الفصل السادس

5.2K 120 3
                                    

الفصل السادس

تكاد لا تصدّق أنّه هنا، في شقّتها، يتناول طعام والدتها، على طاولتهم القديمة والمُجَبّرة، يكاد يتسابق مع أخيها على "بامية" أمّها الشهيّة نهما، يُشاكس أختها عابثا، ويدلّل أمّها... مغازلا، و... يتجاهلها هي!!

وكأنّه لا يرها، هكذا يتعامل معها منذ دخلت الشقّة مطحونة من زحمة المواصلات منهكة من يومها الطويل، لتتفاجأ بحسين جالسا على كنبة مزدوجة عريضة وبجانبه مريم يشرح لها في إحدى قواعد اللغة الانجليزية بينما تنظر له هي... طيّعة مطيعة منبهرة، وكيف لا تفعل وهو يبدو بكلّ تلك الأناقة والـ... وسامة

نظرةٌ واحدة فقط هي ما ألقاها عليها حينها، نظرة تخبرها بأنّ وضعها كان ليكون أفضل لو أنّها قبلت أن يقلّها هو، تذكّرها بأنّها كان من الممكن أن تكون هنا قبل ثلاثين دقيقة على الأقل لولا عنادها ورفضها أن يقوم بإيصالها، ولوهلة... عندما رأت الراحة التي كان يبدو عليها وقارنته بحالها، تساءلت ماذا لو سمعت كلامه فعلا بدلا مكابرتها الغبيّة وركبت معه سيّارته عندما أخبرها أنّه يمكنه أن يوصلها بطريقه اليوم حيث أنّه قادم لمنطقتهم في عملٍ مهمّ

نعم... لمنطقتها وليس بيتها... ذلك العابث الكاذب الماكر المغرور

وقفت بتول على حين غرّة مفرقعة حولهم كحبّة بوشار هاربة من قعر القدر وأمسكت بصحنها الفارغ وغادرت، ولكن كيف لذلك المغرور أن يتركها في حالها دون أن يزعجها حتّى رمق صبرها الأخير، فقال: لو سمحت يا آنسه... بتول... كوبّاية شاي باللبن بسرعه أصل بعد الأكل بحبّ احبس بيها مع السيجاره

أجابته وقد وصلت حدّها: وهو في حاجه ما بتحبّش تحبسها بكوبّاية الشّاي باللبن؟ ثمّ هو فاضل فيك نفس عشان تحبسه من الأصل!!

نهرة والدتها الغاضبة باسمها قاطعت استرسالها الفاقد للسيطرة تاركا إيّاها محرجة وللمرة الثانية اليوم، ولكنّه قال: سيبيها يا وزّة دي بتهزّر معايا أصل أنا وهي بنحب نهزّر كتير مع بعضينا دي حتّى بتقولّي يا حسين وانا بقولّها يا بتول، ولّا إيه يا آنسه بتول؟

صدمة ارتسمت على محيّاها مكبّلة لسانها استغلّها هو قائلا: ثمّ يا وزّتي هي ما كدبتش، أصل دقّيّة الباميه طالعة من إيديك تحفه ، أنا عمري ما كلتها بالطعامه دي و مع مخلّل الباتنجان يا سلام حاجة مالهاش وصف، والله لولا العيبه كنت خدتها وهربت بيها تحت بير السّلم عشان ما حدّش ياخد منها خاصّة خاصّة البلّاعه ده!!

قالها مشيرا لمحمّد الذي ابتسم حرجا فيما وكعادة كلّ أنثى عند سماعها لمديح يخصّها انتفخت أوداج والدتها فخرا وقالت: بألف هنا، إلّا هي مدام لميس ما بتعملش باميه؟

هزّ رأسه قائلا: بتعملها... إنّما بتعملها كده حاجه شبه خالي من الدسم ومليانه شوربه عشان ناكلها مع الرز حاجه أردني كده!

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن