الفصل الرابع والثلاثون
ينظر للتجمّع الغفير من كبار عائلته المتواجدين في استقباله بردهة منزل والده في البلدة وقرصة من قلق تجفل وعيه، فيدور عليهم جميعا بنظرات متعجّلة متوجّسة إلى أن وصل لوالده الجالس وسطهم متهندما بعباءته الفخمة التي لا يرتديها إلّا في المناسبات شديدة الأهميّة والذي كان ينظر إليه الآن بنظرات مستعجبة ومتسائلة، فيزداد ارتباكه وعيناه تبحثان تلقائيّا عن مبعث قلقه الحقيقي... والدته
رغم ارتباكها المفضوح لعينيه سارعت والدته بالاقتراب منه وهلّلت به مرحّبة بما أثار حفيظته وقدح بداخله شعلة من غضب: يا أهلا وسهلا بالعريس، جمال أخوكم جه يا بنات، زغرتوله وفرحونا
ما ان أنهت والدته كلماتها حتّى صدحت الزغاريت وفارت معها الدماء في كلّ عصب من أعصاب جسده حتّى تمدّدت ووصلت لعينيه اللتين احمرّتا وجحظتا بقوّة وفتح فمه يريد أن يتكلّم أن يفهم إلّا أنّها أدركت ما سيفعل فهجمت معانقة إيّاه بقوّة أجفلته ثمّ وبينما تدّعي تقبيله همست في أذنه: أقسم بالله ان ما سكتّ دلوقت حالا وقمت جيت معانا من سكات لكون غضبانه عليك ليوم الدين يا جمال يا ابن بطني
أبعدها عنه وهتف بها غاضبا: أروح معاكو على فين؟ كبارات العيلة متجمّعين هنا ليه؟
صوته علا قليلا ممّا لفت أنظار بعض من المتواجدين الذي نظروا لبعضهم بتساؤل وصدمة ليهتف أحدهم أخيرا: جرى ايه يا أمّ جمال انت مجمّعانا ومقعّدانا عندك ييجي من ساعتين وابنك ما يعرفش!! هوّ انت مش قايلالنا انّه موافق؟! هوّ لعب عيال ولّا ايه؟!!
الجحوظ في عينيّ جمال ازداد واحمرّت أذنيه إشارة لشدّة ما يكبته بداخله من انفعال لا سيّما وهو يرى كيف ارتبكت والدته وأجابت الرجل متهتهة: أكيد موافق اومّال إيه، بسّ هوّ التخم حبّتين انت عارف ظروفه ربّنا ياخدها البعيدة، تعال تعال يا حبيبي اغسل وشّك من الحرّ وغيّر هدومك
قالتها بينما تضحك من بين أضراسها بغيظ وتقوم بسحب الذاهل وراءها بقوّة وحزم، إلى أن أدخلته إحدى الغرف المخصّصة لاستقبال الضيوف بعيدا عن مسامعهم، حينها أفلتت ذراعه بعنف قبل أن تستدير إليه بعيون تقدح شررا وطغيانا وتهتف فيه بحزم: بصّ يا جمال هيّ كلمة وحده ومش هتنّيها، احنا هنروح دلوقت حالا عشان نخطبلك قمر بنت بدر السليماني، وانت هتيجي معانا ومن سكات
بذهول قال بصوت متّشح بالغضب المغلّف بالعجب: قمر مين ومين ده اللي هيخطب؟
بنظرة صارمة وبجبروت أجابته: انت.. مش بسّ هتخطب لا، انت هتتجوّز وبظرف اسبوعين اتنين كمان
فغر جمال عينيه بغير تصديق، لا يكاد حتّى الآن يستوعب ما تفعله أمّه، لا يستوعب تلك الطريقة التي تفرض بها عليه رأيها، فقبض كفّ يده بقوّة يكبح فيها جماح غضبه الذي كأيّ حليم لو أفلت لجامه لقطع حبل السرّة الخفيّ بينهما دون أن يرفّ له جفن، فأخذ نفسا عميقا ثمّ فتح فمه ليحاورها، يفهما، علّها تسمع منه وتصمت إلّا أنّها أوقفته مقاطعة إيّاه بحماس محاولة اقناعه كما لو كان طفل بترك حلواه المفضّلة ليستبدل بها أخرى تظنّ هي أنّها ستعجبه أكثر: عارف هجوّزك مين؟ قمر!! اسمها قمر وهيّ قمر، اصبر بسّ امّا تشوفها وهتنسّيك المدعوقة اللي اسمها منال اللي لغاية دلوقت مش قادرة افهم قطعت بلاد علشان تتجوّزها على إيه، دي أقلّ وحدة في بنات البلد عندنا برقبتها!!
أنت تقرأ
بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملة
Romanceرواية للكاتبة المتألقة نيفين أبو غنيم.. الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة نيفين ابو غنيم..