرص التى أمامه تبددت واحده تلو الأخرى، خياراته الأولى كانت سيئه للغايه، و مثل ما قال آدم كان أمامه الكثير من الفرص لإصلاح الأوضاع و لكنه و بكل بساطه تجاهلها و لم يفكر بها حتى، و هذه هى النتيجه، سائت الأمور حتى أصبحت أسوأ من المتوقع.
.
.
.
.
.
مرت الايام و تتالت على الجميع، منهم من تجاهل الماضى و نظر للحاضر حتى يتحسن المستقبل، و منهم من يؤنب نفسه على الماضى و على الخيارات الخاطئه التى جعلت حاضره أسوأ حتى من ماضيه.
تابع الجميع حياتهم بهدوء و الكل يجعل مشاعره بداخله و لا يظهرها لمن حوله، حتى أصبحت وجوههم و المشاعر التى يظهروها معاكسه للمشاعر التى بداخلهم.
اضطرت نورسين ان تعمل نصف يوم فقط هذا اليوم بسبب تجمعهم جميعا فى منزل ليليان و جاسر، لتغادر الشركه فى تمام الثالثه بعد أن ودعت صديقتها.
اما نسرين اكملت عملها لتحمل ملف ما و تتوجه حيث مكتب آدم للحصول على توقيعه و استشارته فى بعض الأمور فى العمل.
أخبرت السكرتيره آدم بوجود نسرين بالخارج و انها تريد توقيعه على بعض الملفات ليأذن لها بالدخول.
دلفت نسرين إلى مكتب آدم بعد أن طرقت على باب المكتب لتجد انا هناك رجل يظهر عليه الوقار يجلس امام آدم و يتحدث معه فى امر ما.
"مستر آدم لو سمحت عايزة امضه حضرتك على الملف ده، و كنت عايزة اخد رأى حضرتك فى حاجه"
تحدثت نسرين بإحترام ليومئ لها آدم بخفه.
"اسألى يا نسرين، استاذ محمود مش غريب"
تحدث آدم بهدوء و إبتسامه خفيفه لتومئ نسرين بهدوء و هى تنظر لوجه من يشير اليه آدم لتصدم.
"بابا ! "
" نسرين! "
تحدث كل من نسرين و ذلك الرجل الكبير بالسن و هما ينظران لبعضهم بصدمه لينظر آدم لهم بإستغراب.
"انت جيت امتى؟ و ماما معاك؟ "
كانت نسرين هى من قطعت تلك اللحظات الصامته بحديثها ذاك.
"جينا اول امبارح، و اه مامتك معايا"
تحدث ذلك الرجل بهدوء و برود بينما آدم ينظر لهم بصمت و يحاول ان يفهم ما يحدث هنا.
"و مقولتش ليه؟ و انتوا قاعدين فين دلوقتى؟"
تسائلت نسرين موجهه حديثها إلى ذلك الرجل الذى اتضح من سياق الحديث انه والدها.
"مجتش فرصه ،و احنا قاعدين فى فندق"
تحدث ذلك الرجل ببرود لتنظر له نسرين قليلا بصمت بينما آدم نظر بإستغراب الى ذلك الرجل الغريب.
"طيب يا بابا قوم نروح نجيب الشنط من الفندق و نجيب ماما، عيب لما يبقى عندك شقه و تقعد فى فندق"
تحدثت نسرين بهدوء و هى تمسك بيد والدها تحاول جعله ينهض الا انه سحب يده.
"لا هتكلم مع آدم شويه، تقدرى تروحى انتى لمامتك تقنعيها و انا هحصلكم فى المكان اللى هتبقوا فيه"
تحدث والدها بفتور لتنظر له نسرين قليلا قبل أن تبتسم ببرود مومئه له.
" انت عارف عنوان الشقه، و لو مش عارفه تقدر تسأل مدير أعمالك زى ما انا هسأله على اسم الفندق، استاذ آدم معلش انا مش هكمل اليوم انهارده و لو عايز تخصمه مفيش مشكله"
انهت نسرين حديثها مغادره سريعا تاركه والدها الغير مبالى و آدم المستغرب تلك الأوضاع.
.
.
.
.
.
كان نورسين و زين هم اخر من انضم إلى التجمع العائلى فى منزل ليليان و جاسر.
اخذ مراد نوران و جلسا وحدهما فى الشرفه يتغزلان فى بعضهما، النساء تجمعن جميعا فى المطبخ لطهى أشهى انواع الطعام، و الرجال يجلسون مع بعضهما يتبادلون أطراف الحديث المختلفه مع بعضهما، بينما نورسين التى فضلت الانزواء بنفسها فى أحد الأركان مع هاتفها و سماعات الاذن حتى تنقطع عن الأصوات الخارجيه، و زين الذى ظل حبيس غرفته مدعيا النوم.
تجمع الجميع على طاوله الطعام لتناول ما لذ و طاب من أشهى انواع الطعام المحضر منزليا.
بعد أن امتلئت معده الجميع جلسوا جميعا كعائله كامله يتناولون المشروبات الدافئه و بعض التحليه كذلك.
"بقولكم ايه انتوا مش محددين ميعاد للفرح ليه، انا الحمد لله عندى شقتى و جاهزه، و مرتبى ثابت الحمد لله، و اظن كمان ان توتو مجهزة نوران من وهى عندها خمس سنين، احنا مستنيين ايه بقا"
تحدث مراد فجأه و هو يقف فى المنتصف بين الجميع لينظروا له بهدوء.
"يا ابنى انت معداش على خطوبتكم غير ٣ شهور تقريبا، مستعجل على ايه يا منيل"
تحدث أحمد ليقهقه الجميع على ما قاله.
" يا عم عايز العب عريس و عروسه بس و احنا كبار "
تحدث مراد بتلقائيه لتتلون وجنتى نوران سريعا بينما نورسين قهقهت على ملامح نوران.
"بص يا حماده طلعت عارفه هى كمان آهى علشان متقوليش انتى ازاى بنت بعد كدا"
تحدثت نورسين بين قهقهاتها لتلكزها نوران بخفه بينما أحمد نظر لها فقط.
" و انا بكرر طلبى تانى فى انى عايز أتقدم لنورسين"
تحدث زين فجأه و بهدوءه المعتاد لينظر له الجميع بهدوء، بينما ليلى و نورسين نظروا له بوجوم.
" و انا بكرر رفضى للمره التانيه و بقولك لا"
تحدثت نورسين بوجوم و هى تنظر لزين بغضب و تسبه بداخلها و تلعنه بأسوء اللعنات.
" طيب ايه السبب يا نورسين؟ "
تسائل مراد الذى تقدم من نورسين جالسا بجانبها لتنهض نورسين بغضب حيث نظرات الجميع تحيط بها من كل اتجاه.
"مبحبوش يا سيدى، بحب واحد تانى، انا حره هو انتوا هتجوزونى غصب عنى، مش متقبلاه مش حباه"
صاحت نورسين بغضب و قد فقدت اعصابها بالفعل بسبب نظرات الجميع عليها.
"اقولكم على حاجه، انا سيباهلكم مخضره"
صاحت نورسين و هى تحمل حقيبتها و هاتفها مغادره ذلك التجمع العائلى بغضب، بينما زين فقط ينظر أرضا و ما قالته نورسين بشأن حبها لشخص آخر يتردد على مسامعه مرارا و تكرارا.
صعدت نورسين بسيارتها و هى تتنهد بثقل لتخرج هاتفها متصله لصديقتها و التى طالما استمعت لها دون كلل او ملل.
"نسرين فاضيه اعدى عليكى نخرج؟ "
تحدثت نورسين سريعا فور ان أجابت صديقتها على الاتصال.
"ارجوكى تعالى بسرعه، بقولك ايه انتى مش جعانه؟"
تحدثت نسرين منهيه حديثها بتساؤل بينما نورسين أدارت السياره و انطلقت بها.
"لا شبعانه، ربع ساعه و هتلاقينى تحت بيتك"
تحدثت نورسين بهدوء.
" انا مش هستحمل ربع ساعه، انا هنزل استناكى تحت من دلوقتى"
تحدثت نسرين لتقطب نورسين حاجبيها بإستغراب و لكنها فضلت عدم الحديث الا عندما ترى صديقتها أمامها.
.
.
.
.
.
"انا مش فاهمه ايه اللى انتى جيباه ده كله "
تحدثت نورسين و هى ترى صديقتها تجلس متربعه أمام البحر و حقائب التسالى و المشروبات الغازيه تحيطها من كل اتجاه.
"سيبينى فى حالى انا عايزة اسكر و انسى"
تحدثت نسرين و هى تخرج عده اكواب بلاستيكية من الحقيبه و تخرج زجاجه من زجاجات المشروبات الغازيه.
" فيه ايه ؟ايه اللى حصل؟ ما انا سيباكى كويسه الصبح"
تحدثت نورسين و هى تجلس أمام نسرين التى تشرب من كوبها البلاستيكى التى وضعت به بالمناسبه مقدار قليل للغايه لتتناوله على رشفه واحده لتنكمش ملامحها بإشمئزاز.
"ابويا و امى فى مصر من يومين"
تحدثت نسرين لتنظر لها صديقتها بصدمه.
" و متعرفيش ؟"
تسائلت نورسين لتومئ لها نسرين بالنفى و هى تعيد ملئ كوبها.
"استنى قوليلى انتى ايه اللى حصل الأول و هحكيلك انا بعد كدا لان حكايتى طويله"
تحدثت نسرين و هى تتناول بعض رقائق الشيبس لتومئ لها نورسين بخفه.
"نهارك اسود، قولتلهم بحب واحد تانى "
صاحت نسرين فى وجه صديقتها التى قصت عليها ما حدث منذ قليل فى ذلك اللقاء العائلى.
" هو اللى عصبنى، قولتله يسيبنى فى حالى و هو يشوف حاله لكن ازاى ميبقاش زين لو مبوظش اى مناسبه سعيده"
صاحت نورسين و هى ترتشف القليل الذى فى كوبها مثل صديقتها.
" و يا ترى ايه المناسبه السعيده؟"
تسائلت نسرين و هى تنظر إلى صديقتها التى تنهدت بثقل.
"مراد عايز يحدد ميعاد لفرحه هو و نوران فى اقرب وقت"
تحدثت نورسين لتومئ لها صديقتها بهدوء دون أن تعلق بأى شئ.
"و انتى بقا ايه اللى حصل؟ و اهلك فى مصر من يومين ازاى و انتى متعرفيش؟ "
تسائلت نورسين معبره عن ما بداخلها لتنظر لها نسرين بهدوء و تبدأ بقص ما حدث مع والدها و والدتها كذلك.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
"يتبع💙"
جمعه مباركه 🌸💙 تذكرونى بالدعاء فضلا و ليس أمرا 💜
بعتذر اذا كانت الأحداث ماشيه ببطئ بس انا بحب أدى لكل حاجه حقها، و بحب اوصف بالظبط علشان الصوره تكمل و انتوا بتقرأوا💕
اتمنى اعرف رأيكم فى البارت ❤️
دمتم سالمين💚
أنت تقرأ
عائله للرجال فقط
General Fictionاول قصه مصريه اكتبها و أتمنى انى اعرف رأيكم الروايه ٤ أجزاء بدايه من صراع لإثبات الذات و التأكيد على اهميه المساواه، ثم الأبناء و مشاكلهم الحياتيه من حب و خداع و حياه سعيده، إلى الأحفاد و الخدعه الكبرى و الغير متوقعه و النهايه السعيده القريبه من الق...