الفصل الرابع والأربعون

6.9K 128 4
                                    

الفصل الرابع والأربعون

حالة من ذهول كانت تسيطر عليه... وعلى نبضاته، بل على كلّ خليّة من جسده الذي تجمّد بالكامل بحالة من تجمّد مفاجئ، عدى عن عينيه التي كانت تجحظ بلا تصديق، تتّسع وتتّسع بمحاول يائسة لابتلاع عدم منطقيّة وجودها مع كافّة التفاصيل

إلى أن نطقت وابتدأت تهادى في مشيتها نحو سرير ابنه: إنّه يعني كان لازم تنضرب وتنأذى عشان تبطّل العنف والعصبيّة تبعتك إنت؟! حمد لله عسلامتك سيّد نبراس، اشتقتلّك كتير يا ولد!!

آآآآآآآه

وفجأة جاءت لحظة الإدراك، إنّها هنا، هناااااا

وتوقّفت حالة الإنجماد والسكون لتنقلب فجأة لانهيارات وبراكين، وأصبح كلّ ما فيه ينبض، ويثور و.... يتفاعل!

حرارة مفاجئة توهّجت من داخل جسده، وابتدأ العرق يتشكّل بشكل فاضح فوق جبينه، فابتلع ريقه محاولا ترطيب حلقه الذي جفّ بلا منطق، وأغمض عيناه قسرا وقد شعر بأهدابه تتعرّق مشوشّة عليه وضوح الرؤيا، وبنزق مسح جلّ وجهه بيديه المتعرّقتين، ليجدها وقد توقّفت أمام الصارم أخيرا تتأمّله بعينين لامعتين مشتاقتين!

صمت مهيب كان يحلّق بالمكان بينما هي واقفة أمامه، تنظر إليه، تتأمّل ملامحه التي اشتاقتها، عينيه اللتين أصبحتا تبرقان باليقين، بالإضافة لبسمة من حنين ونبضة من فقد واحتياج

لحظة ووجد نفسه مغمورا بين ذراعين، يفوقها طولا وتفوقه بالاحتواء، دفء شديد غمره أذاب قلبه الذي تجمّد من كثرة الهجر والنبذ، فوجد نفسه دون شعور يعانقها هو الآخر ويعاتبها همسا: تأخرتِ كتير

بصوت متأثّر مختنق أجابته: تعبت بسّ أبدا ما بعدت

بمرارة سألها: وارتحت؟

بصدق أمومي أجباته: أبدا والله، بسّ انجبرت، كان لازم

بابتسامة مغالبا دموعه ابتعد عنها وقال بصوت مرتفع مسموع: الحمد لله عسلامتك إم صارم

تلك الكنية التي كنّاها بها بقبول علنيّ صريح لها أصابت وبقوّة عددا من الصدور، ففي حين اسودّت مقلتي لبنى التي لم تستطع تقبّله يوما بحقد كبير لكليهما وكأنّهما السبب الأساسيّ لخسارتها، دمعت عينا العنود تأثّرا وجاش صدر نبراس بالرضا، أمّا الكاسر فاشتدّت ضربات خافقه حتّى أوجعته وتفاعل جسده بالتواءة قويّة مؤلمة بحاجة ضارية وابنه يربطها به قسرا بكنية مشتركة، بإقرار صريح بأنّ هذه المرأة تخصّه هو، ملكه هو، حقّه الذي لن يسمح لها أو لغيرها بسلبه منه

فيما هي فكانت في عالم آخر تنهار داخليا وينابيع من الحنان تتدفّق بقوّة داخلها فابتدأت دموعها بالسيلان وكم كانت قاب قوسين أو أدنى من انهيار وشيك ولكنّ ابن قلبها سرعان ما أحاطها بذراعه بدعم قويّ بينما يهمس بأذنها قائلا: مش وقته، قبل ما تدخلي بثانية أبوي كان بنخطب رسميا

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن