الفصل الثامن والعشرون

5.6K 119 2
                                    

الفصل الثامن والعشرون

كمن يمسك بيده طفلة صغيرة كان محمّد يمسك إيمان بيد فيما بالأخرى طرق باب بيت فوزيّة التي ما إن فتحت الباب حتّى تهلّلت أساريرها ورحّبت بهما بداخل بيتها بحرارة

بودّ دخل الشقّة وهنّأها بالعيد وكذلك فعل مع ابنتها، وعندما مدّ يه ليسلّم على ابنها جمد للحظة وهو يرى فوزيّة تأخذ زوجته في حضنها وفي اللحظة الأخرى هوى قلبه وهو يسمع شهقة حادّة أفلتت منها وقد فلتت زمام أعصابها كما يبدو بعد طول كبت لتلحقها تاليا بانهيار كامل وانفلات بالبكاء

بصدمة تلقّفت فوزيّة الشابّة بين ذراعيها وسمّت عليها بالله وابتدأت تطبطب عليها فيما تسحبها لأريكة جانبيّة جلست عليها محتضنة رأسها فوق صدرها متمتمة بهمسات حانية قاصدة بها تهدئتها

تكدّرت ملامح محمّد وأسبل أهدابه يداري الألم الطافح من مقلتيه، وفي اللحظة التي ابتدأت شهقاتها بالخفوت سارع هو بتفحّصها ولكنّ نظرات فوزيّة المتسائلة كانت هي ما قابلته فزاغ بنظراته بعيدا عنها ليرى الشفقة والوجوم يحلّقان فوق وجوه المراهقين

صوت فوزيّة وصله تسألها قائلة: خير يا حبيبتي كفاالله الشرّ مالك؟

بتردّد وحسرة رفعت إيمان رأسها عنها أخيرا وتمتمت بصوت أبحّ تقول: مَفيش يا طنط

باستنكار أجابتها: كلّ ده ومَفيش؟

نظرت إيمان حولها بنظرات زائغة ثمّ قالت: أصل... كنت مخنوقة شويّه وغصب عنّي لمّا خدتيني فحضنك لقيت نفسي بَفكّ

ثمّ أكملت بينما تنظر لها وتقول مبتسمة برقّة ابتسامة مرتعشة: حضنك حنيّن أوي يا طنط... يا بختكم بيه

قالتها وهي تنظر لمريم ومحمّد الصغير بابتسامة أرادتها هادئة ولكنّها خرجت مرتعشة مريرة

أمّا هو فكلّ ما كان يشعر به حينها هو ذلك الشعور الموجع بالخسارة، ففي اللحظة التي فقد فيها أعصابه وسمح لشياطين الشكّ والماضي وحتّى الرغبة بالتغلّب عليه، خسر فيها أهمّ ميزة قد تربطه بها... بأن يكون هو... حضنها وأمانها

بخجل نظرت إيمان نحو مريم وطلبت منها بأن تأخذها لتغسل وجهها وتصلح من مظهرها وما إن غادرتا حتّى وجد محمّد نفسه بمواجهة مع فوزيّة ولكنّه تدارك أيّة تساؤلات قد تطرحها عليه بحنكة وهو ينظر حوله قائلا: أومّال فين حسين وبتول ما شُفتهمش لغاية دلوقتي

وكما توقّع تشتّت انتباهها عنه وعن زوجته ولكن ما لم يتوقّعه هو إجابتها المحرجة التي أجابته بها: مش هنا

باستغراب سألها: مش هنا؟ ازّاي ده حسين قالّي انّه سابقني على هنا؟ ولا يكونوش خرجوا قبل ما نوصل؟

تنحنحت فوزيّة بإحراج وحنق من ابنتها وأجابته: في طنطا أو بتول هيّ اللي في طنطا أمّا حسين اعتقد لسّه ما وصلّهاش

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن