الفصل التاسع

5K 129 1
                                    

الفصل التاسع

بضيق رمى محمّد القلم وأبعد الملف من أمامه بكثير من النزق، عبث يحاول أن يلمّ بتفاصيل القضيّة التي يقوم بالعمل عليها منذ ساعات مهما أعاد وزاد بقراءة الملف الخاص بها، وهو أمرٌ لم يسبق أن مرّ به، فدوما كان قادر على الفصل ما بين حياته وعمله ولم يسمح لشيء أن يشتّته عنه، فلم هذه المرّة مختلفة، لم يشعر بأنّ عقله عاجز وأنّ فكره مكبّل؟

كلّه بسببها!

بسبب كلماتها التي لا تفتأ تعود وتتكرّر في ذهنه مرّة بعد مرّة منذ أن ألقتها بوجهه بكلّ تلك الوقاحة منذ أكثر من أسبوع

"أنا فعرضك يا أستاذ محمّد، كلّم أخوك، قولّه ييجي يتجوّزني علشان يصلّح غلطته، أنا صحيح غلطت بس هوّ كمان كدب عليَّ، أوهمني إنّه هيتجوّزني، أرجوك يا أستاذ محمّد أنا... أنا بضيع و...محتاجالك "

نار... نار كانت تهبّ بداخله فتحرق أحشاءه منذ أن قالت ما قالته

أغمض محمّد عينيه يخفي احتراقاتها، كيف جرؤت؟ كيف!!

كيف استطاعت أن تكون بتلك الوقاحة، كيف قدرت على قولها بينما تقبض على يده بكلّ تلك القوّة وعينيها مزروعتين في عينيه باحتياج حقيقي، بل بتضرّع صارخ، بلا لحظة تردّد، بلا حرف متلعثم، بلا أدنى ضمير!!!

وقف محمّد بعنف وقد ضاق ذرعا من نفسه ومن المكان ومن كلّ شيء فقرّر المغادرة تاركا وللمرّة الأولى في حياته كلّ شيء وراءه

ما إن أوشك على الخروج من المكتب حتّى وجد حسين يدخل مكتبه يحمل بيده حقيبة أوراقه، مرتديا حلّته كاملة على غير المعتاد، فنظر إليه مقطّبا وسأله: على فين العزم؟

بوجهه المكفهرّ المتجهّم منذ أيّام أجابه حسين: أنا رايح شركة المهندس علشان اضطّلع على بنود عقود فكّ الشراكه النهائيه، وإنت خارج ورايح فين بمنظرك ده؟

بتأنيب نظر له محمّد لا سيّما وهو يلمح بتول شاهدة على حوارهما، جالسة على مكتبها في الخارج تدّعي المذاكرة

أدار حسين رأسه ولمحها بطرف عينه فولج للمكتب وأغلق الباب وسأله بجديّة: لا بجد رايح فين، إنت مش شايف شكلك عامل ازّاي ده اللي يشوفك يقول كنت جوّه عمّال بتتخانق مع روحك!

نظر محمّد لشقيقه بطريقة غريبة أثارت ريبة الأخير، قبل أن يقول بعد أن فرك وجهه بطريقة عنيفة: أبدا مفيش تعبان ومخنوق قلت اروح أيّ حتّه أشمّ فيها نفسي!

بمكر اقترب حسين ومال على محمّد يقول هامسا: قولّي بس عايز تشمّ نفسك ازّاي وأنا ازبّطك... نسوان؟!!

كمن لدغته أفعى ابتعد محمّد عن حسين ونهره بهمس قائلا: إنت تجنّنت؟ ما عملتهاش وانا صغيّر هعملها دلوقت!!

أرجع حسين رأسه للخلف وقهقه بقوّة قبل أن يقول: يعني أنا اللي هعملها جرى إيه يا محمّد ده انا بهزّر معاك

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن