الفصل الأول

8.2K 142 8
                                    

الفصل الأول

ما إن أغلقت لميس الباب خلف شقيقيها حتّى سمعت قرع جرس الباب يرنّ بإلحاح فزفرت بضيق ثمّ هزّت رأسها مبتسمة بيأس مدركة من وراءه
قالت ما إن فتحته مؤنبة: نمتي الليلة إشي؟
أجابتها تلك السمراء ناعمة الملامح الطويلة المائلة إلى الإمتلاء مبرّقة يعينيها البنيّة التي لا يميّزها إلّا تلك الشقاوة الدئمة فيها: بصراحة لأ... ضلّيت طول الليل أتقلب لغاية ما طردني جمال من الغرفة!
ابتسمت لميس وهزّت رأسها بيأس من صديقتها التي بقدر ما هو زوجها جدّيّ وكلّه وقار بقدر ما هي هزلية صاخبة: الله يكون بعونه جوزك إله أجر الصابرين
هزّت منال كتفيها تقول بينما تخلع عن رأسها حجابها: شو دخلني إذا إمّه دعت عليه بساعة مستجابة ولّا شو جابه يدرس عنّا بالأردن... المهم شو صار معك؟
جرّتها لميس لتجلسها على طاولة المطبخ وأشعلت موقدا صغيرا جدا وضعته فوقها مخصّص لصناعة القهوة كعادة مصرية أصيلة اكتسبتها من معيشتها هنا وكانت تعلّمتها من جارة عجوز في شقّتهم القديمة في أحد الأحياء الشعبية وعشقتها لعشقها للقهوة
تنهّدت لميس وقالت لها بصراحة: منال أنا... محتارة.. ملخبطة... من وقت ما حكيتيلي عن موضوع أخوكي وانا مو عارفة أفكّر... أنا أساسا موضوع الزواج كلّه ما كان على بالي
مؤنِّبة أجابتها منال: يا سلام وحدة بجمالك ودلالك وشبابك ليش ما تفكر بالزواج؟ بعدين يعني أنا اللي بدّي أحكيلك عن صلاة الاستخارة؟
تناولت لميس وعاء القهوة وكعادتها لم تقاوم و تنشّقتها بشغف قبل أن تُلقّم بها المياه الفائرة أمامها فتفوح رائحتها الشهّية في أرجاء المطبخ لتتنهّد كلتيهما بتوق للرشفة الأولى
وقالت بينما تسكب القهوة بفنجانين جميلين بنقوشات حمراء ومذهّبة رقيقة: صلّيت والله صلّيت ومع ذلك مش حاسّة بإشي تفكيري متعطّل كأنّه... كأنّه الموضوع مش حقيقة... مش قادرة أحسّه!
ارتشفت منال رشفة صغيرة من القهوة قبل أن تضعها بحماس على الطاولة وتقول: عشان هيك بقولك لازم تحكوا مع بعض وتتناقشوا بالأمور الأساسية بالحياة تشوفوا لو في قبول من الطرفين ويا بتتفقوا يا كأنه ما صار شي!
لاعبت لميس حافّة الفنجان بأناملها الرفيعة بتفكّر قبل أن تنظر للأخرى وتقول بتردّد وعدم اقتناع حقيقي: هلّأ بدّي أصلّي الضحى وأخلّص كم شغلة قبل ما نروح على مركز التحفيظ وبس نرجع إن شاء الله بتيجي معي وبتقعدي تحكيلي عن أخوكي كل شي اتفقنا؟!
.................................................. ...........




مكتب محاماة "محمّد وحسين" عبد الحيّ المنصوري

قرأها حسين ودغدغة فخر لا تفتأ تداعب صدره دونما كلل منذ أن افتتحا هذا المكتب قبل ما يقارب الستة سنوات

في الحقيقة في حينها لم يكن هو ذاته هذا المكتب بل كان في بناء بسيط في منطقة شبه شعبية ولكن وبعدما ذاع صيتهما كمحاميان متمرسان في أمور القضايا المالية بمختلف أنواعها حتّى صار من المسموح لهما الارتقاء أكثر في سلّم نجاحهما لا سيّما وطبيعة زبائنهما قد صارت من الطبقة الأرقى وقد كان أن نقلا مكتبهما إلى هذه البناية الفخمة الكائنة في أحد أرقى المناطق الحيوية في القاهرة ولم يكن ذلك بالأمر العسير عليهم خاصّة ومستوى دخلهم زاد بزيادة أهميّة قضاياهم وثقل زبائنهم

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن