الفصل السابع والعشرون

4.8K 112 3
                                    

الفصل السابع والعشرون

قلبه يقرع بحماسة مراهق، خطواته المكبّلة برزانة مجبولة بطبيعته تسبقها نظراته المتلهّفة بلا قيود، تطير هنا وهناك تبحث عنها... زوجته... إيمان

ينظر محمّد حوله في أرجاء النادي وفي داخله يدور ذات السؤال الذي لم يفارقه منذ ساعات طويلة، منذ تلك اللحظة التي انطلق فيها برحلة عودته المفاجئة خصيصا لأجلها

"أيّ جنون هذا الذي يفعله؟"

أن يقطع كلّ هذا الطريق الطويل في عزّ النهار والشمس الحارقة تتوسّط كبد السماء صائما، تاركا عمله... أمر غير منطقي.. غير مدروس.. بالمختصر لا يشبهه أبدا!!

لكنّه فعلها.. فعلها لأجلها.. لأجل تلك النبرة الحزينة التي داعبت صوتها.. لأجل الوحدة التي سكنت روحها.. لأجل شعورها بالوحشة وكي لا يكون منافقا يعترف... لقد فعلها لأجله أيضا!!

لقد اشتاق لها لوجودها من حوله، لفوضاها الصاخبة، لنظراتها التي تشعره كما لو كان أوّل الرجال وآخرهم

وبأمانة أكثر يعترف أنّ شعورا حارقا بالغيرة قد أحضره، فكرة أنّها قد تقابل ابن عمّها، تراه ويراها، يتبادلان النظرات، وربما بعض الذكريات

ولكن لا.. هو... يثق بها... نظراتها إليه تخبره بحقيقة مشاعرها نحوه دون مواربة ولا تزييف.. تحبّه... نعم تحبّه هو ولن تخذله إبدا

قذائف الإثارة اندلعت قويّة صاخبة بداخل جسده عند هذه الفكرة

إيمان تحبّه!!

لقد راودته أحلامه بها عن صبره طوال ليلة الأمس ليستيقظ صباحا مقررا انجاز المهم لهذا اليوم بسرعة والعودة للقاهرة إليها، يريد مفاجأتها ورؤية اشراقة رؤيتها له بعينيها، وبقرار أشدّ رعونة، سيبيتان الليلة هنا... كزوجين حقيقين، قبل أن يغادرا فجرا معا يقطعان الطريق الطويلة عودة لزبونه الذي تركه مذهولا بقرار مغادرته المباغت

تباطأت خطواته بينما يدرك بنظراته الدكتور "جيهان" تقترب من محيطه بعينان مسلّطتان عليه، فتوقّف أمامها راسما ابتسامة باردة على وجهه ويتلقّف يدها التي سرعان ما مدّتها إليه قائلة: دكتور محمّد ازيّ حضرتك عامل إيه؟

باقتضاب أجابها بينما عيناه لا تزالان تبحثان عن ضالّته: الحمد لله وحضرتك أخبارك إيه؟

بذات الجمود أجابته: الحمد لله حضرتك بتعمل إيه هنا هوّ مش المفروض إنّك مسافر؟

حطّت عيناه عليها لأقلّ من ثانية قبل أن تكملا مهمّتهما ويقول: المفروض... هوّ انتو قاعدين فين؟

تجهّمت ملامحها للحظة قبل أن تسودّ باللحظة التي تليها وتجيبه بخبث: انت عايزنا احنا ولا عايز إيمان؟

باستغراب سألها: هتفرق؟

بابتسامة مسمومة أجابته: آه طبعا بتفرق كتير

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن