الخاتمة

10.1K 242 97
                                    


الخاتمة

بعد ستة أيام

تمشي بأروقة المستشفى واليأس والكآبة تطلّ من حدقتيها، تشعر بأنها تتنّفس ولا تعيش، أيّامها متشابهة كئيبة لا حياة فيها، لا تعرف كيف تصف أحوالها، هي الطبّيبة الذكيّة لا تجد كلمات تعبّر بها عن ذاتها، أمتزوّجة هي؟ يقولون أنّ الزواج سكينة ورحمة ومودّة، وهي لا تجد أيّ منها في حياتها مع فؤاد، بل إنّهما كزميليّ سكن أكثر منهما زوجين، أهي عازبة إذا؟ قطعا لا، فأيّ عازبة هي تلك التي يأتيها زوجها كلّ عدّة أسابيع مرة عندما تغلبه حاجته إليها... بل إلى أيّ أنثى، ليفرغ فيها شهوته بعد كلمات باردة لا معنى لها ليدير لها ظهره أخيرا وينام دون أن يلقي ولو نظرة واحدة إليها

تنظر لحياتها من بعيد فلا تثير بداخل نفسها إلّا القرف، فتثور كرامتها وتقرّر أن تتركه، أن تطالبه بطلاق تعلم يقينا أنّه ينتظر أن تطلبه، فتشاء الصدف أن تجمعها بأختها، ترى سعادتها، تألّقها ثقتها وحتّى نجاحها الذي تسعى إليه، فتبالغ بغيّها وتزداد تعنّتا بإصرارها على متابعة السير بطريق تعلم علم اليقين أنّ في نهايته موتها، وآه كم تراه قريبا

ما إن وجدت نفسها قريبة من مكتب والدتها المفتوح حتّى توجّهت تلقائيّا إليه، رغم علمها أنّها لن تزيدها إلّا سوداويّة ولكنّها الحاجة الفطريّة في قلب كلّ انسان لوالدته، ولا تزال حتّى الآن تذكر ذلك اليوم قبل شهور طويلة بعد زواجها بحوالي شهرين عندما كانت قد يئست منه ومن رضاه، بعد ان أيقنت أنّ جفاءه وهجره ليس غضبا منها بقدر ما هو ندم على زواجه منها، فذهبت لوالدتها لتخبرها بأنّه تريد أن تتطلّق منه، فتغضب منها حينها وتقول لها بلا مراعاة ولا رأفة وكأنّها ليست ابنتها من لحمها ودمها: انت بتقولي إيه مين ده اللي عاوزة تتطلّقي منّه، احنا ما صدّقنا انّك اتجوزت خلاص، تقومي تقوليلي أطلّق؟

وقتها أخبرتها بأنّه نصيب وأنّ الله سيعوّضها بخير منه فتبسّمت بسخرية تقول: انت بتستهبلي، أنت وأنت بنت بنوت ماعرفتيش تتجوّزي هتعرفي دلوقت وأنت مطلّقة!!

يا الله كم ضاقت بها الدنيا حينها، وكم أحسّت بأنّها تكره والدتها، نعم كرهتها لدرجة أنّها عندما علمت بعدها بأيّام قليلة بأنّ والدها قد تزوّج عليها أحسّت بالشماتة، نعم فها هي ذات الجمال والتعليم العالي ، الطبيبة الجميلة صاحبة المكانة المرموقة قد فضّل عليها زوجها أخرى تصغرها بخمسة عشر عاما، ولا تحمل سوى شهادة "دبلوم" بسيطة، كم كانت سعيدة وهي ترى والدتها بذلك الانكسار والغضب والثورة وهي تستلم إخطار المحكمة وكم شكرت حظّها الذي جعلها تقرّر أن تزورهم في بيتهم في ذلك اليوم!

لكنّها تعترف بأنّ والدتها كانت أكثر إباءً منها وهي تقرّر أن تطالبه بالطلاق او الخلع لو رفض، لكنّ والدها وامعانا في اهانتها لم يرفض بل سرعان ما طلّقها ومباشرة بعدها بيوم وكأنّه يخبرها صراحة بأنّه ما عاد له رغبة بها ولا حاجة!

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن