الفصل الثامن

5.1K 118 5
                                    

الفصل الثامن

صوت صرير المكابح تعالت بجانب بوابة المدرسة تشي بالجنون المستحكم بسائقها، خرج الكاسر من السيّارة ينظر حوله بتدقيق مهزوز بفعل نبضات قلبه الهادرة التي لم تتوقّف عن بثّ أبشع الصور وأسوأ التوقعات منذ أن حادثته والدته قبل نصف ساعة تخبره أنّ نبراس خرج منذ أكثر من ساعتين ليأخذ دفترا من أحد أصدقاءه بالحيّ لينقل منه بعض التلخيصات المهمّة للامتحان في الغد ولم يعد حتّى الآن

لم تكن كلمات والدته ما أخافته بقدر ما كانت نبرتها الهلعة فوالدته لم تكن يوما من النساء الرقيقات ذوات القلب الضعيف وحين تخاف فهذا يعني أنّ أمرا سيّئا حقّا حدث أو سيحدث

ولهذا فإنّه ما إن تلقّى اتّصالها الذي أنقذ غنج المأفونة فعليّا من بين يديه والتي كان قاب قوسين أو أدنى من ان يقتلها، حتّى غادر مكتبه بعد أن نادى العسكريّ الرابض خلف الباب ليأتي ويخرج القمامة الملقاة على أرض مكتبه

أخذ الكاسر دورة حول المدرسة فلم يجد فيها ما يريب ثمّ ابتدأ يحوم بالشّوارع حولها الرئيسيّة منها والفرعية، يحاول أن يجد مكانا من الممكن أن يعجب ولد بعمر ابنه فيضطرّه للكذب على جدّته مختلقا أمر الامتحان كذريعة لإقناعها بالخروج، فحسب قول والدته عندما هي ذهبت لمنزل صديقه أنكر ذهاب نبراس إليه أو حتّى وجود أيّ امتحان في الفترة القريبة، ولكنّها أيضا لم تستطع أن تستخرج منه أيّ معلومة أخرى حول أين من الممكن أن يكون متوجدا

زفر الكاسر بقلّة صبر وحيلة والخوف بات كالمطارق يقرع على أبواب قلبه فتزيده ألما تتسارع له الأنفاس، فقرّر أن لا ينتظر أكثر ويذهب إلى بيت صديقه إذ لا بدّ أنّه يعلم عنه شيئا وهو ما عاد له صبرٌ والاحتمالات تتلاعب بعقله بأبشع الصور، فمن قال أنّ الخوف على الفتاة لهو أدعى من الخوف على الصبيّ فإنّه شديد الغباء فيا رب سترك ولطفك

دعى الكاسر من قلبه لابنه بأن يحفظه من شرور شياطين الإنس قبل حتّى ملك الموت، وما بين دعوة قلبيّة ودعوة، كان يرى نبراس في مخيّلته بأبشع الصور، فتارة يرى ابنه ضحيّة لإحدى العصابات التي تخطف الأطفال طلبا للإتّجار بأعضاءهم، وتارة هو يجده منتهكا ومرميّا على قارعة الطريق، وأخرى هو ضحيّة انتقام من أحد المجرمين الكثر الذين ألقى القبض عليهم خلال السنوات الطويلة السابقة، أمّا أن يكون بأمان في أحد الأماكن يلهو ويلعب غير شاعرٍ بالوقت لهو من أجمل الأماني التي إن صدقت... لاستحقّ ابنه عقابا قاسيا عليها!!!

كان الكاسر يوشك على تحريك السيّارة عندما رنّ هاتفه فالتقطه بسرعة واسم ابنه الصارم مع صورة له تملأ فيه الشاشة، فأجاب بسرعة متأمّلا أن يكون صارم قد عرف شيئا عن أخيه لا سيّما وأنّه ذهب إلى هناك بالمصادفة وعلم من جدّته ما حدث فلم ينتظر وسبقه للبحث عنه

وفعلا ظنّه لم يخب

(لقيته؟ وين كان؟)

(وين؟!! وين هاد الكافيه وشو اسمه؟)

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن