الفصل التاسع عشر

5.5K 113 4
                                    

الفصل التاسع عشر

ما إن دخل محمّد مكتبه حتّى وجد السكرتيرة الجديدة تحوم في الصالة بغير هدى، فوقف أمامها مقطّبا قبل أن يقول بصوت جهوري أفزعها: السّلام عليكم

شهقت السكرتيرة بخوف ثمّ ربّتت على صدرها تهدّئ من نبضاته وأجابته لاهثة: وعليكم السّلام، أهلا يا محمّد بيه، قصدي يا أستاذ محمّد... دكتور محمّد!

هزّ محمّد رأسه بوجوم وأجابها: لو سمحت يا آنسة...

بسرعة أكملت كريمة عنه مذكّرة إيّاه باسمها: كوكي... قصدي كريمة... لا مؤاخذة يا دكتور أصلي مرتبكة حبّتين، لكن بأمر الله كلّها يومين وتلاقيني خدت على الجوّ وفكّيت!

بذات الوجوم أجابها محمّد ذاهلا: فكّيتي؟! يا ستّي معلش ما حصلش حاجه... ممكن لو سمحتِ تعمليلي فنجان قهوة؟ لكن بسرعة لو سمحت لحسن حاسس دماغي هتنفجر!

ما إن دخل محمّد غرفة مكتبه حتّى رمى حقيبته بإهمال يماثل إهمال شقيقه، ثمّ خلع سترته وأبعد ربطة عنقه عنه بنزق، وبعدها اتّجه إلى الحمّام الملحق بمكتبه، وفتح صنبور الماء وابتدأ يرشق وجهه بالماء ليخفّف من حرارة أفكاره عبثا، فصورتها نائمة فوق فراشه صباحا بتلك الطريقة الفوضويّة المغوية لا يزال يفعل بروحه وجسده الأفاعيل

بضيق فتح محمّد أزرار قميصه وابتدأ يرمي صدره المشتعل أيضا برذاذ الماء إلى أن شعر بروحه تبدأ بالهدوء قليلا، فخرج من الحمّام بشكله ذاك في الوقت الذي كانت كريمة تدخل فيه إلى المكتب تحمل بيدها صينيّة تحمل فوقها فنجانا من القهوة وكوبا من الشاي بالحليب

وقف كريمة تنظر إليه مشدوهة بما تراه، تبحلق فيه بعينيها بينما تنقّل مقلتيها ما بين شعره المبلل وصدره المكشوف بشعيراته اللامعة من أثر المياه

تنحنح محمّد واقترب منها يتناول فنجان القهوة ويقول: شكرا يا آنسه تسلم ايديكي... يا آنسه... آنسه كريمه؟!

رمشت السكرتيرة عدّة مرّات وقالت: هااا؟

كتم محمّد ابتسامة فكاهة ظهرت رغما عنه فوق شفتيه وقال: بقوّلك يا ريت تاخدي كوباية الشاي باللبن للأستاذ حسين قبل ما تبرد!

بشرود هزّت كريمة رأسها وخرجت من الغرفة بينما تهمس لنفسها قائلة: تبرد منين بسّ وانا شيلاها والنّار جوّايا قايده، ايه يا بتّ يا كوكي الوقعة المنيلة بستين نيلة اللي انتِ وقعتيها دي! يخرب بيتك هتكرشي على اتنين اخوات مع بعض!!

ما إن خرجت كريمة من المكتب حتّى ارتمى محمّد على كرسيّ مكتبه وأغمض عينيه مهموما

كيف تُراه سيحتمل مهلة الثلاثة أشهر التي وعدها بها؟ إن كان الأمر قد كان صعبا سابقا وهو ينام بعيدا عنها فكيف سيكون الآن وهما ينامان تحت سقف غرفة واحدة؟ بل وسرير واحد أيضا!

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن