الفصل الثالث عشر ج٢

4.6K 114 2
                                    

الفصل الثالث عشر
"الجزء الثاني"

مختنقّة بتوضيحه، متقزّمة بذاتها، واعية للفرق المهول بينهما، همست بعفويّة: كمان دكتور!

تصلّبت أعصاب محمّد مؤوّلا همستها بشكل خاطئ ظانّا أنّها تحنّ إلى طبيب آخر، قال: تقصدي إيه؟

ابتسمت إيمان بمرارة وأجابته: ما فيش أصل بيتنا كلّه دكاتره

مقطّبا الحاجبين، أدرك محمّد عقدة النّقص التي تعاني منها والتي تسبّبت بها لنفسها فقال مؤنّبا: لو كان الموضوع مأثّر فيكي للدرجه دي، هوّ مين يعني الي كان منعك إنّك تبقى دكتوره زيّهم غير تخاذلك وكسلك، يعني يا إيمان متحاوليش تدّعي إنّك ضحيّه، لإنّ اللوم الوحيد هوّ عليك إنت وبسّ، والدّليل إنّ اختك اهي عاشت بنفس ظروفك، ومع ذلك بقت دكتوره زيّ مامتك وبكره تبقى أحسن كمان، ما هييي... أكيد طبعا مش مقضّياها... دايره على حلّ شعرها!

كلماته كأسواط شديدة القسوة، تلسع كلّ جراحها فتنكأها بقوّة لاهبة، تريد أن تصرخ به أنّه لا يعرف شيئا، لا يفهم شيئا، فكيف له أن يحكم عليها بمقارنتها مع أختها، اختها دونا عن غيرها وما أقساها من مقارنة وما أظلمها

فتحت أيمان فمها لثانية وعيناها تقدحان حنظلا، أوشكت على الصراخ به، بل أرادت فعل ذلك بقوّة لتخبره أنّ مقارنته جائرة، أنّ أختها لم تتربّ بعيدا عن أمّها، لم تعدم حنانها، أنّ أختها لم تحظ بزوجة أبّ كزوجة أبيها، وأنّها على الأقل حظيت بأب رائع، وأنّ أختها على الأقل رُزقت بعقل طبيعيّ، متعادل الأنصاف!

أرادت إخباره بكلّ ذلك، ولكنّها أخيرا تذكّرت من يكون.. الدكتور محمّد.. منقذها ومخلّصها من أسوار هذا البيت الذي يوشك على الإطباق على روحها، تعلم هي أنّه لم يقبل بها إلّا لأجل أخاه وهي غير نادمة على ذلك فمن يلومها إن بحثت عن فرصتها في الحياة، إن اجتهدت لتحصل عليها، ولقد أرادت اليوم أن تصدقه بحقيقة الوضع راجية شهامته، لكن الآن وبينما تستمع لتلك القسوة التي تنضح من بين حروف كلماته، ذلك الحقد الذي يلوّنها تحمد الله أنّها لم تفعل

مسحت إيمان دمعة ثقيلة قفزت إلى وجنتها وقالت بصوت شاحب لا روح فيه: أرجوك يا أستاذ محمّد، اممم سوري قصدي يا دكتور محمّد، ما تحكمش على الأمور من ظواهرها وبليز بلاش الكلام الي بيوجع ده، إنت قرّرت تبقى شهم فبلاش المنيّه علشان ربّنا يباركلك بالأجر!

بهت محمّد قليلا ولم يكن يدري أهو صوتها ما ألجمه أم هو منطقها، فصمت لثانية يستدرك أمره قبل أن يقول لها بحزم هادئ وكلمات واضحة: بصّي يا إيمان، إنّي انا ابقى شهم على حسب كلامك طبعا، ده لا يعني أبدا إنّك ممكن تلبسيني القرون وانا ارضى بيهم عادي، اصل انا ما عنديش استعداد العب الدور ده من تاني!

قطّبت إيمان وهمست تتساءل بتوجّس وكأنّها تحدّث نفسها: من تاني!!

صدمة احتلّت محمّد وهو يدرك ما تفوّه به أمامها فقال بغضب لينسيها أمر كلماته: الأستاذ مصطفى كان بيكلّمني من شويّة علشان اوافق على تأجيل الفرح شهر!

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن